Skip to main content

لماذا أضربت نسرين ستوده عن الطعام احتجاجا على ظروف السجن الرهيبة؟

نُشر في: Atlantic Council
المحامية الحقوقية نسرين ستوده والمدافع عن حقوق الإنسان فرهاد ميثمي يحتجان على تعليق ترخيص عمل ستوده أمام مقر نقابة المحامين بطهران، فبراير/شباط 2015. © 2015 خاص

لا تزال المحامية الحقوقية الإيرانية البارزة نسرين ستوده مضربة عن الطعام في سجن إيفين منذ أكثر من شهر للمطالبة بالإفراج عن الأعداد الكبيرة من السجناء السياسيين في البلاد. انضم العديد من النشطاء المسجونين الآخرين إليها في إضرابها عن الطعام.  ستوده والنشطاء الآخرون يخاطرون بحياتهم للفت الانتباه إلى الظروف الخطيرة التي يعيشها السجناء في إيران، في الوقت الذي طغت فيه العقوبات الأمريكية المشددة وتصاعد التوتر مع إيران – بالإضافة إلى تفشي فيروس "كورونا" – بالكامل على مأساة الأشخاص الذين لا يجب أن يكونوا في السجن أصلا.

اعتقلت السلطات ستوده، التي طالما دافعت عن ضحايا انتهاك السلطات الإيرانية لحقوق الإنسان، في يونيو/حزيران 2018 بعد أن بدأت تدافع عن نساء خلعن حجابهن في الأماكن العامة احتجاجا على قوانين فرض الحجاب. في مارس/آذار 2019، أدانتها المحكمة بعدة تهم غامضة تتعلق بالأمن الوطني تصل عقوبتها إلى 38 عاما من السجن إذا ما قُضيت على التوالي. نشرت صحيفة "اعتماد" أن أقصر فترة على ستوده قضاؤها هي 12 عاما.

الحكم على ستوده يشكّل في حد ذاته شاهدا على مدى تعنّت السلطات القضائية الإيرانية في تجريم النشاط السلمي في إيران. بحسب مذكرات المحكمة التي نشرها زوجها على مواقع التواصل الاجتماعي، تضمنت الأدلة على "جرائم" ستوده ضد الأمن الوطني: "نشر بيان مع عدد من الشخصيات البارزة المناهضة للثورة... [و] يدعو إلى استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة"، و"إجراء مقابلات مع وسائل الإعلام الأجنبية وضد الجمهورية الإسلامية "، والمشاركة في ثلاث مظاهرات "غير قانونية" – إحداها نظمتها منظمة المجتمع المدني المحلية "خطوة بخطوة لإنهاء عقوبة الإعدام" (لگام) أمام مكتب الأمم المتحدة في طهران في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017.

الحكم على ستوده هو من أطول الأحكام التي أصدرها القضاء بحق مدافعين حقوقيين في السنوات الأخيرة، وهو جزء من التصعيد العام في التهم ضد المدافعين الحقوقيين وإطالة فترات سجنهم – وثّقتها مجموعات حقوقية.

تنص المادة 134 من قانون العقوبات الإيراني، الذي دخل حيز التنفيذ عام 2014، على أن كل مدعى عليه، في حال أدين بتهم متعددة، يقضي فقط العقوبة الأشد فقط من بين العقوبات. لكن يبدو أن السلطات القضائية والاستخباراتية تسعى منذ البدء في تنفيذ القانون إلى تضخيم عدد التهم ضد النشطاء المعتقلين لضمان أطول فترة سجن ممكنة. يقضي عشرات المساجين فترات سجن بين خمس وعشرة سنوات أو أكثر.

اعتداءات السلطات على النشطاء السلميين ومحاولاتها لإسكاتهم لا تقتصر على هذه الأحكام التعسفية وغير العادلة. بل تتضايق السلطات أيضا أُسرهم عبر فتح قضايا جديدة ضدهم أو نقلهم إلى سجون بعيدة كشكل من أشكال العقاب الجماعي. في 17 أغسطس/آب، بعد أيام من بدء ستوده إضرابها عن الطعام، اعتقلت السلطات التابعة لمكتب المدعي العام لجرائم الأمن الوطني مهرافه (21 عاما)، ابنة ستوده بتهمة "إهانة وضرب" مسؤول في السجن خلال إحدى الزيارات وحققت معها عدة ساعات. قال زوج ستوده إنه يعتقد أن هدف [اعتقال مهرافه] هو الضغط على ستوده وأسرتها وتحويل الانتباه عن إضراب السجناء السياسيين عن الطعام.

السلطات الإيرانية تحرم السجناء أيضا من الحقوق التي يكفلها القانون الإيراني مثل الوصول الملائم إلى الرعاية الصحية والزيارات الأسرية يُلحق ذلك أذى دائم بالذين يحتاجون إلى رعاية صحية حرجة أو أولئك الذين لا يتمكنون من المشاركة في أعراس ومآتم مع عائلاتهم.

في وقت لا يزال فيه تفشي فيروس "كورونا" يجتاح إيران، تشكّل هذه الممارسات تهديدا خطيرا على صحة النشطاء السياسيين. بعد الموجة الأولى من الإصابات بكورونا في أبريل/نيسان، أعلن القضاء الإيراني أنه أفرج مؤقتا أو عفا عن 100 ألف سجين – لم يتمكن مراقبون مستقلون من تأكيد العدد بسبب القيود على المجتمع المدني – وعن تطبيق معايير التباعد الاجتماعي. لكن كان عدد المدافعين الحقوقيين المفرج عنهم قليل جدا.

المعايير التي وضعتها الحكومة دعت إلى الإفراج عن السجناء المحكوم عليهم بأقل من خمس سنوات، ما يستثني مجموعة كبيرة من السجناء السياسيين. ويزيد الأمر خطورة بالنسبة إلى الذين لديهم مشاكل صحية خطيرة، مثل المدافعة الحقوقية البارزة نرجس محمدي التي رفضت السلطات منحها تسريحا طبيا مؤقتا بسبب مرض عصبي خطير يؤدي إلى شلل العضلات.

نشرت "مؤسسة عبد الرحمن برومند" و"وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان" (هرانا) تقريرا في 2 سبتمبر/أيلول يشرح كيف أن وضع السجناء لا يزال مثيرا للقلق رغم بعض تدابير السلامة. يوثق التقرير استمرار اكتظاظ بعض السجون والنقص غير المبرر في الضروريات الأساسية، مثل مستحضرات التنظيف المجانية والمياه الساخنة الضرورية للنظافة الشخصية، وغياب فاضح لإجراءات لتعقيم الدوري في عنابر السجن والمساحات المشتركة.

الناشطة الطلابية السابقة بهاريه هدايات التي أمضت سبع سنوات في السجن بعد الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في 2009، كتبت في 9 أغسطس/آب على حسابها على تويتر "مرّ 19 يوما على مشاركة النزلاء الآخرين مع ستوده المعاناة والمقاومة.. [في هذا السياق] يصبح الإضراب عن الطعام فعل مقاومة جماعي في السجون".

يحاول النشطاء الإيرانيون المسجونون رفع أصواتهم بكل ما تبقى لهم من قوة. أقل ما يمكن أن نفعله هو ترديد مطالبهم ودفع السلطات الإيرانية إلى الإفراج عن أولئك الذين لم يكن يجب أن يُسجنوا في الأصل.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة