Skip to main content

تونس: تأييد إدانات بالمثلية الجنسية

محكمة الاستئناف تُطبّق قانونا يجرم الممارسات المثلية

 

كتابات ثورية على حائط مكتب رئيس الوزراء في تونس العاصمة، ٢٢ يناير/كانون الثاني ٢٠١١  © 2011 فينبار اورايلي/رويترز

 (بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن محكمة استئناف تونسية أقرّت في 28 يوليو/تموز 2020 إدانة رجلين متهمَين بـ "اللواط"، لكنها خفّضت عقوبتهما إلى السَّجن سنة. تتناقض هذه الإدانة مع الحق في الخصوصية وعدم التمييز بموجب القانون الدولي، والذي يكرّسه أيضا الدستور التونسي لعام 2014.

في يونيو/حزيران، اعتقلت الشرطة الرجلين (26 عاما كلاهما) بشبهة السلوك الجنسي المثلي في مدينة الكاف، على بُعد 175 كيلومتر جنوب غرب العاصمة تونس، بعدما اشتكى أحدهما على الآخر بخصوص قرض مستحق. في 6 يونيو/حزيران، حكمت المحكمة الابتدائية في مدينة الكاف على الرجلين بالسجن عامين بتهمة اللواط بموجب الفصل 230 من "المجلة الجزائية" الذي يعاقب السلوك الجنسي المثلي بالتراضي بالسجن ثلاث سنوات. استند قرار المحكمة الأدنى، الذي اطّلعت عليه هيومن رايتس ووتش، إلى "اعترافات" مزعومة للمتهمَين أثناء تحقيق الشرطة في إقامة علاقات مثلية، والتي أنكرها كلاهما أمام تلك المحكمة.

قالت رشا يونس، الباحثة في برنامج حقوق المثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي، ومتغيري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم) في هيومن رايتس ووتش: "إصرار المحكمة على إقرار تُهم اللواط ضد المتهمَين وسجنهما لعام هو ظلم كبير. ينبغي لتونس أن ترتقي إلى مستوى صورتها كحامية للحريات الفردية وتتوقف عن إدانة الناس بموجب الفصل 230، وفي الوقت نفسه العمل بسرعة لإلغاء هذا القانون نهائيا".

قالت حسينة الدراجي، المحامية التي مثّلت الرجلين أمام محكمة الاستئناف، إنها لفتت انتباه المحكمة إلى أقوال المتهمَين بأن الشرطة انتزعت اعترافهما بأنهما مثليَان بالتنمر، والإهانة، والتهديد، وحاولت إقناعهما بالخضوع لفحص شرجي، بزعم اختبار اللواط، الأمر الذي رفضاه. قالت الدراجي خلال المحاكمة إن المتهمَين ناشدوا بتبرئتهما من كل التهم ورفضا المزاعم المتعلقة بتوجههما الجنسية.

قالت الدراجي إنها أكدّت أمام محكمة الاستئناف أن التهم الموجهة إلى المتهمَين تستند فقط إلى أقوالهما أثناء احتجازهما لدى الشرطة، والتي أنكراها لاحقا في المحكمة، قائلة إن الشرطة استخدمت ضغوطا غير لائقة لانتزاعها منهما. قالت إنها حاولت أيضا إقناع المحكمة بأن التهم التي أعلنتها المحكمة الابتدائية تعسفية وتنتهك الدستور التونسي لعام 2014.

قالت الدراجي لـ هيومن رايتس ووتش إنها أبلغت المحكمة أن رفض الرجلين الخضوع لفحص شرجي مكفول بحقهما في الخصوصية والسلامة الجسدية بموجب الدستور التونسي، ويجب ألا يُقبل كدليل في قضيتهما. كما أخبرت الدراجي المحكمة أن الشرطة ميّزت ضد أحد المتهمَين أثناء التحقيق الأولي بالقول إن مظهره يدل على أنه مثلي. لم يُنشر حتى الآن القرار المكتوب وحُجة محكمة الاستئناف في إصدار الحكم.

قالت الدراجي و"دمج"، وهي منظمة لحقوق مجتمع الميم في تونس، إن الرجلين محتجزان في سجن في بن عروس بالقرب من العاصمة. أصدر القاضي المُكلف بالقضية أحكاما قاسية مماثلة في قضايا تتعلق بالمثلية في السنوات الأخيرة. حكم القاضي على ستة طلاب بالسجن ثلاث سنوات بتهم المثلية الجنسية في 2015 في القيروان، وأبعد الطلاب من البلدة لثلاث سنوات من بعد إطلاق سراحهم من السجن.

طالب المتهمان في القضية الحالية محكمة النقض، أعلى محكمة في تونس، بمراجعة إدانتهما. قالت دمج إن هذه هي المرة الأولى التي تصل فيها قضية تتعلق بالمثلية إلى محكمة النقض في البلاد.

خلال جلسة "الاستعراض الدوري الشامل" لتونس في "مجلس حقوق الإنسان التابع لأمم المتحدة" في 2017، قبلت تونس رسميا توصية عدة بلدان لإنهاء فحوصات الشرج القسرية كوسيلة "لإثبات" المثلية الجنسية. لكن قال الوفد التونسي إنه ستُجرى الفحوصات الطبية برضا الشخص وبحضور خبير طبي.

قالت هيومن رايتس ووتش إن هذا النهج لا يعترف بأن الرضا مُهدَّد بشكل كبير حين تستخدم المحكمة رفض الخضوع للفحص كأساس لإدانة المتهمين. [YZ1] كما أن الفحوصات تنتهك الأخلاقيات الطبية وليس لديها أي قيمة علمية أو إثباتية في تأكيد المثلية الجنسية. هذه الفحوصات التي تنتهك الخصوصية والجسد، عندما تكون قسرية، ترقى إلى المعاملة القاسية، واللاإنسانية، والمهينة التي تنتهك القانون الدولي، وأقرت "لجنة مناهضة التعذيب" الأممية بأنها تعذيب.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات التونسية إلغاء إدانة الرجلين فورا والإفراج عنهما. ينبغي للبرلمان التونسي إبطال الفصل 230 من المجلة الجزائية، وعلى وزارة العدل أن توعز إلى المدعين العامين بإسقاط الملاحقة بموجب هذا الفصل وإصدار توجيه للمدّعين بالتوقف عن إحالة المحتجزين للخضوع لفحوص شرجية، سواء بـ "الرضا" أو بدونه، كجزء من إجراءات تحقيق الشرطة لتحديد السلوك الجنسي للمشتبه بهم. ينبغي أن يوجّه وزير الصحة التونسي جميع الأطبّاء الشرعيين العاملين تحت سلطة الوزارة بإنهاء جميع الفحوصات الشرجية لهذه الغايات واحترام حقّ الناس في الكرامة والسلامة الجسديتين.

الملاحقات القضائية للعلاقات الجنسية بالتراضي بين بالغين في أماكن خاصّة تنتهك حقهم في الخصوصية وعدم التمييز الذي يكفله "العهد الدولي الخاصّ بالحقوق المدنية والسياسية" (العهد)، وتونس طرف فيه. أوضحت لجنة حقوق الإنسان الأممية التي تراقب الامتثال للعهد أنّ التوجّه الجنسي محمي من التمييز بموجب العهد. توصل الفريق العامل الأممي المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي إلى أن الاعتقالات بسبب السلوك المثلي بالتراضي بين البالغين هي، بطبيعتها، تعسفية.

قالت يونس: "إدانة محكمة الاستئناف التونسية لهذين الرجلين تنتهك المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، بما فيها الحق في الخصوصية وعدم التمييز الذي يحميه دستور 2014. ينبغي لتونس توجيه رسالة قوية ضد الإدانات التعسفية بموجب قوانين اللواط البالية وإطلاق سراح الرجلين فورا".

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة