Skip to main content

الأمم المتحدة: نتائج غير متجانسة للدورة الجديدة لعملية المراجعة الدورية الشاملة

الحكومات تتجنب نقاشاً جاداً لحقوق الإنسان في الجزائر وتونس

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن الدورة الأولى التي عقدها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لوضع آلية جديدة لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في الدول قد تم الانتقاص منها بسبب عدم ثبات مواقف وتردد بعض الحكومات في التدقيق في سجل حكومات أخرى. وفي 18 إبريل/نيسان 2008 اختتم المجلس دورة اجتماعات استغرقت أسبوعين استعرض خلالها سجلات 16 دولة كجزء من عملية المراجعة الدورية الشاملة.

وقالت جولييت دو ريفيرو، ممثلة هيومن رايتس ووتش في جنيف: "أهم نقطة قوة في المراجعة هي شموليتها حيث تخضع جميع الدول للتدقيق بغض النظر عن موقعها أو حجمها أو نفوذها". إلا أنها قالت: "لكن بعض أعضاء المجلس قاموا بتسييس الطريقة التي تعاملوا بها واتبعوا معايير مختلفة في مرجعة كل دولة على حدة".

وقد كان هناك تباين كبير في قوة الانتقاد الموجه لبعض البلدان التي خضعت للمراجعة. فمثلاً واجهت جمهورية التشيك استجواباً مفصلاً بخصوص معاملتها للأقلية الغجر (الروميين)، في حين لم يتطرق إلا القليل من الدول لسجل كل من الجزائر وتونس في مضمار حقوق الانسان. وتجنبت الدول الأفريقية الأخرى الحديث عن مشاكل حقوق الإنسان في هذين البلدين وقامت بدلاً من ذلك بتهنئتهما على ما تم الزعم بأنه انجازات.

وتشير أبحاث هيومن رايتس ووتش والمنظمات غير الحكومية الأخرى وكذلك مصادر معلومات دوائر حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى حدوث انتهاكات مستمرة ومنهجية لحقوق الإنسان في كلا البلدين، ولاسيما حملات القمع ضد المعارضة السلمية وحرية التعبير وكذلك التقارير المتطابقة والموثوقة حول التعذيب وسوء المعاملة على يد أفراد قوى الشرطة والأمن.

وتوفر المداخلات التي قدمتها الجزائر حول كل من تونس والبحرين والمملكة المتحدة، مثالاً واضحاً على ازدواجية المعايير المطبقة من قبل بعض الدول. فقد تطرق السفير الجزائري، مستخدما لهجة معتدلة، إلى كل من تونس والبحرين مشيراً إلى الصعوبات التي واجهتها الحكومة التونسية في حماية حقوق الإنسان أثناء محاربتها للإرهاب، واكتفى بالتساؤل إذا كانت تونس تعتقد أن "عقد ندوة حول الموضوع فكرة جيدة"، ووجه تحية إلى البحرين للتقدم الذي حققته على صعيد حماية حقوق المرأة. وبالمقابل قدمت الجزائر مداخلة قوية ومسهبة عند مراجعة سجل المملكة المتحدة، أثارت فيها المخاوف حول معدلات سجن الأطفال، وخرق المملكة المتحدة التزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، والاستخدام المفرط للاحتجاز قبل المحاكمة، وغياب توفير الحماية لطالبي اللجوء والمهاجرين.

وبالإضافة إلى غياب الثبات في المواقف المذكور، فقد غلب على المراجعة طابع المديح المبالغ فيه والانتقادات الخجولة. وفي الوقت الذي يعتبر فيه تسليط الضوء على الممارسات الجيدة أمراً مفيداً، فإن بذل المحاولات للعثور على جانب يتم امتداحها، في وضع كارثي، يقوض مصداقية العملية برمتها. فمثلاً أشارت اليابان إلى أن تونس "تظهر التزاماً كبيراً بحقوق الإنسان" وهي "واحدة من أكثر الدول ديمقراطية في العالم العربي".

ويبدو أن بعض الدول قررت التصرف بليونة، وبعضها الآخر لم يتدخل إطلاقاً طوال أسبوعي الدورة، حيث لم يتجاوز عدد الدول التي تناوبت على التحدث 14 دولة من أصل 27.
وقالت ريفيرو: "لقد وقفت الدول غالباً مكتوفة الذراعين، على أمل أن تلقى ملاحظاتها اللطيفة صداها عندما يأتي دورها في المراجعة". وأضافت بأن "الدول ينبغي أن تركز على كيفية جعل الاجتماعات تساعد الضحايا في مختلف أرجاء العالم وليس على كيفية مساعدة أنفسهم".

وتأسس مجلس حقوق الإنسان عام 2006 ليحل محل لجنة حقوق الإنسان التي تعرضت للانتقاد الشديد. وتعتبر المراجعة الدورية الشاملة الأداة الأكثر إبداعاً وطموحاً. فرغم وجود عدد من لجان الخبراء في الأمم المتحدة لمراقبة قضايا حقوق الإنسان مثل التعذيب والعنصرية، فإن هذه اللجان لا تستطيع التدخل سوى في الدول التي توافق على فتح أبوابها للتدقيق. أما المراجعة الدورية فهي شاملة وستقوم بفحص الأوضاع في جميع الدول ال 129 الأعضاء في الأمم المتحدة في دورة مدتها أربع سنوات.

وفي دورته الأولى، قام مجلس حقوق الانسان بمراجعة أوضاع كل من الهند والفلبين وجنوب أفريقيا والمملكة المتحدة وكذلك الجزائر والأرجنتين والبحرين والبرازيل وجمهورية التشيك والإكوادور وفنلندا وإندونيسيا والمغرب وهولندا وبولندا وتونس.

ويعكس تفاوت التقييمات بشكل مباشر رغبة الدول بالمشاركة الكاملة في العملية؛ سواء عبر طرح الأسئلة أو أثناء خضوعها للمراجعة. وقد كانت العملية مثمرة جداً في الحالات التي أبدت فيها الدول انفتاحاً على النقاش ورغبة بالخوض في المواضيع الشائكة. أما عندما أظهرت عكس ذلك، فقد جاءت النقاشات مضللة وبعيدة عن الظروف الحقيقية على الأرض. وبالتالي فإن الدول الملتزمة بحقوق الإنسان تتحمل مسؤولية بذل المزيد من الجهود لضمان جدوى المناقشات.

وأكدت ريفيرو بأن "المراجعة لا تستطيع المساعدة على وضع حد للانتهاكات إلا إذا اضطلعت الدول بمسؤولياتها الجدية بدلاً من الاختباء وراء المجاملات".

للاطلاع على المزيد من تقارير هيومن رايتس ووتش حول مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وعملية المراجعة الدورية الشاملة، يرجى زيارة:
https://www.hrw.org/en/category/topic/united-nations/hrc

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة