Skip to main content

ليبيا: "الأمم المتحدة" تنشئ لجنة لتقصي الحقائق

خطوة نحو المساءلة

القتال المستمر منذ أبريل/نيسان 2019 ألحق أضرارا كبيرة بالمناطق السكنية الكائنة في محيط مطار طرابلس، على النحو الظاهر في هذه الصورة الملتقطة في 2 يونيو/حزيران 2020. © 2020 Anadolu Agency/Getty Images

(جنيف) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" اتخذ في 22 يونيو/حزيران 2020 خطوة إيجابية نحو المساءلة، من خلال إنشاء لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في انتهاكات جميع الأطراف في ليبيا.

طرحت "المجموعة الأفريقية" في مجلس حقوق الإنسان قرارا خلال الدورة الـ 43 للمجلس، طالبت فيه مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه بإيفاد بعثة لتقصي الحقائق فورا للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي من قِبل جميع أطراف النزاع الليبي منذ بداية 2016. تضمن الطلب أيضا الحفاظ على الأدلة لضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. اعتُمد القرار بتوافق الآراء.

قال إريك غولدستين، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش بالنيابة: "إنشاء بعثة لتقصي الحقائق بشأن الانتهاكات في ليبيا هو تنبيه لأمراء الحرب والجماعات المسلحة بأنه يمكن أن يحاسَبوا على الجرائم الخطيرة التي يرتكبها عناصرهم. المهم الآن هو أن تعمل الدول في مجلس حقوق الإنسان على ضمان حصول هذه اللجنة الجديدة على الدعم اللازم والتجديدات اللازمة بعد ولايتها الأولى لعام واحد للوفاء بمهامها".

ما يزال الحكم في ليبيا منقسما بين الكيانين المنخرطين في نزاع مسلح منذ أبريل/نيسان 2019: "حكومة الوفاق الوطني" المعترف بها دوليا ومقرها طرابلس، و"الحكومة المؤقتة" المنافسة المتمركزة في شرق ليبيا والمرتبطة بالجماعة المسلحة المعروفة باسم "القوات المسلحة العربية الليبية" )القوات المسلحة(. تلقت الحكومة المنافسة دعما عسكريا من الإمارات، والأردن، ومصر، وروسيا، ودعما سياسيا من فرنسا. تضم قواتها مقاتلين من السودان، وتشاد، وسوريا، ومن شركة عسكرية خاصة مرتبطة بـ "الكرملين". تركيا هي الداعم العسكري الرئيسي لحكومة الوفاق الوطني التي لديها مقاتلون من تشاد، والسودان، وسوريا.

مع انتهاء المواجهات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس والمناطق المحيطة بها في 5 يونيو/حزيران 2020 بانسحاب القوات المسلحة والقوات الموالية لها، لا يزال النزاع مستمرا في سرت، على بعد 450 كيلومتر شرق العاصمة، وفي أجزاء أخرى من البلاد. لا يزال حظر الأسلحة الذي أقره مجلس الأمن الدولي العام 2011 ساريا، ولكن لم تتم معاقبة أي طرف لانتهاكه.

وثقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات لقوانين الحرب من قبل القوات المسلحة والقوات الأجنبية المرتبطة بها، تشمل القصف المدفعي غير المتناسب والعشوائي، وغارات جوية وضربات بطائرات بدون طيار قتلت وأصابت مئات المدنيين ودمّرت البنية التحتية المدنية. كما استخدمت القوات المربطة بها الذخائر العنقودية والألغام الأرضية والمفخخات المحظورة دوليا في الضواحي الجنوبية لطرابلس.

وثقت هيومن رايتس ووتش أيضا التعذيب، وإعدامات بإجراءات موجزة، والتمثيل بجثث المقاتلين من قبل هؤلاء المقاتلين. هناك تقارير حديثة عن اكتشاف ثمانية مقابر جماعية على الأقل في بلدة ترهونة جنوب شرق طرابلس، ومواقع أخرى في ضواحي طرابلس تضم عددا غير معروف من الجثث. أكدت حكومة الوفاق الوطني تقارير عن اكتشاف 106 جثث على الأقل في "مستشفى ترهونة العام"، وقد يكون بعضها ضحايا لجرائم حرب. كانت ترهونة تحت سيطرة "ميليشيا الكاني"، الحليف الرئيسي في غرب ليبيا للقوات المسلحة، حتى انسحابها في 5 يونيو/حزيران.

كما أن المجموعات المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني لا تفي بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي بحماية المدنيين. وهي مسؤولة عن القصف العشوائي والغارات، وكثيرا ما لم تضمن خلو محيط المنشآت العسكرية المستهدفة من المدنيين. منذ سيطرة حكومة الوفاق على ترهونة مع انسحاب القوات المسلحة وحلفائها في أوائل يونيو/حزيران، وردت تقارير عن نهب وتدمير ممتلكات خاصة من قبل الجماعات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق الوطني وإساءة معاملة المعتقلين.

وثّقت هيومن رايتس ووتش محنة عدة آلاف من المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين في ظروف غير إنسانية في مرافق الاحتجاز التي تديرها وزارة الداخلية في حكومة الوفاق والمهربين والمتجرين بالبشر، حيث يتعرضون للعمل القسري والضرب والاعتداء الجنسي.

على مدى السنوات الماضية، وثّقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات منهجية وخطيرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي ارتكبتها الجماعات المسلحة من جميع الأطراف، شملت التعذيب، وسوء المعاملة، والاغتصاب وغيرها من أعمال العنف الجنسي، والاعتقال والاحتجاز التعسفيين، والنزوح القسري، والإعدام خارج القانون، والإخفاء القسري. قد ترقى بعض هذه الجرائم إلى جرائم ضد الإنسانية.

قالت هيومن رايتس ووتش إن الجهود المحلية والدولية غير الكافية لضمان قدر من المساءلة عن الجرائم الخطيرة السابقة والجارية في ليبيا شجعت أولئك الذين شاركوا في النزاع المسلح على ارتكاب انتهاكات وتجاوزات دون عقاب.

أنهى مجلس حقوق الإنسان لجنة تحقيق سابقة بشأن ليبيا في 2012. أنشأ المفوض السامي لحقوق الإنسان في ذلك الوقت تحقيقا آخر بشأن ليبيا في مارس/آذار 2015، واختُتم هذا التحقيق عمله في يناير/كانون الثاني 2016.

أصدرت "المحكمة الجنائية الدولية"، التي لديها تفويض للتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في ليبيا منذ 2011، مذكرة عام 2017 وأخرى عام 2018 لاعتقال القيادي في القوات المسلحة محمود الورفلي، لكنه ما يزال طليقا. ينبغي تسليم الورفلي فورا إلى المحكمة. لم تكن هناك مذكرات عامة أخرى للجرائم المرتكبة بعد 2011. على بعثة تقصي الحقائق المنشأة حديثا أن تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في تحقيقاتها الجارية.

قال غولدستين: "لجنة التحقيق الجديدة خطوة مهمة نحو معالجة الإفلات التام من العقاب على الانتهاكات والتجاوزات في ليبيا. رغم أن لدى اللجنة عملا كثيرا، لكن عليها السعي إلى تحديد المسؤولين عن الانتهاكات، بما فيها الجهات الخارجية، والحفاظ على الأدلة حيثما أمكن للإجراءات الجنائية المستقبلية، والإبلاغ علنا عن حالة حقوق الإنسان في ليبيا".

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد