Skip to main content

السعودية: سَجن مشجعي كرة القدم بسبب هتافات

12 شخصا يواجهون الغرامة والسجن من ستة أشهر إلى سنة

لاعبو "إنتر ميلان" يرفعون الكأس للاحتفال بالفوز بـ "كأس السوبر" الإيطالية لكرة القدم في ستاد "مدينة الملك فهد الرياضية" في الرياض، 18 يناير/كانون الثاني 2023. © 2023 فايز نور الدين/أ ف ب عبر غيتي إيمجز

(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن محكمة سعودية حكمت في 27 مارس/آذار 2024 على 12 مشجعا لكرة القدم بالسَّجن بين ستة أشهر وسنة لهتافاتهم السلمية خلال مباراة كرة قدم في يناير/كانون الثاني. ينبغي للسلطات السعودية إلغاء هذا الحكم فورا لاستناده فقط إلى التعبير السلمي للمشجعين المتحمسين.

استدعت الشرطة السعودية المشجعين واعتقلتهم بعد انتشار فيديو لهم على وسائل التواصل يرددون فيه أناشيد دينية شيعية خلال مباراة. حكمت المحكمة الجزائية السعودية بالدمام على مشجعَيْن بالسَّجن سنة وغرامة 10 آلاف ريال سعودي (حوالي 2,666 دولار أمريكي)، وعلى البقية بالسَّجن سنة، منها ستة أشهر مع وقف التنفيذ، وغرامة 5,000 ريال (حوالي 1,333 دولار). السعودية هي الدولة الوحيدة التي تقدمت بطلب استضافة كأس العالم لكرة القدم للرجال 2034.

قالت جوي شيا، باحثة السعودية في هيومن رايتس ووتش: "يُضاف سَجن مشجعي كرة القدم بسبب هتافاتهم في مباراة إلى الأسباب التي تجعل تلاعب الفيفا لتكون السعودية المتقدم الوحيد لاستضافة كأس العالم 2034 ليس محرجا فحسب، بل خطيرا أيضا. كيف يمكن لمشجعي الكرة الشعور بالأمان في السعودية إذا كان يمكن بسهولة الحكم عليهم بالسَّجن لمجرد أن هتافاتهم لا تعجب الحكومة؟"

في 24 يناير/كانون الثاني، خلال مباراة لكرة قدم بين ناديَي "الصفا" و"البكيرية" في المنطقة الشرقية في السعودية، مكان تركّز الأقلية الشيعية في البلاد، تم تصوير مجموعة من مشجعي الصفا وهم يرددون بسلمية نشيدا دينيا شيعيا يحتفل بميلاد الإمام علي، الذي يعتبره المسلمون الشيعة الإمام الأول. لطالما عانت الأقلية الشيعية في المملكة من التمييز المنهجي وخطابات الكراهية والعنف على يد الحكومة.

بحسب مصدر مطلع على القضية، في الأيام التي تلت المباراة، استدعت شرطة القطيف أكثر من 150 مشجعا لاستجوابهم وأطلقت سراح أغلبهم. احتجزت 12 شخصا بدايةً في سجن القطيف، ثم في السجن العام بالدمام.

في وثائق المحكمة التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش، بما فيها قائمة الاتهامات، خلص تحقيق الشرطة إلى طلب الادعاء على المتهمين بموجب المادة 6 من "نظام مكافحة جرائم المعلوماتية" السعودي لسنة 2007 سيئ الصيت.

كانت التهمة المطلوبة لاثنين من المتهمين "إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي"، في حين كانت التهمة الأخرى الموجهة إلى المتهمين الـ12 جميعا "الإضرار بالنظام العام عن طريق إذكاء روح التعصّب الطائفي من خلال تمرير المحتوى الطائفي في أماكن التجمّعات العامّة"؛ و"الإخلال بالوحدة الوطنيّة". تنص المادة 6 من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية على عقوبات تصل إلى السَّجن خمس سنوات وغرامة تصل إلى 3 ملايين ريال سعودي (حوالي 800 ألف دولار).

في 3 فبراير/شباط الماضي، أعلنت وزارة الرياضة السعودية حلّ مجلس إدارة نادي الصفا لمخالفاته "اللائحة الأساسية للأندية الرياضية" السعودية. تسمح اللائحة الأساسية لوزارة الرياضة بحل مجلس إدارة نادٍ إذا "ارتكب... ممارسات أو أعمالا تتنافى مع النظام العام أو الآداب العامة أو الأنظمة المعتبرة". ثم عيّنت وزارة الرياضة أحمد محمد السادة للإشراف على النادي.

في 4 فبراير/شباط، خلصت "لجنة الانضباط والأخلاق" في "الاتحاد السعودي لكرة القدم" إلى أن مشجعي نادي الصفا انتهكوا لوائح الانضباط والأخلاق الخاصة بالاتحاد وفرضت غرامة على النادي مقدارها 200 ألف ريال سعودي (حوالي 53,325 دولار). كما منع الحُكم الجمهور من حضور المباريات الخمس المقبلة لنادي الصفا على أرضه.

أنفقت الحكومة السعودية مليارات الدولارات لاستضافة الأحداث الرياضية الكبرى، كاستراتيجية متعمدة على ما يبدو لصرف الانتباه عن صورة البلاد كمنتهِكة لحقوق الإنسان على نطاق واسع، واستثمرت مبالغ فلكية في كرة القدم. في أكتوبر/تشرين الأول 2021، أعلن "الدوري الإنغليزي الممتاز" عن بيع "نيوكاسل يونايتد" لمجموعة تجارية بقيادة "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي، وهو كيان تسيطر عليه الحكومة وضالع في انتهاكات حقوقية خطيرة.

في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أصبحت السعودية "المرشحة الوحيدة" لاستضافة كأس العالم للرجال 2034 مع انسحاب أستراليا، الدولة الوحيدة التي لديها عرض منافس محتمل. سيصادق الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الهيئة الدولية الناظمة لكرة القدم، على منح كأس العالم في اجتماع في العام 2024، لكن النتيجة ستكون أكيدة مع وجود مرشح واحد فقط. استضافت السعودية مؤخرا كأس العالم للأندية للرجال، وكأسَيْ "السوبر" الإسباني والإيطالي لكرة القدم.

لطالما وثّقت هيومن رايتس ووتش تحريض بعض رجال الدين والمؤسسات التابعة للدولة السعودية على الكراهية والتمييز ضد الأقلية الشيعية في البلاد. حاول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان فتح صفحة جديدة مع الأقلية الشيعية السعودية بطرق شملت تحييد المؤسسة الدينية التي كانت قوية في عهد مضى، وإجراء تغييرات في المناهج الدراسية 2018-2019 لإزالة بعض الصور والخطابات المعادية للشيعة. لكن لم تتغير بعض أسوأ الانتهاكات بحق المواطنين الشيعة وقدرتهم على ممارسة شعائرهم الدينية.

قالت شيا: "ينبغي لأي مؤسسة رياضية أو موسيقي أو فنان عالمي أن يتساءلوا جديا قبل تقديم عروضهم في السعودية: هل من الممكن أن يُعتقل معجبوهم إذا هتفوا بشيء لا يروق للحكومة؟"

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة