Skip to main content
202007syria_lgbt_main

مقابلة: السوريون ضحايا العنف الجنسي متروكون بلا دعم

النساء الترانس والرجال مستضعفون بشكل خاص، ويفتقرون إلى الخدمات

©2020 براين ستوفر لـ"هيومن رايتس ووتش"

خلال الحرب الأهلية في سوريا، تعرض الكثير من الناس للعنف الجنسي، مما أدى إلى صدمة مستمرة. العديد من هؤلاء الضحايا هم من الرجال وقد وصفوا كيف يزداد هذا العنف سوءا إذا اعتُبروا مثليين، أو "ناعمين" كما يقال عنهم. تعاني أيضا الكثيرات من متغيرات النوع الاجتماعي (النساء الترانس) – وغالبا ما يُعتبرن على نحو خاطئ أنهن رجال مثليون في سوريا، حيث لا يمكنهن العيش بحرية. حتى لو تمكنوا من الفرار من سوريا، غالبا ما يعانون وحدهم دون توفر خدمات لدعمهم لتخطي الصدمة. تحدثت فيليبا ستيوارت إلى زينب بينار إردم، زميلة "معهد بروميس لحقوق الإنسان الدولية" ("Promise Institute for International Human Rights") في "هيومن رايتس ووتش"، عن تقريرها الجديد، وكيف يمكننا مساعدة ضحايا العنف الجنسي هؤلاء.

عن ماذا يتحدث التقرير ولماذا قررت هيومن رايتس ووتش التركيز على هذه القضية؟

يتعلق التقرير بالعنف الجنسي الذي تعيشه النساء الترانس، والرجال، والفتيان، والأشخاص غير المقيدين بالثنائية الجندرية في سوريا منذ بدء النزاع السوري في مارس/آذار 2011. يتمحور أيضا حول الخدمات الصحية وخدمات الدعم المحدودة المتاحة لهم بمجرد فرارهم/ن من سوريا والوصول إلى لبنان، حيث أجرينا بحثنا. أجرينا مقابلات مع ضحايا العنف الجنسي الذين، عند وصولهم/ن إلى لبنان، وجدوا/ن أن الخدمات كانت غير كافية للتعامل مع هذه الصدمة الخطيرة.

أما لماذا – في النزاع السوري، ينتشر استخدام العنف الجنسي ضد الرجال والفتيان على نطاق واسع، لكن لا يزال هناك نقص في الإبلاغ عنه. هي مشكلة عالمية أيضا. أردنا التركيز على الرجال والفتيان لإضافة المزيد من البيانات إلى الأبحاث الموجودة بالفعل وتسليط الضوء على كيفية حدوث هذه الانتهاكات.


ماذا تبيّن لكِ؟

كنا نعلم أن العنف الجنسي ضد الرجال والفتيان منتشر في سوريا، لكن لا يتم الحديث عنه بشكل كافٍ كما قلنا. كلما تحدثنا أكثر مع الضحايا، كلما أدركنا أن العنف يزداد سوءا إذا اعتُبِروا مثليين أو "ناعمين"، وهو ما يعني في هذا السياق أنهم أنثويون. استخدم العديد من الأشخاص الذين قابلناهم هذه الكلمة لوصف أنفسهم وكيف يراهم المعتدون عليهم. كلما أجرينا المزيد من المقابلات، ازداد فهمنا لمواطن الضعف الخاصة بالرجال المثليين ومزدوجي التوجه الجنسي، والنساء الترانس، والأشخاص غير المقيدين/ات بالثنائية الجندرية عندما يتعلق الأمر بهذا النوع من الإساءات.

هل يمكن أن توضحي لماذا تم تضمين النساء الترانس في هذا التقرير؟

أولا وقبل كل شيء، لنكن واضحين أن النساء الترانس هنّ نساء. مع ذلك، أخبرتني النساء الترانس اللواتي قابلتهن أنهن في سوريا لا يمكنهن أن يقدمن أنفسهن كنساء بأمان. خِفْن من العنف الذي قد يتعرضن له، لذا كنّ يرتدين ملابس رجال لسلامتهن الشخصية. لكن لأنهن لم يمتثلن لفكرة التقليدية لـ "الرجولة"، اعتبرهنّ الجناة الذين ارتكبوا هذا العنف رجالا مثليين أو "ناعمين".

لذا، فإن الدوافع وراء استهداف النساء الترانس هي نفسها وراء استهداف الرجال المثليين. لذلك ندرج النساء الترانس في هذا التقرير.

لماذا لا يتم الإبلاغ عن هذه القضايا بالقدر الكافي؟

الحديث عن هذا النوع من الصدمات أمر صعب على جميع الضحايا، لكن ما وجدناه هو أن الرجال والفتيان ضحايا العنف الجنسي يميلون إلى التردد بشدة في التحدث بسبب الوصمة المرتبطة به بسبب المفاهيم القمعية للرجولة.

نحن نعلم أن هذه المشكلة تؤثر أيضا على الرجال غير المثليين، لكنهم لم يرغبوا في التحدث إلينا – حتى مع عدم الكشف عن هويتهم – بسبب العار والوصمة.

لهذا السبب نريد من المانحين تمويل الموارد التي ستساعد جميع ضحايا العنف الجنسي على إيجاد طرق لمعالجة الصدمات النفسية، سواء على الصعيد النفسي أو الجسدي.

ماذا قال لكِ الضحايا؟

قيل لنا مرارا وتكرارا إن الرجال المثليين، ومزدوجي التوجه الجنسي، والنساء الترانس تعرضوا للعنف الجنسي في مراكز الاحتجاز، وعند نقاط التفتيش، وداخل الجيش السوري. كان بعض الضحايا الذين تحدثت إليهم يخدمون في الجيش، ويعتقد جميعهم أنهم استهدِفوا من قبل جنود آخرين بسبب توجههم الجنسي أو هويتهم الجندرية.

اغتُصِبوا من قبل الجنود الآخرين. وتم إذلالهم لأنهم كانوا يُعتَبَرون "ناعمين".

مرة أخرى، نرى التهديدات التي يواجهها الرجال على نحو خاص الذين يُعتَبَرون "أنثويين" بشكل من الأشكال.

بالضبط. خلال النزاع في سوريا، يمكن أن يتعرض أي شخص للعنف الجنسي – الرجال والنساء، والمثليون/ات وغير المثليين/ات، والأشخاص الترانس، والأشخاص ذوو الهوية الجندرية المعيارية. يؤثر هذا العنف على الجميع، لكن يبدو أنه يتفاقم عندما يُفترض أن الشخص مثلي، أو عندما يتم اكتشاف أو الكشف عن توجهه الجنسي.

كيف يمكن اكتشاف التوجه الجنسي للشخص؟

قال لي بعض الأشخاص الذين تحدثت إليهم إن قوات الأمن السورية في مراكز الاحتجاز فتشت هواتفهم ووجدت صورا أو محادثات تشير إلى توجههم الجنسي.

رغم أن بعضهم كان قد تعرض بالفعل للعنف الجنسي، إلا أنهم جميعا قالوا إنه بمجرد الكشف عن توجههم الجنسي وهويتهم الجندرية، ازداد العنف الذي تعرضوا له.

تحدثتِ إلى هؤلاء الرجال، وإلى النساء الترانس في لبنان. ماذا يحدث بعد أن يتمكنوا/ن من الفرار من سوريا؟

بمجرد وصولهم/ن إلى لبنان، تحدث معظمهم/ن عن صعوبات حقيقية في الحصول على خدمات مثل الخدمات الصحية والخدمات النفسية والاجتماعية، هم/ن بحاجة إلى المساعدة في معالجة الصدمة التي تعرضوا/ن لها.

هل هذا لأن هذه الخدمات غير متوفرة؟

الدعم لضحايا العنف الجنسي موجود في لبنان، لكن معظمه موجه للنساء والفتيات ذوات الهوية الجندرية المعيارية. هناك عدد قليل جدا من الخدمات التي تلبي احتياجات النساء الترانس، والرجال والفتيان، والأشخاص غير المقيدين بالثنائية الجندرية.

يواجه لبنان الآن أزمة اقتصادية غير مسبوقة، لذا على المانحين الدوليين التأكد من حصول جميع ضحايا العنف الجنسي على المساعدة التي يحتاجون إليها.

إذا قدم "الاتحاد الأوروبي" والمانحون الدوليون الآخرون تمويلا لبرامج الدعم الطبي، ودعم الصحة النفسية، والدعم الاجتماعي في لبنان لضحايا العنف الجنسي الذكور، بما في ذلك المثليون أو مزدوجو التوجه الجنسي، والأشخاص الترانس ضحايا العنف الجنسي، قد تكون تلك طريقة لإنشاء خدمات مصممة خصيصا للاحتياجات المحددة لهؤلاء الضحايا.

مع هذا، ينبغي ألا يُنقص هذا الأمر من تمويل الخدمات للنساء والفتيات ذوات الهوية الجندرية المعيارية، فالتمويل قليل أصلا. هذا أمر بالغ الأهمية.

عندما يكون هناك ضحايا لصدمات من هذا النوع، لا يمكن للجدل أن يتمحور حول توفّر الأموال لخلق المنافسة. ينبغي أن تكون الرعاية المقدمة لمواجهة الصدمات متاحة لجميع الضحايا. متغيرات النوع الاجتماعي هن نساء. ينبغي أن تُقدَّم الخدمات لهن حيث يشعُرن بالراحة القصوى وأن يتلقين خدمات تأكيد توجههن الجنسي أينما ذهبن.

هل هناك عوامل أخرى قد تجعل الرجال المثليين ومزدوجي التوجّه الجنسي، والنساء الترانس أكثر عرضة لهذا النوع من العنف؟

نقص الدعم الأسري هو عامل كبير. أخبرني أحد الضحايا، وهو رجل مثلي، أنه عندما علمت عائلته أنه مثلي، أرسلت له والدته رسائل نصية تتضمن إهانات مروعة ضد المثليين. ثم قالت: "إذا لم تغادر هذا البلد خلال أسبوعين، سأقتلك بنفسي".  رسخ هذا الموقف حقا في ذهني، لأننا ما زلنا نرى أن نقص الدعم الأسري يزيد من ضعف الناس.

تعرضت امرأة ترانس تحدثت إليها للعنف الجنسي في سوريا عندما كانت طفلة، وكانت تعاني من أجل الحصول على الدعم. تعرضت للمضايقة على أيدي قوات الأمن وعائلتها لأنها كانت "ناعمة"، ولم تستطع الحصول على الدعم في أي مكان. خلال مقابلتي معها أخبرتني أنها كانت لديها أفكار انتحارية. أخبرتني كيف فكرت في الانتحار، قائلة "أريد فقط أن أتحطم".

لازمتني تلك القصص حقا. أفكر فيها كل يوم.

ما الذي ينبغي القيام به؟

لا يمكنني التأكيد بما يكفي على أهمية المساءلة عن استخدام العنف الجنسي في سوريا. على الهيئات الدولية جمع الأدلة، وينبغي محاسبة المسؤولين.

الخدمات المصممة للرجال والفتيان ضحايا العنف الجنسي ضرورية. ينبغي أن تتوفر خدمات التأكيد للضحايا الترانس وغير المقيدين/ات بالثنائية الجندرية. حتى لو وقع الاعتداء قبل عشر سنوات، لا يزال الضحايا يعانون/ين من الألم الجسدي ومن وضعهم/ن النفسي. نحن بحاجة لمساعدتهم/ن على تجاوز هذه التجارب المروعة حتى يتمكنوا/ن من العيش بشكل كامل وبأمان.

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.