Skip to main content

معا ينبغي علينا حماية ودعم المدافعات عن حقوق الانسان WHRDs في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

دعوة عاجلة إلى اتخاذ إجراءات

تعد المدافعات عن حقوق الإنسان أطراف فعالة حاسمة في النضال من أجل ضمان تمتع الجميع بحقوق الإنسان، الأمر الذي يؤدي إلى جعل مجتمعاتهن أكثر شمولاً ومساواة. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)، حيث لا تواكب معظم الدول ما تحقق في غيرها من المناطق في مجال المساواة بين الجنسين، تلعب المدافعات عن حقوق الانسان دوراً أكثر أهمية، ولكنهن يواجهن أيضاً تحديات أعظم. على مدى السنوات القليلة الماضية شهدنا تصاعداً في العنف ضد المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كان عام 2020 مليئا بالعنف بشكل خاص، حيث تلقت المدافعات عن حقوق الانسان في بعض الحالات تهديدات بالقتل، وفي العديد من الحالات، مثل ما حدث في العراق وليبيا، قُتِلت بعض المدافعات عن حقوق الانسان.

إن تصاعد أعمال العنف[1] الموجهة ضد المدافعات عن حقوق الانسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتزايد تجريم مناصرة الحقوق، أمر مروع وغير مقبول. المدافعات عن حقوق الإنسان في المنطقة مستهدفات بحملات تشويه السمعة التي ترعاها الحكومات، ويتعرضن للتهديد والاعتقال بشكل منتظم، وفي بعض الحالات يتم اختطافهن واختفاءهن قسريا، كما يخضعن للتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة أثناء الاعتقال، والانتهاكات الخطيرة لحقوقهن في المحاكمة العادلة، وتواجه بعضهن فترات مطولة من الاعتقال قبل المحاكمة [2]وعقوبات السجن[3].  وهن يتعرضن لانتهاكات حقوقهن لمجرد أنهن تجرأن على مساءلة حكوماتهن والقيام بأعمال المناصرة حتى يتسنى لأكثر الفئات ضعفا وتهميشا أن تتمتع بالمساواة والاندماج في المجتمعات والعدالة.

إن المدافعات عن حقوق الإنسان في مناطق الصراع، مثل ليبيا وسوريا واليمن والعراق معرضات لخطر الاضطهاد والهجمات من قِبَل جهات غير حكومية بسبب قيامهن بفضح الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات والجماعات المسلحة المتحاربة. تتعرض المدافعات الكرديات عن حقوق الانسان في تركيا للاعتقال التعسفي والمحاكمة بتهمة الإرهاب. كما تبرز مصر وإيران والمملكة العربية السعودية أيضاً بسبب اضطهادهم واستهدافهم المستمر للمدافعات عن حقوق الانسان. كما تتعرض المدافعات عن حقوق الانسان في الصحراء الغربية للتهديدات والاستهداف من قبل السلطات المغربية، بالإضافة إلى المضايقات القضائية. 

بتنفيذها لهذه الهجمات تنتهك الحكومات التزاماتها الدولية، ولكن في بعض السياقات تشكل الهجمات ضد المدافعات عن حقوق الإنسان أيضا انتهاكا مباشرا للقوانين الوطنية التي تضمن مراعاة المحاكمات العادلة. وفي محاولة غير مستترة لإضفاء الشرعية على أفعالها، تستخدم بعض الدول[4] القوانين القائمة لاضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان، في حين اعتمدت دول أخرى قوانين تجرم مناصرة حقوق الإنسان على وجه التحديد.  فقد لجأت بعض الدول على نحو إبداعي إلى وصف مناصرة الحقوق باعتبارها تصرفات تقوض "الأمن الوطني" أو أنها حتى تـ"دعم الإرهاب".

ومع ذلك، فإن ردة فعل الدول المعادية للمدافعات عن حقوق الإنسان، لم تتخذ إجراءات تذكر لضمان أمنها في منطقة نشهد فيها صيحات ومطالب شعبية متزايدة بالعدالة الاجتماعية، بما في ذلك في شكل احتجاجات جماعية يعترض فيها المواطنون على عقود من السياسات القمعية وانعدام الأمن، وسوء الإدارة والفساد السياسي والاقتصادي.

ويأتي الهجوم المنهجي على المدافعين عن حقوق الإنسان وتجريم مناصرة الحقوق بعد سنوات من السياسات القمعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تستهدف المجتمع والفضاء المدنيين، بما في ذلك من خلال فرض القيود على المنظمات غير الحكومية والصحافة وإغلاقها، ومن خلال الهجمات على الحريات الأكاديمية.

إن إغلاق الحيز المدني وزيادة انتهاكات الحقوق يحدث في سياق من تصاعد جرأة الأفكار الفاشية والأصولية والقومية والسلطوية على مستوى العالم.  ويتمثل جزء من هذه الصورة في الضغط على آليات وضمانات حقوق الإنسان الدولية، وكذلك الهيئات المكلفة بمساءلة الدول عن انتهاكات الحقوق. لسنوات عديدة، كانت الجهات الفاعلة التابعة وغير التابعة للدولة تدعو إلى وضع أجندة مناهضة للحقوق تهدف إلى إضعاف لغة الحقوق وضماناتها، كما تهدف إلى تفكيك أنظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وإلغاء تمويلها. وقد عملت هذه الجهات الفاعلة المناهضة للحقوق بثبات على إضعاف قدرة أنظمة حقوق الإنسان، وخاصة عمليات الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، على المطالبة بمساءلة الدول عن انتهاكات حقوق الإنسان.  وفي سياق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نرى الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية المناهضة لحقوق الإنسان التي تشارك في فضاءات حقوق الإنسان الدولية تستخدم أساليب التسلل والمراقبة وتقويض لغة الحقوق، والانتقام من المدافعات عن حقوق الانسان، وكل ذلك كأساليب لتعزيز الجهود الوطنية الرامية إلى إغلاق المجال المدني، وإنشاء إطار مواز لحقوق الإنسان ينكر الحقوق ويقوض مساءلة الدولة.

ومما يثير القلق أن تدهور الحقوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم يلق إلا قدر ضئيل من الإدانة من جانب المجتمع الدولي، حيث اختارت العديد من الحكومات أن تولي الأولوية لأهداف سياسية أخرى، مثل أمن مصالحها التجارية أو الاقتصادية أو العسكرية في المنطقة وأرباح مبيعات الأسلحة. فقد غض البعض الطرف عن انتهاكات الحقوق على أمل أن تتمكن من وقف تدفق الهجرة إلى أوربا من قبل اللاجئين الفارين من السياسات الإقليمية الفاشلة التي أسهمت في اندلاع الحروب، وعدم الاستقرار، والأزمات الاقتصادية، والقمع. وكان الأكثر فظاعة هو تبني الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبعض الدول الأوربية للسياسات والأنظمة الاستبدادية في المنطقة.

توصيات:

  • نحث الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على الاستجابة لنداء جماهيرها وتبني سياسات عادلة اجتماعيا تركز على حقوق الإنسان. إن أمن الدولة يقوم أولا وقبل كل شيء على قدرة الدول على تلبية احتياجات المواطنين ورغبتها في القيام بذلك. وعند قيامها بذلك، يمكن للدول أن تعتمد على المدافعات عن حقوق الانسان ومنظماتهن وأن تكون مسؤولة أمامهن، لأنهن في وضع يسمح لهن بأن يعكسن مخاوف المجتمعات ومتطلباتها.
  • ونذكر أيضاً دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتزامها بضمان وحماية حقوق المرأة في المشاركة في الحياة المدنية، بما في ذلك حريات تكوين الجمعيات والتعبير والتجمع، الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك في مختلف المعاهدات الدولية، وفي مقدمتها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ICESCR) ، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW)، والمعاهدات الإقليمية، بما في ذلك بروتوكول الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في أفريقيا (بروتوكول مابوتو).  وقد تكرر تأكيد هذه الحقوق، ضمن حقوق أخرى، في الإعلان المتعلق بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالميا، والمعروف أيضا باسم الإعلان المتعلق بالمدافعين عن حقوق الإنسان، الذي اعتمدته الجمعية العامة في 8 مارس 1999. وينطبق الإعلان على كل فرد يعمل على تعزيز وحماية حقوق الإنسان ما دامت تقبل وتطبق مبادئ عالمية الحقوق واللاعنف. وعلاوة على ذلك، يُلزم الإعلان المعني بالمدافعات عن حقوق الإنسان الدول بالاعتراف بالمخاطر والتمييز والعنف التي تواجهها المدافعات عن حقوق الإنسان، ووضع سياسات وبرامج ملموسة تراعي الفوارق بين الجنسين من أجل حمايتهم.
  • ونحن ندعو الحكومات حول العالم بإعادة النظر في سياساتها ونهجها تجاه المنطقة. إن السياسات المتبعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحتاج إلى إعطاء الأولوية لأمن الإنسان وإلى التركيز على مبادئ حقوق الإنسان التي تعزز العدالة الاجتماعية وتتمسك بها.
  • ويتعين على كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، نظرا لالتزاماتها بحقوق الانسان، أن تدعم وتعزز الأدوار والآليات الحقوقية للأمم المتحدة، بما في ذلك ضمان التمويل الكافي للإجراءات الخاصة للأمم المتحدة التي تقوم بعمل بالغ الأهمية.
  • ونحن نحث الجهات المانحة على إعطاء الأولوية لتمويل عمل المدافعات عن حقوق الانسان، وإنشاء ودعم الآليات التي تساعد على ضمان سلامة الأشخاص الذين يتعرضون لأعظم التهديدات، بما في ذلك تيسير طلبات الحصول على التأشيرات لكي يتمكنوا من الإجلاء السريع في الحالات التي تتعرض فيها الأرواح للخطر. كما نشجع الجهات المانحة على دعم برامج الرعاية النفسية الاجتماعية، فضلاً عن التدريب المتكامل على الأمن والرعاية الذاتية، في محاولة لمساعدة المدافعات عن حقوق الانسان اللاتي يعانين نتيجة للضغوط على مستويات متعددة.

قائمة الموقعين:

  1. التحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  2. تحالف الحقوق الجنسية والجسدية في المجتمعات الإسلامية
  3. جمعية حقوق المرأة في التنمية
  4. الخدمة الدولية لحقوق الإنسان
  5. الديمقراطية الآن للعالم العربي
  6. فيمينا
  7. هيومن رايتس ووتش

 

 

[1] ويشمل ذلك تصاعد تهديدات الاغتيال وقتل المدافعات عن حقوق الانسان في العراق وليبيا، وزيادة الاعتقالات في مصر وإيران والمملكة العربية السعودية وتركيا، وزيادة الاعتقالات الإدارية في فلسطين، إضافة إلى الحملات العنيفة للتشهير وتلطيخ السمعة في المغرب ولبنان واليمن.

[4] ومن أمثلة البلدان التي استخدمت القوانين القائمة أو اعتمدت قوانين جديدة لتقييد المشاركة المدنية واستهداف المدافعين عن الحقوق أو اضطهادهم ما يلي: مصر وإيران والأردن والمملكة العربية السعودية وتونس وتركيا. وبالإضافة إلى ذلك، استخدمت الاحتجاجات الجماعية في بلدان مثل الجزائر ولبنان والعراق والسودان كذريعة للمضايقات القضائية واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة