Skip to main content

ليبيا: على الحكومة الجديدة منح الأولوية لحقوق الإنسان

حققوا العدالة والمساءلة قبل التصويت

رئيس الوزراء الليبي المعين حديثا عبد الحميد دبيبة يخاطب أعضاء "مجلس النواب الليبي"، قبل يوم من نيل حكومته الثقة من المجلس في سرت، ليبيا، الثلاثاء 9 مارس/آذار 2021.  © 2021 أي بي فوتو/حكيم اليماني

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش'' اليوم إنه ينبغي لـ "حكومة الوحدة الوطنية" المكلّفة حديثا أن تلزم نفسها بتحسين حقوق الإنسان بشكل ملحوظ في ليبيا وضمان أن تكون الانتخابات المقررة في ديسمبر/كانون الأول 2021 حرة وعادلة.

كلّف "مجلس النواب الليبي" في 10 مارس/آذار حكومة الوحدة الوطنية بصفتها السلطة الإدارية المؤقتة للبلاد، مع عبد الحميد دبيبة كرئيس للوزراء ومجلس رئاسي من ثلاثة أعضاء برئاسة محمد المنيفي. تحلّ حكومة الوحدة الوطنية، بدعم من "الأمم المتحدة"، محلّ "حكومة الوفاق الوطني" و"الحكومة المؤقتة" في شرق ليبيا.

قالت حنان صلاح، باحثة أولى مختصة بليبيا في هيومن رايتس ووتش: "ينبغي للحكومة الليبية الجديدة إعطاء الأولوية العاجلة لسيادة القانون، والعدالة، والمساءلة، وكلها أساسية لضمان انتخابات حرة وعادلة. سيكون الاختبار الحقيقي للحكومة في انتخابات ديسمبر/كانون الأول في قدرة السلطات على حماية حرية التجمع، وتكوين الجمعيات، والتعبير للمشاركين".

أدت حكومة الوحدة الوطنية اليمين في 15 مارس/آذار، على الرغم من مزاعم محاولة شراء الأصوات خلال المحادثات السياسية، كما أكد تقرير خبراء الأمم المتحدة. تتمثل المهمة الأساسية للحكومة الجديدة في إجراء انتخابات لاختيار رئيس وسلطة تشريعية جديدَيْن في 24 ديسمبر/كانون الأول. لم يُعالَج بعد الأساس القانوني والدستوري لإجراء مثل هذه الانتخابات.

تتطلب الانتخابات الحرة والعادلة بيئة خالية من الإكراه، أو التمييز، أو ترهيب الناخبين والمرشحين والأحزاب السياسية. بالإضافة إلى حماية حرية التعبير والتجمع، ينبغي ألا تميز القواعد الانتخابية بين الناخبين أو المرشحين المحتملين أو تستبعد أيّا منهم تعسفا. تستوجب سيادة القانون سلطة قضائية فعالة قادرة على فضّ نزاعات الانتخابات والحملات الانتخابية، مثل التسجيل، والترشيحات، والنتائج، بعدل وسرعة. ينبغي أن يؤمّن منظمو الانتخابات إمكانية وصول المراقبين المستقلين إلى أماكن الاقتراع.

بعد خمسة أشهر من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، الذي أنهى أكثر من عام من النزاع المسلح بين الأطراف المحلية المدعومة من الخارج والتي تتنافس من أجل الشرعية والسيطرة على البلاد، لا يزال وضع حقوق الإنسان في ليبيا غير مستقر. تترنّح البلاد تحت وطأة نزوح جماعي، وإصابات بين المدنيين، وأعمال قتل غير قانونية، وذخائر غير منفجرة، وتدمير للمباني الحيوية، بما فيها مرافق الرعاية الصحية وتعليم الأطفال. ما يزال المئاتُ مفقودين، بمَن فيهم العديد من المدنيين، وكان اكتشاف السلطات لمقابر جماعية تضمّ عشرات الجثث التي لا تزال مجهولة الهوية مروّعا.

تقع المسؤولية عن الانتهاكات المنهجية – تشمل احتجاز الآلاف تعسفا لفترات طويلة، والإخفاء القسري، والتعذيب – على الجماعات المسلحة التي تعمل في ظل الإفلات من العقاب والسلطات الحالية. تحتجز السلطات تعسفا المهاجرين وطالبي اللجوء الذين يمرّون في ليبيا، ثم يتعرضون للضرب، والابتزاز، والعنف الجنسي، والعمل القسري في مراكز احتجاز تابعة اسميا للدولة، وعلى يَد الميليشيات، والمهربين.

قوّضت القوانين التقييدية حرية التعبير وتكوين الجمعيات في ليبيا، كما أرهبت الجماعات المسلحة الصحفيين، والنشطاء السياسيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، وضايقتهم، وهدّدتهم، واعتدت عليهم جسديا، واحتجزتهم تعسفا. ينص قانون العقوبات على عقوبات جنائية للتشهير، و"إهانة" الموظفين العموميين، أو الأمة الليبية، أو العلم، ويفرض عقوبة الإعدام على "الترويج لنظريات أو مبادئ" ترمي إلى قلب نظم الدولة السياسية، أو الاجتماعية، أو الاقتصادية.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للحكومة الجديدة مراجعة أو إلغاء المرسوم 286 (2019) بشأن تنظيم منظمات المجتمع المدني، الصادر عن المجلس الرئاسي التابع لحكومة الوفاق الوطني. يقيد المرسوم حرية تكوين الجمعيات ويبدو أنه يتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.

تحد قوانين التجمع السلمي، من دون داعٍ، من قدرة المواطنين على التعبير عن أنفسهم بحرية من خلال المظاهرات العفوية والمنظمة، بفرض عقوبات قاسية غير مبرّرة. ينبغي للسلطات الجديدة ضمان أن تكون أي قيود على التجمعات العامة ضرورية للغاية لحماية النظام العام.

يعمل نظام العدالة الجنائية، وإدارات الشرطة والتحقيق الجنائي، في جميع أنحاء البلاد بشكل جزئي فقط. تعمل المحاكم المدنية والعسكرية بقدرة منخفضة، وحيثما تعمل، هناك مخاوف جدية بشأن الإجراءات القانونية الواجبة. قدرة المحاكم حاليا على حل النزاعات الانتخابية محدودة، بما في ذلك التسجيل والنتائج، وغالبا ما تفتقر أجهزة الشرطة إلى إمكانية تنفيذ أوامر الاعتقال أو الرغبة في ذلك.

منذ 2011، لم يُفصل سوى في بعض القضايا التي تتعلق بأشخاص متهمين بجرائم خطيرة. شابت خروقات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة المحاكمات التي جرت، بما فيها الاعترافات القسرية، وسوء المعاملة، وعدم إمكانية الاتصال بمحامين. غالبا ما تخضع سلطات السجون اسميا فقط لوزارات الداخلية والدفاع والعدل، وتدير الجماعات المسلحة مراكز الاحتجاز غير الرسمية الخاصة بها.

هدّدت الجماعات المسلحة قضاة، ومدعين عامين، ومحامين، ومسؤولين حكوميين، وخوّفتهم، وهاجمتهم. في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، قتلت جماعات مسلحة مجهولة في مدينة بنغازي الشرقية المحامية حنان البرعصي، التي كانت تنتقد بجرأة انتهاكات الميليشيات.

أنشأ "المجلس الوطني الانتقالي" "المفوضية الوطنية العليا للانتخابات"، المسؤولة عن تنظيم الانتخابات، في يناير/كانون الثاني 2012، ولديها صلاحية تسجيل الناخبين وإجراء الانتخابات.

ينبغي أن يكون تسجيل الناخبين شاملا ومتاحا، ويضمن إمكانية تسجيل أكبر عدد من الليبيين المؤهلين داخل البلاد وخارجها. ينبغي النظر في تسجيل الليبيين المحتجزين بشكل تعسفي طويل الأمد من دون إدانة جنائية، في غياب أي أساس قانوني لاستبعادهم، ووضع أحكام خاصة لآلاف النازحين وغيرهم ممن ليسوا في مكان إقامتهم المعتاد وقد يعجزون عن الوصول إلى السجل المدني. ينبغي لمفوضية الانتخابات أيضا تأمين عمليات تدقيق منتظمة وشفافة لسجلات الناخبين الخاصة بها.

لا يزال الإطار القانوني والدستوري لإجراء الانتخابات غير واضح، إذ ينبغي أن يقرّ مجلس النواب قانون الانتخابات لتمكين المفوضية من إجرائها.

أدى العنف الذي أعقب الانتخابات الليبية العامة الأخيرة في 2014 إلى انهيار السلطة المركزية والمؤسسات الرئيسية، لا سيما أجهزة الشرطة والقضاء. اغتال مسلحون مجهولون الناشطة الحقوقية البارزة سلوى بوقعيقيص في منزلها في بنغازي يوم الانتخابات، وخطفوا زوجها عصام الغرياني الذي ما زال مفقودا.

بصفتها طرفا في المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، ليبيا ملزمة بـ "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، و"الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب"، اللذيْن يضمنان حرية الرأي والتعبير وتكوين الجمعيات.

ليبيا ملزمة أيضا بـ "إعلان الاتحاد الأفريقي" لـ 2002 بشأن المبادئ التي تحكم الانتخابات الديمقراطية في أفريقيا والتي تنصّ على إجراء الانتخابات الديمقراطية بموجب "دساتير ديمقراطية وامتثالا للأدوات القانونية الداعمة"، وفي ظل "نظام فصل السلطات الذي يضمن بشكل خاص استقلال القضاء".

لم يُطرح مشروع الدستور الذي اقترحته الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي في يوليو/تموز على استفتاء وطني، ولم يُحدّد موعد للاستفتاء.

قالت صلاح: "تواجه الحكومة الجديدة العديد من التحديات، لكن ينبغي أقلّه أن تلتزم علنا بشروط تمكّن المرشحين من إجراء حملات انتخابية بحرية، وأن تملك خطة أمنية قوية لأماكن الاقتراع، وتؤمّن مراجعة مستقلة لسجل الناخبين، وتضمن أمن المحكمة للسماح بالفصل في النزاعات".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة