Skip to main content
Doaa Qashlan speaks to Human Rights Watch during an interview in Gaza, November 18, 2020.

شاهِدة: امرأة لديها إعاقة تناضل لبناء حياتها في غزة

الأشخاص ذوو الإعاقة يستمدون القوة رغم التمييز

دعاء قشلان تتحدث إلى هيومن رايتس ووتش خلال مقابلة في غزة، 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020. © 2020 يوسف مشهراوي

قالت دعاء قشلان، وهي خريجة جامعية وناشطة في مجال حقوق ذوي الإعاقة تعيش في غزة: "لا أظن أنني كنت سأحقق الكثير في حياتي لولا إعاقتي". تلقى دعاء، التي ولدت بإعاقة حركية وتتنقل باستخدام كرسي متحرك أو دراجة "سكوتر" كهربائية، الكثير من الدعم من أسرتها، حتى أنها كانت أول من سافر إلى الخارج في العائلة. لكن في غزة التي تركتها وراءها، كانت الحياة تزداد مشقة.

تستخدم دعاء السكوتر للتنقل في شوارع غزة الوعرة، وتقول عن أداتيها المساعِدتين إنهما "رجلاها". تعطل السكوتر قبل أشهر ولم تتمكن حتى الآن من إصلاحه. تقول إنه يتعذر العثور على العديد من قطع الغيار الضرورية في غزة، وإن هناك نقصا في الخبرة في هذا المجال. أحد أسباب ذلك هو القيود الإسرائيلية الشاملة على حركة البضائع والأشخاص من غزة وإليها. تقول دعاء إنها صارت تشعر اليوم بأنها محجوزة في المنزل.

مع ذلك، ما زال لدى دعاء روح دعابة، وصبر، وأمل في التغيير. هي عضوة في مجلس العلاقات العامة والإعلام في "الاتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة"، وتتعاون مع منظمات دولية ومحلية في غزة لزيادة الوعي بحقوق ذوي الإعاقة. عملها شهادة على مثابرتها. لكن مع ذلك، تكون الحياة في غزة صعبة أحيانا.

يصف بحث جديد صدر في اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة كيف أن إغلاق قطاع غزة من قبل إسرائيل طيلة 13 عاما، ونقص الخدمات أو الجهود من قبل سلطات "حماس" لجعل الأماكن العامة موائمة لذوي الإعاقة تجعل الحياة شاقة للغاية لعشرات آلاف الفلسطينيين ذوي الإعاقة في غزة. تقول دعاء: "الوضع [في غزة] أليم أصلا. هل ترين كيف يعاني الناس في غزة؟ ذوو الإعاقة يعانون ضعف ذلك".

انقطاع الكهرباء هو أكبر همّ يومي لدى دعاء، فهي بحاجة إلى إبقاء السكوتر مشحونا. لكن انقطاع الكهرباء المزمن في غزة، وسببه القيود الناتجة عن السياسات الإسرائيلية والمناكفات بين السلطات الفلسطينية، يقلص ساعات التغذية بالكهرباء إلى خمس ساعات فقط في اليوم أحيانا، ولا يتعدى 15 ساعة في أفضل الأيام. بالنسبة لدعاء وغيرها من الأشخاص ذوي الإعاقة في غزة، يمثل انقطاع الكهرباء معضلة يومية خطيرة، خاصة لدى من يعتمد منهم على المعدات، التي تعمل بالكهرباء كالمصاعد والدراجات الكهربائية.

حتى عندما تتمكن دعاء من مغادرة بيتها، فهي تسكن في منطقة غير موائمة يصعب عليها التنقل فيها، ولا يفهم الكثير ممن حولها احتياجاتها: "وضَع جارنا مطبا لإجبار السيارات على تخفيض السرعة. لم يكن يعلم أن هذا قد يؤدي إلى إصابتنا".

دعاء قشلان وأختها عبير تنظران إلى لابتوب خلال مقابلة مع هيومن رايتس ووتش، 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020. © 2020 يوسف مشهراوي

تواجه دعاء وصمة متجذرة، شأنها في ذلك شأن غيرها من ذوي الإعاقة في غزة، خاصة النساء. ففرص عملهم قليلة أو منعدمة ودوائرهم الاجتماعية ضيقة. حتى الأمور التي يوليها المجتمع أهمية كبيرة، مثل الزواج، تبقى بعيدة المنال. تشكل هذه الوصمة مصدر إحباط دائم لدى دعاء: "ذات يوم، كانت فتيات يتحدثن عن الزواج، وذكرن أن فتاة ذات إعاقة تزوجت. سألَت أحداهن مازحة: "ترى كيف تزوجت؟" فغضبتُ وسألتُها بدوري: "هل سألك أحد كيف ستتزوجين أنتِ؟" فلم تجب".

حتى التعليم مثّل تحديا لدعاء في كل مرحلة من مراحله. ما إن بلغت الصف الخامس حتى بدأت عضلاتها تضعف وصار المشي صعبا عليها. لا زالت تتذكر حادثة في الصف السادس عندما كانت تستخدم "الووكِر": "أردت أن أذهب إلى الحمام، وكان علي أن أسير مسافة طويلة على طريق غير معبد فيه حجارة. دفعني بعض الطلاب فسقطت على الأرض وبللت نفسي". عندما جاء والدها ليأخذها، قرر إخراجها من المدرسة نهائيا، ولم يقبل إعادتها إليها إلا بإصرار والدتها التي هجرت البيت إلى أن غيّر رأيه.

والدة دعاء مصدر قوة دائم لها ولأختها الصغرى عبير التي لديها أيضا إعاقة حركية وتستخدم السكوتر للتنقل. عندما عادت دعاء إلى الدراسة، كانت تصل إلى المدرسة مبكرا لتنتقل من السكوتر إلى الكرسي المتحرك، وفي بعض الأحيان كانت والدتها تراجع معها واجباتها المدرسية بانتظار بدء الفصل. ذات يوم قال أحدهم لوالدة دعاء: "لماذا تعلمينها؟ هل تظنين أنها ستنجح؟ إنها نصف إنسان. انجبي إنسانا كاملا". عندما كانت دعاء تشعر بالاكتئاب وترفض الذهاب إلى المدرسة، كان أخصائيون يزورونها أحيانا ليقدموا لها الدعم النفسي-الاجتماعي. اكتشفت دعاء لاحقا أن والدتها كانت ترتب الأمر بنفسها.

حصلت دعاء على فرصة لحضور برنامج تدريبي في الإمارات من خلال برنامج لـ "الأمم المتحدة" لفائدة الشباب ذوي الإعاقة. لكن بعد عامين، اتخذت القرار الصعب بالعودة إلى الوطن. كانت مضطربة عند عودتها إلى غزة، ومع ذلك التحقت بدورة جامعية في إدارة المكاتب. لكنها اضطرت إلى ترك الجامعة لمدة عام لأنه كان عليها مشارك السكوتر الوحيد مع عبير التي كانت بحاجة إليه لإنهاء دراستها الثانوية.

دعاء قشلان تتحدث إلى هيومن رايتس ووتش خلال مقابلة في غزة، 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020. © 2020 يوسف مشهراوي

قد تكون الإعاقة في غزة خطرا على الحياة في بعض الأحيان. خلال حرب 2014 بين إسرائيل والمجموعات الفلسطينية المسلحة، كانت دعاء تخاف باستمرار من عجزها عن الهروب من الخطر في حالة وقوع غارة جوية إسرائيلية: "كلما دخلتُ الحمام، كنت أخاف أن يحدث شيء في مكان قريب وألا أستطيع الفرار بسرعة. كنت بطيئة بالفعل". سمعت دعاء وشقيقتها أحيانا من أفراد العائلة أشياء من قبيل: "قد تهرب العائلة وتنسيكِ في البيت".

خلال الحرب، اضطرت أسرة دعاء وعبير لإخلاء المنزل. ذهبوا للعيش مع عمتهم التي لم يكن منزلها يتيح الحركة بسهولة، فلم تتمكن دعاء من استخدام كرسيها المتحرك في المنزل. كانت مضطرة للزحف على الأرض للتنقل. لكنها كانت تخجل من فعل ذلك أمام أقاربها الذكور، لذلك كانت تلزم مكانها عندما يكونون في المنزل.

ماذا لو اضطرت هي وأختها للهروب بسرعة من مبنى تعرض للهجوم؟ ضغوط الحرب وعدم معرفة مصيرها وأختها عبير إذا اضطرت أسرتهما للإخلاء أثّرت عليها عاطفيا: "أصعب شيء أن أسمع أختي تقول: "لا أريد أن أموت وأتركك وحدك. لا أريدك أن تموتي وتتركيني وحدي".

اليوم، تستمد دعاء الأمل من أصدقائها، وجميعهم لديهم إعاقات أيضا، ومن رغبتها في أن تتغير الأوضاع في غزة. قبل أن يتعطل السكوتر، كانت تقضي وقتها في الاتحاد العام، تشارك في أنشطة تتعلق بحقوق ذوي الإعاقة أو تحضر دورات تدريبية. تنظر عبير بحماس إلى الجهود التي تبذلها المنظمات المحلية التي يمكنها مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة، خاصة النساء والفتيات: "ينبغي التركيز على الشباب والتركيز المزدوج على الفتيات. تحتاج الفتيات إلى الدعم لأنهن مهمشات بشكل لا يصدق. يحتجن إلى مساحة للتعبير أن أنفسهن".

أحدثت إحدى المنظمات فارقا كبيرا في حياتها بالفعل. مؤخرا، أدخلت منظمة "الإنسانية والدمج" الدولية تعديلات على منزل دعاء لتيسير وصولها إلى المطبخ والحمام: "الآن صار يمكنني الدخول إلى المطبخ وإعداد الطعام لي ولأسرتي". ترك هذا التحسن الصغير أثرا عظيما في حياة دعاء، وهذا يبرز قدرة هذه الجهود المتواضعة على جعل البيئة أكثر مواءمة لاحتياجات ذوي الإعاقة وتذليل العقبات الهائلة التي يواجهونها لمجرد عيش حياة مستقلة.

عندما سُئلت عما يجب على السلطات الإسرائيلية والفلسطينية فعله من أجل عشرات آلاف الأشخاص ذوي الإعاقة في غزة، كان لدى دعاء رسالة واحدة بسيطة: "تذكروا أننا بشر".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.