Skip to main content

السعودية: محكمة قضايا الإرهاب تستعجل في المحاكمة الجائرة لناشطة

التهم متعلقة حصرا بالنشاط السلمي من أجل حقوق المرأة

لجين الهذلول، الناشطة البارزة في مجال حقوق المرأة، أضربت عن الطعام لمدة ستة أيام قبل أن تسمح السلطات السعودية في نهاية المطاف لوالديها بزيارتها، بحسب أحد أفراد الأسرة. قبل ذلك، أمضت الهذلول ثلاثة أشهر تقريبا في الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي.  © خاص

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إنّ السلطات السعودية تستعجل في المحاكمة المغلقة للجين الهذلول، الناشطة البارزة في مجال حقوق المرأة.

في مارس/آذار 2019، وجّه المدّعون أساسا للهذلول (31 عاما) تهما متعلّقة حصرا بمناصرتها لحقوق الإنسان لكنّ السلطات علّقت بشكل غير رسمي محاكمتها في المحكمة الجزائية العادية لأكثر من سنة ونصف. عدّلت السلطات بعد ذلك لائحة الاتهام وأحالت قضيتها في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2020 إلى محكمة متخصصّة في التعامل مع قضايا الإرهاب. تقبع الهذلول في الاحتجاز منذ اعتقالها في مايو/أيار 2018 وتواجه تهما تصل عقوبتها المحتملة إلى السجن 20 عاما.

قال آدم كوغل، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تقبع لجين الهذلول في السجن منذ نحو ثلاثة أعوام، لكن مع تحوّل الاهتمام عن استضافة السعودية لقمّة ’مجموعة العشرين‘ الافتراضية، تستعجل السلطات في إجراءات محاكمتها الظالمة. تحاول السلطات السعودية وصم لجين علنا بأنّها ’جاسوسة‘، لا بل أسوأ. لكن لا يمكن لأيّ قدر من التضليل أن يُخفي الحقيقة البشعة خلف الإجراءات القانونية المثيرة للسخرية".

افتتحت المحكمة الجزائية المتخصّصة، التي غالبا ما تُصدر أحكام سجن طويلة بحقّ النشطاء الحقوقيين  بعد محاكمات جائرة للغاية، قضية الهذلول في 10 ديسمبر/كانون الأول، وهو "اليوم الدولي لحقوق الإنسان". سبق أن أقامت ثلاث جلسات استماع، ما أثار مخاوف من أن تختصر المحكمة الإجراءات القانونية في بضعة أسابيع. أصدرت السلطات السعودية مرارا بيانات كاذبة اتهمت فيها الهذلول بالتجسّس أو بتهم متعلّقة بالأمن الوطني. لكن تبقى التهم بحقّها في لائحة التهم المعدّلة مرتبطة كليا بنشاطها السلمي في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك تعزيز حقوق المرأة والمطالبة بإنهاء نظام ولاية الرجل التمييزي في السعودية. 

شملت التهم الموجّهة للهذلول في 10 ديسمبر/كانون الأول مشاركة معلومات عن حقوق المرأة في السعودية مع صحفيين في المملكة، ونشطاء سعوديين في الخارج، ودبلوماسيين، وهيئات دولية، ومنظمات حقوقية. ضمّت التهم أيضا "استغلال" احتجازها السابق في أواخر 2014 عندما ذكرته عند تقدمها لوظيفة لدى "الأمم المتحدة"، ومحاولتها تقديم الدعم النفسي للأشخاص الذين يُعتبرون "معادين" للدولة، وعدم تشكيل التدابير المتخذة ضدّها سابقا رادعا لها.

تشبه التهم و "الأدلّة" المقدّمة ضدّها تلك التي وُجّهت إليها في المحكمة الجزائية بالرياض في مارس/آذار 2019. لكن، أُزيلت الإشارة إلى اتصالها بدبلوماسيين أوروبيين محدّدين، بمَن فيهم موظفين في السفارتين البريطانية والهولندية وموظف في "الاتحاد الأوروبي"، بينما أُضيفت تهم بمخالفة أحكام نظام مكافحة الإرهاب في البلاد.

نشر أفراد من أسرتها مقارنة بين لائحتيّ التهم على الإنترنت. لا تزال اللائحة المحدّثة تشمل اعترافا من الهذلول بأنّها اتّصلت بأعضاء في سفارات أوروبية "لم تتذكّر أسماءهم". قالت العائلة إنّ السلطات غيّرت اعتباطيا لائحة الاتهام الأصلية من دون إشعار الهذلول بالطريقة المناسبة.

يقول أفراد الأسرة أنّ طلب إحالة قضيتها إلى المحكمة الجزائية المتخصّصة جزء من استراتيجية متعمّدة لوصم الهذلول بارتكاب مخالفات تهدّد "الأمن الوطني"، بما يتطابق مع تعليقات سابقة لولي العهد محمد بن سلمان ومسؤولين آخرين، بما فيها تلقّي أموال من حكومات معادية للسعودية.

تذكر إحدى التهم أنّ الهذلول تلقّت "دعما ماديا"، لكن توضح أنّ الدعم جاء من "منظمة أجنبية لزيارة منظمات حقوقية وحضور مؤتمرات وندوات للتحدّث عن وضع المرأة السعودية". كان الدليل الذي قُدّم لدعم هذا الادعاء اعتراف الهذلول نفسها بأنّ منظمة حقوقية فرنسية زودّتها بتذاكر السفر، والإقامة، ومبلغ 50 يورو في اليوم لأخذ دورة حول الأمن السيبراني في إسبانيا.

أرفقت النيابة العامة التي ترفع تقاريرها مباشرة إلى الملك قائمة بالمطالب المعدّلة بلائحة الاتهام المحدّثة، سعيا منها إلى إنزال أقصى العقوبات بالهذلول استنادا إلى المادّتين 38 و43 من نظام مكافحة الإرهاب المسيء في السعودية. كلا المادّتان فضفاضتان، وتجرّمان الاتصال بـ "كيانات إرهابية"، وتصل عقوباتهما إلى 20 عاما في السجن.

قال كوغل: "بما أنّ المزاعم تقتصر فقط على أن لجين الهذلول تواصلت مع نشطاء حقوقيين سعوديين يعيشون في الخارج، وصحفيين أجانب في السعودية، ودبلوماسيين أوروبيين، وهيئات ومنظمات حقوقية دولية، لا يمكن الاستنتاج من لائحة الاتهام سوى أنّ الدولة السعودية تعتبر جميع هؤلاء الأفراد وهذه الكيانات إرهابية. طبقا لهذا المعيار، يمكن اعتبار نصف القيادة السعودية على تواصل مع ’إرهابيين‘".

اعتقلت السلطات السعودية الهذلول إلى جانب غيرها من الناشطات السعوديات البارزات في مجال حقوق المرأة في مايو/أيار 2018، مسجّلة بداية القمع التام لحركة حقوق المرأة في السعودية. خلال الأشهر الثلاثة الأولى، احتجزتها السلطات بمعزل عن العالم الخارجي، من دون إمكانية الاتصال بعائلتها ومحاميها. في منتصف 2020، احتجزت السلطات الهذلول مرّة أخرى لمدّة ثلاثة أشهر بمعزل عن العالم الخارجي، ما دفعها إلى الإضراب عن الطعام لأسبوعين في أكتوبر/تشرين الأول، في إضرابها الثاني منذ اعتقالها. دام اضرابها الأول عن الطعام في أواخر أغسطس/آب 2020 ستة أيام.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بدأت منظمات حقوقية تبلغ عن اتهامات بأنّ المحقّقين السعوديين عذّبوا الهذلول وثلاث نساء أخريات محتجزات على الأقلّ، بما في ذلك من خلال الصدمات الكهربائية والجَلد والمضايقة الجنسية.

يعتمد "الدليل" الآخر المذكور في لائحة الاتهام ضدّ الهذلول بشكل كبير على اعترافها والتصريحات التي أدلت بها خلال استجواباتها. في هذه التصريحات، "اعترفت" فعليا بالقيام بأفعال تعزّز حقوق المرأة في السعودية، ومناصرة المحتجزات ظلما قبلها، والتحدّث إلى صحفيين ودبلوماسيين وممثلين عن منظمات حقوقية دولية، والحديث علنا عن تجاربها السابقة في الاحتجاز السعودي.

بحسب أفراد من أسرتها، في 14 ديسمبر/كانون الأول، وخلال مثول الهذلول الثاني أمام المحكمة الجزائية المتخصّصة، أبرزت النيابة العامة كدليل ضدّها تغريدات عن مشاركتها في حملة "من حقي أسوق" (#Women2Drive ) ، وتواصلها مع "العفو الدولية" للتحدّث عن قمع النشطاء في البلاد، بالإضافة إلى تسجيلات صوتية للهذلول وهي تتكلّم عن نظام ولاية الرجل.

وصف خبراء أمميون التهم ضدّ الهذلول بـ "الزائفة" وناشدوا الحكومة بالإفراج عنها.

قالت إليزابيث برودريك، رئيسة الفريق العامل المعني بالتمييز ضد النساء والفتيات التابع للأمم المتحدة، في 10 ديسمبر/كانون الأول: "نحثّ الحكومة على إنهاء احتجاز الآنسة الهذلول وسائر المدافعات عن حقوق المرأة، وإجراء تحقيق محايد ومستقلّ بشأن مزاعم التعذيب في السجن. لا يجوز بتاتا اعتبار الدفاع عن حقوق الإنسان تهديدا للأمن القومي".

من المقرّر إقامة جلسة استماع رابعة ستكون الأخيرة على الأرجح في 21 ديسمبر/كانون الأول، لكنّ أفراد الأسرة قالوا في 16 ديسمبر/كان الأول إنّهم تلقّوا رسالة من المحكمة تعلمهم بحصول جلسة استماع أخرى في 17 ديسمبر/كانون الأول لكن في المحكمة الجزائية العادية من جديد، ما أثار المزيد من الارتباك والشكّ حول قضية الهذلول.

قال كوغل: "ينبغي أن تُفرج السعودية فورا عن لجين الهذلول وتُسقط جميع التهم ضدّها وضدّ سائر النشطاء الحقوقيين المحتجزين فقط لمناصرتهم حقوق الإنسان. على المجتمع الدولي توجيه نداءات عاجلة للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع نشطاء حقوق المرأة المحتجزين بسبب نشاطهم".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة