Skip to main content

"أقتلوهم، فَهُم قوم لوط"

عنف الشرطة ضدّ مجتمع الميم في تونس

نُشر في: Nawaat
سيف عيّادي، ناشط في مجال حقوق مجتمع الميم في جمعية "دمج"، محاط بمحتجين في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020. ©أحمد زروقي لـ"نواة"

في 6 أكتوبر/تشرين الأول، رفع نشطاء في مجال حقوق المثليين/ات ومزدوجي/ات التوجه الجنسي ومتغيري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم) في تونس أصواتهم ولافتاتهم في الشوارع وسط مئات المتظاهرين سلميّا ضدّ مشروع قانون قد يحدّ كثيرا من المحاسبة الجنائية على استخدام القوّة من قبل قوات الأمن. لكن من المفارقات القاسية أنّ الشرطة هاجمت المتظاهرين، بما في ذلك نشطاء مجتمع الميم، واعتقلتهم تعسفا.

القانون المقترح، إذا اعتُمِد، سيشجع قوات الأمن على استخدام القوة المفرطة، وسيبعث برسالة مقلقة إلى التونسيين، وخاصة الفئات المهمشة المعرّضة بالفعل إلى سوء سلوك الشرطة، مفادها أنهم لن يكونوا محميين من عنف الشرطة.

بالنسبة إلى مجتمع الميم، الذي غالبا ما يُستبعد من حماية الحكومة، يعتبر تمرير هذا القانون مرعبا، وإليكم الأسباب:

في 5 أغسطس/آب، اعتقد أحمد التونسي، وهو رجل عابر جنسيا (ترانس) ومؤسس "جمعية منبوذات - آوت كاستس" (OutCasts) لحقوق الترانس، أنه سينزف حتى الموت في الشارع.

كان التونسي مع نشطاء ترانس آخرين يسيرون قرب السفارة الفرنسية في تونس العاصمة عندما اقترب منهم أعوان شرطة يحرسون السفارة وطلبوا منهم هوياتهم. لما لاحظ الأعوان الاختلاف بين بطاقات الهوية وتعبيرهم الجندري، حصلت مشادة كلامية ثم اعتدوا عليهم بدنيا ولفظيا، بحسب النشطاء.

أخبرني النشطاء أيضا إنهم حاولوا الهروب وهم ملطخون بالدم ويشعرون بالإهانة، لكن عددا إضافيا من أعوان الشرطة جاؤوا إلى هناك وضربوهم، وكانوا يحرّضون المارة على مشاركتهم في ذلك – وهم يشتمونهم ويضربونهم ويسحبونهم من ملابسهم في الشارع.

قال التونسي إن أعوان الشرطة قالوا للمارة: "اقتلوهم، فَهُم قوم لوط".

قال أيضا: "لقد لاحقونا [نحن الأفراد] في الأزقة وضربونا حتى فقدنا الوعي. انتزعوا منا هواتفنا لحذف أدلة الاعتداء علينا، وقالوا: 'سنذبحكم'. شعرت كأن تونس بأكملها كانت تضربنا ذلك اليوم".

عندما حاول الحصول على رعاية طبية في "مستشفى الحبيب ثامر"، مُنع التونسي من العلاج بسبب تعبيره الجندري. قال التونسي إن الطبيب قال له: "أنت حالة خاصة، لا أستطيع علاجك هنا، اذهب إلى مكان آخر".

قال: "كان صدري منتفخا من الضرب، ولم أستطع التنفس، فقد كنت أنزف بغزارة، وبالكاد استطعت البقاء واعيا". عندما ذهب إلى "مستشفى شارل نيكول"، رفض الموظفون قبوله بعد أن اطلعوا على بطاقة هويته، وأحالوه إلى مستشفى النساء، رغم أنه عرّف نفسه على أنه رجل.

نقل نشطاء التونسي إلى "مستشفى وسيلة بورقيبة"، المتخصص في صحّة المرأة. قال لهم التونسي: "أنا أنزف، وسأموت، أرجوكم عالجوني"، غير أن الطبيبة ردّت قائلة: "أنت تبدو رجلا، وهذا مستشفى نساء".

بعد انتظار دام ساعات ونقاش مع الطبيبة، فحصت هذه الأخيرة جروحه، ووقفت حوله سبع ممرضات وهن يسألنه عن هويته الجندرية، وينادينه بضمائر المؤنث. قال التونسي: "سخرن مني. لم يعالجن إصاباتي، ولم يمنحنني تقريرا طبيا".

لجأ النشطاء إلى المحاكم ورفعوا دعوى مطالبين بمحاسبة الشرطة وأعوان السفارة. أخبرني عدة محامين مشاركين في القضية أنّ رئيس المحكمة الابتدائية بتونس رفض طلب مراجعة لقطات الكاميرا قرب السفارة، التي قال المحامون إنها ستثبت دور الشرطة في الاعتداءات. استأنف المحامون في أكتوبر/تشرين الأول وما زالوا ينتظرون قرارا في المسألة.

سيف العيادي، عامل اجتماعي في "دمج"، منظمة تُعنى بحقوق مجتمع الميم في تونس، كان هناك أثناء الاعتداء على النشطاء في أغسطس/آب، وكان ضمن الذين اعتُقلوا تعسفا وضُربوا أثناء مظاهرة أكتوبر/تشرين الأول. حدّثني عن عنف الشرطة المتزايد ضدّ مجتمع الميم في تونس، والمخاطر الكبيرة التي ستصاحب مشروع قانون الإفلات من العقاب.

قال العيادي إنّ دمج قدّمت مساعدة قانونية لأشخاص من مجتمع الميم في مراكز الشرطة في 75 مناسبة في 2020، واستجابت لـ 98 طلب استشارة قانونية. قال لي: "هذه الأرقام أعلى بخمس مرات من الأرقام التي سجلناها في 2019، مما يشير إلى ارتفاع مقلق في اضطهاد مجتمع الميم أثناء تفشي فيروس 'كورونا'".

قال العيادي إن منظمته سجلت بين مارس/آذار وسبتمبر/أيلول 21 حالة عنف ضدّ أشخاص ترانس في أماكن عامة، وعشر حالات تعذيب، وحالتي تنمر من قبل أعوان الأمن ضدّ أشخاص ترانس في منشآت احتجاز. تم أيضا إصدار 12 حكما بالسجن ضدّ أشخاص ترانس ورجال مثليين بموجب الفصول 230، و226، و125 من "المجلة الجزائية"، التي تجرم على التوالي "اللواط" و"التجاهر عمدا بفحش" و"هضم جانب موظف عمومي".

لا يوفر القانون التونسي مسارا واضحا يُمكن اللجوء إليه للاعتراف القانوني بالنوع الاجتماعي للأشخاص الترانس، الذين يواجهون تمييزا منهجيا يتفاقم بسبب الاختلاف القائم بين وثائقهم الرسمية وتعبيرهم الجندري.

قالت لي أمل العياري، مدافعة بارزة عن حقوق المرأة ومجتمع الميم في تونس: "تونس تعتبر بلدا تُحترم فيه الحقوق والحريات، غير أن هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق المواطنين تُبرز أن هذا الخطاب مجرد شعارات، ومحاولة لتلميع صورة تونس في العالم".

بدلا من منح مزيد من السلطة للشرطة، يتعين على الحكومة التونسية إلغاء تجريم السلوك الجنسي المثلي وحماية مجتمع الميم من التمييز وعنف الشرطة. مشروع القانون رقم 25/2015 خطوة مخزية إلى الوراء، وينبغي ألا يمرّ.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة