فقدت كل شئ

تدمير إسرائيل للممتلكات بشكل غير قانوني أثناء عملية الرصاص المصبوب

تدمير إسرائيل للممتلكات بشكل غير قانوني أثناء عملية الرصاص المصبوب

الملخص
التوصيات
إلى الحكومة الإسرائيلية
إلى الحكومة الأميركية
إلى الاتحاد الأوروبي
إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان
إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة
إلى الأمين العام للأمم المتحدة
إلى مجلس الأمن
منهج التقرير
تدمير الممتلكات أثناء النزاع
عزبة عبد ربه والمناطق الصناعية المجاورة
المناطق الصناعية
الزيتون
غرب بيت لاهيا
خزاعة والشوكة والفخاري
خزاعة
الشوكة
منطقة الفخاري
الالتزامات القانونية الدولية وتدمير الممتلكات
حصار غزة والتزامات إسرائيل بموجب قوانين الاحتلال
شكر وتنويه
ملحق 1: رسالة هيومن رايتس ووتش إلى جيش الدفاع الإسرائيلي
ملحق 2: رد جيش الدفاع الإسرائيلي

 

الملخص

 

يوثق هذا التقرير 12 واقعة للتدمير غير القانوني لممتلكات المدنيين من قبل قوات جيش الدفاع الإسرائيلي في قطاع غزة أثناء عملية الرصاص المصبوب، من 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 إلى 18 يناير/كانون الثاني 2009. هذه الوقائع تعرض أمثلة تسببتفيها القوات الإسرائيلية في تدمير موسع للمنازل والمصانع والمزارع والصوبات الزراعية في مناطق خاضعة لسيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي دون أي دليل على وجود غرض عسكري من الهجمات. هذه الوقائع وقعت في أوقات لم يكن فيها قتال مشتعل في المناطق المستهدفة، وفي حالات كثيرة، تم إلحاق الدمار أثناء الأيام الأخيرة من الحملة، عندما أصبح انسحاب القوات الإسرائيلية وشيكاً.

في الوقائع الموثقة بهذا التقرير، خرق جيش الدفاع الإسرائيلي الحظر بموجب القانون الإنساني الدولي – قوانين الحرب – على تدمير الأعيان المدنية عمداً باستثناء الحالات الضرورية التي تقتضيها أسباب عسكرية مشروعة، مع مراعاة كون الدمار اللاحق بالمدنيين لا يفوق حدود التناسب. ولا يتناول التقرير الأضرار اللاحقة بالممتلكات المدنية، أو الدمار أثناء فترات القتال المتبادل، فمثل أعمال التدمير هذه قد تكون قانونية أو غير قانونية، حسب الظروف في كل حالة على حدة.

يتضح من الأدلة المتوفرة أن الدمار الحادث في كل من الوقائع الاثني عشرة الموثقة في هذا التقرير، تم تنفيذه على يد جيش الدفاع الإسرائيلي سواء لأسباب عقابية أو لأسباب غير قانونية. وقد خلصت هيومن رايتس ووتش – بناء على زيارات للمواقع ومقابلات مع عدد كبير من شهود العيان وفحص الأدلة المادية – إلى أنه لم تكن هنالك أعمال قتال في المنطقة وقت حدوث الدمار. وفي سبع وقائع، كانت صور القمر الصناعي وقت القتال متوفرة، وهناك شهادات كثيرة تم التوثق منها، تفيد بأن أعداداً كبيرة من البنايات والأعيان قد دُمرت قبل إعلان إسرائيل بقليل وقف إطلاق النار وسحب قواتها من القطاع.

وثمة عاملان هامان للغاية على صلة بالأثر القائم لهذا الدمار في الوقت الحالي، بعد 15 شهراً من انتهاء القتال.

أولاً، الحصار الإسرائيلي الشامل على قطاع غزة المفروض منذ يونيو/حزيران 2007، منع إعادة بناء الممتلكات الخاصة والبنية التحتية العامة بعد النزاع. ويستمر الحصار في التأثير على حياة السكان المدنيين، ومنهم من تم توثيق خسائرهم في هذا التقرير. وذكر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في أواخر مارس/آذار 2010 إلى أن إسرائيل سمحت بتوريد الإسمنت لعدة مشروعات إعادة بناء وإصلاح، ومنها 151 وحدة سكنية، لكن هذه الواردات لا تفي إلا "بما هو أقل بكثير من 1 في المائة من احتياجات المأوى وحده" واستمرت إسرائيل في التضييق على ومنع دخول العديد من السلع الأساسية، منها المواد المطلوبة لإعادة البناء. وأفادت وسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية في مارس/آذار بأن الكثير من السلع التي دخلت غزة عبر أنفاق التهريب تحت الحدود الجنوبية للقطاع مع مصر، وأن الكثير من المباني المتضررة قد أعيد إصلاحها جزئياً على الأقل بالطوب المصنوع من الإسمنت المُهرّب وركام الخرسانة المعاد تصنيعه. إلا أنه في مناطق القطاع التي تقع فيها أغلب المنازل المدمرة أثناء النزاع في ديسمبر/كانون الأول 2008 ويناير/كانون الثاني 2009 – ومنها مناطق يتناولها التقرير – فلا توجد فعلياً أية أعمال إعادة بناء تُذكر للبنايات المُدمّرة، مما يشير إلى أن كلفة مواد البناء تحت الحصار ما زالت باهظة لدرجة تحول دون استيرادها، بالنسبة لسكان غزة، الذين يعيش أكثر من ثلاثة أرباعهم تحت خط الفقر (حسب المعايير الدولية). ذلك الفقر هو في العادة ثمرة الحصار أو الذي  تفاقم بسبب الحصار. ويصر المسؤولون الإسرائيليون على أن الحصار – الذي أدى لتدهور الأوضاع الإنسانية المتدهورة حتى قبل عملية الرصاص المصبوب – سيستمر تطبيقه إلى أن تفرج حماس عن السرجنت جلعاد شاليط، الجندي الإسرائيلي المأسور في يونيو/حزيران 2006، وحتى تنبذ العنف وتفي بالشروط السياسية الأخرى. الحصار – الذي تدعمه مصر من حدودها في رفح مع غزة – يرقى لكونه أحد أشكال العقاب الجماعي لسكان غزة المدنيين البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة، في خرق للقانون الدولي.

ثانياً، الخطوات غير الكافية التي اتخذتها إسرائيل للتحقيق في مزاعم انتهاكات قوانين الحرب المرتكبة أثناء عملية الرصاص المصبوب وتقديم الجناة للعدالة، تفاقم من الانتهاكات الموثقة في هذا التقرير. فحتى مارس/آذار، كانت الشرطة العسكرية الإسرائيلية قد فتحت 36 تحقيقاً جنائياً، شملت مقابلات مع شهود فلسطينيين، تمخضت عن الحكم على جندي واحد سرق بطاقة ائتمان، وإدانة اثنين آخرين جراء تعريضهما حياة طفل للخطر لدى نقطة تفتيش. وفتح جيش الدفاع الإسرائيلي عدداً كبيراً من "الاستجوابات العملياتية" العسكرية، وعدة تحقيقات أوسع مجالاً، منها تحقيق ركز على قضية تدمير الممتلكات، لكن أي من هذه التحقيقات لم تشمل الاستماع لشهادة الشهود أو الضحايا الفلسطينيين. وقام الجيش بتأديب أربعة جنود وقادة، أحدهم بتهمة تدمير الممتلكات، لكن لم يكشف الجيش إلا عن معلومات جزئية لنتائج التحقيقات. والملحوظ أن إسرائيل لم تجر تحقيقات مستفيضة أونزيهة فيما إذا كانت القرارات السياسية التي قررها كبار رجال السياسة والجيش من صناع القرار ومنها القرارات السابقة على العملية العسكرية، قد أدت لخرق قوانين الحرب، كما في حالة تدمير ممتلكات المدنيين. (لا تعرف هيومن رايتس ووتش بأي خطوات جدية من قبل سلطات حماس لضمان المساءلة على الانتهاكات الجسيمة، وقد صدر تقرير لحماس في يناير/كانون الثاني يزعم تبرئة الجماعات الفلسطينية المسلحة من خرق قوانين الحرب، وهو ما جاء بشكل تعوزه المصداقية).

تحظر قوانين الحرب الهجمات على الأعيان المدنية، وتشمل المنازل والمصانع، ما لم تكن أهدافاً عسكرية واضحة. والأهداف العسكرية هي أي شيء يمنح قوات العدو ميزة عسكرية أكيدة في ظل الظروف المهيمنة على اللحظة. ومن ثم، فرغم أن المنازل السكنية يُفترض كونها أعيان مدنية، فإن استخدام مقاتلي العدو لها للانتشار أو تخزين الأسلحة أو في حالة استخدامها كغطاء لقوات العدو المتقدمة للخطوط الأمامية، فهي تصبح في عداد الأهداف العسكرية يمكن مهاجمتها وتدميرها. وحتى العين المدنية غير المشغولة قد تصبح هدفاً عسكرياً – مثل المنزل الذي يحجب خط النار إلى موقع للعدو – ويمكن قانوناً مهاجمتها طالما أن تدميرها لا يمكن اعتباره إلى درجة معقولة مما يسبب الضرر بشكل غير متناسب مع المكسب العسكري المتوقع. وبموجب اتفاقية جنيف الرابعة، المطبقة أثناء عمليات الاحتلال، فإن التدمير الموسع للمتلكات "إذا تم بشكل غير قانوني أو تعسفي" دون مبرر من ضرورة عسكرية، هو خرق جسيم لاتفاقيات جنيف، ويمكن النظر فيه قضائياً بصفته جريمة حرب.

يتناول هذا التقرير وقائع تدمير يظهر فيها بوضوح ما يؤكد على وجود خروقات لقوانين الحرب في حظرها للتدمير التعسفي. ولا يوثق هذا التقرير بالضرورة جميع الوقائع الخاصة بالتدمير غير القانوني للممتلكات، فأبحاثنا محدودة بسبب المعوقات العملية من حيث الوقت والموارد اللازمة. من ثم فقد بحثت هيومن رايتس ووتش في حالات لتدمير الممتلكات يبدو أنها يصعب تبريرها على نحو استثنائي، مثلما هو الحال عندما تكون القوات الإسرائيلية مسيطرة على منطقة ما ولا ينشط فيها قتال ثم يتم تدمير أحد الممتلكات دون أي مبرر عسكري قانوني.  وقد تعمدنا عدم التحقيق في الحوادث التي لم يكن الدمار فيها موسعاً، أو التي يُظهر فيها أدنى دليل على احتمال تدمير إسرائيل للبناية المعنية لمبرر عسكري ما، أو بناء على معلومات خاطئة، أو نتيجة للقتال في المنطقة المجاورة للبناية. وبالمثل، فنحن لم نحقق في الحالات التي ربما كانت فيها البناية المعنية مستخدمة من قبل حماس لتخزين الذخائر أو المعدات العسكرية أو لنصب كمائن، أو عندما تم تدمير البناية للسماح بتحرك القوات الإسرائيلية لأن الطرق المجاورة كانت إما مُلغّمة أو لا يمكن العبور منها.

وبسبب قلة عدد الوقائع الموثقة، فلا يمكننا الزعم بأن الحالات التي يوثقها التقرير عينة من نمط أوسع، بل إننا نتناولها من منطلق أنها في حد ذاتها وقائع جسيمة. ومطلوب المزيد من التحقيق والتوثيق من أجل التوصل للجزم بما إذا كانت هذه ممارسة أو سياسة موسعة.

التدمير الموسع غير الضروري

وثقت هيومن رايتس ووتش التدمير الكامل لـ 189 بناية، منها 11 مصنعاً و8 مخازن و170 بناية سكنية، مما خلّف نحو 971 شخصاً بلا مأوى. الحوادث الـ 12 الموثقة في هذا التقرير هي نحو 5 في المائة فقط من المنازل والمصانع والمخازن المُدمّرة في غزة أثناء النزاع. وبشكل مجمل، فإن نحو 3540 منزلاً و268 مصنعاً ومخزناً، وكذلك مدارس وعربات وآبار مياه وبنية تحتية عامة وصوبات زراعية وأراض زراعية واسعة، قد لحق بها الدمار، ولحق الضرر البالغ بـ 2870 منزلاً. نتائجنا حول عدم مشروعية تدمير الأعيان تقتصر على الوقائع التي حققنا فيها بشكل متعمق. وعلى إسرائيل أن تحقق بشكل مستفيض في هذه الوقائع – على أن ينظر التحقيق في مشروعية أو عدم مشروعية جميع القرارات السياسية المحيطة بالوضع – ومعاقبة من تتبين مسؤوليته.

وقد اضطر سكان الأحياء التي حققنا فيها للفرار أو أنهم تلقوا أوامر بمغادرة منازلهم من قبل القوات الإسرائيلية، ثم عادوا بعد انتهاء الحرب ليجدوا منازلهم المتضررة إلى حد ما فيما سبق أو التي لم يكن فيها أي عيب، وقد دُمرت تماماً، مع تحطيم سياراتهم تحطيماً. وفي هذه الحالات، فإن جميع الدلائل تشير إلى أن القوات الإسرائيلية هي التي قامت بأعمال التدمير. وفي الحالات التي فحصناها في أحياء عزبة عبد ربه والزيتون وخزاعة، فإن كل منزل ومصنع وبستان تقريباً في المنطقة قد دُمر بالكامل في بعض المناطق بتلك الأحياء، مما يشير بوضوح إلى وجود خطة للتدمير الممنهج نُفذت في هذه المواقع.

المرافق الصناعية المُدمرة التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش تشمل طاحونة ومصانع عصائر وبسكويت، وسبع مصانع خرسانة. في جميع مصانع الخرسانة التي فحصناها، دمرت الدبابات أو الجرافات العسكرية أو ألحقت الأضرار الجسيمة بكل شاحنة من شاحنات خلط الخرسانة، وكل شاحنات ضخ الإسمنت وغيرها من العربات المتوقفة بالمكان. وكما لاحظنا، فأثناء عملية الرصاص المصبوب، كان بإمكان إسرائيل قانوناً أن تهاجم الأعيان المدنية فقط في حالة إذا كانت تسهم بشكل فعال في الأعمال العسكرية للجماعات الفلسطينية المسلحة وإن كان تدميرها يمنح ميزة عسكرية أكيدة في ذلك التوقيت. على سبيل المثال، إذا استخدمت الجماعات المسلحة مصانع الخرسانة أثناء القتال وكانت تستعين بالخرسانة المنتجة في بناء أو إصلاح الأغراض العسكرية مثل الدُشم، فإن هذه المصانع تعتبر إذن هدفاً عسكرياً مشروعاً للهجمات العسكرية. لكن مصانع خرسانة غزة لم تكن قادرة على العمل بالمرة أثناء أو قبل الحرب، لأن الإسمنت كان قد نفد منها، وهو الواجب استيراده  لعدم القدرة على إنتاجه. ولا توجد أدلة على أن أي من مصانع الإسمنت والخرسانة في غزة قد أسهمت في الجهود الحربية للجماعات الفلسطينية المسلحة أثناء القتال.

وصور القمر الصناعي المُلتقطة من الحين للآخر أثناء النزاع تُظهر أن القوات الإسرائيلية دمرت في عدة أحياء ممتلكات في مناطق كانت قد سيطرت عليها بالفعل، وقبل انسحابها من قطاع غزة مباشرة في 18 يناير/كانون الثاني. في عزبة عبد ربه، تُظهر صور القمر الصناعي أن 11 مبنى فقط قد تم تدُميره أو لحق به الضرر أثناء الفترة من 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 إلى 6 يناير/كانون الثاني 2009، لكن 330 بناية دُمرت ولحق بها ضرر جسيم في الفترة من 6 إلى 19 يناير/كانون الثاني، أي ثلاثة أضعاف كم الدمار الواقع بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي كما هو واضح على المنطقة. وفي حي الزيتون، تُظهر صور القمر الصناعي أن 43 في المائة من المباني والصوبات الزراعية المدمرة قد دُمرت أثناء آخر ستة أيام من الحرب. هذه الأدلة تتسق مع روايات الشهود بأن الدمار الموسع وقع بعد سيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي على المنطقة وبعد توقف القتال فيها.

وقد أجرى جيش الدفاع الإسرائيلي تحقيقاً داخلياً انتهى في أبريل/نيسان 2009 (لم يفحص الحوادث الفردية أو شهادات الشهود الفلسطينيين أو النظر لحجم الدمار)، وخلص إلى "تأكيد أنه رغم الضرر الجسيم نسبياً للممتلكات الخاصة" في غزة، فإن تدمير جيش الدفاع للأعيان المدنية كان قانونياً لأن حماس استخدمت البنية التحتية المدنية في أغراض عسكرية، بانتشار عناصرها من المقاتلين فيها، والأسلحة والكمائن وحفر الأنفاق في المنازل والمصانع والمساجد. وذكر وزير الخارجية الإسرائيلي في يوليو/تموز 2009 أن "قوات الجيش الإسرائيلي دمرت البنايات التي هددت قواتها وكان من اللازم إزالتها"، ومنها (1) المنازل التي استخدمتها حماس لأغراض عسكرية أثناء القتال، (2) البنايات الأخرى "التي استخدمتها حماس في أنشطة إرهابية"، (3) البنايات التي كان تدميرها الكلي أو الجزئي ضروري لأغراض عسكرية، مثل تحركات القوات. (4) "العناصر الزراعية" المستخدمة كغطاء على أنفاق حماس وبنيتها التحتية، و(5) البنايات المجاورة للسياج الأمني بين غزة وإسرائيل التي استخدمتها حماس في عملياتها ضد قوات جيش الدفاع الإسرائيلي أو لحفر أنفاق في الأراضي الإسرائيلية.

تدمير الممتلكات في إطار هذه الفئات يعتبر هجوماً قانونياً على أهداف عسكرية. لكن هذه الفئات لا يدخل ضمنها أي من حوادث التدمير الموسعة للأعيان المدنية الموثقة في هذا التقرير. فالحكومة الإسرائيلية نشرت نتائج تقصي عسكري في قضية موثقة في هذا التقرير، انتهى إلى أن الهجوم على طاحون دقيق هو هجوم قانوني. وقال محامون من جيش الدفاع الإسرائيلي لـ هيومن رايتس ووتش إنه قد يُعاد فتح ملف القضية إذا ظهرت أدلة جديدة. وفي أواخر مارس/آذار، أعلنت إسرائيل إنها وافقت على توريد الإسمنت لإصلاح الطاحون). لكن نتائج التحقيق متعارضة مع تسجيلات الفيديو والأدلة الأخرى القائمة. فلم يوفر جيش الدفاع تفسيرات للحوادث الـ 11 الأخرى التي وثقتها هيومن رايتس ووتش. ويجب على إسرائيل أن تجري تحقيقات مستفيضة ونزيهة بشأنها وأن تحدد ما إذا كانت الحوادث قانونية، وإن لم تكن كذلك، ما إذا كانت تعكس سياسة رسمية متبعة.

وأثناء هجوم جيش الدفاع الإسرائيلي على غزة، استخدمت حركة حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة البنايات المدنية للاشتباك مع القوات الإسرائيلية وفي تخزين الاسلحة، طبقاً لتقارير إخبارية ومقاطع فيديو وصور فوتوغرافية. كما قامت بتفخيخ بنايات مدنية وحفر الانفاق تحتها. وقد وثقت هيومن رايتس ووتش قيام جماعات مسلحة بإطلاق صواريخ من مناطق مشغولة بالمدنيين، وربما كان الدمار اللاحق بسبب الهجمات المضادة ضد القوات المهاجمة مما يرقى لكونه "دمار مرافق" قانوني (انظر الالتزامات القانونية). وربما كانت الجماعات المسلحة مسؤولة أيضاً عن الإضرار بالأعيان المدنية في الحالات التي أدت فيها هجمات جيش الدفاع الإسرائيلي إلى انفجارات ثانوية للأسلحة أو المتفجرات، التي خزنتها الجماعات المسلحة، وأدى انفجارها لتدمير البنايات المجاورة. كما نشر جيش الدفاع الإسرائيلي تغطية بالفيديو يظهر فيها العديد من هذه الحوادث.

لكن في الوقائع الاثني عشر الموثقة في هذا التقرير، لم تكشف التحقيقات الموسعة عن أي مبررات عسكرية قانونية للدمار. ولم يكن الجيش الإسرائيلي مشتبكاً بالقوات الفلسطينية في وقت تدميره للممتلكات – إذ توقف القتال – وفي أغلب الحالات وقع تدمير الممتلكات بعد قضاء الجيش الإسرائيلي على أو تفريقه للمقاتلين الفلسطينيين في المنطقة ثم عزز وجوده، باحتلال المنازل وتمركز الدبابات في الشوارع أو على التلال القريبة، والمراقبة الدائمة من طائرات بطيار أو بدون طيار. من ثم كان الاستخدام المحتمل في المستقبل للاستخدام العسكري من قبل الجماعات المسلحة لبعض البنايات المدنية في هذه المناطق – مثل نصب الكمائن وتخزين الأسلحة وبناء الأنفاق – لا يمكن أن يبرر التدمير الموسع وفي بعض الأحيان الممنهج، لأحياء بالكامل، وكذلك المصانع والصوبات الزراعية التي توفر الطعام وغيره من المواد الضرورية لسلامة السكان المدنيين.

على سبيل المثال، في عزبة عبد ربه، وثقت هيومن رايتس ووتش التدمير الكامل لـ 45 بناية سكنية، تستضيف 287 شخصاً على الأقل، على الطريق الرئيسية للحي أو بجواره، أثناء عملية الرصاص المصبوب (تظهر صور القمر الصناعي تدمير 341 بناية إجمالاً في المنطقة). كما تم تدمير 15 بناية صناعية في الحي. وطبقاً لمقابلات منفصلة على انفراد مع 17 شخصاً من السكان، ومنهم سكان تم  توجيه الأمر إليهم بمغادرة منازلهم من قبل الجنود الإسرائيليين أو استخدمهم الجنود الإسرائيليون كـ "دروع بشرية"، فإن الأغلبية العظمى من الدمار الذي يوثقه هذا التقرير في عزبة عبد ربه وقع بعد 7 يناير/كانون الثاني، وهو التاريخ الذي كانت إسرائيل تسيطر فيه بالفعل بشكل محكم على الحي.

وفي الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش في مناطق الزيتون الزراعية جنوبي مدينة غزة – التي تمثل النذر اليسير من الدمار اللاحق بالمنطقة – قال السكان إن 193 شخصاً على الأقل كانوا يعيشون في بنايات سكنية دُمرت أثناء الحرب. روايات السكان توحي بأن القوات الإسرائيلية ألحقت دماراً واسعاً بالبنايات والأراضي في الأيام الأولى من الهجوم البري، لكنها لم تدمر أغلب البيوت في المنطقة إلا بعد 7 يناير/كانون الثاني، عندما كانت تحتل بالفعل هذه المناطق وفر منها جميع السكان تقريباً. الكثير من سكان الزيتون الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش قالوا إنهم تركوا منازلهم بعد قصفها أو إصابتها بنيران أسلحة صغيرة أو بعد أن أُمروا بمغادرة المنطقة من قبل جنود إسرائيليين. وعندما عادوا لمناطق الحرب، على حد قولهم، وجدوا البنايات قد اكتسحتها الجرافات أو دُمرت بألغام مضادة للدبابات. كما شاهدت هيومن رايتس ووتش آثار عجلات جرافات على الأرض في المناطق الزراعية المدمرة. وفي كل من الحوادث التي حققنا فيها، ومنها التي وقع فيها دمار بعد أن غادر السكان والشهود المنطقة، تحققت هيومن رايتس ووتش من التقارير المتوفرة كي تحدد ما إذا كانت الجماعات الفلسطينية المسلحة قد ردت بالنيران على هذه المناطق بعد أن احتلها جيش الدفاع الإسرائيلي. وفي بعض الحالات، اشتبكت القوات الإسرائيلية مع مقاتلين فلسطينيين وقتلتهم في المناطق التي وقع فيها الدمار بعد مغادرة السكان والشهود، لكن لا توجد أدلة على أن القتال قد أدى إلى أو كان بأي حال من الأحوال سبباً في الدمار الواسع اللاحق بالممتلكات حسب التوثيق.

ويظهر من التصريحات العلنية لبعض رجال السياسة الإسرائيليين الاستعداد والقبول بإجراء هجمات ضد البنية التحتية المدنية في غزة لردع الهجمات الصاروخية ضد إسرائيل من قبل الجماعات المسلحة. على سبيل المثال، قال نائب رئيس الوزراء إيلي يشاي في مؤتمر بتاريخ 2 فبراير/شباط 2009 أنه "نحن مضطرون لتحميل كل صاروخ يضرب إسرائيل ثمناً باهظاً" وأوصى بأن "حتى إذا أطلقوا على مناطق مفتوحة أو في البحر، فيجب أن نضر ببنيتهم التحتية وندمر 100 بيت". ولأن هذه التصريحات تبدو متسقة مع بعض الهجمات أثناء عملية الرصاص المصبوب، وربما كانت منطبقة على إستراتيجية إسرائيل في النزاعات المستقبلية، فإن على الحكومة الإسرائيلية أن تنبذ علناً الهجمات العقابية ضد البنية التحتية المدنية.

وقد وثقت هيومن رايتس ووتش إطلاق الجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة آلاف الصواريخ على السكان الإسرائيليين على مدار الأعوام خرقاً لقوانين الحرب. وأثناء "عملية الرصاص المصبوب"، كان نحو 800 ألف إسرائيلي في نطاق مئات الهجمات الصاروخية، التي أسفرت عن مقتل 3 مدنيين إسرائيليين وإصابة العشرات. الأشخاص الذين يجرون عمداً أو يأمرون بشن هجمات متعمدة أو عشوائية على المدنيين مسؤولين عن جرائم حرب. لكن خرق أحد أطراف النزاع لقوانين الحرب لا يبرر انتهاكات الطرف الآخر. والمبدأ الأساسي الخاص بالتمييز في قوانين الحرب يطالب القوات المسلحة بالتمييز بين الأعيان المدنية والعسكرية، ولا يتم استهداف إلا الأخيرة، بغض النظر عن سلوك الطرف الآخر.

عدم كفاية التحقيقات

إسرائيل مُلزمة بموجب القانون الدولي بالتحقيق في مزاعم الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب، ومنها التدمير المفرط حسب الزعم للأعيان المدنية، وأن تقاضي من تتبين مسؤوليته. وإلى الآن، ورغم أن إسرائيل أجرت العديد من عمليات "التحقيق العملياتي" ونحو أربعين تحقيقاً جنائياً، فإنها لم تقم بعد بالوفاء بهذا الالتزام.

العقوبة الوحيدة التي تم الكشف عنها والتي فُرضت لتدمير ممتلكات بشكل غير قانوني أثناء "عملية الرصاص المصبوب" كانت إجراءات تأديبية غير معروفة بحق جندي واحد. (قام الجيش الإسرائيلي بفرض إجراءات تأديبية على أربعة جنود وقادة عن أعمال ارتكبت خلال "عملية الرصاص المصبوب"، لكن لم ينشر إلا القليل من المعلومات عن تفاصيلها). وقال محامون من جيش الدفاع الإسرائيلي لـ هيومن رايتس ووتش في اجتماع في فبراير/شباط 2010 أن الحادث يخص "نزع المزروعات" في قطاع غزة وأن العقوبة التأديبية فُرضت من قبل القائد في الميدان على الفور، لكن لم يتم الكشف عن أية تفاصيل عن الواقعة أو الإجراءات التأديبية.

إجمالاً، ليس من الواضح كم من الوقائع فحصها جيش الدفاع الإسرائيلي على صلة بالتدمير غير القانوني للممتلكات أو أي منها هي التي تم التحقيق فيه. وقد ذكرت وزارة الخارجية الإسرائيلية في تقرير نشرته في يناير/كانون الثاني 2010 أن جيش الدفاع فتح 150 تحقيقاً فردياً في مزاعم ارتكاب الجنود الإسرائيليين لأخطاء أثناء عملية الرصاص المصبوب، منها 36 تحقيقاً جنائياً من قبل الشرطة العسكرية. وطبقاً للتقرير، فلم تكن ضمن التحقيقات الجنائية الـ 36 أية تحقيقات تخص تدمير الممتلكات أو هي فحصت أوامر أو خطط تدمير الممتلكات. (ورد في التقرير أن الحوادث تخص الزعم بإطلاق النار على المدنيين، واستخدام المدنيين كدروع بشرية، وإساءة معاملة المحتجزين والمدنيين، والنهب والسرقة). وفتحت الشرطة العسكرية التحقيق في حادثين يظهر أنهما يشملان تدمير الممتلكات وكذلك هجوم آخر، وورد في تقرير نشرته الحكومة الإسرائيلية في يوليو/تموز 2009 أن الشرطة العسكرية فتحت تحقيقاً واحداً في "مزاعم تخص الإضرار بالممتلكات والسرقة" وتحقيق آخر في قضية دُمر فيها منزل بعد أن أطلق جندي إسرائيلي حسب الزعم النار على أعضاء أسرة، فقتل اثنين.

وقال محامون من مكتب المدعي العسكري العام بجيش الدفاع الإسرائيلي لـ هيومن رايتس ووتش في فبراير/شباط 2010 أن الكثير من وقائع تدمير الممتلكات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش يتم التحقيق فيها إما بواسطة "التحقيقات العملياتية" أو "تحقيقات القيادة" – وهما نوعان من التحقيقات قد يختلفان في الأسلوب، لكن يجري كل منهما ضباط بجيش الدفاع وليس محققين مدربين بالشرطة العسكرية، ولا يشملان الاتصال بالشهود الفلسطينيين. ولم يوفر مكتب الادعاء معلومات إضافية. والقضايا التي تم النظر فيها، طبقاً لمحاميّ جيش الدفاع الإسرائيلي، تشمل تدمير مصنع أبو جبة للباطون (الإسمنت)، ومصنع وادية للمواد الغذائية، ومناطق من أحياء خزاعة والزيتون وعبد ربه. وانتهى التحقيق في الضرر اللاحق بطاحون البدر إلى أنه لم تقع أخطاء من قبل الجيش الإسرائيلي. وباستثناء قضية الطاحون – التي وطبقاً لتقرير إسرائيلي عرف بها جيش الدفاع الإسرائيلي في 15 سبتمبر/أيلول 2009 أو نحوه مع نشر تقرير بعثة تقصي الحقائق في قطاع غزة (غولدستون) – ليس من الواضح ما إن كان الجيش قد بادر من جانبه بفتح التحقيق في هذه الوقائع. وكتبت هيومن رايتس ووتش إلى جيش الدفاع الإسرائيلي في 21 أغسطس/آب 2009، موضحة تفصيلاً جميع الوقائع الواردة في هذا التقرير، بتاريخ 21 أغسطس/آب 2009 (انظر الملحق أ) وتلقت رداً في 8 سبتمبر/أيلول 2009 (انظر ملحق ب).

بالإضافة إلى التحقيق الذي فتحه جيش الدفاع الإسرائيلي في هذه الحوادث الفردية، فإن الجيش فحص أيضاً تدمير الممتلكات في أحد خمسة تحقيقات موسعة تُدعى "تحقيقات القيادة" فيما يخص قضايا متعلقة بعملية غزة. تحقيقات القيادة الإسرائيلية ذات الصلة، التي أجراها ضابط برتبة كولونيل، تُركز على "قضايا تخص عمليات البنية التحتية وهدم الممتلكات من قبل قوات جيش الدفاع الإسرائيلي أثناء مرحلة العمليات البرية من عملية الرصاص المصبوب".

وطبقاً لوزارة الخارجية، فإن تحقيق القيادة الخاص بالجيش الإسرائيلي فحص:

أ. أوامر وتوجيهات تم توجيهها وصياغتها من قبل خمس مستويات قيادة (من غرفة العمليات إلى القوات البرية، قبل وأثناء العملية)، فيما يخص تدمير بنايات وبنية تحتية. ب. درجة الدمار اللاحق بالبنايات والبنية التحتية في مختلف المناطق، مقسمة طبقاً لـ: مراحل العملية، الوحدات العاملة، أنواع البنايات أو البنية التحتية المدمرة، الغرض من التدمير، أسلوب إلحاق التدمير (بواسطة مهندسين/أساليب التدمير/التأكد من إخلاء السكان) وما إذا كان التدمير مخططاً أو تلقائياً بموجب قرارات تم اتخاذها ميدانياً "وقت العمليات". ج. معلومات استخباراتية وعملياتية فيما يخص طبيعة أساليب العدو الهجومية والدفاعية، وفيما يخص البنية التحتية للعدو التي حددتها ووثقتها قواتنا، والتي تدعم الضرورة العملياتية للتدمير.

ولم توفر إسرائيل أية معلومات محددة عن كيفية إجراء التحقيقات. وقد نشرت وزارة الخارجية تقريراً في يناير/كانون الثاني 2010 ورد فيه أن "التحقيق لم يتعامل مع حوادث محددة مزعومة على صلة بشكاوى أو تقارير".

نتائج التقرير، التي وافق عليها رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال غابي أشكينازي ونُشرت في أبريل/نيسان 2009، انتهت إلى أن: "في جميع المناطق التي أدار فيها جيش الدفاع الإسرائيلي عملياته، كان مستوى تدمير البنية التحتية متناسباً، ولم يحد عمّا هو مطلوب للوفاء بالمتطلبات العملياتية". وقال التحقيق إن "استخدام حماس الموسع للبنايات لأغراض إرهابية ولاستهداف قوات جيش الدفاع الإسرائيلي" كان سبب "درجة الدمار اللاحق بالبنايات". وألمح التقرير إلى أن "خطط العمليات الكتابية" الخاصة بجيش الدفاع الإسرائيلي لم تؤكد على النحو الواجب على الحاجة لتقليص الضرر اللاحق بالممتلكات المدنية، لكنه زعم رغم ذلك أن: "القوات في الميدان كانت تتفهم" هذه القيود. وأكدت على هذه الاستنتاجات التقارير التي أصدرتها وزارة الخارجية في يوليو/تموز 2009 ويناير/كانون الثاني 2010.

طبقاً لتقرير صدر في يناير/كانون الثاني 2010، بادرت إسرائيل بعشرة تحقيقات إضافية في حوادث تدمير ممتلكات بعد أن عرفت بها لدى نشرها في تقرير الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نزاع غزة، بتاريخ 15 سبتمبر/أيلول 2009. تقرير يناير/كانون الثاني 2010 وصف نتائج التحقيقات في أربع حالات من تدمير الممتلكات سبق أن ناقشها تقرير بعثة الأمم المتحدة، ولم يتوصل جيش الدفاع الإسرائيلي في أي من هذه الوقائع إلى أنه مسؤول عن خروقات لقوانين الحرب. ووثقت هيومن رايتس ووتش أحد هذه الحوادث: وهو الهجوم على طاحون البدر، أدناه. ولم يتم الكشف علناً عن نتائج التحقيق في ست وقائع أخرى.

وفي يناير/كانون الثاني، أقرت إسرائيل حسب الزعم بأنها ستدفع للأمم المتحدة 10.5 مليون دولار تعويضاً عن الضرر اللاحق بمرافق الأمم المتحدة أثناء الحرب. وتم تشكيل لجنة تحقيق من الأمم المتحدة بقيادة آيان مارتين، حققت في تسعة هجمات أضرت بمنشآت الأمم المتحدة وقتلت وأصابت عاملين بالأمم المتحدة، فتبين من نتائج التحقيق مسؤولية إسرائيل في سبع حالات ومسؤولية جماعات فلسطينية في حالة واحدة، ولم يتسن التوصل للطرف المسؤول عن الحادث التاسع. وذكرت إسرائيل أن التعويض لا يرقى لكونه اعتراف بارتكاب خطأ.

حجب مواد إعادة الإعمار

أعيقت كثيراً جهود إعادة الإعمار في غزة بعد الحرب جراء استمرار الحصار الإسرائيلي (بدعم من مصر) للقطاع. وتسيطر إسرائيل على حدود قطاع غزة الجوية والبرية والبحرية باستثناء حدود لغزة مع مصر طولها 15 كيلومتراً. حصار إسرائيل المشدد على غزة مطبق منذ انتهاء العمليات العسكرية الكبرى، وفاقم منه آثار التدمير وقت الحرب. منذ انتهاء النزاع، منحت إسرائيل الموافقة على كميات محدودة من شحنات مواد البناء المخصصة لمشروعات محددة. ولم تسمح إسرائيل سوى بست حمولات شاحنات من مواد البناء في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مايو/أيار 2009، طبقاً للأمم المتحدة، التي ذكرت أن "الأرقام عن الفترة المماثلة أثناء نفس هذه الفترة في عام 2007، قبل سيطرة حماس على السلطة في قطاع غزة، كانت أكثر من 39 ألف حمولة شاحنة". وفي يونيو/حزيران 2009 سمحت إسرائيل بدخول 18 شاحنة من الإسمنت والحصى (لتوسيع الجانب الفلسطيني من معبر كرم سالم الحدودي). وفي تطور إيجابي في الموقف، سمحت إسرائيل بـ 100 شاحنة من ألواح الزجاج في ديسمبر/كانون الأول 2009 وحتى فبراير/شباط 2010، وتناقلت التقارير موافقتها على شحنة ثانية من زجاج النوافذ بدءاً من 2 مارس/آذار 2010، على أن تُباع تجارياً. وأخطر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مجلس الأمن في 24 مارس/آذار بأن إسرائيل وافقت على شحنات إسمنت لإعادة بناء 151 وحدة سكنية في خان يونس، ولإصلاح عدد من البنايات المتضررة أثناء "عملية الرصاص المصبوب"، منها طاحون البدر المذكور في التقرير. لكن إسرائيل مستمرة في منع إدخال الإسمنت وقضبان الحديد وغيرها من مواد البناء، على أساس أن حماس قد تستخدمها في تحويلها لأغراض عسكرية.

ويحق لإسرائيل تفتيش السلع التي تدخل إلى غزة وتخرج منها، لكن القيود يجب أن تكون لأسباب أمنية محددة، وألا تُستخدم لمنع إدخال السلع الأساسية والضروريات الخاصة بالمدنيين.

وفيما أخفقت إسرائيل على طول الخط في توفير المبررات الأمنية المحددة لرفضها السماح بإدخال الكثير من السلع الأساسية إلى غزة، فهناك بواعث قلق أمنية سليمة من أن حماس قد تستخدم الإسمنت في بناء دشم عسكرية وأنفاق. لكن، طبقاً لمنظمات المساعدة الإنسانية، فإن إسرائيل رفضت المناقشة الجدية لصياغة آلية تسمح بتسليم مواد البناء المطلوبة بشدة لأغراض مدنية في غزة لإعادة الإعمار، بضمان المراقبة المستقلة على الاستخدام النهائي لهذه المواد. وطبقاً لتقرير صدر في مارس/آذار 2010 من تحضير الوفد البرلماني البريطاني بعد زيارته لغزة فإن "الأمم المتحدة تركز على أن كل بلاطة وكل ماسوة أو عبوة إسمنت يتم تعقبها من معبر الحدود إلى استخدامها النهائي"، وأشار إلى أن الأمم المتحدة عرضت السماح لإسرائيل بإنشاء آلية للمراقبة البصرية من بعد لمشروعات البناء "من أجل التحقق من أن جميع مواد البناء تستخدم لأغراضها المذكورة". وعلى إسرائيل إذن أن تسعى لصياغة آلية لتسليم مواد البناء المطلوبة، بحيث تعالج بواعث القلق هذه وكذلك تعالج الأثر الصعب للحظر على الاستيراد على آلاف المدنيين الذين ما زالوا مشردين جراء تدمير بيوتهم. وبمنع إدخال المواد المطلوبة لإعادة البناء، فإن إسرائيل تمدد من مصاعب ما بعد الحرب على السكان المدنيين.

وحسب التقارير، فإن بعض مواد البناء تدخل ضمن السلع المهربة إلى غزة من مصر عبر الأنفاق تحت الأرض، لكنها محدودة الكمية وباهظة الثمن بحيث لا يمكن استخدامها في مشروعات إعادة بناء موسعة. وفي مارس/آذار 2010، تراجع ثمن الإسمنت المهرب حسب الزعم من 900 شيكل إسرائيلي (240 دولار أميركي) للطن بعد أن وصل 4000 شيكل (1080 دولار) للطن، بعد انتهاء النزاع مباشرة، لكن سعر حديد التسليح، المطلوب بدوره لأعمال البناء الشائعة في غزة، ما زال 2000 شيكل للطن (540 دولار أميركي). مثل هذه الأسعار وكما هو واضح ما زالت خارج نطاق قدرة الأشخاص الذين دُمرت منازلهم بالكامل. وطبقاً للأمم المتحدة، فإن نحو 80 في المائة من سكان غزة يعانون من الفقر والاعتماد على المساعدات الغذائية. المشتغلون بحقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية في غزة قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنه حتى مارس/آذار 2010، كانت العديد من المصانع المحلية تنتج كتل خرسانية بواسطة طحن بقايا الركام الخرساني المتخلف عن المنازل المدمرة وخلطه بالإسمنت المهرب من الأنفاق من مصر، وأن الكثير من المنازل المدمرة جزئياً في مدن غزة ومخيمات اللاجئين قد أعيد إصلاحها جزئياً على الأقل بهذه المواد. لكن أشاروا إلى أنه لا يوجد تقريباً أي إعادة إعمار خارج المناطق التي دُمرت فيها بالكامل أعداد كبيرة من المنازل، ومنها المناطق الموثقة في هذا التقرير.

وجراء الحرب والحظر على توريد مواد إعادة الإعمار، فإن الآلاف من الأسر في غزة ما زالت مشردة. وحتى نوفمبر/تشرين الثاني 2009 – بعد انتهاء الحرب بعشرة أشهر – أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من 20 ألف شخص ما زالوا مشردين، والأطفال هم أكثر المتأثرين. وأفضل المشردين حظاً يعيشون مع أقارب لهم أو في شقق مستأجرة، والأقل حظاً يعيشون في مآوى صنعت كما اتفق داخل منازلهم المدمرة. وحتى نوفمبر/تشرين الثاني، كانت 120 أسرة، منها 500 طفل، ما زالت تعيش في عشرة مخيمات تم نصبها كمآوى مؤقتة قبل عشرة أشهر، طبقاً لمنظمات إنسانية دولية.

وما زالت الأمم المتحدة غير قادرة على تنفيذ خطط إعادة الإعمار. و أفادت منظمة الأونروا في أغسطس/آب بأن الحصار يمنعها من إجراء ما يُقدر ثمنه بـ 43 مليون دولار من الإصلاحات المطلوبة، ومنها 2200 منزل وفرتها الأونروا، وكذلك مدارس ومرافق صرف صحي ومخازن وغيرها من المرافق المتضررة أثناء الحرب. وأعلنت الأونروا في ديسمبر/كانون الأول أنها ستلجأ إلى "كتل أرضية مضغوطة" في بناء 122 منزلاً مخطط بناءها للمشردين. (بالإضافة إلى ذلك، بدأت الأونروا في بناء عدة مشروعات سكنية جديدة فيها إجمالاً 2400 وحدة سكنية، وهذا قبل الحصار عام 2007، لكن لم تتمكن من الانتهاء منها بسبب الحظر على مواد البناء).

الكثير من المؤسسات الصناعية التي دمرتها القوات الإسرائيلية لم تكن تعمل قبل الحرب بسبب نقص الإمدادات جراء الحصار، لكن تدمير المنشآت الخاصة بهذه المصانع يجعل إعادة إنعاش الاقتصاد في غزة احتمال أكثر بعداً.

وكما هو الحال بالنسبة للنزاعات المسلحة في الأماكن الأخرى، فإن هيومن رايتس ووتش لا تتخذ أي موقف تجاه قرار أي من طرفي النزاع الأخير في غزة باللجوء إلى القوة العسكرية، سواء للدفاع عن نفسه، أو سعياً وراء أهداف أخرى، لكنها تركز على كيفية استخدام الأطراف المتحاربة للقوة العسكرية، وتحديداً، ما إذا كانت قد التزمت بمتطلبات القانون الإنساني الدولي. وكما أنه من الواجب على حماس تحميل من ارتكبوا الانتهاكات الجسيمة لديها المسؤولية، فعلى إسرائيل أن تُحمّل المسؤولية لمن هم مسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب، ومنها الانتهاكات الخاصة بتدمير الممتلكات. ومثل حماس، على إسرائيل التعاون مع آليات المحاسبة الدولية. وكما أنه على حماس أن تكف عن جميع هجماتها الصاروخية على المناطق المدنية الإسرائيلية، فعلى إسرائيل أيضاً أن تفتح حدود غزة على وجه السرعة أمام مواد إعادة الإعمال وغيرها من الإمدادات الضرورية. وعلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول المتحالفة أن تدعو إسرائيل وحماس إلى الالتزام بالتزاماتها القانونية في هذه المجالات.

وفي 15 سبتمبر/أيلول 2009، نشرت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نزاع غزة بقيادة القاضي ريتشارد غولدستون، تقريراً انتهى إلى العثور على أدلة على أن كل من إسرائيل وحماس قد ارتكبا جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية. وثق التقرير حالات يُزعم فيها أن القوات الإسرائيلية "ألحقت الدمار الموسع بالممتلكات، دون مبرر من ضرورة عسكرية، ونفذت عمليات التدمير بشكل غير قانوني وتعسفي"، ودعت الطرفين إلى إجراء تحقيقات تتمتع بالمصداقية في ظرف ستة أشهر. وقد صدق على التقرير كل من مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والجمعية العامة. وفي 5 فبراير/شباط 2009 أفاد الأمين العام للأمم المتحدة الجمعية العامة بشأن الخطوات التي اتخذتها إسرائيل والسلطة الفلسطينية للتحقيق في الانتهاكات، حسبما طالب قرار الجمعية العامة A/RES/64/10، لكنه انتهى إلى أن التحقيقات كانت ما زالت جارية وأنه "لا يمكن التوصل لنتيجة واضحة بشأن تنفيذ القرار من قبل الأطراف المعنية". وفي 26 فبراير/شباط، وافقت الجمعية العامة على القرار A/RES/64/254 الذي أكد على دعوة الجمعية لإسرائيل والجانب الفلسطيني لإجراء تحقيقات موثوقة ومطالبة الأمين العام بالإبلاغ عن الخطوات التي يتخذها الطرفان في ظرف خمسة أشهر "أخذاً في الاعتبار النظر في المزيد من الإجراءات، إذا تطلب الأمر، من قبل هيئات الأمم المتحدة المعنية، ومنها مجلس الأمن".

الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هما الطرفان الدوليان المتمتعان بأكبر قدر من القدرة على التأثير على إسرائيل كي تفي بالتزاماتها بموجب قوانين الحرب. وقد وفرت الولايات المتحدة نحو 2.77 مليار دولار مساعدات عسكرية لإسرائيل عام 2009. وإثر حرب غزة، فإن الاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري أجنبي لإسرائيل، جمّد بشكل غير رسمي أي تحديث للعلاقات مع إسرائيل، التي يحكمها اتفاق مشترك.

 

التوصيات

 

إلى الحكومة الإسرائيلية

  • يجب إجراء تحقيقات مستفيضة ونزيهة في الانتهاكات المزعومة للقانون الإنساني الدولي أثناء القتال في الفترة من ديسمبر/كانون الأول 2008 إلى يناير/كانون الثاني 2009 في قطاع غزة. ويجب الكشف علناً عن نتائج التحقيقات ومقاضاة المسؤولين عن جرائم الحرب في محاكمات تحترم المعايير الدولية. ويجب رفع الحصار عن غزة فوراً وتيسير تدفق المساعدات الإنسانية والسلع التجارية، ومنها المواد المطلوبة سريعاً لإعادة بناء الأعيان المدنية المُدمرة، مثل الخرسانة المسلحة والحديد المسلح.
  • توفير التعويض الفوري والملائم لضحايا انتهاكات قوانين الحرب في نزاع غزة.
  • تنفيذ نتائج وتوصيات التقرير النهائي الصادر من بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نزاع غزة.
  • مراجعة السياسات والقرارات التكتيكية التي اتخذت أثناء عملية الرصاص المصبوب والتي ربما أدت لتدمير لا ضرورة له للممتلكات، مع توفير النتائج علناً وعرض توصيات علنية لصالح تقليص مثل هذا الدمار في الاشتباكات المسلحة في المستقبل.

 

إلى الحكومة الأميركية

  • يجب تجميد إرسال الجرافات طراز كاتربيلر د-9 لإسرائيل بموجب برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية، انتظاراً لإتمام التحقيق الرسمي في استخدام جيش الدفاع الإسرائيلي لهذه الجرافات في تدمير الأعيان المدنية في غزة في خرق لقوانين الحرب.
  • استخدام نفوذ الولايات المتحدة الذي مبعثه المساعدات العسكرية الهائلة المقدمة لإسرائيل، من أجل الضغط على إسرائيل لكي:
    • تجري تحقيقاً مستفيضاً ومستقلاً ونزيهاً في التدمير غير المبرر للبنية التحتية المدنية في قطاع غزة أثناء عملية الرصاص المصبوب، وتعويض من تعرضوا للضرر بشكل غير قانوني.
    • فتح حدود غزة من أجل السماح بدخول المساعدات الإنسانية والسلع التجارية المطلوبة لإعادة الإعمار.

 

إلى الاتحاد الأوروبي

  • بموجب نفوذ الاتحاد الأوروبي لدى إسرائيل من واقع شروط الاتفاق المشترك مع إسرائيل، على الاتحاد الأوروبي أن يضغط على إسرائيل لكي:
    • تجري تحقيقاً مستفيضاً ومستقلاً ونزيهاً في مزاعم انتهاكات قوانين الحرب في قطاع غزة أثناء عملية الرصاص المصبوب، وتعويض من تعرضوا للضرر بشكل غير قانوني.
    • فتح حدود غزة من أجل السماح بدخول المساعدات الإنسانية والسلع التجارية المطلوبة لإعادة الإعمار.

إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان

  • يجب مراجعة تنفيذ الأطراف في نزاع غزة وهيئات الأمم المتحدة لتقرير غولدستون، وهذا في الجلسات المستقبلية التي سيعقدها المجلس.

 

إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة

  • يجب مراجعة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة استجابة لقرار الجمعية العامة A/64/L.48 الواجب تقديمه في 26 يوليو/تموز 2010، وفي حالة استمرار إخفاق الأطراف في إجراء تحقيقات نزيهة ومقاضاة المسؤولين عن انتهاكات قوانين الحرب الجسيمة، يجب إحالة الوضع إلى مجلس الأمن.

 

إلى الأمين العام للأمم المتحدة

  • يجب رصد التحقيقات التي تجريها أطراف النزاع وإبلاغ الجمعية العامة في ظرف خمسة أشهر (موعد أقصاه 26 يوليو/تموز 2010) بتطورات الأوضاع، حسبما ورد في قرار الجمعية العامة رقم A/64/L.48، بما في ذلك تقييم ما إذا كانت الخطوات المتخذة تفي بالمعايير الدولية الخاصة بالفورية والاستفاضة والنزاهة.
  • إذا استمرت تحقيقات إسرائيل أو حماس في كونها أقل من المعايير الدولية للاستفاضة والنزاهة، فمن الواجب إحالة تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نزاع غزة إلى مجلس الأمن، بموجب المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة.

 

إلى مجلس الأمن

  • كما سبق أن فعل مجلس الأمن رداً على نزاعات سابقة، عليه أن يدعو أطراف نزاع غزة إلى إجراء تحقيقات مستفيضة ونزيهة في مزاعم انتهاكات قوانين الحرب من قبل قوات الطرفين، ومقاضاة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة، وتعويض الضحايا.
  • انتظار الخطوات التي ستتخذها الجمعية العامة، وفي حالة استمرار إخفاق الأطراف في إجراء تحقيقات نزيهة ومقاضاة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب، على مجلس الأمن أن يشكل لجنة الخاصة من الخبراء لمراقبة والكتابة عن التطورات في إجراء الأطراف للتحقيقات المستفيضة والنزيهة في انتهاكات قوانين الحرب المزعومة.
  • إذا استمرت الأطراف في إخفاقها في إجراء تحقيقات مستفيضة ونزيهة تفي بالمعايير الدولية، فيجب إحالة النزاع إلى ادعاء المحكمة الجنائية الدولية.

 

 

منهج التقرير

أجرت هيومن رايتس ووتش تحقيقاتها لصالح إتمام هذا التقرير في قطاع غزة الفترة من 8 إلى 19 أبريل/نيسان 2009. وقد دخل أحد الباحثين قطاع غزة عبر مصر بعد أن رفضت السلطات الإسرائيلية أو أخفقت في الرد على ستة طلبات من هيومن رايتس ووتش بدخول قطاع غزة عبر معبر إيريز الإسرائيلي. وأجرى الباحث أبحاثه بمساعدة استشاري يعمل مع هيومن رايتس ووتش من داخل القطاع.

يوثق التقرير 12 واقعة دمرت فيها القوات الإسرائيلية الممتلكات بشكل موسع أو ألحقت الضرر الجسيم – في خرق واضح لقوانين الحرب. هذه الوقائع من أربعة مواقع جغرافية متباينة في قطاع غزة – غربي بيت لاهيا في الشمال الغربي، وعزبة عبد ربه، في الشمال الشرقي، والزيتون في الشمال/الوسط، وخزاعة، في الجنوب الشرقي. وقد اخترنا هذه الوقائع بعد أن قمنا بمسح الدمار اللاحق بغزة، وبعد أن راجعنا تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، ونظرنا في روايات الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان.

ولأن انتهاك قوانين الحرب المعروف باسم أو صفة "التدمير التعسفي" يقع في حالات يدمر فيها أحد طرفي النزاع الممتلكات بشكل موسع في منطقة له سيطرة فعلية عليها دون وجود ضرورة عسكرية، فقد تركز بحثنا على الحالات التي توجد فيها أدلة دامغة على الوقائع. وفي الحالات التي كانت المعلومات المبدئية فيها – أو تحتاج لتحقيقات إضافية – تشير إلى احتمال ولو قليل على وجود مبرر عسكري، فلم نجر المزيد من التحقيقات.

وتنص قوانين الحرب على أن تحديد ما إذا كانت واقعة ما لتدمير ممتلكات قانونية أو غير قانونية، يحدده ما إذا كان هناك سبب معقول لاعتقاد الطرف المهاجم – بناء على ما كان معروفاً أو يجب أن يكون معروفاً وقت التدمير – بأن العين المعنية هدف عسكري صحيح في الظروف والملابسات السائدة وقت مهاجمته، وأن تدميره لا يُتوقع أن يكون غير متناسب مع الخسائر المدنية مقارنة بالمكسب العسكري المتوقع. وفي كل من الحالات التي قمنا بتوثيقها، كان معدل الدمار يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بعدم احتمال معقولية تدمير العين المعنية، سواء بشكل عارض أو بناء على افتراض خاطئ بأن تدمير العين المذكورة تخدم غرضاً عسكرياً.

وكما سلف الذكر، فإن هذا التقرير يستبعد عن عمد الحالات التي كانت توجد فيها أسباب عسكرية محتملة لتبرير تدمير الأعيان المدنية. ولم نحقق في العديد من وقائع التدمير على نطاق موسع جراء القصف الجوي، بسبب الصعوبة المفترضة في تحديد ما إذا كانت عمليات القصف الجوي للبنايات المدنية قد نُفذت بنية إجرامية أو ضمن هجوم موسع. وفي ثلاث حالات أجرت فيها هيومن رايتس ووتش تحقيقات مبدئية، ظهر أنه من الممكن أو لا يمكن الجزم بالنفي، بأن القوات الإسرائيلية ربما دمرت عيناً مدنية من واقع ضرورة عسكرية، أو جراء الاستهداف بالخطأ أو جراء معلومات استخباراتية خاطئة، ومن ثم فلم نفتح المزيد من التحقيق في الحالات الثلاث المذكورة ولم نضمها إلى التقرير. وثمة حالة رابعة من هذا النوع مذكورة في إحدى الهوامش.

وأثناء البحث الميداني للتقرير، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 94 شخصاً من سكان قطاع غزة، أغلبهم غادروا مناطق سكناهم قبل تدمير ممتلكاتهم – بالأساس باللغة العربية بالاستعانة بمترجم فوري، وكذلك مع خبير بالأمم المتحدة معني بالمتخلفات التفجيرية التي لم تنفجر في غزة. هذه المقابلات أجريت بشكل فردي أو على انفراد، ما لم نذكر خلاف ذلك بشكل واضح. بالإضافة إلى أننا أجرينا تحقيقات ميدانية موسعة، وفحصنا البنايات المُدمرة والمناطق المحيطة بها بحثاً عن أمارات تدل على وجود نشاط عسكري أو تبادل لإطلاق النار بين القوات الإسرائيلية والفلسطينية. وقد فحصت هيومن رايتس ووتش أدلة الطب الشرعي في مواقع الهجمات، مثل مخلفات ألغام مضادة للدبابات استخدمت كمتفجرات لهدم البنايات، وحطام متخلف عن القصف الجوي، ونيران المدفعية، وقذائف الدبابات، وآثار الأسلحة الصغيرة، وكذلك آثار عجلات الجرافات والدبابات على الأرض. وأخيراً فحصت هيومن رايتس ووتش صور القمر الصناعي التي وفرها برنامج UNOSAT التابع للأمم المتحدة، وبعضها معروضة في التقرير. الصور تُظهر أدلة مادية على التدمير في شتى أنحاء غزة عبر مختلف مراحل الحملة العسكرية.

ولا تختلف هيومن رايتس ووتش حول فكرة أنه في بعض الحالات، فإن الدمار اللاحق بالبنايات المدنية كان جراء انفجارات من كمائن تم نصبها أو انفجارات ثانوية اشتعلت بسبب وجود أسلحة مُخزّنة من قبل الجماعات الفلسطينية المسلحة. لكن لا توجد تقارير أو روايات طبية أو أي شيء وصلنا إليه خلال بحثنا يشير إلى أن متفجرات الكمائن أو الأسلحة المُخزنة كانت سبباً في الضرر الموسع الذي شهدناه في غزة. (رداً على أسئلة محددة من هيومن رايتس ووتش، لم يوفر جيش الدفاع الإسرائيلي أدلة على أن حالات الدمار الموسع الاثني عشرة الموثقة في هذا التقرير قد تسببت فيها الجماعات الفلسطينية المسلحة، أو هو قدم الدليل على ذلك).

وفي 21 أغسطس/آب 2009، أرسلت هيومن رايتس ووتش لجيش الدفاع الإسرائيلي أسئلة تفصيلية عن سياساته بشأن تدمير الممتلكات ومعلومات بوقائع موثقة في التقرير (انظر الملحق 1). وفي رد الجيش الإسرائيلي بتاريخ 8 سبتمبر/أيلول 2009، أحال هيومن رايتس ووتش إلى تقارير نُشرت بالفعل من قبل جيش الدفاع ووزارة الخارجية الإسرائيلية (انظر الملحق 2). وفي 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2009، طلبت هيومن رايتس ووتش عقد اجتماع مع جيش الدفاع الإسرائيلي لمناقشة إجراءات المساءلة التي تم اتخاذها على صلة بالانتهاكات المزعومة أثناء "عملية الرصاص المصبوب" ومنها الوقائع الموثقة في هذا التقرير. أعضاء مكتب المحامي العام بجيش الدفاع وأعضاء من مكتب المتحدثين باسم الجيش قابلونا بتاريخ 4 فبراير/شباط 2010. وهذا التقرير يأخذ في اعتباره هذه الاجتماعات ووثائق إسرائيلية وكذلك تصريحات إسرائيلية رسمية في اعتباره، ويذكرها كلما كان لها محل من الذكر. كما يورد التقرير تصريحات لجنود إسرائيليين شاركوا في عملية الرصاص المصبوب، كما نُشرت من قبل "كسر الصمت"، وهي منظمة إسرائيلية غير حكومية من المحاربين القدامى بجيش الدفاع الإسرائيلي.

 

تدمير الممتلكات أثناء النزاع

في 27 ديسمبر/كانون الأول 2008، شنت إسرائيل ما أسمته "عملية الرصاص المصبوب". الهدف المعلن للعملية العسكرية كان وقف الهجمات الصاروخية القائمة على إسرائيل من قبل الجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة. وبعد حملة من الغارات الجوية الموسعة، قامت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي في 3 يناير/كانون الثاني 2009 بشن هجوم بري موسع. وبدأت القوات الإسرائيلية في الانسحاب من غزة مطلع يوم 18 يناير/كانون الثاني. أسفرت عمليات جيش الدفاع الإسرائيلي عن مقتل نحو 1387 فلسطينياً ومنهم 762 شخصاً على الأقل من المدنيين، طبقاً لقائمة بالأسماء تم نشرها من قبل منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان.[1] ومات 13 إسرائيلياً أثناء القتال، ثلاثة منهم من المدنيين.[2]

وبالإضافة إلى الخسائر في الأرواح، فإن الحرب في غزة أسفرت عن تدمير آلاف المنازل وكذلك جزء كبير من البنية التحتية العامة، من مصانع وشركات ودور عبادة وعربات وأراض زراعية وحيوانات. درجة الدمار الواسع لا تشير في حد ذاتها لانتهاكات للقانون الإنساني الدولي (قوانين الحرب). لكن تحقيقات هيومن رايتس ووتش في 12 واقعة انتهت إلى أن بعض الوقائع الفردية قام فيها الجيش الإسرائيلي بتدمير موسع لأعيان مدنية في خرق ظاهر لقوانين الحرب. ولا نزعم بأن هذه الانتهاكات مثال مصغر على التدمير في غزة بشكل عام، فقانونية أو عدم قانونية هذا التدمير بشكل عام ما زالت لم تُقيّم. وفي أثناء إجراء ذلك التحقيق، على إسرائيل أن تفحص ما إذا كانت أية انتهاكات قد وقعت جراء سياسات تبناها الجيش أو الحكومة. ولا يُسمح بتدمير الممتلكات قانوناً إلا في حالة وجود أسباب قوية من ضرورة عسكرية وبالاتساق مع قواعد التناسب.

وطبقاً لمسح إحصائي أجرته هيئات أممية، فإن القتال أسفر عن تدمير 3540 وحدة سكنية في غزة، وألحق الضرر الجسيم بـ 2870 وحدة أخرى اثناء عملية الرصاص المصبوب.[3] القتال والدمار أثناء الحرب أسفر عن تشريد أكثر من 50 ألف شخص.[4] وحتى مارس/آذار 2010، كان القائمون على المساعدات الإنسانية قد أخطروا هيومن رايتس ووتش بأن عدة مصانع في غزة تعمل على إنتاج كتل خرسانية عبر مزج الركام المتخلف عن البنايات المدمرة، بالإسمنت المهرب عبر الأنفاق من مصر، وأن بعض إعادة الإعمار للمنازل المدمرة قد استعانت بهذه المادة في مخيمات اللاجئين ومدن غزة.[5] لكن هذه المصادر أفادت بأن الأغلبية العظمى من المنازل المدمرة، لا سيما في مناطق غزة التي شهدت دماراً موسعاً أثناء الحرب مثل عزبة عبد ربه، لم يتم إعادة بناءها أو إصلاحها. وفيما تراجع سعر الإسمنت والحديد المهرب من الأنفاق إلى غزة إلى 900 شيكل إسرائيلي (240 دولاراً) و2000 شيكل (540 دولاراً) للطن، على التوالي، بحلول مارس/آذار، فإن هذه الأسعار يبدو أنها ما زالت بعيداً عن متناول أغلب سكان غزة الذين دُمرت منازلهم بالكامل.[6] وحتى نوفمبر/تشرين الثاني، بعد عشرة أشهر شهور من الحرب، كان 20 ألف شخص ما زالوا مشردين، يعود هذا إلى حد كبير إلى حظر إسرائيل لصادرات مواد البناء إلى غزة، مثل الإسمنت المطلوب لبناء المنازل.[7] (طبقاً لبيان صادر في 18 يناير/كانون الثاني 2009، من وزارة الخارجية الإسرائيلية، فقد سمحت إسرائيل بدخول "المساعدات الإنسانية" إلى غزة، لكن "الإسمنت والرمل والحصى والحديد لا تعتبر من المساعدات الإنسانية).[8] ولم يُتح للمشردين أي خيار سوى البقاء مع أقاربهم، أو في شقق مؤجرة، أو في ملاجئ مؤقتة صنعت بشكل مرتجل إلى جوار حطام منازلهم، أو في مخيمات من الخيام.  وحتى نوفمبر/تشرين الثاني، كانت آلاف الأسر مستمرة في العيش في قطاعات متضررة بشدة من المنازل، و120 أسرة، فيها 500 طفل، كانت ما زالت تعيش في خيام وفرتها المنظمات الإنسانية قبل عشرة أشهر. والخيام المقصود بها استخدامها كملاجئ مؤقتة، غير مؤهلة لاستخدامها في الشتاء.[9] وفي ديسمبر/كانون الأول، أتمت الأمم المتحدة أول مجموعة بنايات مبنية من "بلوكات أرضية مضغوطة" من بين 122 مشروعاً تم التخطيط له، بقصد تحسين مستوى معيشة من يقيمون في مخيمات من الخيام أو في ملاجئ مؤقتة أقيمت كما اتفق إلى جوار منازلهم المدمرة.[10]

وطبقاً لمنظمة الأونروا، التي تعاون اللاجئين الفلسطينيين، فإن الهجمات في فترة الحرب أسفرت عن تدمير البنية التحتية العامة أو قطاع الخدمات العامة، ومنها بنايات حكومية، وجسور و57 كيلومتراً من الطرق الممهدة بالإسفلت (وطرق أخرى)، وأضرت بـ 107 منشأة تخص الأونروا، ونحو 20 ألف متراً من المواسير، وأربعة مخازن للمياه، و11 بئراً، وشبكات مجاري ومحطات ضخ مياه مجاري.[11] ولأن الحصار الإسرائيلي جعل مواد البناء وإمدادات البناء غير متوفرة، فحتى أغسطس/آب، أفادت المنظمة أنها غير قادرة على إتمام مشروع بقيمة 43 مليون دولار هو إصلاحات ضرورية لملاجئ ومنشآت الأونروا "التي تضررت أثناء عملية الرصاص المصبوب".[12] وورد في تقرير حضّره البرلمان البريطاني في مارس/آذار 2010 بأن الأونروا ما زالت غير قادرة على إتمام عدة مشروعات إسكان، قوامها نحو 2400 وحدة سكنية، متوقف العمل فيها منذ يونيو/حزيران 2007، عندما منعت إسرائيل شحنات مواد البناء إثر استيلاء حماس على السلطة في غزة.[13]

وفي 24 مارس/آذار أخطر بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة مجلس الأمن بأن إسرائيل وافقت على شحنات من الإسمنت كافية لإنشاء 151 وحدة سكنية بالقرب من خان يونس، وكذلك ما يكفي لإصلاح عدة منشآت تضررت أثناء النزاع، منها طاحون بدر. وفيما رحب بان كي مون بهذه الخطوات، فإنه ألمح إلى أن "مائة وواحدة وخمسين وحدة سكنية لا تمثل أكثر من قطرة في دلو من المطلوب في قطاع الإيواء وحده، دعك من جميع الاحتياجات الأخرى. لقد أخطرت إسرائيل بأننا سنعود إليها بعروض ومقترحات أكثر شمولاً بكثير".[14]

الهجمات الإسرائيلية على البنية التحتية للكهرباء في غزة تسببت في أضرار بمبلغ 10 ملايين دولار، طبقاً لجيشا، وهي منظمة إسرائيلية غير حكومية. وفي 3 يناير/كانون الثاني، أول يوم من الهجوم البري الإسرائيلي، أدت الهجمات الإسرائيلية إلى "الإضرار بـ 12 خط كهرباء وتعطيلها كانت توصل الكهرباء لغزة من إسرائيل ومصر".[15] وفي 13 يناير/كانون الثاني قصفت طائرة إسرائيلية مخزناً فيه قطع غيار مطلوبة لإصلاح شبكة الكهرباء، وكان قد سُمح مؤخراً لمصلحة كهرباء غزة باستيرادها.[16]

ودمر الهجوم العسكري 18 مدرسة (منها 8 حضانات للأطفال) وأضر بـ 262 مدرسة أخرى على الأقل. وفي شمال غزة وحدها، اضطر 9000 طالب لتغيير مدارسهم إلى مدارس أخرى بعد أن دُمرت مدارسهم.[17]

وألحقت الحرب الدمار بـ 268 شركة خاصة في غزة وأضرت بـ 432 شركة أخرى، بما يقدر إجمالاً بأكثر من 139 مليون دولار (وهذا بعد إعادة تقدير التقديرات المبالغ فيها)، طبقاً لتقييم مبدئي لمجموعة فلسطينية تم نشره في فبراير/شباط.[18] وورد في دراسة عن القطاع الصناعي، تم نشرها في مارس/آذار، أن 324 مصنعاً وورشة قد لحق بها الضرر أو دُمرت أثناء الحرب.[19] هذه التقارير وثقت الضرر اللاحق بالبنى المادية والمعدات والآلات ومخزون المواد الخام والسلع النهائية الجاهزة للاستهلاك، وفي بعض الحالات، الضرر اللاحق بالتوثيق الإلكتروني والورقي. وحتى ديسمبر/كانون الأول 2008، قبيل الهجوم العسكري الإسرائيلي، كان نحو 4000 موظف يعملون في مؤسسات لحق بها الدمار أثناء الحرب. وطبقاً لاتحاد الصناعات الفلسطيني، وهي منظمة مظلية تضم أطراف تمثل القطاع الصناعي في غزة، فإن وظائف هؤلاء الموظفين "كانت توفر الدخل لأكثر من 24000 شخص أصبحوا معدمين نتيجة مباشرة للحرب".[20] وحتى يناير/كانون الثاني 2010، حسب تقارير الأمم المتحدة، كانت إسرائيل مستمرة في حجب أو التقييد كثيراً من إدخال المواد الخام إلى غزة، المطلوبة للصناعات، وكذلك قطع الغيار اللازمة للصرف الصحي في غزة وشبكات الكهرباء فيها، مما أعاق من جهود إعادة الإعمار إثر الحرب.

وقد تضرر كثيراً بشكل خاص قطاع مواد البناء. ولم يتمكن باحثو هيومن رايتس ووتش من فحص أية مصانع لخلط الخرسانة الجاهزة في غزة، لكن في جميع المصانع السبعة التي فحصناها، كانت كل سيارة على أرض المصنع قد دُمرت، والكثير من البنايات والمعدات الأخرى قد تضررت أو دُمرت بالكامل. وقد ظهر مسح أولي بالدمار اللاحق بالقطاع الصناعي في غزة في فبراير/شباط كان مفاده أن الحرب دمرت وأضرت بـ 22 مصنع خلط خرسانة جاهزة من مصانع غزة البالغ عددها 29 مصنعاً، مما أدى إلى "خسارة بنسبة 85 في المائة من قدرات هذا القطاع" وما يُقدر بـ 27 مليون دولار من الأضرار.[21]

وأسفر الهجوم الإسرائيلي العسكري عن خسائر تُقدر بـ 268 مليون دولار في القطاع الزراعي. يشمل هذا المبلغ 180 مليون دولار ضرر مباشر أثناء الحرب، لحق بالفواكه والحبوب ومحاصيل الخضراوات، والإنتاج الحيواني، والبنية التحتية من قبيل الصوبات الزراعية والمزارع، طبقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. وكما ألمح المكتب المذكور، فإن الضرر الجسيم اللاحق بقطاع الزراعة مثير للقلق لعدة أسباب. أولاً، الزراعة تلعب دوراً هاماً في أنشطة توليد الدخل في القطاع، بسبب "إخفاق القطاعات الاقتصادية الأخرى [ومنها الصناعة] في العمل، بسبب الحصار على معابر غزة التجارية منذ يونيو/حزيران 2007". كما أن الزراعة "عامل ماص للصدمات" وتلعب دوراً هاماً في حماية توفير سبل العيش، لاسيما في المناطق الريفية "بالنسبة للمجتمعات التي تخفق شبكات الأمان الاجتماعي لديها في العمل".[22] والزراعة عادة إحدى القطاعات الاقتصادية التي يمكنها التعافي سريعاً بعد النزاع، فتوفر المطلوب من الغذاء والوظائف، لكن استمرار إغلاق إسرائيل للحدود يستمر في مفاقمة الضرر اللاحق بقطاع الزراعة جراء الحرب، بجعل الأمر صعب كثيراً أمام الواردات في إصلاح الضرر اللاحق بالبنية التحتية، مع صعوبة الحصول في غزة على مواد مثل الشتلات الجديدة وحيوانات المزارع والكثير من المدخلات الضرورية في الزراعة ومنها غاز التدفئة لمزارع الدواجن.[23] وطبقاً لمنظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة (الفاو)، "تقريباً جميع مزارع غزة الصغيرة البالغ عددها 10000 مزرعة تضررت والكثير منها دُمرت تماماً" نتيجة للحرب.[24]

سياسة تجاهل الأخطاء والتدمير

نتائج هذا التقرير متعلقة بعدم قانونية تدمير إسرائيل للأعيان في مواقع محددة في قطاع غزة، وتستند بالأساس إلى الأدلة التي تم جمعها أثناء تحقيقات أجريت في غزة. فضلاً عن أن التدمير الذي وثقناه في هذه القضايا يبدو أنه يتفق مع تصريحات رجال السياسة الإسرائيلية والمسؤولين العسكريين، والجنود الذين شاركوا في نزاع غزة، والذين وصفوا منطقين لتدمير الممتلكات يتعارضان مع التزامات إسرائيل العسكرية بموجب قوانين الحرب، بعدم تدمير الممتلكات إلا لأسباب الضرورة العسكرية الماسة وبما يتفق مع مبدأ التناسب.

أولاً، التصريحات التي أدلى بها بعض رجال السياسة الإسرائيليين أثناء وبعد "عملية الرصاص المصبوب" – الهدف المعلن منها كان وقف الهجمات الصاروخية التي تطلقها الجماعات الفلسطينية المسلحة – توحي بأن مبدأ الهجمات العقابية كان مقصوداً كرادع ضد الهجمات الصاروخية، وهو ما ظهر في سلوك جيش الدفاع الإسرائيلي في بعض الحالات أثناء تدمير الممتلكات بشكل غير قانوني. ثم إن وزيرة الخارجية تسيبي ليفني تناقلت التقارير أنها قالت في 12 يناير/كانون الثاني 2009 بأن "حماس تفهم الآن أنهم عندما يطلقون النار على المواطنين [الإسرائيليين] فهي ترد بشدة وقوة، وهو أمر جيد".[25] وقالت ليفني في 19 يناير/كانون الثاني 2009 – اليوم التالي على انتهاء النزاع – إن "إسرائيل أظهرت بأساً شديداً أثناء مسار العملية الأخيرة، وهو ما طالبت به".[26] نائب رئيس الوزراء إيلي يشاي قال في مؤتمر بتاريخ 2 فبراير/شباط 2009 بأن "يجب أن نربط بكل صاروخ يُطلق على إسرائيل بطاقة سعر"، وأوصى بأن "حتى إذا سقط الصاروخ في منطقة مفتوحة أو في البحر، يجب أن نضر بالبنى التحتية وندمر مائة بيت".[27]

مثل هذه التصريحات تتسق مع تصريح ومقال تم نشره قبل النزاع من قبل المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، يدافع عن مبدأ تدمير الممتلكات العقابي، المقصود به ردع الجماعات المسلحة من مهاجمة إسرائيل.  وفيما تركزت هذه التصريحات على إستراتيجية إسرائيل في النزاعات المسلحة المستقبلية في لبنان، فإنها تتفق مع التدمير الذي وثقته هيومن رايتس ووتش في بعض أجزاء قطاع غزة. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2008، قال الجنرال غادي إيسينكوت، قائد الجناح الشمالي من جيش الدفاع الإسرائيلي لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية:

ما حدث في الضاحية ببيروت في 2006 [الذي تضرر كثيراً بالهجمات العسكرية الإسرائيلية] سيحدث في كل قرية يتم إطلاق الصواريخ منها على إسرائيل... سوف نستخدم قوى غير متناسبة ضدها [القرية] ونلحق دماراً واسعاً بها. ومن وجهة نظرنا، فهذه ليست قرى من المدنيين، بل هي قواعد عسكرية. وليست هذه بتوصية، بل هي خطة، وقد تمت الموافقة عليها.[28]

القانون الإنساني الدولي يحظر أي هجمات عشوائية "تعامل أهدافاً عسكرية منفصلة ومتميزة عن بعضها البعض في مدينة أو بلدة أو قرية أو أية منطقة أخرى فيها تركز مماثل من المدنيين والأعيان المدنية، على أنها هدفاً عسكرياً واحداً".[29] وتسمح قوانين الحرب بالهجمات على الأهداف العسكرية من قبيل قاذفات الصواريخ حتى إذا كانت وسط منطقة سكانية مأهولة وكان الضرر المتوقع أن يلحق بالمدنيين متناسباً مع الميزة العسكرية المتوقعة (انظر "الالتزامات القانونية").

وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تتبرأ من تصريحات رجال السياسة والجيش التي تكرس لمبدأ غير قانوني عقابي، في النزاعات المستقبلية.

وبالإضافة للمنطق العقابي الذي بموجبه يردع تدمير ممتلكات المدنيين الهجمات الصاروخية في المستقبل من الجماعات الفلسطينية المسلحة، فإن تقارير الإعلام والشهادات من الجنود الإسرائيليين المشاركين في عملية غزة يوحي بمنطق ثانٍ لتدمير الممتلكات: أن جيش الدفاع الإسرائيلي أراد تدمير الممتلكات من أجل تحسين الوضع العسكري الإسرائيلي في غزة بعد النزاع. وكما هو مذكور أدناه في الجزء الذي يتعامل مع التزامات إسرائيل القانونية من هذا التقرير، فإن الهجمات ضد الممتلكات المدنية على أساس أنها قد تستخدم – الممتلكات – لأغراض عسكرية، هي هجمات غير قانونية.

وفي بعض الحالات، ربما دمرت القوات الإسرائيلية الممتلكات في مناطق قريبة من الحدود لخلق منطقة عازلة خالية من المخابئ التي يمكن للجماعات الفلسطينية أن تطلق منها الهجمات على إسرائيل. وربما كان هذا هو منطق تدمير الممتلكات في إحدى الحالات الموثقة في هذا التقرير (انظر "خزاعة"). لكن قوانين الحرب لا تسمح لأي من أطراف النزاع بهدم جميع البنايات المدنية في منطقة معينة من أجل خلق منطقة عازلة في النزاعات المسلحة المحتملة في المستقبل (انظر "الالتزامات القانونية").

وقال صف ضابط احتياطي بالمشاة شارك باالقتال في عملية الرصاص المصبوب لـ هيومن رايتس ووتش إن الجلسة السابقة على دخوله غزة، قال فيها قائد فصيلته: "الجيش في منطقتنا سيدخل إلى هناك بغرض التدمير وليس فقط الهجوم على أهداف محددة، بل أيضاً لتدمير ما يُدعونه "اليوم التالي".[30] وأوضح السرجنت لمنظمة كسر الصمت – وهي منظمة إسرائيلية من الجنود القدامى بالجيش الإسرائيلي – أن "تعبير "اليوم التالي" تكرر كثيراً، حتى رغم أننا كنا ما زلنا في العمليات".[31] وبالإضافة إلى التصريح بمهاجمة المنازل التي اعتبرت "مصدراً للصواريخ" التي تطلقها الجماعات الفلسطينية، قال السرجنت:

قيل لنا إن المنازل يجب هدمها بغرض "اليوم التالي". اليوم التالي هو في واقع الأمر الفكرة بأننا ذاهبون إلى غزة لفترة محدودة قد تكون أسبوعاً أو عدة أشهر [...] والمنطق كان أننا نريد الخروج من المنطقة بعد أن تبقى عقيمة قدر الإمكان. والسبيل الأفضل لهذا هو تدميرها تماماً. بهذه الطريقة تصبح قدرتنا على إطلاق النار من بعد جيدة، ولدينا قدرة مراقبة جيدة، ويمكننا أن نرى كل شيء، ونسيطر على جزء كبير من المنطقة بفعالية بالغة.[32]

وطبقاً للسرجنت، فإن سياسة "اليوم التالي" انطبقت على أي "نقطة إستراتيجية... بين نصف كيلومتر إلى أكثر من كيلومتر واحد [من الحدود]. لا أذكر تحديداً لذا فلا أريد أن أقول، لكنها مسافة معقولة [من الحدود]" وقد عرض السرجنت مثالاً على "نقطة إستراتيجية" بمنزل على تل يمكن منه "لأي أحد أعلاه أن يرى البحر على جانب [إلى الغرب] والحدود الإسرائيلية على الجانب الآخر". وأقر السرجنت بأنه أحس بـ "شيء من الارتباك" عندما بدأ في تطبيق سياسة "اليوم التالي". "أعني، ترى منزلاً، إذن فماذا تفعل؟ وكيف؟ أحسست بأن الأوامر متعسفة إلى حد ما في هذا المجال".[33] السرجنت الذي كانت وحدته تعمل أثناء النزاع في منطقة مفتوحة بالأساس شرقي الزيتون، جنوبي مدينة غزة، قال إنه كان يعرف "بأن هذا الأمر يُنفذ عملاً، لأن بعض المنازل التي دُمرت وأزيلت لم تكن مبعث قلق" (أي أنها ليست منازل مشتبهة بأنها تستضيف مسلحين أو فيها كمائن أو أسلحة مٌخزّنة أو تعتبر بأي شكل هدفاً عسكرياً).[34] في منطقته "كانت عدة جرافات [كاتربيلر] طراز دي 9 تعمل على مدار الساعة، مشغولة دوماً" بهدم المنازل.[35] وقال السرجنت أن "لا أحد [في جيش الدفاع الإسرائيلي] أصيب في منطقتنا" وأنه "لم أر فلسطينياً واحداً أثناء الأسبوع الذي قضيته هناك"، رغم أن جنوداً آخرين في وحدته أفادوا بوقوع هجمات متفرقة من قبل مسلحين فلسطينيين".[36]

وفي الحالات التي تم فيها تنفيذ سياسة "اليوم التالي" في مناطق بغزة على مقربة من الحدود مع إسرائيل، تتفق رواية السرجنت مع تقرير صدر في "جيروسليم بوست" في 11 يناير/كانون الثاني 2009 ورد فيه أن "الجيش الإسرائيلي قيل إنه يصنع "منطقة آمنة" على امتداد الحدود [مع القطاع] سوف يحتفظ بها بعد انتهاء القتال ويستخدمها لإجراء الدوريات المنتظمة بهدف وقف الهجمات الصاروخية ضد الجنوب".[37] ومن الممكن أن جيش الدفاع الإسرائيلي أجرى عمليات هدم موسعة من أجل خلق منطقة عازلة، رغم أن المقال لا يذكر مثل عمليات الهدم هذه وجيش الدفاع الإسرائيلي لم يقم في واقع الأمر بالتواجد داخل غزة بعد الحرب. ولكن في 25 مايو/أيار 2009، تضاعفت مساحة الأرض داخل حدود غزة الممنوعة على الفلسطينيين من 150 إلى 300 متر، عبر إسقاط منشورات ورد فيها تحذير للسكان في غزة من الإقامة على مسافة 300 متر من الحدود وإلا تعرضوا لخطر إطلاق النار عليهم. وفي عام 2006 حفر المسلحون الفلسطينيون نفقاً تحت الحدود بين إسرائيل وغزة واعتقلوا الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وفي يونيو/حزيران 2009 قال الجنرال (المتقاعد) شلومو برون لمجلة كريستيان ساينس مونيتور بأن "المنطقة العازلة تجعل حفر هذه الأنفاق أكثر تعقيداً وصعوبة بكثير [...]. وقد أنشأت إسرائيل المنطقة العازلة بالأساس لأن الجماعات الفلسطينية المسلحة كانت تهاجم الدوريات الإسرائيلية بالشحنات المتفجرة على الجانب الإسرائيلي من الحدود".[38]

في إحدى الحالات الموثقة في هذا التقرير – تدمير 14 منزلاً على امتداد حدود قرية خزاعة جنوب شرقي قطاع غزة –تم فيها تدمير ممتلكات على مسافة 1 كيلومتر من الحدود مع إسرائيل. ولا تعرف هيومن رايتس ووتش أيضاً بأية أدلة أو مزاعم من جيش الدفاع الإسرائيلي بأن المقاتلين الفلسطينيين استخدموا المنازل المدمرة لاحقاً في خزاعة كغطاء للانفاق، والهجمات الصاروخية أو بقذائف الهاون، أو لأنشطة عسكرية أخرى. وبغض النظر عن خزاعة، فإن أقرب منطقة للحدود وثقت فيها هيومن رايتس ووتش دماراً موسعاً هي عزبة عبد ربه، ومنطقة صناعية قريبة، في منطقة تقع على مسافة نحو 2.5 كيلومتر من الحدود. ليست أي من البنايات المدمرة التي شاهدتها هيومن رايتس ووتش في خزاعة أو عزبة عبد ربه كانت تقع في مناطق عالية من النوع الذي ذكره السرجنت كنموذج على "النقاط الإستراتيجية".

تدمير الممتلكات المدنية لخلق "منطقة عقيمة" تُحسن من الوضع العسكري للمهاجم في النزاعات العسكرية المستقبلية المحتملة، هو خرق للقانون الإنساني الدولي. وفيما يمكن تبرير تدمير الهدف المدني الذي يقدم ميزة عسكرية أكيدة وملموسة، فإن الهدف المدني لا يصبح هدفاً لأن تدميره يقدم للمهاجم فرصة جيدة في هجوم مستقبلي مفترض ، أو بسبب احتمال استخدامه في المستقبل كغرض عسكري على يد العدو. وبما أن جميع الأهداف العسكرية هي أهداف عسكرية محتملة، فإن السماح بتدميرها بناء على احتمال استخدامها في المستقبل يعني السماح بتدمير جميع الأعيان المدنية. من ثم، فبينما يُسمح بتدمير منزل يغطي على مدخل لنفق يُستخدم لأغراض عسكرية، فإن المنزل الذي قد يستخدم افتراضاً من قبل المسلحين الفلسطينيين في المستقبل غير المعلوم ليس من القانوني تدميره.[39]

وقال جندي إسرائيلي كان يُشغل دبابة في شمال غزة أثناء العملية قال لمنظمة كسر الصمت: "حجم الدمار كان غير معقول. أقود الدبابة في الأحياء ولا أتعرف على شيء واحد. ولا حجر باق فوق آخر. ترى الكثير من الحقول والصوبات والبساتين، لكن كل شيء مُدمر. محطم تماماً".[40] وقال الجندي إن دبابته كانت تعمل بالتعاون مع جرافات الـ دي 9 العسكرية التي تحضر لـ "مواقع حماية ثانوية" للقوات الإسرائيلية وراء الخطوط الأمامية. وإذا قرر قائد إحدى هذه المناطق "أنه لا يحب شكل منزل ما، أو إذا ضايقه أو هدد قواته، يتم هدمه"، على حد قوله.[41] وتسمح قوانين الحرب بهدم المنازل لأسباب عسكرية ماسة تتسق مع قوانين الحرب. لكن الجندي قدّر أن "ربما نصف" عمليات الهدم نُفذت بأغراض "احتياجات عملياتية". وفي حالات أخرى، بدا له أن التدمير كان مبالغاً فيه: "أحياناً كان قائد الوحدة يعطي جرافات الـ دي 9 شيئاً تهدمه لإسعاد سائقيها لا أكثر".[42]

أمدت كسر الصمت هيومن رايتس ووتش بنص مقابلة أجرتها المنظمة مع قائد جرافة دي 9 عسكرية. قائد الجرافة، الذي طلب عدم ذكر اسمه، قال إنه دمر عدداً كبيراً من المنازل، والبساتين والصوبات الزراعية في منطقة غزة شمال معبر صوفا الحدودي مع اقتراب العمليات العسكرية الإسرائيلية من نهايتها. وقبل دخوله غزة، قال السائق إنه "صُدم" من الأوامر التي أعطاها أحد القادة لوحدته:

قال [القائد]: "حقيقة أننا دولة ديمقراطية انقلبت ضدنا، لأن الجيش لا يمكنه التحرك بشكل عدواني بالقدر الذي يوده" ثم أكد أننا سنعمل في هذه العملية بشكل عدواني [...] عادة في مثل أحاديث الجيش هذه، يذكر القادة أرواح المدنيين ويُظهرون الاحترام للمدنيين. لكن ها هنا لم يذكر هذا حتى. فقط الوحشية، التحول إلى الوحشية [...] قال: "في حال الشك، اهدموا المنازل، لا تحتاجون لأمر تأكيدي على أي هدم، إذا أردتم الهدم".[43]

طبقاً لما ذكره سائق الجرافة، ففي جلسة ثانية نهاية العمليات، قال القائد للفرقة أنهم هدموا 900 منزل. ووجد السائق الرقم مقبول وحقيقي، نظراً لمشاركة نحو 60 جندياً في تشغيل الجرافات في هذه العملية وحقيقة أن "الكثير من الناس الذين كانوا في غزة لمدة يومين يهدمون المنازل باستمرار منزلاً وراء الآخر". وأضاف إن بعض أعمال الهدم نُفذت بعد اتفاق وقف إطلاق النار في 18 يناير/كانون الثاني.

كنا ما زلنا نقتحم، هذه المرة بالقرب من السياج [على امتداد خط الهدنة] ولا نهدم البيوت، بل البساتين وأشياء من هذا القبيل. الأشياء التي تبرز من الأرض جميعاً. كنا نسويها بالأرض بالقرب من السياج لتوسيع مجال الرؤية من إسرائيل إلى [...] 200 متر من السور. لم أذهب تلك المرة، لكن المسافة كانت 200 متر.[44]

قال السائق إنه تلقى تعليمات على اللاسلكي بتدمير منازل بعينها، ولم يؤمر ببساطة بتسوية كل شيء بالأرض في المنطقة بأكملها. لكن، على حد قوله، لم تتبع أي قوات من جيش الدفاع الإسرائيلي وحدة الجرافات إلى غزة، وأكد أنه كان "القوة الختامية". وبدلاً من استخدام الجرافات لإبعاد الشحنات المتفجرة لتمهيد طريق أمام تقدم المشاة بعده، ساعد على تسوية المنطقة بالأرض، وكانت قد خلت بالفعل من المسلحين، ومن الأنفاق الخفية والبنايات التي قالت مصادر استخباراتية أن المسلحين ربما يخفون فيها أسلحة. ومن غير القانوني تدمير ممتلكات مدنية على أساس أنها قد تُستخدم من قبل العدو في نزاعات محتملة في المستقبل (انظر "الالتزامات القانونية"). وقد شاهدت هيومن رايتس ووتش ممتلكات مدنية مُدمرة في المنطقة المحيطة بمعبر صوفا الحدودي كانت على مسافة أبعد من 2.8 كيلومتر من الحدود (انظر "خزاعة، الشوكة والفخار"، أدناه).

وقال عدة جنود لكسر الصمت إنهم كانوا مندهشين من طبيعة عملية هدم المنازل "بلا توقف" في المناطق التي يسيطر عليها جيش الدفاع الإسرائيلي. وقال أحد أعضاء طاقم دبابة إسرائيلية تم غرسها في منطقة سكنية بغزة لمدة أسبوع، قال إن القوات الإسرائيلية دمرت المنازل في المنطقة بشحنات متفجرات "بشكل يومي تقريباً، طوال الوقت"، رغم أن المنطقة قد أُفرغت من المسلحين وكانت القوات الإسرائيلية تمارس سيطرتها عليها. "كانت هناك انفجارات مستمرة [...]. المهندسون كانوا يشاركون بلا توقف، والمنازل لم يكن فيها أحد [...] وعلى أية حال هذه المنازل كانت خاضعة للمراقبة، وأنا شخصياً لم أر أحداً فيها [...]".[45]

وكان جيش الدفاع الإسرائيلي في مناسبات سابقة قد دمر الممتلكات في غزة، ولو كانت لهدف عسكري مزعوم، فقد كان حجم التدمير يفوق حد التناسب بموجب القانون الدولي – عبر تدمير 16000 منزل على سبيل المثال في رفح من عام 2000 إلى 2004، بالأساس من أجل إخلاء منطقة عازلة على امتداد الحدود مع مصر. وانتهت هيومن رايتس ووتش إلى أن هدم المنازل تم بالرغم من وجود بدائل أقل تدميراً ويمكن اللجوء إليها، ومنها استخدام الرادار المخترق للأرض، الذي يمكنه التحقق من وجود الأنفاق وآليات مثل سد مداخل الأنفاق بالإسمنت، في إشارة إلى أن المنازل دُمرت "بغض النظر عن كونها تمثل تهديداً محدداً".[46]

قابلية جيش الدفاع الإسرائيلي لتدمير الممتلكات دون تبرير عسكري كافي أو التدمير الذي سبب ضرراً غير متناسب بالمدنيين يعكس التقارير الأكثر عمومية بأن القيادات العسكرية أمرت بالهجمات على أهداف دون اتخاذ جميع الاحتياطات المستطاعة لتقليص الضرر اللاحق بالمدنيين. وقال عامير مرمور، الجندي الاحتياطي الذي خدم كجندي مدفع على دبابة تعمل في جباليا، لـ صحيفة جيويش كرونيكل:

كنا هناك لمدة أسبوع رغم حقيقة أن لا أحد أطلق النار علينا، واستمرت عمليات إطلاق النار والهدم بلا هوادة. أشك كثيراً في إمكانية تبرير عدد عمليات الهدم. قيل لنا أن نتوقع نيران من مختلف الاتجاهات، وكان رد فعلنا الأول هو تفجير أو هدم المنازل في اتجاه معين كي نتمكن من الرؤية أفضل. لكن لم تأت نيران من ذلك الاتجاه أو غيره.[47]

ووصف جنود آخرون أجواء تساهلية للغاية أخفق القادة فيها في تأديب الجنود الذين دمروا ممتلكات بلا ضرورة. "أفيف" قائد الفرقة من وحدة تتبع كتيبة غيفاتي الذي كانت قواته في الزيتون جنوبي مدينة غزة، أفاد بأن الجنود خربوا المنازل "دون سبب غير أن هذا شيء طريف... لا تحصل على انطباع من الضباط بأن هناك أي منطق في ذلك، لكنهم لا ينطقون بكلمة احتجاج".[48]

وفي تقرير تم نشره في 29 يوليو/تموز 2009، ذكرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن "الضرر الجسيم اللاحق بالبنية التحتية والأفراد من المدنيين وقع في مجرى عملية غزة" لكن "الكثير من الدمار كانت تتطلبه الضرورات العسكرية وكان جراء أسلوب حماس في العمليات".[49] وورد في التقرير أن بعض الضرر كان جراء استخدام حماس لكمائن متفجرات، كانت تؤدي لانفجارات ثانوية تؤدي للضرر بالأعيان القريبة بعد هجمات جيش الدفاع الإسرائيلي، وأن الجيش كان مطلوباً منه تدمير بعض البنايات الكمائن لحماية قواته، واضطر لتدمير ممتلكات أخرى كي يعبد طرقاً خالية من الكمائن والبنايات.[50] لم يذكر تقرير وزارة الخارجية السياسة الخاصة بالعمليات، التي ناقشها الجنود، من أجل تدمير الممتلكات من أجل "اليوم التالي".

وكما سلف الذكر، فإن وجود شك معقول في وجود الكمائن أو الأسلحة المخزنة يعني أن الأغراض المدنية مثل البنايات السكنية أهداف عسكرية مشروعة. وطبقاً لجندي إسرائيلي شارك في هجوم بري "تم العثور على الكثير من المتفجرات [...]. وقامت فرق الدبابات أو فرق المهندسين بتفجيرها. وكثيراً ما كانت لا تنفجر لأن أغلب ما وجدناه كان موصولاً بأسلاك ويجب إطلاق فتيله أولاً كي ينفجر، لكن من كان مفترضاً به أن يفجرها كان قد هرب. لكن تلك المتفجرات كانت حية على أية حال..."[51] وفي بعض الحالات أطلق جيش الدفاع الإسرائيلي فتيل المتفجرات الكمائن التي دمرت البناية التي كانت مزروعة فيها. كسر الصمت نشرت رواية لجندي شهد على حادث من هذا النوع بالقرب من الزيتون: "جرافة الـ دي 9 تقوم بجولات للتحقق من أن المنازل غير مفخخة بالمتفجرات. وفجأة تقفز الجرافة في الهواء وينهار الطابق الأرضي كله وكذلك جزء من الطابق الثاني".[52] وفي حالات أخرى، ظهر في تسجيلات فيديو سجلتها طائرة إسرائيلية انفجارات ثانوية انطلقت إثر الهجمات الإسرائيلية، والظاهر أن السبب كان أسلحة خزنتها جماعات فلسطينية مسلحة. بعض هذه الانفجارات الثانوية يبدو أنها دمرت أو أضرت بالمنطقة المستهدفة وكذلك البنايات المحيطة بها.[53]

وفي جميع الحالات التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش والتي تم فيها تدمير أعداد كبيرة من البنايات أو لحق بها الضرر، كانت توجد أدلة على أن التدمير نُفذ بواسطة ألغام إسرائيلية مضادة للدبابات أو جرافات إسرائيلية.[54] فيما يمكن لحالات أخرى من تدمير الممتلكات أن تكون غير قانونية، فإننا لم نحقق في حالات لا يبدو بوضوح أنها تفي بمعايير قوانين الحرب الخاصة بالتدمير الموسع غير الضروري في المناطق الخاضعة للسيطرة. وفي الحالات التي تبينت فيها أن القوات الإسرائيلية كان يمكن أن يكون لديها سبب عسكري لتدمير الممتلكات، لم يتم إجراء المزيد من التحقيق (انظر "منهج التقرير").

وبالمثل، فإن قوات جيش الدفاع الإسرائيلي كان بإمكانها قانوناً أن تدمر الممتلكات المدنية الأخرى إذا كانت هناك ضرورة عسكرية مشروعة لهذا، مثل عندما يحتاج الجنود لإجراء عمليات بالقرب من بنايات يوجد اشتباه معقول بأنها مفخخة أو ملغمة بطريقة يمكن أن تعرض الجنود على مقربة منها للخطر. وفي الحالات التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش، كان مقدار التدمير الواسع وحقيقة أنه تم من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي بعد السيطرة على المنطقة، يعني عدم الاتساق مع مثل هذا التفسير.

وورد في تقرير وزارة الخارجية:

هدمت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي البنايات التي تهدد قواتها ويجب إزالتها. وتشمل (1) المنازل التي استخدمتها حماس في أغراض عسكرية في أثناء القتال، (2) بنايات أخرى استخدمتها حماس في أنشطة إرهابية، (3) بنايات كان تدميرها الكلي أو الجزئي مطلوباً للضرورات العسكرية، مثل تحركات القوات من منطقة لأخرى (نظراً لأن الكثير من الطرق كانت مفخخة)، (4) العناصر الزراعية المستخدمة كغطاء للأنفاق والبنى التحتية الإرهابية، (5) البنية التحتية المجاورة للسياج الأمني بين غزة وإسرائيل، والمستخدمة في عمليات حماس ضد قوات جيش الدفاع الإسرائيلي أو المستخدمة في حفر الأنفاق إلى الأراضي الإسرائيلية.[55]

ولا تحظر قوانين الحرب التدمير القانوني للبنايات والبنية التحتية والأراضي الزراعية التي تدخل ضمن المعايير الواردة في تقرير وزارة الخارجية. هذه المعايير لا تنطبق على أي من الحالات التي بحثتها هيومن رايتس ووتش في هذا التقرير. الاستخدام السابق من قبل قوات حماس لأعيان مدنية لا يعني أن هناك ما يكفي من الأسباب لتبرير تدميرها تحت لواء قوانين الحرب. لكن هيومن رايتس ووتش لم تعثر على أدلة على أن حماس نشرت مقاتلين أو أسلحة أو ذخائر في البنية التحتية أو غير ذلك من الأسباب الخاصة بالضرورة العسكرية كي تدمر إسرائيل الممتلكات في أغلب الوقائع التي حققنا فيها. وكما سلف الذكر، فإن نتائجنا تقتصر على الحوادث الفردية (التي لا نزعم أنها تمثل نهجاً أوسع للقوات الإسرائيلية) التي يبدو أنها تنتهك قوانين الحرب والتي يجب أن تحقق فيها إسرائيل كي لا تتكرر في المستقبل، ونحن لم نسع للتحقيق في حالات التدمير التي ربما كانت جراء الضرورة العسكرية.

 

 

منازل مدمرة ومخيم من الخيام في عزبة عبد ربه، أبريل/نيسان 2009. وثقت هيومن رايتس ووتش التدمير التام للمنازل الخاصة بـ 287 شخصاً على الأقل، على الطريق الرئيسية للحي وبالقرب منها. © 2009 بيل فان إسفلد/هيومن رايتس ووتش.

 

لغم إسرائيلي مضاد للدبابات في حطام منزل مهدوم في منطقة عزبة عبد ربه في غزة. هناك أدلة على أن جيش الدفاع الإسرائيلي تكرر استخدامه للألغام المضادة للدبابات لتدمير المنازل في غزة. © 2009 بيل فان إسفلد/هيومن رايتس ووتش.

 

حمدان أبو عريبان، حارس بالشركة الهندسية للخرسانة ومواد البناء، يقف إلى جوار خلاط أسمنت مدمر وإلى جوار سيارته. شاهدت هيومن رايتس ووتش 16 عربة محطمة في المصنع، والظاهر أنها دُمرت على يد الدبابات أو الجرافات الإسرائيلية، بالقرب من حي الزيتون في غزة. © 2009 بيل فان إسفلد/هيومن رايتس ووتش.

 

سكان قرية خزاعة جنوب شرق غزة، فروا عندما هدمت الجرافات منازلهم، وخلفت 119 شخصاً مشردين. © 2009 بيل فان إسفلد/هيومن رايتس ووتش.

 

آثار الجرافات ظاهرة على الأرض، في الطريق المؤدية إلى مصنع بسكويت الوادية المُدمر، في المنطقة الصناعية القريبة من عزبة عبد ربه. © 2009 بيل فان إسفلد/هيومن رايتس ووتش.

 

أحد سكان حي الزيتون بغزة يقف وسط حطام منزله، أبريل/نيسان 2009. © 2009 بيل فان إسفلد/هيومن رايتس ووتش.

 

عزبة عبد ربه والمناطق الصناعية المجاورة

 

سيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي على عزبة عبد ربه

تقع عزبة عبد ربه جنوب جباليا إلى الشمال الشرقي من مدينة غزة ، وعلى بعد يقارب 2.5 كم من خط الهدنة مع إسرائيل. وقد وثقت هيومن رايتس ووتش ما حل بالعزبة أو بالقرب من الطريق الرئيسي المؤدي إليها إبان عملية الرصاص المصبوب من دمار كلي لـ 45 من الأبنية السكنية كانت تؤوي 289 شخص على الأقل. كما تم تدمير 15 منشأة صناعية في المنطقة الواقعة إلى الشرق من العزبة، على النحو الوارد لاحقاً (تحت عنوان "المناطق الصناعية"). وطبقاً لما أجري من مقابلات فردية مع 17 من قاطني العزبة، فإن الأغلب الأعم من الدمار الذي أصاب عزبة عبد ربه، والذي يوثقه هذا التقرير، وقع تالياً ليوم 7 يناير/كانون الثاني وهي النقطة التي شرع عندها جيش الدفاع الإسرائيلي قي بسط سيطرته على العزبة.

 

ولم تجد هيومن رايتس ووتش أية قرائن تشير لتوافرسبب قانوني تفرضه ضرورة حربية لتدمير حزام المنازل والمباني الصناعية في عزبة عبد ربه، إذ أن القدر الأكبر من التدمير وقع بعد أن وطد جيش الدفاع الإسرائيلي سيطرته على المنطقة. كما وأن تراجع وتيرة العمل العسكري في المنطقة  بدرجة كبيرة قللت من إمكانية أن يكون تدمير ذلك العدد الكبير من المباني قد تم تحسباً لقتال وشيك.

 

وبالرغم من عدم إقدام هيومن رايتس ووتش على تحديد العدد الإجمالي للمنازل التي حاق بها الدمار بالعزبة أثناء نزاع ديسمبر/كانون الأول - يناير/كانون الثاني إلا أن منظمة الميزان، وهي منظمة فلسطينية معنية بحقوق الإنسان،عينت 178 منزلاً بالعزبة باعتبارها مدمرة كلية.[56] كما بين تحليل صور الأقمار الصناعية (ونبحثه لاحقاً) أن 341 من الأبنية بالمنطقة قد تدمرت أو أصيبت بأضرار بالغة.

 

وطبقاً لرواية سكان العزبة فإن القوات الإسرائيلية قد سارعت إلى احتلال عدد محدود من المباني أعلى جبل الكاشف وهو عبارة عن تل يقع إلى الجانب الشمالي المطل على العزبة وذلك في غضون الأربع وعشرين ساعة التي أعقبت هجومها البري يوم 3 يناير/كانون الثاني، وعندها حولت  تلك القوات وجهتها نحو الجنوب فتحركت صوب المسجد الواقع في مركز العزبة. وجاء فيما قاله أحد السكان: "إنطلاقاً من المسجد أخذ [الجنود] في التنقل من بيت إلى بيت باتجاه الشرق" محتلين المنازل في طريق تقدمهم.[57]كما يتذكر العديد من السكان كيف أنه بحلول يوم 5 يناير/كانون الثاني كانت إحدى الدبابات قد قبعت في خندق قرب المسجد في منتصف شارع القدس، وهو الطريق الواصل بين الشرق والغرب عند منتصف العزبة (يشار إليه عادة بشارع زِمُّو)، كما يتذكرون كيف احتلت القوات الإسرائيلية العديد من المنازل على امتداد شقي الطريق وذلك في المنطقة المحيطة بالمسجد. فيما اقتحم الجنود الإسرائيليون المنازل عنوة أو استخدموا مكبرات الصوت المحمولة في إعطاء الأوامر للسكان بإخلائها، معتقلين عدداً منهم مؤقتاً. وقد أخبر عدد من السكان هيومن رايتس ووتش بأن الجنود الإسرائيليين قد أجبروهم على تفتيش المنازل أو القيام بمهام خطرة أخرى، بما يمثل خرقاً لقوانين الحرب.[58]وطبقاً لما قاله السكان فإنه بحلول صباح يوم 7 يناير/كانون الثاني كانت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي البرية قد أحكمت سيطرتها على القسمين الشرقي والغربي من عزبة عبد ربه.

 

إن لجنة التحقيق التابعة لمقر للأمم المتحدة الرئيسي، التي انتدبت لمعاينة الأضرار التي أصابت ممتلكات الأمم المتحدة وإصابات العاملين بها أثناء أدائهم لواجبهم قد تحرت بشأن إحدى الحالات التي تعرضت فيها قافلة من الشاحنات تابعة للأمم المتحدة لإطلاق النار في عزبة عبد ربه يوم 8 يناير/كانون الثاني وذلك بعد أن تلقت تصريحاً من جيش الدفاع الإسرائيلي بالتوجه إلى المنطقة لاستعادة جثمان أحد موظفي الأمم المتحدة. وقد اكتشفت اللجنة أنه بحلول يوم 5 يناير/كانون الثاني كانت المنطقة "قد تم إحتلالها من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي."[59]إن تفاصيل الحادث الذي وقع يوم 8 يناير/كانون الثاني يقيم حجة إضافية لإستنتاج أن جيش الدفاع الإسرائيلي كان قد فرض سيطرته الكاملة على المنطقة. ولقد أعطى جيش الدفاع الإسرائيلي تعليماته لموظفي الأمم المتحدة بالمرور عبر المنطقة "في تاريخ ووقت محددين" وكذا "بعدم استخدام طريق معين."[60]

 

العديد من السكان من قاطني شارع زمو أو بالقرب منه الذين غادروا المنطقة فيما بين يومي 5 – 12 يناير/كانون الثاني قالوا أن منازلهم ومنازل جيرانهم لم تتعرض لأضرار بالغة آنذاك، وأن أكثر الاشتباكات دنواً كان على مسافة لاتقل عن 500 متر إلى الغرب، فيما وراء تخوم عزبة عبد ربه. إلا أنه حين عاد السكان إلى بيوتهم بحلول يوم 18 يناير/كانون الثاني, اكتشفوا أن كامل النصف الشرقي من العزبة  شاملاً عشرات المنازل فضلاً عن مئات الدونمات من الأراضي قد دمرتها القوات الإسرائيلية فعلياً بصورة تامة.

 

إن ما كشف البحث عنه من أن الدمار الذي حل بالعزبة قد وقع تالياً للطور الأولي من الهجوم العسكري قد عززه تحليل صور الأقمار الصناعية الذي قام به برنامج التطبيقات التشغيلية للقمر الصناعي التابع للأمم المتحدة (يونوسات UNOSAT)، الذي أمكنه تعيين المباني التي تهدمت أو أضيرت بشدة في عزبة عبد ربه على امتداد تلك الفترة الزمنية بناء على مقدارالضرر الظاهر في صور القمر الصناعي. لقد اكتشف يونوسات أن 11 من مباني العزبة فقط قد دمرت أو أضيرت بشدة فيما بين يومي 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 و6 يناير/كانون الثاني 2009 في حين أن 330 مبنى تم تدميرها أو أضيرت بشدة فيما بين يومي 6 و19 يناير/كانون الثاني أي أن زيادة في حجم الدمار قدرها 30 مثل قد حدثت بعد أن فرض جيش الدفاع الإسرائيلي سيطرته بصورة واضحة على المنطقة.[61]

 

وجاء فيما قاله السكان  أن المقاتلين الفلسطينيين كانوا قد أطلقوا صواريخهم من المناطق المكشوفة المحيطة قبيل الهجوم الإسرائيلي. كما أخبر السكان هيومن رايتس ووتش أن مراقبي الحدود (المرابطين) التابعين لحماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة قد تواجدوا بصورة متكررة في عزبة عبد ربه قبل وقوع النزاع وأن الجماعات المسلحة قد استخدمت المناطق المكشوفة القريبة لإطلاق الصواريخ صوب إسرائيل. لذا فقد خمن هاشم دحلان، 49 سنة، أن تكون القوات الإسرائيلية قد "دمرت من المنازل الواقعة في القسم الشرقي من العزبة عدداً أكبر بكثير مما دمرته في الجانب الغربي، إذ أن المقاتلين الذين قدموا إلى تلك المنطقة في الماضي قد (نفذوا عملياتهم) من الشرق.[62]كما قال دحلان أن واحداً على الأقل من المنازل التي دمرت كان به ممر للفرار يؤدي إلى منزل آخر. وأضاف أنه على الرغم من أن مقاتلي حماس كانوا يستخدمون المنطقة إلا أن عدداً قليلاً منهم كانوا يعيشون فيها: "ستة فقط من المنازل المدمرة تخص حماس." كما وأن واحداً آخر من السكان يدعى محمود رجب عبد ربه قد أخبر هيومن رايتس ووتش عن الأنفاق في جبل الكاشف وجبل الريس، وهما اثنين من التلال الى الشمال والجنوب من العزبة على الترتيب.[63]وطبقاً لروايات السكان فإنه من الجائز أن تكون الجماعات المسلحة قد استخدمت بعض المنازل في عزبة عبد ربه كغطاء قبيل أو عقب إطلاق الصواريخ من المناطق القريبة أو لأية أغراض حربية أخرى.

 

إن المنازل التي كان يستخدمها المقاتلون الفلسطينيون كغطاء, أو التي كانت تخفي أنفاقاً، أو تلك التي تضمنت أية أغراض حربية تقع تحت طائلة الهجوم المشروع. غير أن السكان قد قالوا أن مثل تلك الأبنية كانت تمثل أقلية ضئيلة من منازل عزبة عبد ربه. وليس في معلوم هيومن رايتس ووتش أية قرائن كان بإمكانها أن تدفع جيش الدفاع الإسرائيلي إلى استنتاج معـقول بان ما يمثل هدفاً حربياً يمكن أن يتجاوز نسبة صغيرة من المنازل التي قامت بتدميرها في تلك المنطقة ولو بافترض أن جيش الدفاع الإسرائيلي اعتبر أنه من المشروع تدمير المنازل التي كان من المحتمل أن يستخدمها المقاتلون في هجماتهم المستقبلية ( مضافاً إليها تلك المنازل التي كان تدميرها سيحقق ميزة حربية ملموسة ومعلومة تحديداً في ذلك النزاع في الحدود التي تجيزها قوانين الحرب). إن التدمير بالجملة لمجمعات بأكملها من المباني، حتى وإن كان تدمير بعضها أمراً مشروعاً، ليرقى رغماً عن هذا, طبقاً لقوانين الحرب, إلى درجة التدمير العبثي.

 

أعضاء مكتب المحامي العام العسكري أخبروا هيومن رايتس ووتش، في مقابلة تمت يوم 4 فبراير/شباط 2010، أن قتالاً شديداً كان قد نشب في عزبة عبد ربه وساقوا مثلاً أن "ثلاثة من المقاتلين قد خاضوا من داخل واحد من المساكن الخاصة قتالاً ضارياً بالأسلحة النارية إمتد لساعات." وجاء في محاججة مكتب المحامي العام العسكري أن "ذلك الحادث ليس بالفريد في نوعه فلقد وقع على امتداد القطاع" وأشار إلى الصور الفوتوغرافية التي نشرها مكتب المتحدث الرسمي لجيش الدفاع الإسرائيلي لمبان كانت الجماعات الفلسطينية المسلحة قد استخدمتها لأغراض حربية.[64]إلا أنه لم يكن بمقدور مكتب المحامي العام العسكري الإشارة لأية معلومات محددة أخرى فيما يتعلق بالقتال أو استخدام الممتلكات المدنية في عزبة عبد ربه لأغراض حربية، وأقر بأنه لم يتم نشر أية صور ملتقطة من تلك المنطقة.

 

وطبقاً لرواية السكان والتقارير الأخرى فإن بعض المقاتلين الفلسطينيين كانوا متواجدين بالعزبة وقت وقوع الهجوم الجوي الإسرائيلي الذي بدأ يوم 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 والهجوم البري الذي أعقبه بدءاً من يوم 3 يناير 2009. وطبقاً لمقال نشرته منظمة إسرائيلية غير حكومية فقد أشارت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في شأن نزاع غزة إلى أنه " يبدو أن عزبة عبد ربه ومناطق جبل الكاشف وجبل الريس القريبة منها كانت من بين المواقع في غزة التي شهدت أشد المعارك أثناء العمليات الحربية ."[65]وقد ذكر المقال أنه في واحدة من الحوادث وقعت مساء يوم 9 يناير/كانون الثاني 2009 قد "أطلقت ثلاث من قذائف آر بي جي RPG فضلاً عن نيران الرشاشات صوب منزل إحتل جنود جيش الدفاع الإسرائيلي مواقعهم فيه وذلك في منطقة عزبة عبد ربه بالقطاع الشرقي من جباليا."[66]وقد اعتمد المقال على معلومات مصدرها مواقع الجماعات الفلسطينية المسلحة على شبكة الإنترنت، التي بالغت في حالة واحدة على الأقل في وصف نجاحاتها الحربية.[67]

 

لم يتسن لـ هيومن رايتس ووتش تحديد عدد المقاتلين الفلسطينيين أو الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا أو جرحوا أثناء القتال في عزبة عبد ربه. وقد قابلنا عدد من السكان الذين قالوا أن الهجمات الإسرائيلية قد أدت لمقتل ستة مقاتلين على الأقل في عزبة عبد ربه حتى يوم 6 يناير/كانون الثاني، ويبين الفحص المقارن لقوائم الضحايا التي أعدها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان (PCHR) وهو منظمة غير حكومية مقرها غزة، مقارنة بتلك التي لدى منظمة بتسيلم الإسرائيلية غير الحكومية أن أربعة على الأقل من المسلحين (وجميعهم من حماس) قد قتلوا في عزبة عبد ربه في شهر يناير/كانون الثاني على مدى الأيام 3، 12، 18 (الذي سقط فيه قتيلين).[68]

 

في الوقت الذي دارت فيه بعض المعارك بين القوات الإسرائيلية والفلسطينية داخل العزبة أثناء الغزو البري الإسرائيلي لها، كما أشير آنفاً، أبلغ السكان أنه إبان مغادرتهم للمنطقة فيما بين يومي 5, 14 يناير/كانون الثاني كانت العزبة قد وقعت تحت سيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي. ولربما يشير مقتل ثلاثة من المقاتلين الفلسطينيين خلال القتال الذي دار داخل أو حول عزبة عبد ربه فيما بعد يوم 5 يناير/كانون الثانيإلى شن الجماعات المسلحة لهجمات مضادة في المنطقة، مما يزيد من إمكانية أن تكون بعض الممتلكات قد أضيرت نتيجة لتلك الهجمات أو بواسطة القوات الإسرائيلية المدافعة. وقد تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى واحد من السكان كان قد بقي في المنطقة خلال الغزو وهو لم يشهد أية قتال تال لبدء الغزو، على الرغم من أنه بقي في بيته، وعليه فقد كان مجال رؤيته محدوداً.[69]غير أن تصريحات الشهود، فضلاً عن القرائن المادية شاملة طبيعة الدمار واسع المدى، توحي بصورة قوية أن الأغالب الأعم مما حل بالممتلكات المدنية من دمار لم يكن نتيجة للقتال كما وأنه لا يتسم بمشروعية الضرورة الحربية كما أوضحنا آنفاً، وهذا هو ما يعنى هذا القسم بمناقشته.

 

لقد دخلت القوات الإسرائيلية القسم الأوسط من عزبة عبد ربه لاحقاً وذلك يوم 3 يناير/كانون الثاني. وقد أخبر أحد السكان هيومن رايتس ووتش أنه سمع طلقات المدفعية عند منتصف الليل تقريباً وأن الجنود الإسرائيليين دخلوا القرية من الشمال في وقت لاحق من تلك الليلة.[70]وقال أنه سمع صوت طلقات الدبابات آتية من جبل الكاشف في الساعة الثامنة من صباح يوم 4 يناير/كانون الثاني.

 

وقال هاشم دحلان أنه راى الجنود يدخلون العزبة مترجلين في السادسة من صباح يوم 4 يناير/كانون الثاني من جبل الكاشف. كما قال أن"أعداداً غفيرة من الجنود يعدون بالمئات كانوا يقتحمون المنازل، ثم يخلونها ويؤمنوها. وفي ذلك الصباح كان الجند داخل المنزلين المقابلين لمنزلي."[71]وأضاف أن جرافات جيش الدفاع الإسرائيلي أقامت في وقت لاحق من ذلك اليوم جداراً ترابياً على جبل الكاشف، كما احتلت القوات الإسرائيلية منزلاً أبيض اللون أعلى التل ونصبت قناصة كانوا "يطلقون نيرانهم صوب منزلي كلما اهتزت ستائر النافذة". وقال أيضاً أنه خلال باقي فترة الغزو "كانت دبابتان تمكثان أعلى جبل الكاشف أثناء الليل غير أن المزيد من الدبابات كانت تأتي من الشرق في الثامنة صباحاً مصحوبة بالجرافات." وطبقاً لما ذكره دحلان فإن جيش الدفاع الإسرائيلي سريعاً ما حظي بالسيطرة على المنطقة.

 

تعيش غزالة سلامة أبو فريح، 60 سنة، في منزل خرساني متعدد الطوابق (لم يصبه الدمار) يطل على البلدة من الجانب الجنوبي الشرقي لجبل الكاشف. وقد أخبرت غزالة هيومن رايتس ووتش أن الجنود الإسرائيليين ظهروا قبالة منزلها في السابعة من صباح يوم 4 يناير/كانون الثاني وقالت "كنا نخشى من أن يقوموا بهدم المنزل، لذا طلبت من زوجة إبني أن توقظ الأطفال، كي يحدثوا بعض الضوضاء ليبينوا للجنود أن هناك أطفال بالمنزل. عندها قام (الجنود) باقتحام المنزل."[72]وقد قام الجنود بجمع غزالة وأولادها وأسرهم في حجرة المعيشة بالطابق الأرضي واحتلوا المنزل. كانوا يطلقون النار من الطابق العلوي، ولم يسمحوا للأسر بترك المنزل حتى يوم 14 يناير/كانون الثاني, "بعد يومين من نفاذ ما لدينا من خبز."

 

  لقد أبلغ السكان بأن بعض المعارك قد دارت في العزبة خلال أيام 3 و4 و5 يناير/كانون الثاني، وهي الأيام الثلاثة الأول من الغزو البري اسرائيلي. هاشم دحلان، 49 سنة، والذي بقي في المنطقة خلال فترة الحرب، أخبر هيومن رايتس ووتش عن اثنين من المسلحين قتلوا من جراء القصف الإسرائيلي يوم 3 يناير/كانون الثاني قرب منزل مسلم الحداد، وهو مالك لمستودع للبلاط، بينما لقي مقاتل آخر مصرعه يوم 4 يناير/كانون الثاني خلال اشتباكات دارت على جبل الكاشف في حين قتل اثنين آخرين في وسط القرية  وتاريخ مقتلهما غير معروف.[73] وقد قال دحلان أنه في يومي 5 و6 يناير/كانون الثاني سمع صوت تبادل لإطلاق النار إلي الشمال الغربي على جانب جبل الكاشف الأكثر بعداً من منزله، إلا أنه لم يعلم بوقوع أي قتال آخر بالقرب من عزبة عبد ربه. دحلان, وهو موظف أمن بالسلطة الفلسطينية ، قال أن حماس قد حدت من نشاطها في المنطقة أثناء القتال وانتقد تقصيرحماس في "انتهاز فرصة تاريخية للاشتباك مع جيش الدفاع الإسرائيلي، الذي دخل المنطقة مترجلاً بالفعل." وطبقاً لما ذكره أحد السكان، واسمه محمود رجب عبد ربه، فإن المقاتل الوحيد من عزبة عبد ربه الذي قتل أثناء الهجوم هو محمد ناهض عبد ربه وكان عضواً بكتائب القسام التابعة لحماس.[74]وقال محمود أن منزل والده قد قصف بقنبلة أو بصاروخ يوم 1 يناير/كانون الثاني. وقد عزز محمود المعلومات التي تفيد بأن قوات جيش الدفاع الإسرائيلي قتلت إثنين من المقاتلين بالقرب من بيت مسلم الحداد وآخر على جبل الكاشف، وقال أن ثلاثة مقاتلين قتلوا في محيط المسجد الواقع في منتصف البلدة. كما قال أن ثلاثة مقاتلين آخرين قتلوا قرب تقاطع شارع زمو وطريق صلاح الدين وهو الشريان الرئيسي فيما بين الشمال والجنوب. شاهد آخر يدعى مجدي عبد ربه أخبر هيومن رايتس ووتش أن جيش الدفاع الإسرائيلي إعتقله ليومين بدءاً من يوم 5 يناير/كانون الثاني وأجبروه على العمل كرسول فيما بين جيش الدفاع الإسرائيلي وثلاثة مقاتلين جرحي تابعين لحماس كانوا محاصرين في أحد المنازل.[75]وطبقاً لما ذكره مجدي فإن جيش الدفاع الإسرائيلي هاجم وقتل المقاتلين الثلاثة خلال الليل يوم 6 يناير/كانون الثاني.

 

قال جمعة مبارك سلام، 25 سنة، ويعمل راعياً، أنه وأسرته قد أخلوا بيتهم في اليوم الثاني للهجوم البري أي يوم 5 يناير/كانون الثاني تقريباً وأضاف: "بينما كنا نغادر المنزل، كانت المقاومة لم تزل موجودة وكذلك بعض المصادمات، إلا أنها كانت أقرب إلى طريق صلاح الدين [أي إلى الغرب من عزبة عبد ربه] منها إلى طريق الخط الشرقي [شرقاً]. لقد كانوا مختبئين ولكننا رأينا الصواريخ عند إطلاقها وسمعنا مدافع الهاون، وتكرر ذلك كثيراً. غير أن أحداً من المقاتلين لم يكن داخل العزبة. وأكثر مواقعهم تقدماً [شرقاً] كان قرب طريق صلاح الدين."[76] وحيث أن جيش الدفاع الإسرائيلي قد أمسك بزمام الإقليم وواصل تقدمه باتجاه غزة من عزبة عبد ربه، فإنه يبدو من غير المحتمل أن تكون فرق إطلاق الصواريخ قد تقدمت إلى قلب منطقة سيطر عليها جيش الدفاع الإسرائيلي بعد أن كان سلام قد غادر المنطقة يوم 5 يناير/كانون الثاني. وطبقاً لما سيرد لاحقاً من بحث، فإن معظم الدمار قد وقع تالياً لإحكام القوات الإسرائيلية سيطرتها على القرية بحلول يوم 7 يناير/كانون الثاني.

 

لقد وصف كثيرون من ساكني عزبة عبد ربه تجارب مماثلة: فقد طردوا من مساكنهم على يد جنود جيش الدفاع الإسرائيلي، أو لاذوا بالفرار نتيجة لشدة القصف، فذهبوا غرباً بطول شارع زمو، حيث كان يتم اعتراضهم واعتقالهم من قبل جنود آخرين من جيش الدفاع الإسرائيلي. كان الجنود يسمحون للسيدات والأطفال بمواصلة سيرهم فيما يحتجزون الرجال ويفحصون بطاقات هويتهم، ثم يخلون سبيلهم بعد ساعات أو أيام. وفي بعض الحالات قامت القوات الإسرائيلية بترحيل الرجال المعتقلين إلى داخل الأراضي الإسرائيلية؛ وفي حالات أخرى بدءاً من يوم 5 يناير/كانون الثاني أجبر جيش الدفاع الإسرائيلي رجال العزبة الفلسطينيين المعتقلين على القيام بمهام خطرة ذات طبيعة حربية.[77]وعلى سبيل المثال فقد أجبر الجنود الإسرائيليون مجدي عبد ربه تحت تهديد السلاح بالدخول تكراراً إلى مبنى دخل إليه ثلاثة من المحاربين الفلسطينيين. [78]تلك الحالات التي تتضمن إقامة الجنود الإسرائيليين لما يمثل نقط التفتيش التي يقومون عندها باعتراض الناس، والتحقق من هوياتهم، والفصل بين أولئك الذين يحاولون مغادرة العزبة، تدل على سيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي على مركز العزبة.

 

قال عارف سلمان العِر، 32 سنة، أن القوات الإسرئيلية اعتقلته يوم 4 يناير/كانون الثاني أثناء محاولته ترك المنطقة. وقال أيضاً أنه رأى قذيفة تضرب منزل أحد أقربائه يدعى محمد محمد العِر، 55 سنة، عند غروب شمس يوم السبت الموافق 3 يناير/كانون الثاني.[79]وفي حوالي الساعة 10من صباح يوم 4 يناير/كانون الثاني، قرر عارف إخلاء أسرته من بيتهم جنوب شارع زمو على الجنب الشرقي من عزبة عبد ربه. وسار عارف وأسرته مسافة 450 متر إلى الغرب بطول شارع زمو حتى بلغوا المسجد. عندها خرج من أحد المنازل جنود إسرائيليون يرتدون الزي الأخضر، وفصلوه عن أسرته، ثم عصبوا عينيه وقيدوه بأصفاد بلاستيكية وأدخلوه إلى المنزل، حيث كان هناك أربعة رجال آخرين معتقلين، بمن فيهم مالك المنزل ويدعى أبو لافح. وقال عارف أن الجنود الإسرائيليين "استخدموني كدرع بشري"، وذلك في اليوم التالي الموافق 5 يناير/كانون الثاني، إذ أجبره الجنود على طرق باب منزل قريب وارتقاء الدرج في المقدمة أمام أحد الجنود أثناء تفتيش المبنى. وقال عارف أنهم نقلوه في يوم 6 يناير/كانون الثاني داخل إحدى المدرعات إلى حافلة سارت به لمدة ساعة لتصل إلى قاعدة عسكرية حيث كان 50 رجل معتقلين. وبعد يومين تم إطلاق سراحه عند معبر إريز إلى داخل غزة. وقال عارف: "لم يخبرونا أي الطرق نسلك، قالوا 'ياللا ، كل واحد على بيته' فذهبنا لمخيم جباليا". وحين عاد عارف وأسرته إلى عزبة عبد ربه يوم 18 يناير/كانون الثاني بعدما انقضت الحرب كان بيته وثلاث منازل مجاورة تعود لأقربائه قد دمرت مخلفة 37 شخصاً مشردين.

 

صابر أبو فريح أخبر هيومن رايتس ووتش أنه قرر الفرار من بيته القريب من المجمع الذي يقطنه العر بعد أن تعرضت المنطقة لقصف شديد، وقد استمع إلى أحد الجنود يأمر كافة الأسر عبر مكبر صوت محمول بمغادرة أماكنهم. ويعتقد صابر أن تاريخ الحدث كان الثلاثاء الأول للهجوم البري، أي يوم 6 يناير/كانون الثاني.[80]وقال أنه عندما غادر المنطقة كانت منازل عائلة أبو فريح الخمسة لم تزل قائمة. وعندما عاد بعد الحرب كانت كلها قد دمرت وأدى ذلك لنزوح 31 شخص.

 

أكرم عايش عبد ربه، 40 سنة، أخبر هيومن رايتس ووتش أن الجنود الإسرائيليين الذين كانوا في العزبة أخذوه من منزله يوم 7 يناير/كانون الثاني.[81]وأجبروه على التحرك في صحبتهم ليومين كما أجبروه تحت تهديد السلاح على التفتيش عن المقاتلين الفلسطينيين والأسلحة داخل البيوت، في خرق لتحريم استخدام الدروع البشرية. وطبقاً لما ذكره هؤلاء السكان فإن كبريات المعارك كانت قد توقفت كما كانت القوات الإسرائيلية قد فرضت سيطرتها على المنطقة أثناء التحفظ عليهم لدى جيش الدفاع الإسرائيلي.

 

سعاد محمد عبد ربه، 54 سنة، التي كانت تقطن مسكناً خرسانياً متعدد الطوابق مقابل شارع زمو، أخبرت هيومن رايتس ووتش أنه في يوم 7 يناير/كانون الثاني "بينما كنا نؤدي صلاة العصر" أمر جندي إسرائيلي يحمل مكبر صوت سكان المنزل الثلاثة عشر بمغادرته.[82]"وأضافت "هرع الأطفال إلى الخارج فيما حاولت إحضار بعض بطاقات الهوية والمصوغات. وأردت أن أحكم إغلاق الباب غير أن الجنود منعوني من ذلك، وقال أحدهم 'نحن موجودون هنا.'" وعادت سعاد بعد الحرب لتجد بيتها مهدماً.[83]

 

فرت كل من أسمهان أبو راشد،44 سنة، وشقيقتها ناريمان أبو راشد، 43 سنة، من عزبة عبد ربه بعد ظهر يوم 7 يناير/كانون الثاني.[84]وكانت الشقيقتان ضمن 19 شخص يعيشون في مبنى من طابق واحد يتكون من 4 غرف بالقرب من مجمع العر، أي أنه يقع أيضاً على الناحية الجنوبية من شارع زمو. وفي الحادية عشرة من صباح الثلاثاء 7 يناير/كانون الثاني أدت شظايا القذائف التي ضربت بيتاً مجاوراً لمقتل والدتهم بدر محمد أبو راشد، 72 سنة. وقد أخبر الجيران تلك العائلة أنه ستكون هناك تهدئة مؤقتة للقتال بعد ظهيرة ذلك اليوم، وكانت إسرائيل قد أعلنت بدءاً، أي في يوم 7 يناير/كانون الثاني، عن "إيقاف يومي مؤقت للقتال لأغراض إنسانية"، لذا قام 15 من أفراد العائلة بإخلاء مبناهم في حوالي الثانية بعد الظهر. وأخبرت أسمهان هيومن رايتس ووتش أنها ساعدت في نقل جثمان والدتها، الذي لف بدثار، غرباً بطول شارع زمو باتجاه طريق صلاح الدين، وهو الشريان الرئيسي للحركة بين شمال غزة وجنوبها، ويبعد نصف ميل غرباً. وكانت القوات الإسرائيلية تسيطر على المنطقة التي مروا عبرها. وجاء فيما قالته أسمهان: "كان الجنود داخل المنازل، وكانت هناك دبابة على الطريق الذي يقع عليه منزل عايش، وكان هناك جنود بالمنزل القريب من الدبابة. وهناك أجبرونا على الانتظار لأربع ساعات" وأضافت أنه عند مغادرتهم للمنطقة رأت بيتها وثلاثة بيوت ترجع لعائلة صيام إضافة لمبنى ضخم يعود لعائلتي شريتح والحداد لم تزل قائمة لم تصب إلا بأضرار بسيطة بسبب الشظايا. وقد دمر كل ما ذكرته أسمهان في وقت لاحق.

 

عايد ضاهر، 34 سنة، والذي تمت مقابلته على حدة، رأى بدوره عائلة أبو راشد تحمل جثمان بدر محمد في ذلك اليوم بطول شارع زمو.[85]وقد حاول ضاهر من قبل أن يترك المنطقة إلا أن جيش الدفاع الإسرائيلي اعتقله عند نقطة كانت دبابة مخندقة إلى جانبها في شارع زمو في الاتجاه المفضي للتقاطع مع طريق صلاح الدين. وقد أوقف الجنود الإسرائيليون المجموعة التي كان ضمنها، وسمحت بمرور النساء والأطفال فيما اعتقلت ستة رجال لنحو ثلاث ساعات في أحد المنازل مع عدد آخر من الشباب يقارب الخمسين. وطبقاً لرواية ضاهر فإن قوات جيش الدفاع الإسرائيلي كانت متواجدة إلى الجنوب من منزله أيضاً، وليس فقط بطول شارع زمو شمالاً. وقد قال ضاهر: "منزل واحد فقط كان قد دمر آنذاك، وهو منزل مجدي عبد ربه". وحين عاد ضاهر إلى المنطقة في أعقاب الحرب، كان المبنى الذي يأويه مع 21 من أفراد عائلته قد دمر. كما أشار ضاهر إلى مسكنين مدمرين على مقربة، يعود أحدهما لجاره عبد العزيز شريتح، حيث كان يعيش أربعة عشر شخصاً.

 

سامح الشيخ، 24 سنة، أخبر هيومن رايتس ووتش أن عائلته أخلت منزلها في اليوم الخامس للهجوم البري، أي 7 يناير/كانون الثاني على وجه التقريب، "لأنه عند الظهيرة حين كنا جميعاً وعددنا 16 بالطابق الأسفل أصابت شقة أخي إيهاب قذيفة أطلقت من الشمال."[86]وفي الثانية بعد الظهر، حين علمت العائلة بأنه ستكون هناك تهدئة، لوح أفرادها براية بيضاء لإيصال رسالة بوضعيتهم المدنية ثم خرجوا، وأخذوا في السير على الجانب الغربي على طول شارع زمو غير أنهم أوقفوا عند المسجد الذي كان قائماً لم يزل. "لقد أجبرونا على الجلوس في الشارع لمدة ساعتين، وأخذوا بطاقات هويتنا، وبعدها تركونا نذهب. لقد احتجزونا جميعاً هناك، نساءً ورجال. حتى وقتها لم يكن أي تدمير قد وقع، غير أن الجنود أحتلوا كافة الأزقة والمنازل، بما فيها المنازل غير المطلة على الطريق." كما قال الشيخ أن عائلته بعد الحرب "عادت بصورة طبيعية، ولم تتوقع أي شئ. كنا نتوقع أن نرى المنزل، فوجدناه مدمراً بواسطة الألغام الأرضية. وقد رفعت حماس الشظايا لاحقاً."[87]كما أشار الشيخ إلى منزلين أزيلا بواسطة الجرافات بالقرب من منزله حيث كان أكرم عبد ربه يقيم في أحدهما مع أسرته المكونة من خمسة أفراد بينما كان إسماعيل صالح يقيم في المنزل الثاني بمفرده.

 

وقال محمد رجب عبد ربه أنه ترك مسكنه الذي كان يضم 35 فرداً في اليوم الخامس للهجوم البري أي يوم 8 يناير/كانون الثاني تقريباً.[88]وقد اتخذت الدبابات مواقعها على جبل الريس، وهو تل يقع إلى الجنوب من عزبة عبد ربه، وأخذت في إطلاق نيرانها صوب منطقته من الثامنة صباحاً وحتى الواحدة ظهراً، فأصابت الطابقين الثالث والأرضي، كذلك اقتحم الجنود المنزل عنوة في الثانية ظهراً، وطردوا من بداخله وأمروهم بالذهاب إلى جباليا. وقد أعتقل محمد وثلاثة رجال آخرين عند بلوغهم الدبابة الرابضة في شارع زمو قرب المسجد. وقد أخلي سبيلهم الساعة 11 مساءً فرحلوا إلى جباليا. كذلك قال محمد: "في الوقت الذي رحلنا فيه إلى أن عبرنا شارع صلاح الدين كان جيش الدفاع الإسرائيلي يسيطر على المنطقة بكاملها" وأضاف: "وقد إحتل الجنود كافة المنازل االمرتفعة."وطبقاً لما ذكره محمد فإن منزل ماجد عبد ربه القريب من المسجد، وكذا منزل عدنان جنيد في الجنوب الشرقي كانا مهدمين جزئياً بفعل الجرافات، غير أنه لم ير مزيداً من الدمار. وكان المسجد لم يزل قائماً.

 

وقال محمد أنه شهد على مدى الأعوام الثلاثة التي قضاها في عزبة عبد ربه أربع عمليات غزو أضرت كل منها بمسكنه. وقال انه في هذه المرة اكتشف رافعوا الألغام التابعون لحماس بعد انتهاء القتال أن جيش الدفاع الإسرائيلي قد قام بزرع ستة ألغام دمرت المنزل المؤلف من ثلاثة طوابق عن آخره، مخلفة أكثر من 30 شخصاً مشردين. وقال أن كلفة المنزل تناهز 200000 دينار أردني (280000 دولار أمريكي)، مضيفاً: "لا مال لدينا لإعادة بناء المنزل، وعلى كل فالمعابر [الحدودية] مغلقة [في وجه الإسمنت]. وإذا ما بنيناه فسيدمرونه تكراراً." كما قال أنه في الشمال الشرقي: "كانت لنا ثلاث دونمات [0.3 هكتار] من أشجار الزيتون دمروها فيما مضى، فزرعناها قمحاً ، غير أنهم دمروه أيضاً."

 

مسلم الحداد، 58 سنة، فر من المنطقة في الثامنة من صباح يوم 9 يناير/كانون الثاني ، وكان يقطن بين 25 من أفراد عائلته الممتدة في مبنى من أربعة طوابق يجاور مستودعه الضخم لبيع بلاط السيراميك المستورد على الجانب الشمالي من شارع زمو. وقد أخبر الحداد هيومن رايتس ووتش أن العائلة قد أمضت الأسبوع الأول للغزو البري في الطابق الأرضي من مسكنه، غير أن دانتين أصابتا الطابق الثالث في الصباح الباكر يوم 9 يناير/كانون الثاني في نفس الوقت الذى نفذ فيه الماء والإنسولين اللازم لولده أنس، 12 سنة، والذي يعاني داء السكري.[89]وقال الحداد: "قبل أن أغادر المكلن صعدت إلي الطابق الرابع" في محاولة لتقدير أي المسارات سيكون أكثر أمناً، "كانت هناك دبابة تبعد 150 متر إلى الشرق من طريق الخط الشرقي, واعتقدت أن قوات المشاة كانت متواجدة في الغرب مسبقاً. لذا قمنا برفع نحو ستة رايات بيضاء وكذا زجاجات المياه الفارغة، وسرنا على طول طريق زمو صوب طريق الخط الشرقي ثم ذهبنا شمالاً نحو بيت لاهيا."

 

وأضاف الحداد أنه عند فراره من عزبة عبد ربه كان مسكنه ومستودع البلاط لم يتضررا بخلاف إصابة الطابق الثالث، وقال أنه حين عاد "لم أستطع حتى التعرف على الطريق المؤدي لمنزلي." لقد وجد المنزل والمستودع وقد سويا بالأرض. "اكتشفت 13 لغم هنا [بالمنزل] من بينها ألغام لم تنفجر. وشاحنة النقل الكبيرة [المخصصة لنقل البلاط من المستودع] دفع بها إلى حوض السباحة."وقد لاحظت هيومن رايتس ووتش أثار سير الجرافات حول أعمدة المستودع المدمر الحديدية كما قامت بفحص كابل من الصلب رجح الحداد أن يكون جيش الدفاع الإسرائيلي قد استخدمه في اقتلاع بعض الأعمدة. كما وأن الدونمات الثمانية (0.8 هكتار) التي زرعها الحداد بأشجار الفاكهة منذ خمس سنوات كانت بدورها قد دمرت.

 

وقال الحداد: " كنت أكبر مستورد للبلاط في غزة. كنت أجلبها من اسبانيا والبرتغال وإيطاليا ومصر والهند والصين. كان لدي مخزون ضخم يرجع لما قبل الإغلاق [للحدود الإسرائيلية في يونيو/حزيران 2007] فليس هناك بناء لمنازل جديدة إذ أنه لا يوجد إسمنت. لدي تأمين غير أنه لا يغطي مخاطر الحروب." وقدر الأضرار التي أصابت مستودعه، ومخزون البلاط، وأرضه، ومسكنه بمبلغ 1.7 مليون دولار.

 

ماجد العتامنة، وهو جار الحداد في الشمال الغربي، حاول ترك العزبة في 10 يناير/كانون الثاني غير أن الجنود الإسرائيليين منعوه من ذلك حتي يوم 12 يناير/كانون الثاني. وكان لماجد مسكن يطل على الجانبين الجنوبي والشرقي لجبل الكاشف بلا عوائق. وقد أخبر هيومن رايتس ووتش أنه رأى القوات الإسرائيلية تدخل إلى المنطقة من الشمال الشرقي وتستولي على جبل الكاشف مساء 3 يناير/كانون الثاني،[90]فيما اتخذت الدبابات قاعدة لها أعلى التل. وفي حوالي الرابعة والنصف من صباح يوم 4 يناير/كانون الثاني أقامت الجرافات سواتر ترابية حول القاعدة. وقد ذكر ماجد أنه في وقت لاحق من ذلك اليوم، أى ساعة الغروب تقريباً، شاهد صاروخين يصيبان غرفة النوم في منزل أخيه رائد. وفي ظهيرة يوم 5 يناير/كانون الثاني دمرت القوات الإسرائيلية خزاناً خرسانياً للمياه على جبل الكاشف، في حين هاجمت الجرافات أربعة منازل على الجانب الشرقي من التل. قال ماجد: "كانت الجرافات تضرب الأعمدة التي تدعم أحد جوانب المنزل المدرج على قائمتها، ثم تلف باتجاه الجانب الآخر." وفي 7 يناير/كانون الثاني شرعت الجرافات الإسرائيلية تكشط أرض ماجد المزروعة على جانب التل. وقبيل غروب شمس يوم 9 يناير/كانون الثاني اقتحمت الجرافات مزرعة لتربية الأبقار باتجاه الغرب وهدمت منزلين ثم قفلت عائدة إلى أعلى التل. وطبقاً لما ذكره ماجد ففي يوم 10 يناير/كانون الثاني "جاءت الدبابات باتجاه الغرب بطول شارع زمو ودمرت أشجار الزيتون التي تخص الحداد على الجانب الشمالي من الشارع، وكذا جدار بيت عائلة صيام على الجانب الجنوبي." ومع استمرار القتال أخذت أعداد متزايدة من أفراد عائلة ماجد الممتدة في الانتقال إلى منزله حتى بلغت جملتهم 57 فرداً.

 

وقال ماجد أنه بحلول ليل 10 يناير/كانون الثاني قررت رأت المجموعة أن تسعى للهروب من المنطقة.

 

أخرجنا النساء رافعات الرايات البيضاء، غير أنه كانت هناك ثلاث دبابات وعدة جرافات في الشارع أطلقت منها النيران على النسوة. وجاءوا [الجنود] لمنزلي في الخامسة صباحاً. كانوا مترجلين. يطلقون النيران. تكومنا أسفل الدرج. تحدثوا إلينا عبر مكبر محمول وقالوا بالعربية: "ليخرج الجميع، الرجال و النساء والأطفال، أمامكم خمس دقائق." ضربوا الغرفة الشمالية الغربية، لآ أدري بـِمَ [من الذخيرة]، وخرجت رافعاً يدي. نقلت كل جماعتنا البالغة 57 فرداً إلى المرأب. أخذوا ولدي، وائل، ولا أدر لِمَ وهو موظف بالسلطة الفلسطينية [وليس فرداً من حماس].

 

ومضى ماجد قائلاَ أنه في نهاية الأمر، أي الساعة 7:30 ص يوم 12 يناير/كانون الثاني، أمره الجنود الإسرائيليون بأن يخلي جماعته إلى جباليا. وكانت القوات الإسرائيلية آنذاك تسيطر على المنطقة. سارت جماعته شرقاً بطول شارع زمو، الذي أضير بصورة سيئة بحُفـَر القنابل، صوب طريق الخط الشرقي، ثم شرعوا في المسير شمالاً، وحسب قول ماجد فالجنود الإسرائيليون هناك عاملوا أفرادأ من الجماعة معاملة مهينة إذ أجبروهم على الاستلقاء في حفر يملؤها الوحل. شاهدة آخرى أخبرت هيومن رايتس ووتش أنه عند مغادرتها المنطقة يوم 14 يناير/كانون الثاني كانت المنازل التي تعود لعائلة العتامنة إضافة لمستودع البلاط الذي يملكه مسلم الحداد لم تزل قائمة.

قال ماجد أنه عند عودته يوم الأحد التالي الموافق 18 يناير/كانون الثاني وجد منزله وقد دمر، إلى جانب أربعة مساكن أخرى في نفس المجمع الذي الذي يعود لأبناءه وأقربائه. هاشم دحلان الذي تمت مقابلته على حدة، أكد أنه شهد الجنود الإسرئيليين عند تدميرهم منزلين من منازل عائلة ماجد بواسطة الألغام المضادة للدبابات، واثنين آخرين باستخدام الجرافات.[91]كما قال ماجد أن رافعي الألغام التابعين لحماس قاموا بإزالة ما جملته 18 من الألغام المضادة للدبابات من المنازل، كان بعضها لم ينجح تفجيره. كما قال أيضاً أنه وجد سياراته الثلاثة وقد تم سحقها.

ماجد قال انه لم يزل يسدد قروضاً عن مسكنه المدمر. وأضاف: "هناك أربعة منازل تعود لحماس لا تزال قائمة بشارع زمو، ولكن منزلي أنا دمروه.""هل كانت سياراتي تطلق الصواريخ؟ لم دمروها إذن؟"

غزالة سلامة أبو فريح، 60سنة، غادرت عزبة عبد ربه بصحبة عائلتهاعند غروب شمس يوم 14 يناير/كانون الثاني، عقب احتلال الجنود الإسرائيليين مسكنهم واعتقالهم داخله. وقد سارت عائلة أبو فريح غرباً بطول شارع زمو الذي كان "مملوءاً بالجنود الإسرائيليين" على حد قول غزالة،[92]التي قالت أيضاً أن عدداً قليلاً من المنازل كان قد دمر حتى ذلك الوقت، وأنه خلال فترة احتلال الجنود الإسرائيليين منزلها أدركت أن عدداً من المنازل كان يجري تدميرها عند استخدام القوات الإسرائيلية المتفجرات لذلك الغرض. وقد حظر عليها الجنود النظر عبر النافذة ولكن "حين كانوا يرغبون في تفجير منزل كانوا يطلبون من أخي أن يفك النوافذ حتى لا تتحطم. وحين عدنا بعد ليال قلائل، اكتشفنا أن كافة النوافذ قد تكسرت عقب رحيلنا." وتعتقد غزالة أن الجنود الإسرائيليين هم المسئولون عن الأضرار، وأن من المحتمل أن يكون ذلك بسبب انسحابهم.

هاشم دحلان، الذي أضير مبناه غير أنه لم يهدم، وقد بقي فيه خلال الحرب، قال أن كافة المنازل التي دمرها جيش الدفاع الإسرائيلي في عزبة عبد ربه تقريباً، باستثناء تسعة أو عشرة منها، قد نسفت بالألغام، أو جرفت خلال الأيام الأربعة الأخيرة من الحرب،[93]والكثير من المساكن الأكبر حجماً المبنية بالخرسانة المسلحة تم نسفها بالألغام. واستطرد:

شاهدت دبابة خاصة آتية يعلوها مكعب كبير يحوي ألغاماً. كما شاهدتهم يضعون علامة X على الأعمدة الحاملة للمنازل التي كانوا يعتزمون تدميرها. بعض المنازل احتاجت ستة أو ثمانية ألغام. وكل الألغام كان يتم تفجيرها في نفس الوقت.

إضافة للمساكن التسعة أو العشرة التي وصفها دحلان بأنها قد دمرت في وقت مبكر نسبياً خلال الحرب، فإن سعاد عبد ربه، 54 سنة ذكرت ثلاثة منازل أخرى كانت قد دمرت وقت رحيلها يوم 7 يناير/كانون الثاني.[94]وقالت أيضاً أن " الطائرات كانت تقصف بصورة متواصلة"بستاناً للموالح، يقع في الجوار الجنوبي لمسكنها مباشرة، وذلك أثناء الهجوم الجوى. (عند زيارة هيومن رايتس ووتش للمنطقة في يناير/كانون الثاني ومجدداً في إبريل/نيسان كان السكان الذين شردتهم الحرب قد نصبوا خياماً في البستان.) كما قالت سعاد أن المنازل التي تقع جنوب عزبة عبد ربه، في منطقة دردونا قرب شارع القرم (وهو الشارع  الممتد بين الشرق و الغرب تالياً لشارع زمو) قد دمرت يوم 4 يناير/كانون الثاني. وأضافت أن معظم المنازل في المنطقة كانت لم تزل قائمة عند رحيلها.

الكثيرون من سكان عزبة عبد ربه عادوا لأملاكهم في أعقاب الحرب ليكتشفوا أن أرضهم الزراعية أيضاً قد دمرت. ماجد العتامنة قال أن عائلته فقدت ما جملته 9 دونمات (0.9 هكتار) من أشجار الليمون والزيتون، تم كشطها بواسطة الجرافات الإسرائيلية على حد قوله.[95]كذلك فإن غريب محمد نبهار، 59 سنة، مزارع، ترك مسكنه أثناء الحملة الجوية أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول. وعاد عقب الحرب ليكتشف أن الدونمات الأربع (0.4 هكتار) من أشجار الليمون الناضج التي عني بها قد دكت، وقال  "أحد الجرافات دفع بمنزلي وبالمضخة التي على بئر الماء الخاص بي إلى عرض الشارع."[96]منزل غريب كان يقطنه خمسة أفراد، كما كان البستان يوفر العمل لثلاثين شخص.

المناطق الصناعية

الخط الشرقي هو طريق رئيسي يمتد بين الشمال والجنوب موازياً تقريباً لخط هدنة 1949 مع إسرائيل أي الحد الطولي لقطاع غزة كأمر واقع. وعند مرور الخط الشرقي بعزبة عبد ربه فإنه يكون على بعد 2.5 كم تقريباً غرب خط الحدود. وعلى مساره من الشمال باتجاه الجنوب، يمر الخط الشرقي إلى الشرق من جباليا وعزبة عبد ربه والتفاح ثم منطقة الشجاعية. وكانت المنشآت الصناعية قبيل الحرب تشكل خطاً ممتداً على جانبي الطريق الشرقي في المناطق الواقعة إلى الشمال والجنوب من عزبة عبد ربه.

لقد وثق العمل البحثي لـ هيومن رايتس ووتش تدمير ستة مصانع وستة مستودعات في المنطقة الصناعية على امتداد الخط الشرقي إبان عملية الرصاص المصبوب. وقد أمكننا تعيين (وإن كنا لم نتحر) ثلاثة مصانع  أخرى مدمرة في المنطقة. كما لم نحاول توثيق كل الدمار الواقع بالمنطقة الصناعية. بيد أن الغالبية العظمى من المباني على طول الخط الشرقي بدا أنها قد أضيرت أو دمرت. كما أن هيومن رايتس ووتش ليست على دراية بأية معلومات أو مزاعم بأن الجماعات الفلسطينية المسلحة استخدمت مناطق المستودعات كغطاء لإطلاق الصواريخ أو غيره من الهجمات، أو أن جيش الدفاع الإسرائيلي بالمقابل قد دمرها بصورة مشروعة لأسباب تعود للضرورة الحربية.

أحد الأطباء، ويقيم بمنطقة الشجاعية جنوب عزبة عبد ربه، وصف توقيت ومدى الهجوم البري الإسرائيلي لتلك المنطقة من قطاع غزة بقوله: "إحتل جيش الدفاع الإسرائيلي المنطقة الواقعة شرق الخط الشرقي بأكملها ومكث هناك طوال فترة الحرب. وكانت الدبابات موجودة فعلاً على الخط الشرقي في اليوم الأول أو الثاني [من الهجوم البري] على الأرجح."[97]إضافة لهذا فإن القوات الإسرائيلية اقتحمت سريعاً عزبة عبد ربه وكذا إلى شمال وجنوب الشجاعية، واقتربت لدرجة أن سكان الشجاعية "ظلوا داخل مدى رصاص القناصة"،بحسب ما قاله الطبيب. وكذا صرح الطبيب بأن "المقاومة [يعني الجماعات الفلسطينية المسلحة] لم تكن نشطة" في المنطقة الصناعية أو في الشجاعية خلال الحرب. الطبيب، الذي وصف نفسه كأحد مؤيدي فتح وأبدى بغضه لحماس، أخبر هيومن رايتس ووتش أنه فر من المنطقة يوم 4 يناير/كانون الثاني بعد رؤيته لشقة جيرانه تحترق بالكامل، ولم يشهد تدمير الأبنية في المنطقة الصناعية، غير انه كان يعرف مواضع القوات الإسرائيلية نظراً لعودته تكراراً خلال الساعات الثلاث من"إيقاف للقتال لأسباب إنسانية" التي أعلنت عنها إسرائيل يوم 7 يناير/كانون الثاني.

مصانع الوادية للحلوى

تمتلك عائلة الوادية مصنع "سرايو"، الذي كان ينتج البسكويت، ورقائق البطاطس، وراس العبد (نوع من الحلوى) وكان يقع على الجانب الشرقي من الخط الشرقي بالقرب من عزبة عبد ربه، وعلى مسافة تزيد على الكيلومترين من خط الحدود الفعلي مع إسرائيل.[98]وكان المجمع المؤلف منه المصنع يشمل مصنع الوادية لإنتاج آيس كريم "الأمير" ومبنى صغير كان يستخدم لإنتاج حلوى تحمل علامة "دولسي".

قال نعمان الخضري، 35 سنة، وهو مدير الإنتاج بمصنع سرايو، أنه لم يكن متواجداً بالمصنع في بداية الهجوم الإسرائيلي، غير أنه زار المصنع يوم 7 يناير/كانون الثاني خلال فترة تهدئة القتال، مضيفاً: "لم أر أية جنود لذا جئت إلى المصنع وأخذت بعض عبوات البنزين. ولكن أثناء مغادرتي رأيت دبابات إلي الغرب لم أكن قد رأيتها أثناء دخولي، لذا أحكمت إغلاق الباب وابتعدت في هدوء. ولم يكن أياً من المصانع قد دمر حتى ذلك الحين."[99]

قامت هيومن رايتس ووتش بفحص المصانع المدمرة وأرض محيط المصنع. كانت المرافق الثلاث المكونة للمجمع مدمرة بدرجة بالغة، فيما كانت بجوار المصنع أربع شاحنات متوسطة الحجم وقد تفحمت كلياً. وقد كست أرض محيط المجمع آثار جرافة ثقيلة تقود نحو مباني المصنع. وقد أشار الخضري إلى منحدر ملاصق لمصنع سرايو وقد كونته الجرافة من المواد الغذائية الخام ومواد التعبئة، وكان يرتفع من سطح الأرض إلى مستوى الطابق الثاني للمصنع.

قال الخضرى أنه وعامِلِين آخرين اكتشفوا بالمصنع شظايا معدنية ناتئة وثقيلة يصل طولها لثمان بوصات. ولم تطلع هيومن رايتس ووتش على تلك الأجزاء، غير أن شظايا بهذا الحجم توحي بأن المصنع قد قصف بنيران المدفعية أو الدبابات.

كما قال أنه لم يعلم بأمر أي شهود على التدمير: "كان هناك حارس يدعى عبد المجيد خضر، في الخامسة والستين تقريباً. وجدنا جثته بعد الحرب في المستشفى، وكانت في حالة سيئة حتي كدنا لا نتعرف عليها." وأضاف الخضري أن خضر كان قد قتل في موقع المصنع، غير أنه لم يكن يعرف في أي تاريخ أو في أية ظروف.

قال الخضري أن سرايو كان مصنع البسكويت الأكبر في غزة، وأنه سيكون من العسير إصلاحه: "كان العمل يسير كالتالي، كان العجين يمزج ثم يشكل ثم يسحب إلي داخل الأفران. ولقد أصابوا [أي جيش الدفاع الإسرائيلي] الأفران. أصابوا منتصف خط الإنتاج. إن عرض اللوح الذي يدور عبر الفرن يبلغ 120سنتيمتراً."

وقال مالك المصنع ياسر الوادية أن جيش الدفاع الإسرائيلي قد دمر في ذلك الموقع، وكذا في مصانع ومستودعات العائلة الستة الأخرى في غزة الشرقية، ماقيمته 22 مليون دولار أمريكي من المعدات والمرافق والمركبات والمبردات.[100]كما قال أن إعادة بناء المصانع قد يكون مكلفاً بصورة قد تمنع تحقيق ذلك نظرأ لإغلاق إسرائيل لحدود غزة. وأضاف: "إن عبوة الأسمنت تكلف الآن نحو 46 دولار، بعدما كانت تكلفتها المعتادة حوالي 5 دولارات".

المستودعات القريبة من مصنع مكة كولا

قامت هيومن رايتس ووتش بزيارة أربعة مستودعات محترقة ومبعثرة المحتويات إلي الجنوب من مصانع الوادية، على الجانب الغربي من الخط الشرقي [أي يزيد بعدها شيئاً ما عن خط حدود الأمر الواقع الإسرائيلية] وتقع فيما بين الطريق ومصنع تعبئة مكة كولا الضخم. حسام سعيد حسنين، 40 سنة، وهو مالك المستودعات قال أن اثنين من المباني المحترقة كان أحدهما مستودعاً للأغذية المجففة، والثاني مستودعاً للمبات الإضاءة الفلورسنتية، وكان مبنيان أصغر حجماً يستخدمان كورشة للنجارة و مغسلة صناعية.[101]وقال حسنين أنه يملك مستودعين آخرين يقعان في مكان آخر وقد أضيرا أيضاً خلال الحرب ، وأضاف أن أملاكه الثلاثة أصيبت بأضرار بقيمة إجمالية تساوي تقريباً 850000 دولار.               

وطبقاً لما ذكره حسنين فإن السكان المحليين أخبروه بأن النيران قد أضرمت في المستودعات "قبيل نهاية الحرب بثلاثة أيام" أى يوم 15 يناير/كانون الثاني على وجه التقريب. "وجدنا ثمان أوتسع قذائف مدفعية، جميعها سليمة، ويبلغ طولها حوالي 70 سنتيمتر." وقد تمكنت هيومن رايتس ووتش من تمييز قذيفة فوسفور أبيض مطلية باللون الأخضر قال حسنين أنها قد استقرت في المنطقة المحيطة بمصنع مكة كولا للتعبئة الواقع خلف من المستودعات.

أكد حارس المستودع عماد ناصر حسو، 30 سنة،أن المستودعات دمرت في مرحلة متأخرة من الحرب أو بالتقريب يوم 15 يناير/كانون الثاني. وقال أنه التجأ معظم فترة الحرب إلى مركز وفا رحال لرعاية المسنين إلى الجنوب من منطقة المستودع. والمركز يحتل جزءاً من مجمع استشفائي متعدد الطوابق، وكان بالإمكان رؤية حرائق المستودعات منه. كما قال: "عدت إلى هنا عندما أعلنوا عن تهدئة القتال [يوم 7 يناير/كانون الثاني]. كانت المستودعات على ما يرام. ولكن قبيل الانسحاب بيومين [يوم 15 يناير/كانون الثاني تقريباً] قاموا بقصف كل تلك المباني. رأيت قذائف [الفوسفور الأبيض] تنفجر أعلى هذا المكان، والحريق دام ليوم أو يومين."[102] وأضاف أنه رأى في أعقاب الحرب أثر مسار جرافة حول مستودع الأغذية الذي سوي بالأرض.

من الأمور غير الواضحة سبب إطلاق جيش الدفاع الإسرائيلي ذخائر الفوسفور الأبيض من الجو فوق مناطق المصانع وتقريباً يوم 15 يناير/كانون الثاني. وفي حين أن جيوشاً عديدة تستخدم الفوسفور الأبيض لإخفاء تحركات جنودها، إلا أنه من الواضح أن الفوسفور الأبيض الذى ضرب المستودعات قد أطلق قبيل بدء جيش الدفاع الإسرائيلي انسحابه من غزة في وقت متأخر من مساء يوم 17 يناير/كانون الثاني.[103]

على الرغم من أن جبل الريس، الذي قال سكان عزبة عبد ربه أن الصواريخ كانت تطلق منه قبل الحرب، وكذا الحقول المكشوفة، تمتد كلها إلى الشمال الغربي من مصنع مكة كولا، فإن كل من حوسو وحسنين يصر أنه لم يكن هناك أي مقاتلين فلسطينيين في المنطقة خلال الحرب. قال حوسو: "التحرك إلى هنا كان أمراً مستحيلاً، فقد كانت الزنانات تطير، وكان يتحتم على المقاتلين عبور الحقول المكشوفة للوصول إلى هنا." وأضاف: "إن أدنى الأماكن التي كان يمكن [للمقاتلين الفلسطينيين] أن يبلغونها تبعد نحو 700 متر، أي 400 متر إلى الشرق من شارع صلاح الدين."

مصنع غزة للعصائر

يقع مصنع غزة للعصائرالذي تملكه شركة فلسطين للصناعات الغذائية في منطقة التفاح مقابلاً لمصنع مكة كولا علي الخط الشرقي. وقد أحدثت الجرافات وأنواع عديدة من الذخائر أضراراً بمباني المصنع ومعدات الإنتاج. وقد قال العاملون بالمصنع أنهم جمعوا بعد الحرب من على أراضي المصنع ألغاماً مضادة للدبابات وشظايا لما بدت أنها قذائف شديدة الانفجار خاصة بالمدفعية أوالدبابات، إلى جانب أسلحة أخرى عرضوها على هيومن رايتس ووتش.[104]

استعاد مهندس الإنتاج إبراهيم السويتي، 50 سنة، ذكرى زيارته للمصنع يوم 7 يناير/كانون الثاني، خلال أول ثلاث ساعات من تهدئة القتال قائلاً: "لم يكن شيء قد أصاب المباني بعد. حراسنا كانوا لم يزلوا هنا. لقد احترق المصنع يوم 15 يناير/كانون الثاني، وقد شاهدنا ذلك في نشرات الأخبار. كان حريقاً ضخماً، وظل مشتعلاً ليومين، لكنه كان من المستحيل القدوم إلى هنا [لوجود القوات الإسرائيلية]."[105]

يعمل سعيد الغولة، 40 سنة، وشقيقه بسام, 38 سنة، كحارسي أمن بالمصنع. وقد أكد سعيد أن: "الدمار قد وقع هنا خلال الأيام الثلاثة الأخيرة للحرب."[106]وهما يقطنان على بعد مسيرة 10 دقائق من المصنع وقد نجحا في السير إلى مجمع وفا الاستشفائي الواقع إلى الجنوب الغربي، عبر الخط الغربي خلال التوقف أحادي الجانب للقتال الذي طبقته إسرائيل لأول مرة يوم 7 يناير/كانون الثاني. كما أخبر بسام هيومن رايتس ووتش أنه في اليوم الذي كان فيه المصنع مشتعلاً، حاول هو وسعيد  السير إليه ثانية ولكن: "لم نستطع الاقتراب. وجئنا في اليوم التالي لمكان يبعد 200 متر من هنا، وكان جيش الدفاع الإسرائيلي في البستان الواقع شمالي المصنع."[107]

سعيد وبسام الغولة، وقد تمت مقابلتهما منفصلين، قالا أن جيش الدفاع الإسرائيلي كان قد أحكم قبضته على المنطقة لأكثر من أسبوع قبل احتراق المصنع. واستعاد بسام ذكرى سابقة على تدمير المصنع حين قدم من البستان شمالي المصنع تحت النيران محاولاً السير من مجمع وفا الاستشفائي صوب المصنع. وطبقاً لما ذكره بسام فإنه: " لم تكن هناك مقاومة في هذا المكان, فلقد رحل الجميع في غضون الأيام العشرة الأول [من الهجمات التي بدأت يوم 27 ديسمبر/كانون الأول]."

يقدر مالكو المصنع إجمالي الأضرار التي أصابته من جراء الهجوم العسكري الإسرائيلي بما تربو قيمته على 1924000 دولار أمريكي. وقد أورد تقرير أعدته شركة فلسطين للصناعات الغذائية بصورة تفصيلية الدمار واسع المدى الذي لحق بوحدات البريد، والتبخير (للعصائر المركزة)، وخطوط الإنتاج، وصهاريج التخزين، واللوحات الكهربائية، والإضرار البنائية التي اصابت مباني المصنع والإدارة والمستودعات.[108]وقد أطلع مهندس الإنتاج، السويتي، هيومن رايتس ووتش على المبخر وماكينات استخلاص العصائر الثمانية على خط الإنتاج، تلك الماكينات "تم تنصيبها في عام 1993 بمعرفة شركة إيطالية. أضيرت الإثنتان الأولتان، ولكن يمكن إصلاح الباقيات، وستتكلف كل واحدة 200000دولار." وقال السويتي أنه نتيجة للأضرار فإن المصنع يعمل بمقدار 10٪ من طاقته الإنتاجية. وعلى خلاف أكثرية المصانع الأخرى في غزة: "كنا قبل الحرب نشتغل فعلياً بما يقرب الطاقة الإنتاجية القصوى ، لأن كل المواد الخام عبارة عن فاكهة من قطاع غزة." كذلك فإن وحدة التبريد المدمرة كانت تختزن السلع للمصانع الأخرى جنباً إلى جنب مع المواد الخام اللازمة لمصنع العصائر."

مصنع أبو عيدة للأسمنت

بين مسح أولي للأضرار التي أصابت القطاع الصناعي في غزة أعد في شهر فبراير/شباط أن الحرب قد دمرت أو أضرت بـ 22 من 29 هي جملة مصانع الخرسانة سابقة الإعداد بقطاع غزة، مما تسبب في: "فقد في الطاقة الإنتاجية الكامنة لدى القطاعات الفرعية بلغ 85٪."[109]وكانت معظم مصانع الأسمنت قد تعطلت مسبقاً بفعل الحصار المفروض على غزة من قبل إسرائيل ومصر. وكانت إسرائيل منذ عام 2007 قد حظرت بصفة عامة دخول رسائل الأسمنت المستورد إلى غزة إستناداً إلى أن الجماعات الفلسطينية المسلحة يمكنها أن تستخدم الأسمنت لأغراض حربية، وكان الافتقار للأسمنت يعني أن مصانع الأسمنت في قطاع غزة يمكنها أن تنفذ فقط المشروعات التي توافق عليها إسرائيل والتي يصرح برسائل الأسمنت المستورد الخاص بها.

وكما ناقشنا في ملخص البحث، فإن إسرائيل كان بإمكانها خلال عملية الرصاص المصبوب أن تهاجم بصورة مشروعة أغراضاً مدنية إذا ما كانت تساهم مساهمة فعالة في عمل الجماعات الفلسطينية المسلحة العسكري، وكان تدميرها يوفر في حينه ميزة حربية محددة.على سبيل المثال إذا ما كانت الجماعات المسلحة قد جندت مصانع الخرسانة أثناء القتال وكانت تستخدم انتاجها من الخرسانة في بناء أو ترميم أغراض حربية كالملاجئ الحربية المحصنة، فعندئذ كان يمكن اعتبار تلك المصانع أهدافاً مشروعة للهجوم الإسرائيلي. غير أن مصانع الخرسانة في غزة كانت عاجزة تماماً عن العمل قبل وأثناء الحرب نظراً لنفاذ الأسمنت الذي كان عليها أن تستورده لافتقارها للقدرة على انتاجه. وليست هناك قرائن تشير إلى أن أي من مصانع الأسمنت أو الخرسانة في غزة قد ساهمت في المجهود الحربي للجماعات الفلسطينية المسلحة أثناء القتال.

كان مصنع الأسمنت الذي تملكه عائلة أبو عيدة بالقرب من عزبة عبد ربه أكبر مرفق من نوعه في غزة قبل الحرب, وذلك طبقاً لما ذكره مالكوه. وليس لدى هيومن رايتس ووتش دراية بأية معلومات أو مزاعم يمكن أن تسبغ عليه صفة الهدف لهجوم مشروع.

وقد أخبر عبد ربه أبو عيدة، 70 سنة، وهو أحد الشركاء في المصنع أنه وأفراد آخرين من عائلته قضوا أوائل أيام الحرب الأولي محبوسين في مساكنهم, التي أقيمت على أملاكهم بعيداً إلى الخلف من الأراضي التابعة للمصنع. وقال عبد ربه أن القوات الإسرائيلية هاجمت الأملاك يوم 3 يناير/كانون الثاني: "مع بدء الهجوم البري كانت القذائف تتساقط في كل مكان، وحين اقتربت الدبابات فتحت نيران رشاشاتها على حاويات تخزين [ الأسمنت] وكذا النوافذ. ثم جاءت الدبابات والجرافات و سوت الجدران والأشجار المحيطة بالمنازل بالأرض".[110]

ومضى أبو عيدة قائلاً أنه في يوم الأحد 4 يناير رفع مع أقربائه رايات بيضاء، وتركوا منازلهم وفروا من المنطقة: "عندئذ كانت أراضي المصنع قد دمرت إلا أن المباني [المصنع] والمنازل كانت لم تزل على ما يرام. وحين انتهت الحرب عدنا إلى هنا لنكتشف أن المنازل قد هدمت وكذا المصنع. وعرفنا أنها كانت جرافات حيث كانت شاحنات ومضخات الأسمنت مسحوبة على الأرض ومنقلبة".

وكان ممن تمت مقابلتهم على حدة واحد من أفراد العائلة الممتدة، هو يوسف أبو عيدة، 35 سنة، وقد فر مع مجموعة ثانية يوم 7 يناير/كانون الثاني. قال يوسف أنه شهد خلال اليوم الأول للهجوم البري جرافات مجهزة حربياً تدمر أراضي المصنع إضافة إلى: "الجدران ومحيطها والسيارات والحدائق وسقيفة الماشية."[111]وقد أمكنه أن يراقب التدمير من مبنى ذي ثلاثة طوابق خلف قطعة ارض تقع إلى الغرب قليلاً من منطقة المصنع كان يقيم فيه مع شقيقين آخرين وأسرتيهما. وأضاف: "كانت قذائف الدبابات تقصف المنازل بينما كنا بداخلها. ثم هدأت فجأة في حوالي الساعة 1:30 أو 2 ظهراً خلال وقف إطلاق النار[يوم 7 يناير]، ولهذا بقينا لنحو 15 دقيقة ثم رحلنا. كنا حوالي 70 شخصاً رحلنا جميعاً في نفس الوقت." وذكر يوسف أنه أن تلك المجموعة الكبيرة سارت شمالاً: "لأننا كنا نعلم أن الدبابات كانت مسبقاً قد ذهبت في اتجاه الجنوب الغربي." إن تقدم بعض الدبابات إلى عمق أكبر داخل غزة بحلول يوم 7 يناير، وهو اليوم الذي يبدو أن يوسف وجماعته قد فروا فيه من عزبة عبد ربه، يدفع للاعتقاد أن المنطقة كانت في ذلك التاريخ واقعة بكاملها مسبقاً تحت سيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي.

 وطبقاً لما ذكره يوسف فإنه خلال الفترة منذ بدء الحرب وحتى يوم 7 يناير/كانون الثاني: "كان مظهر المقاومة الوحيد [من قبل الجماعات الفلسطينية المسلحة] على الجانب الآخر من شارع صلاح الدين" أى على بعد كيلومتر واحد تقريباً.

وقد اطلعت هيومن رايتس ووتش على البقايا المنسحقة لسبع شاحنات لخلط الأسمنت، وثلاث شاحنات لضخ الأسمنت، ومرفاع شوكي واحد، وثلاث سيارات جميعها مدمرة على أراضي المصنع. وكانت معظم شاحنات خلط وضخ الأسمنت منقلبة على أجنابها ومنسحقة جزئياً، أما المركبات الأصغر حجماً فكانت قد دهست وسويت تماماً بالأرض ويبدو أن ذلك قد تم بواسطة الدبابات أو الجرافات الثقيلة بناء على ما خلفته من آثار لم تزل واضحة على الأرض ومنطبعة في بعض الحالات على الأسطح المعدنية للمركبات المدمرة. وقد أصاب الدمار أيضاً مبنى يضم مولداً للكهرباء، وبئر ماء، ومبنى ملحق صغير على الجانب الآخر من الشارع، ومبنى إداري خرساني متعدد الطوابق، إضافة لصومعتين لتخزين الأسمنت.

كما فحصت هيومن رايتس ووتش ثمانية مساكن خاصة تعود لأفراد العائلة في الجزءالخلفي من قطعة الأرض الفسيحة التي تضم مصنع الأسمنت أيضاً. وقد كانت المساكن مدمرة تماماً.[112]وقد قال عبد ربه أبو عيدة أنه يعتقد أن المساكن الخاصة ومنها مسكنه قد هدمت بواسطة الألغام المضادة للدبابات. وقد فحصت هيومن رايتس ووتش هذه المباني، وكانت الجوانب الداخلية للعديد من الأعمدة الحاملة للبناء، الذي أشار إليه أبو عيدة باعتباره مسكنه، متفحمة وبدا أنه قد أطيح بها باتجاه الخارج، بما يتفق مع مظاهرالتفجير بالألغام،على الرغم من أن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من العثور على بقايا ألغام بالموقع.

وقد نزح أفراد العائلة الممتدة الذين كانوا يقيمون  هناك إلى شقق سكنية في أرجاء شمال غزة حيث يقيمون حالياً.

وبناء على ما ذكره أبو عيدة، فإن الآلات والمركبات التي دمرت شملت تلك الجاري استخدامها بالمصنع إضافة لتلك المشتراة حديثاً من مصنع آخر للأسمنت في بيت لاهيا ولم تكن قد نصبت بعد.[113]وقال أن العائلة كانت أيضاً تمتلك مصنعاً آخر للأسمنت شرقي قطاع غزة وقد دمر بدوره خلال الحرب. وقدر إجمالي الخسائرالتي تكبدتها العائلة بمبلغ 12 مليون دولار أمريكي.[114]

جمال أبو عيدة، 45 سنة، وهو أحد الشركاء من نفس العائلة في أعمالها، قال أن المصنع قد تم بناؤه في عام 1993. وأضاف: "كان علينا أن نغير المخططات 23 مرة قبل أن تمنحنا إسرائيل شهادة ISO. غير أن الإسرائليين لم يلزمونا بسداد ضرائب. وشجعونا على البقاء هنا."[115]وطبقاً لما ذكره جمال: "كانت مصانعنا هي الأكبر في غزة، وكان بمقدورها إنتاج ما يصل إلى 120 متر مكعب من الأسمنت في الساعة باستغلال طاقتها القصوى، وكانت توكل إلينا أكبرالمشروعات إذ كان لدينا شاحنات ضخ الأسمنت الأوفر ارتفاعاً." و على حد قول جمال فقد أمد مصنع أبو عيدة محطة الطاقة بغزة باحتيجاتها من الأسمنت وحظي بعقد للعمل في مشروع بتمويل من الإتحاد الأوروبي لإنشاء أحواض معالجة مخلفات الصرف الصحي لتتخفيف الضغط على بركة مجاري بيت لاهيا الخطرة.[116]وقد كان من المقرر جدولياً أن يتسلم مصنع أبو عيدة واردات الأسمنت المخصصة للمشروع من إسرائيل ليكون فريداً في ذلك بين مصانع الخرسانة في غزة والتي أغلق عدد كبير منها نتيجة الافتقار للمواد الخام الذي تسبب فيه إغلاق إسرائيل للحدود.

مصنع الكنوز للأسمنت ومسكن الدلون

لم يكن أحد من مالكي مصنع الكنوز أو العاملين به حاضراً عند زيارة هيومن رايتس ووتش للموقع، غير أن الباحثين تحدثوا مع راشد الدلون، 46 سنة، الذي يبعد منزله المدمر 25 متراً جنوب المصنع على الجانب الغربي من الخط الشرقي. وكما هو حال الأبنية الأخرى التي دمرت في المنطقة فإنه ليس هناك دراية لـ هيومن رايتس ووتش بأية معلومات أو مزاعم بأن الجماعات الفلسطينية المسلحة استخدمت تلك الأبنية أو بأن تدميرها كان ضرورياً من الناحية الحربية.

وطبقاً لرواية الدلون، فقد دمرت الجرافات الإسرائيلية المجهزة حربياً جزءاً من المصنع يوم 4 يناير/كانون الثاني وهو اليوم الأول الكامل للهجوم البري: وجاء فيما قاله "شاهدت الجرافات تسقط الصومعتين المستخدمتين في تخزين مسحوق الأسمنت."[117]ولم يتواجد على أراضي المصنع أي من المقاتلين الفلسطينيين في ذلك الوقت حسبما قال الدلون. وقد لاحظت هيومن رايتس ووتش أن جداراً خرسانياً يحيط بثلاث جوانب من المصنع قد دمر وأن جدران مباني المصنع قد أضيرت إلى درجة سيئة، بفعل الجرافات فيما يبدو.

وفي وقت لاحق يوم4 يناير/كانون الثاني، في حوالي الثالثة بعد الظهر، فتحت الدبابات نيرانها صوب مسكن الدالون، الذي روى لـ هيومن رايتس ووتش:

كنت وأسرتي الوحيدين الذين بقوا في العزبة. كتبت على ورقة مقواة "ييش مشبَحَا با بيت"[وتعني بالعبرية: بالمنزل أُسْرة] وخرجت زوجتي وابنتي رافعتين إياها. غير أنهم ردونا قسراً داخل المنزل وأحضروا كلابهم، وبقوا في البيت حتى يوم الأربعاء[7 يناير/كانون الثاني]. هددوني بإطلاق النار علي وهدم المنزل إذا ما تركته. وضعونا في الطابق الأرضي، غير أنهم فرضوا سيطرتهم على الطابقين العلويين. كان بمقدوري سماع إطلاقهم النار من هناك. كان هناك من الجنود المئات بمعنى الكلمة. وكان هناك ميكانيكيون لإصلاح الدبابات التي كانت أمام المنزل. وعند ظهيرة الأربعاء رحل الجنود. رحلوا جميعاً.

لقد احتل الجنود مسكن الدلون واستخدموه كقاعدة على مدى أيام عديدة تالية، بحسب قول الدلون. وسمحوا له بترك المنطقة مع زوجته وأطفاله الخمسة يوم 7 يناير/كانون الثاني، خلال ساعات إيقاف القتال الثلاث التي أعلنتها إسرائيل في ذلك اليوم. و اكتشف الدلون حين عاد، عقب الحرب، أن مسكنه قد هدم كاملاً. وقد اطلعت هيومن رايتس ووتش على شظايا لغمين مضادين للدبابات بين أنقاض أحجار مسكنه.

قال الدلون: "بنيت هذا البيت منذ عشر سنوات بما يقارب 50000 دينار أردني [70000 دولار تقريباً] وها قد فقدته، مع كل متاعي، وفقدت أيضاً بقراتي السبع."

وقال أيضاً أنه لم يكن هناك مسلحون فلسطينيون في المنطقة في الوقت الذي احتل فيه مسكنه أو على مدى بقية الفترة التي أجبر على البقاء فيه خلالها، وأنه لم يسمع بأية تقارير تفيد بأن المقاتلين قد دخلوا المنطقة لاحقاً. وقال"أقرب منطقة وصلوا إليها أثناء القتال كانت إلي الغرب من تل السراجي." مشيراً لتل يبعد حوالي كيلومتر واحد غربي المنطقة.

مصنع عطا أبو جبة لتعبئة الأسمنت

كان مصنع أبو جبة يقع على الخط الشرقي وإلى الشمال الشرقي من عزبة عبد ربه (أي خارج المنطقة العازلة التي فرضتها إسرائيل قرب حدودها بحكم الواقع، مثلها في ذلك مثل كافة الأبنية التي وثقت هيومن رايتس ووتش تدميرها في تلك المنطقة). وكان المصنع الوحيد لتعبئة مسحوق الأسمنت لاستكمال شحنه عبر قطاع غزة.

اطلعت هيومن رايتس ووتش على مبنى الإدارة المدمر ومجمع العاملين، وأنقاض صهريج معدني إسطواني شديد الضخامة كان المصنع يختزن فيه الأسمنت قبل تعبئته.[118]

إبراهيم أبو حنا، 52 سنة، والذي يقيم إلى جوار المصنع، قال أن المصنع بقي سالماً لم يمسه أذى حتى يوم 15 يناير/كانون الثاني، أي قبل انسحاب الجنود الإسرائيليين بيومين. وأخبر هيومن رايتس ووتش أنه كان قد فر من مسكنه أثناء الحملة الجوية، غير أنه عاد إلى المنطقة مرتين قبل أن تنتهي الحرب خلال ساعات وقف إطلاق النار الثلاث اليومية، وقال: "عدت مرة قبل خمسة أيام ومرة ثانية قبل ثلاثة أيام من نهاية الحرب [ أي يومي 12، 15 يناير/كانون الثاني تقريباً]، رغماً  عن كون ذلك مخاطرة نظراً لتحليق الزنانات. وكان المصنع قائماً لم يزل، ولم يكن قد دمر حتى وقتها."[119]كما قال أبو حنا أنه في هاتين الزيارتين لم يلحظ وجود مقاتلين فلسطينيين سواء في المنطقة أو بالقرب منها، إضافة إلى كون وصفه لأعداد غفيرة من الدبابات والجرافات الإسرائيلية يلمح إلى أن جيش الدفاع الإسرائيلي كان قد فرض سيطرته على المنطقة: "كانت الدبابات على التل [أي إلى الغرب]، وكان هناك الكثير من الدبابات والعديد من جرافات D9 [وهي جرافات مجهزة حربياً]. وبدا لي أنه كان مع كل دبابة جرافتين D9."

كما اطلعت هيومن رايتس ووتش على ما تبقى من صهريج بالغ الضخامة لتخزين الأسمنت. وعند زيارتنا للموقع في شهر إبريل/نيسان كان الصهريج مفككاً جزئياً لأقسام منفصلة، بعضاً منها كان مثقوبا بفتحتي دخول وخروج الذخيرة التي أطلقت عليها. فيما ارتكز كل من أعمدة دعم الصهريج المعدنية على كتلة بحجم متر مكعب واحد من الخرسانة المسلحة. أحد الحراس بالمصنع واسمه معين حسنين، 42 سنة، وكان قد ترك المنطقة في اليوم الرابع من الحملة الجوية الإسرائيلية (في 30 أو 31 ديسمبر/كانون الأول)، أخبر هيومن رايتس ووتش بأن: "[الإسرائيليين] زرعوا لغماً أرضياً بجوار كل دعامة ثم قاموا بتفجيرها."[120]وقد اطلعت هيومن رايتس ووتش على أنقاض خرسانية تتفق مع هذا الوصف بالإضافة لبقايا لغم مضاد للدبابات.

كما قال حسين أن صهريج التخزين قد شحن من تركيا إلي غزة مجزءاً في عام 2003. وأضاف أن المصنع تلقى الشحنة الأخيرة من المسحوق من إسرائيل قبل 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2008 عندما أوقفت إسرائيل كافة رسائل الأسمنت المستورد. وكان المصنع يستوظف ما يصل إلى 40 شخصاً قبل إغلاق الحدود.

مصنع الطيبي لخلط الأسمنت وقوالب الفحومات

كان مصنع الطيبي أيضاً يقع على الخط الشرقي إلى الشمال من عزبة عبد ربه. وطبقاً لما ذكره أحد حراس المصنع ويدعى سالم دحروج أبو محمد، 41 سنة، ففي تلك المنطقة: "كانت الأمور هادئة  نسبياً معظم فترة الحرب، لا كما كان الحال في الجنوب."[121] "لكنهم اختاروا هذه المنطقة [أي جيش الدفاع الإسرائيلي] بعدئذ كي ينسحبوا منها. ثم دمروا المصنع أثناء الانسحاب." بحسب ما صرح به سالم لـ هيومن رايتس ووتش.

يبعد بيت أبو محمد نحو 300 متر من المصنع. وعلى الرغم من افتقاره لخط رؤية مباشر باتجاه المصنع، بحسب ما قاله أبو محمد لـ هيومن رايتس ووتش فإنه : "في اليوم السابق على نهاية الحرب [17 يناير/كانون الثاني] أمكننا سماع صوت الجرافات في هذه المنطقة ورأينا أعمدة من الدخان والغبار، أدركنا أنها ناتجة عن التدمير. ولم يكن هنا أي مقاتلين. وفي السابع والنصف من صباح اليوم التالي [18 يناير/كانون الثاني] سمعنا عبر المذياع أنهم قد انسحبوا من غزة."

لاحظت هيومن رايتس ووتش أن مصنع قوالب الفحومات ذاته، وجدران مرآب ومستودع مجمع المصنع، إضافة لجزء من المبنى الإداري للمصنع كانت جميعها قد دمرت. كما كانت أربع شاحنات لخلط الأسمنت وثلاثة أحواض معدنية واسعة (وهي إحدى المعدات البسيطة لخلط الخرسانة) غير صالحة للتشغيل، وقد كانت إحدى شاحنات خلط الأسمنت مدمرة تماماً بينما كانت الثلاث الأخريات قد تم صدمهن الواحدة بالأخرى فأضررن ضرراً بالغاً. كذلك أضيرت بشدة إحدى شاحنات ضخ الأسمنت.

وقال أبو محمد أن المصنع كان معطلاً إعتباراً من 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2008 بسبب إغلاق إسرائيل للحدود و الحظرالذي فرضته على الواردات من الأسمنت. وكان المصنع ينتج ما بين 850 و 1000 متر مكعب من الخرسانة السائلة إضافة لـ 6500 من قوالب الفحومات يومياً وذلك باستغلال طاقته القصوى. كما كان المصنع يستوظف 34 شخصاً.

الزيتون

الزيتون هي منطقة تبعد 2.5 كم إلى الجنوب من مدينة غزة، وتضم مجاورات سكنية وأراضي زراعية مكشوفة.[122]ويمتد حد الزيتون الغربي إلى الجنوب من ضاحية تل الهوا التابعة لمدينة غزة, فيما تمتد حافته الشرقية موازية لشرق طريق صلاح الدين وهو الشريان الرئيسي بين شمال قطاع غزة وجنوبه.وقد أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع سكان طريق السموني وهو طريق يمتد بين الشرق والغرب في الجزء الجنوبي من الزيتون، وكذلك سكان جزء من طريق 10 وهو طريق آخر يمتد بين الشرق والغرب على بعد أكبر باتجاه الشمال. وقد اصطفت المباني السكنية قبل الحرب بطول أجزاء من كلي الطريقين الرابطين للمناطق الزراعية في الزيتون بطريق صلاح الدين.

اقتحمت مدرعات جيش الدفاع الإسرائيلي في بواكير الهجوم البري الإسرائيلي الذي بدأ في مساء 3 يناير/كانون الثاني قطاع غزة جنوب معبر كارني و سرعان ما تحركت غرباً نحو ساحل البحر قريباً من المنطقة التي كانت تضم في السابق مستوطنة نتسريم ، ونجحت في شطر القطاع فعلياً إلى نصفين.[123]وقد صرح شهود أنه بحلول صباح يوم 4 يناير/كانون الثاني الباكر كانت أعداد غفيرة من القوات الإسرائيلية قد تقدمت من مواقعها باتجاه الشمال إلى قلب منطقة الزيتون. وفي وقت لاحق تقدم جيش الدفاع الإسرائيلي باتجاه الشمال الغربي صوب تل الهوا في 15 يناير/كانون الثاني، متسبباً في أضرار بالغة للمباني وبوجه خاص عند الحافة الجنوبية للضاحية. وقد شرعت القوات الاسرائيلية في الانسحاب من غزة في وقت مبكر من صباح يوم 18 يناير/كانون الثاني.

وقد لاحظت هيومن رايتس ووتش ما أصاب المساكن، والصوبات و الأراضي الزراعية في منطقة الزيتون من ضرر واسع المدى. وفي الحالات التي عاينتها هيومن رايتس ووتش على طريق السموني وطريق 10، والتي لا تمثل سوى نسبة من جملة الدمار الواقع بالمنطقة، فقد قال السكان أن 193 شخصاً على الأقل كانوا يقيمون في المباني السكنية التي دمرت خلال الحرب. وطبقاً للتحليل UNOSAT للصور الملتقطة لطريق السموني وطريق 10 في الزيتون بواسطة القمر الصناعي أثناء النزاع وفي أعقابه مباشرة، فإن 114 مبنىً و27 صوبة زراعية قد دمرت أو أضيرت ضرراَ شديداً بدءاً من 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 وحتى 19 يناير/كانون الثاني 2009.[124]وعلى الجانب الشرقي من طريق صلاح الدين في مقابل تقاطعه مع طرق السموني، تلاحظ لـ هيومن رايتس مصنعين مدمرين.

وتدفع روايات السكان على جانبي كل من طريق السموني وطريق 10 إلى الاعتقاد بأن القوات الإسرائيلية أوقعت أضراراً واسعة النطاق بالمباني والأرض في تلك المناطق في الأيام الأُول من الهجوم البري، غير أنها لم تقم بتدمير غالبية المنازل على جانبي هذين الطريقين إلا عقب يوم 7 يناير/كانون الثاني بعد أن كان احتلالها لتلك المناطق قد تم بالفعل وبعد أن كان جميع ساكنيها تقريباً قد فروا منها. ولقد قال الكثيرون من سكان الزيتون الذين تحدثت إليهم هيومن رايتس ووتش أنهم غادروا تلك المناطق في أعقاب قصف منازلهم أوإطلاق نيران الأسلحة الصغيرة عليها. كما قالوا أنه عند عودتهم إلى تلك المناطق عقب الحرب اكتشفوا أن المباني قد جرفت أو دمرت بواسطة الألغام المضادة للدبابات. وقد تلاحظ أيضاً  لـ هيومن رايتس ووتش آثار سير الجرافات في المناطق الزراعية المدمرة.

وقد كشف تحليل UNOSAT للصور الملتقطة بواسطة القمر الصناعي عن أن 43 بالمائة من المباني والصوبات الزراعية في المنطقة التي تضم طريق السموني وطريق 10 قد تم تدميرها خلال اليومين الأخيرين من الحرب، أي بعد ستة أيام من وقوع تدمير محدود بالمقارنة. وطبقاً لنتائج UNOSAT فإن 60 مبنى و 16 صوبة زراعية أضيروا أودمروا بين يومي 27 ديسمبر/كانون الأول و10 يناير/كانون الثاني، بينما كان العدد 4 مباني و صوبة زراعية واحدة بين يومي 10 إلى 16 يناير/كانون الثاني. ثم عاد حجم الدمار للإرتفاع بصورة ملحوظة مجدداً من يوم 16 وحتى 19 يناير/كانون الثاني حيث تم تدمير أو الإضرار بشدة بـ 50 مبنى و10 صوبات زراعية. وكانت إسرائيل قد بدأت في سحب قواتها البرية من غزة صباح يوم 18 يناير/كانون الثاني.

وتفيد التقارير الصادرة عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان (PCHR) وهي منظمة غيرحكومية مقرها غزة، وكذا منظمة بتسيلم غير الحكومية بأن 34 ممن يزعم كونهم من المسلحين كانوا قد قتلوا في منطقة الزيتون في الفترة من 27 ديسمبر/كانون الأول إلى 14 يناير/كانون الثاني 2009.[125]وطبقاً لكل من المركز الفلسطيني وبتسيلم فإنه لم يلق أي من المقاتلين مصرعه في أرجاء الزيتون بعد يوم 14 يناير/كانون الثاني.[126]وكما سبقت الإشارة، فإن صور القمر الصناعي تبين أن ما يقرب من نصف الدمار في مناطق السموني وطريق 10 في الزيتون قد وقع بعد يوم 16 يناير/كانون الثاني.

وفقاً لما ذكره باحثوا المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فإن أعضاء الجماعات الفلسطينية المسلحة الذي لقوا مصرعهم في الزيتون لم يقتلوا في المناطق المحيطة بطريق السموني أو طريق 10.[127]ولم يتقدم أياً من المركز الفلسطيني أو منظمة بتسيلم بما يفيد بمواقع مقتل المسلحين، كما ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد بيانات تواريخ أومواقع أو ظروف مقتل المسلحين على نحو مستقل.[128]وتقع أكثر مناطق الزيتون اكتظاظاً بالأبنية فيما بين 500 متر وكيلومتر واحد شمال وشمال شرق طريق 10. أما طريق السموني وطريق 10 فكليهما على النقيض من ذلك محاط بأراض زراعية مكشوفة. وطبقاً لما نتناوله بالبحث لاحقاً، فقد قال الشهود الفلسطينيون أن جيش الدفاع الإسرائيلي تعرض لنيران مدافع الهاون من قبل المقاتلين شمالاً خلال الأيام الأولى من الغزو عندما اقتحمت القوات الإسرائيلية الزيتون من جهة الجنوب، كما قال واحد من السكان أن مصادمات وقعت بين جنود جيش الدفاع الإسرائيلي والفلسطينيين داخل المناطق المبنية الواقعة شمال شرق الزيتون. كذلك أفادت تقارير بأن المقاتلين في منطقة تل الهوا جنوباً قاوموا تقدم جيش الدفاع الإسرائيلي لمدى أكبر تجاه الشمال وذلك يوم 15 يناير/كانون الثاني.

ويتبين من روايات السكان، ومن تقدم جيش الدفاع الإسرائيلي من الزيتون نحو تل الهوا ومن غيرها من القرائن أن جيش الدفاع الإسرائيلي احتفظ بسيطرته على المناطق بامتداد طريق السموني وطريق 10 اعتباراً من يوم 5 أو 6 يناير/كانون الثاني بالتقريب فصاعداً. لذا فإنه من غير المحتمل أن يكون ما قام به جيش الدفاع الإسرائيلي من تدمير واسع المدى للأملاك في تلك المناطق قد تم وفاءً بمتطلبات ضرورة حربية ملحة. وكما نبحث بالتفصيل فيما هو آت، فقد  وقع في حالات عدة تدمير للمباني خلال فترة كان السكان فيها قد غادروا المنطقة قبيل عودتهم في أعقاب سحب إسرائيل لقواتها، غير أن طابع التدمير وكبر مداه في المناطق التي قمنا بالتحقيق بشأنها لا ينسجم ومهاجمة أغراض حربية مفردة بعينها ولا مع الضررالذي يمكن أن ينجم في خضم المعارك.

طريق السموني الشرقي (عائلة السموني)

كانت عائلة السموني الممتدة تقيم في الجزء الجنوبي الشرقي من المنطقة الزراعية بالزيتون. وقد ضربت القوات الإسرائيلية المنطقة بقنابلها بكثافة في ساعات ليل السبت 3 يناير/كانون الثاني أي أول أيام الغزو البري, وواصلت ذلك مبكراً في الصباح التالي.[129]وقد قال السكان الذين يقيمون على بعد أكبر إلى الغرب من نفس الشارع حيث كانت عائلة السموني، أن المقاتلين الفلسطينيين شمالاً أطلقوا دفعات من قذائف الهاون تجاه المواقع الإسرائيلية في ساعات ليل 3 يناير/كانون الثاني.[130]

ولقد اكتشفت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة أنه من الجائز أن يكون المقاتلون الفلسطينيون قد تواجدوا في مجاورة السموني يوم 3 يناير/كانون الثاني بناء على تصريح أحد الشهود بأنه سمع أصوات طلقات قرب منزله في تلك الليلة وقوله "إعتقدت في بداية الأمر أنهم كانوا المقاتلين الفلسطينيين", وكذلك بناء على تقرير أعدته الميزان، وهي منظمة فلسطينية غير حكومية، ذكر أن مقاتلاً تابعاً للجهاد الإسلامي قد قتل في المنطقة عند منتصف الليل تقريباً.[131]غير أن بعثة تقصي الحقائق قد توصلت إلى أنه "قبل فجر يوم 4 يناير/كانون الثاني 2009 كانت القوات المسلحة الإسرائيلية قد سيطرت بصورة كاملة على مجاورة السموني."

وطبقاً لرواية السكان، فقد هاجمت القوات الإسرائيلية منطقة السموني في صباح يوم 4 يناير/كانون الثاني، وأمرت السكان بإخلاء بعض المباني، وقامت باحتلال المباني، دون أن تواجه بأية معارضة من مقاتلين فلسطينيين.

وقال السكان أن جيش الدفاع الإسرائيلي هاجم منطقة السموني في ساعة مبكرة من الصباح. حلمي السموني، الذي كان يقيم في الطابق الثالث من مبنى ضخم على الجانب الشمالي من الشارع، أخبر هيومن رايتس ووتش أنه كان بداخل شقته عندما مرقت قذيفة عبر نافذته من جهة الشمال الشرقي فدمرت أثاث الغرفة التي اقتحمتها تماماً. وقد لاحظت هيومن رايتس ووتش فتحة في الجدار الشرقي لمسكن السموني، قال أن قذيفة أخرى قد تسببت فيها عندما أصابت الحائط وانفجرت.[132]وقد فر حلمي وأسرته من شقتهم والتجأوا في نهاية الأمر لمبنى على الجانب الجنوبي من الشارع يعود لقريبه وائل السموني. ولم ير حلمي في ذلك الوقت أي مقاتلين فلسطينيين في المنطقة. وقد أخبر نافذ السموني هيومن رايتس ووتش بأنه وأسرته أيضاً قد لجأوا لأملاك وائل السموني بعدما أصابت مسكنهم قذيفتان في ذلك الصباح. ولم يدر نافذ بوجود أي مقاتلين فلسطينيين في قلب المنطقة في ذلك الوقت.[133]

وقد أمر الجنود الإسرائيليون العديد من السكان بمغادرة مساكنهم على طول طريق السموني.[134]وفي حالات أخرى إحتلت القوات الإسرائيلية المباني فيما أمرت السكان بالبقاء في منازلهم. وطبقاً لما ذكره محمد السموني الذي يقطن بالقرب من حد المنطقة الشرقي فقد دخلت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي إلى داخل مبناه من السطح ومن الباب الأمامي في آن واحد وذلك في الخامسة من صباح يوم 4 يناير/كانون الثاني، واعتقلت السكان لأربعة أيام.[135]

وبالرغم من أن هيومن رايتس ووتش ليست على دراية بأية مزاعم بانخراط أي من أفراد عائلة السموني في قتال ضد جيش الدفاع الإسرائيلي إلا أنه من الجائز أن يكون لبعضهم ارتباط نشط بالجماعات المسلحة. وقد عرض محمد السموني شهادة تدريب تلقاها عام 2000 من كتائب شهداء الأقصى.

وطبقاً لما ذكره السكان فقد تواصل ممارسة القوات الإسرائيلية لإجراءات فرض سيطرتها على المنطقة لليوم التالي. ففي الصباح الباكر ليوم 5 يناير/كانون الثاني، كان حوالي 90 إلى 100 من أفراد العائلة قد إلتجأوا لمستودع يملكه وائل السموني، وحدث ذلك في بعض الحالات بعد أن أمرهم الجنود الإسرائيليون بذلك. وفي السادسة من صباح 5 يناير/كانون الثاني، حاولت مجموعة من أربعة أو خمسة رجال مغادرة المبنى فتم قصفهم بقذيقة.[136]بعدها ضربت قذيفتان على الأقل المبنى، مما أودى بحياة 21 على الأقل من أفراد العائلة الذين التجأوا إليه.[137]ومن غير الواضح السبب الذي حض على ذلك الهجوم. وطبقاً لما ذكرته مايسة السموني فأن: "الأمور كانت هادئة في المنطقة" عندما بدأ الهجوم على مستودع وائل السموني، وعلى حد قولها كان الجنود الإسرائيليون قد احتلوا بالفعل الكثير من منازل المنطقة، وقاموا لاحقاً بإجراء الإسعافات الأولية لابنتها المصابة عقب فرار السيدتين من مبنى وائل.[138] وطبقاً لرواية نافذ السموني، فإن الهجوم: "أدى لمقتل 20 من بيننا" كما أدى لجرحه وكذا ابنه أحمد، غير أن القوات الإسرائيلية حالت دون فرار الناجين. "بقيت هناك لأيام دون طعام أو ماء، ومصاب في ساقي الأيسر. وكان أحمد مصاب في صدره."[139]

وقد فر العديد من سكان منطقة السموني الناجين في وقت لاحق يوم 5 يناير/كانون الثاني من الزيتون. ويقولون أن القصف الإسرائيلي في ذلك اليوم أصاب المباني في المنطقة بأضرار غير أن معظمها كان قائماً لم يزل. وأخبر صالح السموني، 52 سنة، هيومن رايتس ووتش أنه عند مغادرته المنطقة يوم 5 يناير/كانون الثاني: "كانت كل المنازل لم تزل موجودة [...] وحين عدنا، كانت جميعها قد اختفت."[140]كذلك أخبر حلمي السموني هيومن رايتس ووتش أنه عندما حاول المغادرة يوم 5 يناير/كانون الثاني رافعاً راية بيضاء: "لم يكن أي من هذه المنازل قد دمر بعد، دعك من القذائف التي أصابتها."[141]

لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الحكم ما إذا كان المقاتلون الفلسطينيون قد حاولوا الدخول إلى منطقة السموني بالزيتون بعد أن كان الجنود الإسرائيليون قد وطدوا سيطرتهم على العديد من المنازل هناك بحلول يومي 4، 5 يناير/كانون الثاني.

بعد ظهيرة يوم 7 يناير/كانون الثاني، وافقت القوات الإسرائيلية، على طلب قائم لللجنة الدولية للصليب الأحمر ICRC لم يكن قد بت فيه بدخول المنطقة.[142]وقد قام الأطباء بإخلاء 18 مدني مصاب و12 مدني آخرين "في حالة إنهاك شديد" ممن علقوا في منازلهم بدون طعام أو ماء منذ يوم 4 يناير/كانون الثاني. وقد وجهت اللجنة انتقاداتها للقوات الإسرائيلية لتقصيرها في تنسيق المساعدات الطبية إذ تمركز جنودها في نطاق يقارب 50 متراً من المباني التي ضمت المدنيين العالقين، مما يشير إلى أن القوات الإسرائيلية كانت تسيطر على المنطقة آنذاك. كما أن ما تلى ذلك من تقدم للجيش الإسرائيلي من الزيتون باتجاه الشمال الغربي نحو تل الهوا، وهي إحدى ضواحي مدينة غزة تعرضت لهجوم جيش الدفاع الإسرائيلي المستمر بدءاً من 15 يناير/كانون الثاني تقريباً، يدفع للإعتقاد بأن الجنود الإسرائيليين احتفظوا بسيطرتهم على منطقة الزيتون.[143]

في يوم 18 يناير/كانون الثاني، وفي غضون ساعات عقب إعلان إسرائيل لوقف القتال من جانب واحد، ذكرت منظمة العفو الدولية Amnesty International في تقرير لها أنها قد قامت بزيارة المنزل الذي عثر فيه أطباء اللجنة الدولية للصليب الأحمر على الكثير من المصابين والقتلى، غير أنها اكتشفت أنه "قد تم تجريفه فوق الجثث."[144]وعند زيارة هيومن رايتس ووتش للمنطقة مجدداً في شهر إبريل/نيسان، كان من غير الممكن التعرف على المبنى.

وقد أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع عدة أفراد من عائلة السموني بصورة منفصلة، بغرض التثبت من مدى وتوقيت التدمير الذي تعرض له الكثير من مساكنهم وأراضيهم الزراعية بالمنطقة. قال أفراد عائلة السموني أن القوات الإسرائيلية  دمرت 17 مبنى سكني، ومزرعتين لتربية الدواجن، وبساتين زيتون وليمون وتفاح، إضافة لبئر ماء تعود للعائلة وذلك في المناطق الواقعة شمال وجنوب الشارع مباشرة. [145]إضافة إلى أنه طبقاً لما أوردته صحيفة ذي إندبندنت The Independent، فإن الجرافات الإسرائيلية قد سوت في الجزء الغربي من المجاورة 14 مسكناً أصغر حجماً بالأرض وذلك عقب إخلائها من شاغليها، كما دمرت 48 دونماً (4.8 هكتار) من الأراضي الزراعية التي تعود لعائلة السموني.[146]أما أولئك السكان الذين لم تدمر مساكنهم فقد وجدوها عوضاً عن ذلك "منهوبة وبالكاد يمكن سكناها." مثال على ذلك ما ذكرته ذى إندبندنت من كشف عن أنه في مسكن موسى السموني " أثاث وأجهزة كهربية مطاح بها خارجاً، و فتحات ثقبت في الجدران حسب أوضاع إطلاق النار، أثاث مهشم، وملابس مكومة على الأرضية، صفحات ممزقة من مصاحف العائلة، وبقايا من تعيينات الجنود مبعثرة في عدة غرف."[147]

طريق السموني الغربي (عائلتي سلمي وعياد)

يتقاطع طريق السموني، على بعد يناهز 450 متراً غرب طريق صلاح الدين، مع طريق ترابي يؤدي باتجاه الشمال نحو طريق 10 (الممتد بين الشرق والغرب). وقد وصف سكان المنطقة وتيرة للأحداث جد مشابهة لاحتلال جيش الدفاع الإسرائيلي لمنطقة السموني: عدوان القوات الإسرائيلية البدئي يوم 3 يناير/كانون الثاني، والذي قوبل بشئ من المقاومة الفلسطينية من الشمال، والذي فرض جيش الدفاع الإسرائيلي في أعقابه سيطرته على المنطقة في غضون أيام وقام بإفراغها من غالبية سكانها بحلول يوم 7 أو8 يناير/كانون الثاني. وعند مغادرة السكان للمنطقة كانت معظم مساكنهم قائم لم يزل ؛ وعند عودتهم بعد 10 أو11 يوم كان معظمها قد دمر.

لاحظت هيومن رايتس ووتش على الجانب الشمالي الشرقي من التقاطع الصغير لطريقي السموني والطريق الترابي المؤدي للشمال المسكن المدمر ذا الطابقين الذي يعود لعبد الله محمد سلمي, 45 سنة، ويعمل سائق سيارة أجرة.[148]وكان يشاركه المنزل ثمانية من أفراد عائلته الممتدة.

سلمي أخبر هيومن رايتس ووتش أن خلال ساعات ليل يوم 3 يناير/كانون الثاني إحتل جنود جيش الدفاع الإسرائيلي منزلي كل من رأفت عياد إلى الجنوب، ورشاد السموني إلى الشرق. وقد أصبح منزله عرضة لنيران القناصة من العيارين الكبيروالصغير الصادرة عن هذين المنزلين فبقي عالقاً حيث كان: "قضيت ثلاثة أيام بالقرب من زجاجات المياه، ولكني لم أكن لأقدر على الوصول إليها" حتى الساعة 11 صباحاً يوم 5 يناير/كانون الثاني.

ثم أطلقوا قذيفة دبابة أصابت الدرج وغرفة المعيشة، وبعدها بثلاث دقائق أطلقوا قذيفة أخرى على بعد ثلاثة أمتار من موضع إصابة الأولى، فدمرت المطبخ. كنت بالطابق الثاني وحاولت النزول إلى الأرضي غيرأن الدرج كان مقطوعاً. تسلق أولادي هبوطاً بينما ناولتهم البنات. وفجأة كان هناك الكثير من جنود المشاة حول بوابتي وقد أمرونا بالخروج وقالوا لي: "فلتذهبوا إلى مصر." [149]

أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلة بصورة منفصلة مع فريح، 21 سنة، إبن عبد الله، والذي أدلى برواية مماثلة. وأضاف فريح أن أسرته قضت عدة ساعات عقب إخلاءها من مسكنها في مسكن مدحت عياد، عبر الطريق باتجاه الجنوب قبل أن تغادر كلتا الأسرتان المنطقة سوياً يوم 5 يناير/كانون الثاني، سيراً باتجاه الجنوب.[150]كما قال فريح أنه لم يكن هناك أي مقاتلين فلسطينيين في المنطقة، وأنه لم ير أياً منهم خلال مسيرة المجموعة مروراً بنتسريم وعبر قرية المغراقة.

قال عبد الله وفريح أن المبنى كان سليماً وقائماً لم يزل عند فرارهم من المنطقة على الرغم من أن قذائف الدبابات كانت قد ضربت مسكنهم بالفعل قبيل رحيلهم. وعند عودة عبد الله سلمي للمنطقة بعد مرور 16 يوم أي في 21 يناير/كانون الثاني، وجد منزله محطماً وكذا سيارته من نوع مرسيدس طراز سنة 1995. وقال أنه فتش في الأنقاض غير أنه لم يعثر على مبلغ 4000دولار أمريكي إضافة لـ 2000 شيكل إسرائيلي، وبعض المصوغات. ولم يكن من الواضح كيف تم تدمير المسكن أو من استولى على المال. وقال سلمي أنه يعتقد أن صاروخين قد دخلا عبر السقف إذ أن: "عموداً حاملاً بأكمله قد تمزق تماماً".[151]

لاحظت هيومن رايتس ووتش إقتلاعاً بعرض 50 متر يمر وقد أحال الأرض تراباً في منتصف بستان لأشجار الفاكهة قال السلمي أنه تسبب في تدمير 18 دونم كانت مزروعة بأشجار الليمون والزيتون تعود لعائلة سلمي, بالإضافة لأربع صوبات زراعية. وكانت آثار مسار جرافة لا تزال واضحة في بعض المواضع حين زارت هيومن رايتس ووتش المنطقة في شهر إبريل/نيسان.

وطبقاً لما ذكره عبد الله فإن المقاتلين الفلسطينيين أطلقوا من مكان ما شمالاً ست دفعات من قذائف الهاون باتجاه جنود جيش الدفاع الإسرائيلي بالمنطقة يوم 3 يناير/كانون الثاني، أول أيام الغزو البري، إلا أنه لم يقع من المقاومة المسلحة أي مزيد أو ما هو أكثر قرباً من ذلك إلى المنطقة. وحيث أن جنود جيش الدفاع الإسرائيلي كانوا بالفعل قد احتلوا المنازل القريبة بحيث كانت المسارات  المباشرة لنيرانهم تمر بمبنى عبد الله، بدا من غير المرجح أن يتمكن المقاتلون الفلسطينيون عقب ذلك من احتلال أو استخدام مسكنه بأية صورة يمكنها أن تفسر وتبرر تدمير القوات الإسرائيلية للمبنى.

ساكن آخر بالمنطقة يدعى عبد الكريم رزاق عياد، 23 سنة, أخبر هيومن رايتس ووتش أنه قبل يوم 5 يناير/كانون الثاني الذي غادر فيه المنطقة: "لم تكن هناك مقاومة في محيط هذا المكان ولا للجنوب أوالغرب منه." على الرغم من قوله أن الأقرباء على بعد عدة مئات من الأمتار إلى الشمال الشرقي أخبروه أنهم كانوا قد رأوا مقاتلين فلسطينيين بالقرب من وكالة لتجارة السيارات هناك.[152]

مباكر أمين محمود عياد، 36 سنة، جار عبد الله من الجهة الشرقية، وقد قابلته هيومن رايتس ووتش على حدة، أيضاً قال أنه في بدايات الغزو البري (بالرغم من أنه لم يتمكن من تحديد التاريخ فمن الجائز أنه يعني يومي 3 و4 يناير/كانون الثاني)، أطلق المقاتلون الفلسطينيون قذائف الهاون على الدبابات التي كانت في المنطقة من الشمال, "غير أن القذائف لم تبلغ أهدافها وسقطت على المنزل المجاور مباشرة لمنزلي من الشرق. إطلاق النيران أتى مباشرة من خلف المنازل التي تقع شمالاً، أي فيما وراء الطريق التالي."[153]كما قال مباكر أن منزله أضير بصورة سيئة خلال الحرب، وعرض على هيومن رايتس ووتش شظايا صاروخ وجدها أعلى سطح منزله.[154]"لقد سحقوا سيارتي أيضاً" يقصد بذلك القوات الإسرائيلية  "كانت سيارة أودي طراز عام 1983 كنت قد اشتريتها قبل ذلك بأسبوع واحد."

دمرت القوات الإسرائيلية بجوار مسكن عبد الله سلمي مباشرة في اتجاه الجنوب مسكن مدحت خليل عياد، وهو مزارع  في الحادية والثلاثين من عمره. ويشارك مدحت في المنزل زوجته وأطفاله الثمانية وقد ولد أصغرهم قبل بدء الحرب بعشرة أيام. قال مدحت أنه لم يكن قد تبين أن القوات الإسرائيلية قد احتلت المنطقة عندما صاح شقيقه رأفت منادياً في السابعة من صباح يوم 4 يناير/كانون الثاني ومخبراً إياه أن مسكن عطية السموني تلتهمه النيران: "فمضيت لإطفاء الحريق ولكن عندما كنت في الطريق رأيت جندياً في أحد المنازل معتمراً خوذة ضخمة مموهة، وقام بإطلاق النار تجاهي إلا أنه أخطأني."[155]وقد وصلت القوات الإسرائيلية إلي المنطقة التي بها مسكني الشقيقين في التاسعة صباحاً. وكشأن عبد الله سلمي، أخبر مدحت هيومن رايتس ووتش أن مسكن عبد الله كان ولعدة أيام عرضة لنيران القناصة من الجنود الإسرائيليين المتواجدين في المنازل المحيطة. وطبقاً لما ذكره مدحت، فبعدما أخرج الجنود الإسرائيليون عبد الله وأسرته من مسكنهم عنوة يوم 5 يناير/كانون الثاني، غادرت عائلتي سلمي وعياد بدورهم المنطقة سوياً في جمع من34 فرد سار جنوباً مروراً مستوطنة نتسريم الإسرائيلية المهجورة ثم إلى مخيم النصيرات لللاجئين.

كان جواد عياد، 36 سنة، يقيم إلى الشرق مباشرة من مدحت. وقد أخبرهيومن رايتس ووتش أنه بعد أن أطلق القناصة والجنود الذين احتلوا منزلين مجاورين النار تكراراً صوب نوافذه وتم استهدافه وأسرته حتى عند محاولة أي منهم الذهاب إلى الحمام، فقد أكره على ترك مسكنه يوم 6 يناير/كانون الثاني عندما تحركت دبابتان نحو المنزل ووجهت مدافعها صوبه مباشرة. واستعاد جواد الذكرى قائلاً: "أومأ واحد من الرجال الذين كانوا بالدبابة التي جاءت من الشمال لنا بأن نتجه شرقاً."[156] "رحلت غرباً. رأيت عمي، عبد جمعة عياد، ميتاً ومنكفئاً على وجهه على الطرق الترابي." وكان قد دمر حتى ذلك الحين مسكنان يعودان لعائلة عياد من بينهما مسكن مدحت، إلى جانب صوبات العائلة، على حد قول جواد. مدحت أبو غرانيمة، الذي كان يقيم على بعد 150 متر تقريباً إلى الغرب من أملاك عائلة عياد، أخبر هيومن رايتس ووتش أنه رأى يوم 7 يناير/كانون الثاني دبابة تأتي من الشمال الشرقي وتدمر مسكن عبد جمعه عياد ، الذي كان يقع إلى الجنوب الغربي من بقية أملاك عائلة عياد.[157]جواد عياد ومدحت أبو غرانيمة كلاهما قال أن بقية مساكن عائلة عياد كانت آنذاك لم تزل قائمة. وقد تركت عائلة ابو غرانيمة المنطقة يوم 8 يناير/كانون الثاني باتجاه الجنوب الغربي, "إذ سمعنا يوم الثلاثاء [6 يناير/كانون الثاني]عبر المذياع أن أفراداً من عائلة السموني [شرقاً] كانوا قد قتلوا."[158]

قال جواد عياد أنه لم يكن هناك نشاط لأي مقاتلين فلسطينيين إنطلاقاً من أملاكه أوبالقرب منها وحتى وقت رحيله يوم 7 يناير/كانون الثاني. وبعد أن اتخذ عياد طريقه نحو الجنوب سيراً تصحبه زوجته الحامل وأطفاله الستة، حول اتجاهه صوب الشمال، قال: "لم أر أي مقاتلين [فلسطينيين] هناك" أيضاً.[159]كما قال: "لعلهم كانوا يخشون حمل السلاح بسبب الزنانات [الإسرائيلية]، لكن قد يكون عليهم إرتداء الأقنعة، ونحن لم نر أي شخص مقنع."

ولقد أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع العديد من سكان المنطقة بمن فيهم عبد الكريم رزاق عياد وجواد عياد، الذي قال أن القوات الإسرائيلية دمرت ثمانية مساكن تملكها عائلة عياد إضافة لثلاثة آخرين تعود ملكيتهم لعائلات لولو، وعاشور وسهيور وتقع في منطقة صغيرة على الطرف الجنوبي الغربي لطريق السموني. وسردوا قوائم بسكان كل مسكن، فلقد أدى تدمير القوات الإسرائيلية كافة المساكن بالمنطقة إلا واحداً إلى تشريد 49 شخص.[160]وقد فقدت عائلة عياد أيضاً ست صوبات زراعية، وبستاناً لأشجار الجوافة والخوخ؛ كما قالوا أنه إلى الشرق أزيلت بساتين لأشجار الليمون والزيتون تعود لعائلة حجي، وكذلك جرف حقلاً للقمح كان السمونيون يملكونه.

منطقة طريق 10

على بعد بضعة مئات من الأمتار شمال أملاك عائلتي السموني وعياد بمنطقة الزيتون يمتد بين الشرق والغرب طريق يعرف بطريق 10، الذي يتقاطع شرقاً مع طريق صلاح الدين. وقد عزز سكان منطقة طريق 10 الروايات التي تفيد بأن القوات الغازية الإسرائيلية هاجمت المناطق المحيطة بطريق السموني بدءاً من 3 يناير/كانون الثاني، وسيطرت على طريق صلاح الدين. وطبقاً لرواية الشهود، فإن دبابات جيش الدفاع الإسرائيلي دخلت إلى منطقة طريق 10 من جهة الشرق ومن الجنوب صباح يوم 4 يناير/كانون الثاني. وفي منطقة صغيرة من طريق 10وثقت هيومن رايتس ووتش الدمار الذي أصاب سبعة مساكن حيث كان يقيم 47شخص قبل بدء القتال.[161]ولم نقم بتوثيق، وإن كنا قد لاحظنا، العديد من المساكن الأخرى المدمرة على طول الطريق.

كان رجب عابد إشتيوي، 57 سنة، يقيم بالقرب من طريق 10على قطعة من الأرض أمتلكتها عائلته منذ زمن العثمانيين، بحسب ما أخبر به هيومن رايتس ووتش.[162]وقد أمضى أيام الحرب الثمانية الأول في مسكنه، ورأى إنفجارات ضخمة عند مجزر البلدية الذي يبعد نصف كيلومتر إلى الغرب على شارع صلاح الدين،  وانفجار آخر على مزرعته على بعد 100 متر إلى الجنوب. وقد دخلت القوات البرية الإسرائيلية إلى الزيتون قبيل غروب شمس يوم 3 يناير/كانون الثاني بنحو ساعة، بحسب ما قاله إشتيوي.

كانت الدبابات تقصف بكثافة من الشرق صوب الغرب أطلقوا قذيفة لكل 100 متر. غير أن الحرب الحقيقية بدأت يوم الأحد [4 يناير] في الثامنة صباحاً. حيث سيطرت القوات علىالمناطق شرقي صلاح الدين وبدأت عشرات الدبابات والجرافات في التحرك غرباً على شارع 10. وقامت الجرافات بحفر خنادق إتخذت فيها الدبابات مواقعها.[163]

كما قال إشتيوي أن الدبابات قصفت المسجد وعدد من المنازل التي احتلوها بعدها. واكتسى الجنود بفروع الأشجار وكانوا يرتدون أغطية قماشية واسعة فوق خوذاتهم.

سفيان محمد سلمي، 48 سنة، نجار، وله مسكن لم يزل قائماً بالقرب من منزل إشتيوي، وقد أخبر هيومن رايتس ووتش أنه رأى دبابات جيش الدفاع الإسرائيلي في بادئ الأمر تدخل منطقة طريق 10 في التاسعة من صباح يوم 4 يناير/كانون الثاني من منطقة طريق السموني باتجاه الجنوب الشرقي. وقد أطلقت الدبابات نيرانها مباشرة على منزل ابن عمه طلعت إلى الشرق من منزله. وقال سلمي: "ثم قدم طلعت وأسرته لمنزلي. كنا 30 فرداً نحتمي بهذا المكان."[164]

وقد أجرت هيومن رايتس ووتش بصورة منفصلة مقابلة مع طلعت أحمد سلمي، 45 سنة، وهو إبن عم سفيان، ويعمل بالبنك المركزي للدم في غزة.ويطل جانبا مسكن طلعت الشرقي والجنوبي على مناطق زراعية مكشوفة، وقد أطلع هيومن رايتس ووتش على الأضرار التي تسبب فيها ما قال أنهم كانوا أربعة من قذائف الدبابات، أطلقن من تلك الاتجاهات ليصبن منزله بفارق دقائق بين الطلقة والأخرى، وذلك عند الساعة 9:30 تقريباً من صباح يوم 4 يناير/كانون الثاني. وإلى جانب الأثاث الآخر والأضرار البنائية فقد دمرت القذائف البراد، وفرن الميكروويف، وموقد الغاز، وغسالة الملابس وخزانات المياه. وقد فر طلعت مع أسرته لمسكن سفيان وأخذ يرقب الجنود فيما كانوا سريعاً يحتلون مسكنه. وقد لاحظت هيومن رايتس ووتش أنه كل أثاث مسكن طلعت سلمي قد تحطم بصورة واضحة. وقال طلعت سلمي أنه كان داخل مسكنه وقت مهاجمة جيش الدفاع الإسرائيلي له، كما قال أنه لم يكن هناك أي مسلحين فلسطينيين بالمنزل كما أنه لم تطلق أية نيران موجهة ضد القوات الإسرائيلية من مكان قريب من المنزل.[165]

وطبقاً لما قاله سفيان سلمي فإن قوات جيش الدفاع الإسرائيلي سريعاً ما فرضت سيطرتها على المنطقة وأبقت أفراد عائلته الممتدة مستهدفين حيث هم في مسكنه بـ "إطلاقهم رصاص البنادق تجاهنا، وقد أبقانا الجنود هنا حتى يوم الثلاثاء [6 يناير/كانون الثاني] الساعة 11 صباحاً، غير أننا لذنا عندئذ بالفرار ملوحين برايات بيضاء، ومضينا إلى بلدة الزيتون [شمالاً]." وأشار إلي الأضرار التي وقعت بمسكنه والتي كان واضحاً أنها بفعل قذيفة دبابة أطلقت من جهة الشرق قال سفيان أنها أصابت المنزل عقب رحيله.

طبقاً لما رواه رجب إشتيوي، فإن 110 من سكان المنطقة قد علقوا في مساكنهم، من بينهم 32 شخص في مسكنه، مدة 12 يوم حتى مقدم اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي أخلت نحو 20 من النساء والأطفال والعجائز. ويعتقد رجب أن الإخلاء، الذي لم يكن بالإمكان أن يشمله هو بالإضافة لعدد كبير من السكان الآخرين قد تحقق لاحقاً يوم 14 يناير/كانون الثاني تقريباً. وفي أعقاب الإخلاء شرعت دبابتان كانتا متمركزتين على أحد التلال بالقرب من خزان للمياه إلى الجنوب الغربي، في إطلاق قذائفها صوب المنازل التي في المنطقة. وقال إشتيوي: "انتهينا عندها إلى أنه سيكون من الأفضل أن نموت في العراء من أن نموت تحت الأنقاض". وسارت باقي المجموعة غرباً نحو طريق صلاح الدين ثم إلى مدينة غزة.[166]

برغم الضرر الناجم عن قذائف الدبابات ونيران الأسلحة الصغيرة، فإن أياً من مساكن عائلة إشتيوي لم يكن قد دمر بصورة كاملة حتى ذلك الوقت، وإن كان مسكن ناصر عياد تحديداً قد نسف بالألغام وهدم بالفعل. وقد قال إشتيوي:

قضينا ثلاثة أيام في غزة قبل أن نعود، وكانت المنطقة بكاملها قد دمرت، وبواسطة الجرافات في معظم الحالات. ستة مساكن تعود لعائلتي إختفت كلية، وسبعة أصيبت بأضرار. إعتدنا أن نزرع التين والكروم والمشمش والحمضيات والزيتون. إلا أن40 دونماً من جملة 80 دونم [4 هكتارات من 8] نملكها كانت قد أزيلت.

قام رجب إشتيوي وسكان آخرون بتعيين أنقاض سبعة مساكن مدمرة تماماً ومسكن واحد أصيب بأضرار، وذلك في منطقة صغيرة على امتداد طريق 10 وإلى الجنوب باتجاه طريق السموني، وقد قامت هيومن رايتس ووتش بفحصها. خمسة من تلك المساكن تعود لأفراد من عائلة إشتيوي. وقد أدى تدميرها إلى تشريد 45 شخص.[167]

وقد وصف طلعت سلمي الدمار الذي رآه حين عاد عقب الحرب:

كان يوجد خزان [للمياه] مباشرة خارج هذا [إشارة للجدار الشرقي لمسكنه]. كان هذا حقل قمح، وكل هذا الركام الموجود هنا الآن هو بفعل الجرافات. كان لدينا 18 دونم [1.8 هكتار] من الأرض كلها جرفت، إضافة إلى 22 دونم [2.2 هكتار] أخرى محيطة بمنطقة السموني إلى الجنوب من هنا. كان لدينا أيضاً منزل هناك، كنا نمكث فيه خلال فترة فلاحتنا للأرض هناك، وقد دمر هذا تماماً، كما هدم بئران للمياه خاصين بنا.[168]

وطبقاً لرواية سفيان سلمي، فقد احتل الجنود الإسرائيليون منزله ودمروا معظم أثاثه. وقد لاحظت هيومن رايتس ووتش فتحات صغيرة تم ثقبها خلال الجدار الخارجي بالقرب من الأرضية في عدد من غرف الطابق الثاني، تطابق مواضعها " فتحات قناصة" جيش الدفاع الإسرائيلي مما يشير أن الجيش قد احتل واستخدم المنزل كنقطة لإطلاق النار. وإلى جانب الأضرار الأخرى، كان هناك العشرات من ثقوب الطلقات بدا واضحاً أنها أطلقت من مسافة قريبةعلى صوان ملابس سلمي. وقال سلمي انه عاد عقب وقف إطلاق النار ليجد 10 من عنزاته قد هلكن نتيجة الحرمان من الغذاء والماء.

مصانع شرق طريق صلاح الدين

زارت هيومن رايتس ووتش منشأتين صناعيتين مدمرتين في المناطق المكشوفة على الجانب الشرقي من شارع صلاح الدين مقابل منطقة السموني بالزيتون.

 حمدان أبو عريبان، 70سنة، كان يعمل حارساً بالشركة الهندسية للخرسانة ومواد البناء، وهو مصنع لخلط الأسمنت وصناعة قوالب الفحومات.[169]حمدان قال أنه علق في المصنع خلال الأسابع الأولى من النزاع، إذ جعله القصف الدائر وإطلاق النار من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي يخشى ترك المكان. كما قال: "كانت القوات متواجدة بالفعل في منطقة السموني، كذلك كانت هناك دبابات وجرارات إلى الجنوب من هنا"." وكانوا قد احتلوا كل المنازل على طول الشارع [صلاح الدين]. كان هناك أحد المنازل وكانو يطلقون منه النار على نوافذ المصنع." وفي 8 يناير/كانون الثاني رأى أبو عريبان قافلة لللجنة الدولية للصليب الأحمر على طريق صلاح الدين وكانت قد استدعيت لإخلاء السكان الآخرين، بما في ذلك جثة الصبي إبراهيم جحا الذي كان قد قتل. "حين رأيت الصليب الأحمر لوحت براية بيضاء وعدوت."[170]

وطبقاً لما ذكره أبو عريبان، لم يكن المصنع قد أصيب بأضرار ساعة هروبه، باستثناء الإصابة بنيران الأسلحة الصغيرة. وقال إنه عند عودته يوم 18 يناير/كانون الثاني كانت جميع مركبات مصنع الأسمنت تقريباً قد قلبت وتحطمت جزئياً أو كلياً. وقد لاحظت هيومن رايتس ووتش المركبات التالية التي كانت جميعها مدمرة أو متضررة لدرجة أنه لايمكن إصلاحها: شاحنة قلابة واحدة، تسع خلاطات للأسمنت، ثلاث شاحنات لضخ الأسمنت مزودة بمرفاع، جرافة واحدة، جرافة صغيرة، إضافة لسيارة ركوب. وقال أبو عريبان: "السيارة كانت سيارتي وهي سوبارو 1983". إن طبيعة الدمار الواقع وآثار المسارات المنطبعة على الأرض تدفع للإعتقاد بأن جرافات مجهزة حربياً كانت المتسببة في الأضرار.

كما قال أبو عريبان أنه لم يتواجد أي مسلحين في المصنع أو بالقرب منه خلال الفترة التي كان عالقاًً فيها بداخله. ويبدو أنه من المشكوك فيه أن يكون المسلحين قد احتلو المصنع بعد مغادرته، إذ أن جيش الدفاع الإسرائيلي كان قد سيطر على كافة المنازل على طول طريق صلاح الدين، بما وفره ذلك من مسارات مباشرة للنيران باتجاه مباني المصنع من الغرب، ولأن الحقول المكشوفة إلى الشرق من المصنع لم تكن لتوفر أي غطاء للمسلحين ضد الدبابات والطائرات الإسرائيلية.

ولقد أضيرت بدورها مباني ومعدات المصنع. مدير مصنع الأسمنت، حافظ كشكو، 47سنة، أخبر هيومن رايتس ووتش أن غرفة التحكم وسير سحب الحصى كلاهما قد دمر، وأن الجرافات قد أحدثت أضرار بمبنى الإدارة. وقد لاحظت هيومن رايتس ووتش أيضاً أن الصومعة المعدنية الوحيدة لتخزين الأسمنت بالمصنع قد أضيرت بشدة بواسطة قذيفة إخترقتها من جهة الشمال الشرقي. وبجوار مصنع الأسمنت مباشرة جهة الجنوب يوجد مصنع أصغر حجماً لإنتاج أحجار الرصف من السيليكا، وقوالب الفحومات، وقد وقعت به أيضاً أضرار.

كشكو أخبر هيومن رايتس ووتش أن مصنع الأسمنت كان في حالة تشغيل حتى يوليو/تموز  2007، مستخدماً 30عامل تقريباً، وقال: "كل معداتنا جاءت مستعملة، ولكن شاحنة ضخ الأسمنت المستعملة هنا تتكلف 300000 دولارأمريكي."[171]كما قال أنه " لم يكن المصنع يتلقى أية معونات بخلاف مبلغ 7000 دولار من وزارة الاقتصاد بغزة، ولم يكن المصنع يعمل منذ فترة بسبب إغلاق إسرائيل للحدود وحظرها واردات الأسمنت. وقد أوصد مصنع السيليكا وقوالب الفحومات المجاور أبوابه منذ خمسة أشهر بسبب إغلاق الحدود." على حد قوله.

إلى الجنوب الشرقي لمصنع الأسمنت، وفي منطقة مكشوفة، رأت هيومن رايتس ووتش بقايا سويت تماماً بالأرض لمصنع كان يملكه وسيم الخزنادة.[172]وقد قال حارس المصنع ويدعى نور الطرابين، 39 سنة، أن المصنع كان ينتج أصنافاً عديدة من الأدوات، فضلاً عن المنتجات الكهربية ومن ضمنها سخانات المياه، لوحات الدوائر الكهربائية، لوازم الإضاءة الفلورسنتية، والمقابس الكهربائية. كما قال: "لم نكن بحاجة للواردات إذ كنا نقوم بتدوير الكثير من المحولات الكهربائية القديمة." "أربعون شخصاً كانوا يعملون هنا قبل الحرب مباشرة." وطبقاً لما ذكره الطرابين، فقد بني المصنع عام2000 وهدم أثناء غزو إسرائيلي في 2003. وأضاف: "أعدنا بناء المصنع في 2005، عقب فك الارتباط."[173]

قال الطرابين أن المصنع قد تم تجريفه، وهو ما يتفق مع طبيعة الأنقاض التي تسطحت تماماً. "لم نجد أية شظايا أو ألغام هنا." وقال أيضاً أنه فر من منزله القريب من المصنع في الثامنة من صباح اليوم الأول للغزو البري، أي يوم 3 يناير/كانون الثاني. وأنه رأى المشاة والدبابات قادمين من الشرق. "جاءت الدبابات جنوباً من الشمال الشرقي بموازاة الطريق الشرقي، ثم استدارت غرباً. كانت قاعدتهم إلى الجنوب بالضبط من هنا." ولم يشهد الطرابين تدمير المصنع، غير أن والده الذي كان يقيم في منطقة مرتفعة تقع إلى الشرق، هي قرية جحر الديك، شهد ذلك.

أجرت هيومن رايتس ووتش لاحقاً مقابلة مع والد نور، ويدعى حسن الطرابين، 73 سنة، على انفراد بمسكنه في جحر الديك، على بعد بضعة مئات من الأمتار إلى الشرق. قال أنه في يوم 6 يناير/كانون الثاني: "نظرت خارجاً فرأيت الجرافة واقفة فوق المصنع."[174]وطبقاً لأقوال حسن الطرابين وموظف لديه يدعى مجدي عيد السويركي، 19 سنة، فقد دمرت القوات الإسرائيلية المساكن الواقعة شمال جحر الديك فيما كانت تتحرك نحو الغرب في مرحلة مبكرة من الغزو. بينما هدمت لاحقاً قرب انتهاء العملية العسكرية المنازل الأخرى الواقعة أكثر قرباً للحدود شرقاً. فيما تعرض مسكن حسن الطرابين الواقع في الجزء الجنوبي لمنطقة جحر الديك لإطلاق النار خلال النزاع، وقد قال أن بقرته وخمس من عنزاته أطلقت عليهم النار فقتلوا. وقد رأت هيومن رايتس ووتش جمل مضمداً قال حسن الطرابين أن النار قد أطلقت علي معدته ولكنه نجا من الموت. كما وأن مسكن الطرابين لم يحتل، وقد بقي فيه على مدى الحرب.

قال الطرابين أنه لم يدر بوجود أي مقاتلين في منطقته أو في منطقة المصنع أو في اتجاهه. وبحكم موقع منزله فإن وجود المسلحين في أجزاء أخرى من جحر الديك دون أن يكون بمقدوره رؤيتهم قد يكون أمراً ممكناً.

غرب بيت لاهيا

حققت هيومن رايتس ووتش في عدة أماكن دمرت فيها القوات الإسرائيلية ممتلكات مدنية، في منطقة تقع غربي بيت لاهيا، قوامها بنايات سكنية، وبعض المنشآت الصناعية، ومنطقة مفتوحة مستخدمة في الزراعة، على بعد نحو 4 كيلومترات شمالي وسط مدينة غزة.

وقد قصفت القوات الإسرائيلية المنطقة بقوة وعبرت خط هدنة 1949 إلى شمال غرب غزة في وقت مبكر من الهجوم البري، طبقاً للسكان المقيمين شمال طريق سودانية، نحو 5 كيلومترات جنوبي الحدود.[175] وأفاد السكان بسماع أو مشاهدة تبادل لإطلاق النار بين القوات الإسرائيلية والمقاتلين الفلسطينيين، وبعضهم شاهدوا القتال في مناطق مرتفعة عليها بنايات على طول الطريق الذي يصل طريق سودانية بحي العتاترة الواقع على مسافة نحو كيلومتر تجاه الشمال. لكن الكثير من الدمار وقع في المناطق الأكثر انفخاضاً والمفتوحة نسبياً، على الغرب، حيث وعلى حد قول السكان، لم تكن هنالك مجموعات مسلحة. وتقدمت دبابات الجيش الإسرائيلي وجرافاته المصفحة إلى هذه المناطق المنخفضة على مدار عدة أيام، وبعدها وحدات المشاة.

الشهود الذين ظلوا في المنطقة حتى 13 أو 14 يناير/كانون الثاني، أفادوا بأنها كانت خالية تقريباً إلا من عربات جيش الدفاع الإسرائيلي المصفحة وقواته وطائراته وأن الكثير من المنازل كانت ما تزال قائمة. وعندما عاد الشهود بعد الحرب، وجدوا أن عدداً كبيراً من المنازل قد دُمرت. وكما هو مذكور أدناه، فبينما تم تدمير بعض البنايات أثناء الفترة التي غادر فيها السكان المنطقة وقبل عودتهم بعد أن سحبت إسرائيل قواتها، فإن طبيعة ومجال التدمير في تلك المناطق لا تتفق مع أن الهجمات ضد أهداف عسكرية مفردة أو كون التدمير وقع أثناء القتال.

وقامت هيومن رايتس ووتش بتوثيق التدمير اللاحق بـ 38 بناية سكنية في هذه المناطق، ولم نتوصل إلى الرقم الإجمالي لعدد المشردين، لكن 11 من هذه البنايات كانت تستضيف 106 أشخاص قبل الحرب. وعندما أجرت هيومن رايتس ووتش أبحاثها في أبريل/نيسان، كان قد تم نصب مخيم من الخيام في وسط المنطقة، وقال مدير المخيم إنه يستضيف 65 أسرة تم تدمير منازلها أو أصيبت بأضرار تجعلها غير قابلة للإصلاح، أثناء الحرب.[176] وقالت الأسر إنها لم تكن قادرة على إعادة بناء منازلها بسبب قيود إسرائيل على استيراد مواد البناء.

طاحون البدر

في الركن الشمال الغربي من تقاطع على طريق سودانية، الماضي من الشرق للغرب، يقع طاحون البدر، وهو بناية من خمسة طوابق لاستخلاص الطحين من القمح، محاطة من الجنوب والشرق بمنشآت أخرى ومنازل بعض الشركاء في الطاحون.[177] ويحيط بأرض الطاحون جدار. أحمد حسن عبد ربه، 65 عاماً، الحارس بالمصنع، قال إنه كان حاضراً عندما قصف جيش الدفاع الإسرائيلي المصنع في وقت مبكر من صباح 10 يناير/كانون الثاني.

حوالي الرابعة صباحاً من يوم السبت، كنت هنا احتمي في كشك الحراسة وكنت أسمع مروحية قريبة من المكان موجودة منذ نحو الساعة. أطلقت صاروخاً على الطاحون، وكان هناك الكثير من القذائف الأخرى أيضاً، لكن لا أعرف أي منها أصاب الطاحون. الهجمات تلك الليلة استمرت ساعتين ونصف الساعة. وبعدها بدأ الطاحون يحترق وجاءت المطافئ لإطفاء النيران. [178]

أوضح عبد ربه أن المصنع تضرر كثيراً بينما المصانع الأصغر (للأطعمة المعلبة والحفاضات) إلى الغرب مباشرة لم تُهاجم. ولم يستطع تفسير لماذا استهدف جيش الدفاع الإسرائيلي الطاحون. وقال إنه لم ير أي مقاتلين في المكان قبل الهجمات.

فادية حمد الرميلات، 66 عاماً، تقيم في منطقة سكنية إلى جوار الساحل، على مسافة 75 متراً غرب الطاحون. قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن الدفاع المدني نقلها وابنتها معهم عندما غادروا بعد إطفاء النيران في الطاحون. "ثم في اليوم التالي [11 يناير/كانون الثاني] عدت لإطعام العنزات، وغادرت مرة أخرى، وحاولت العودة في اليوم التالي لكن لم أتمكن لأن الدبابات كانت كثيرة هنا وتبادل إطلاق النار. وفيما بعد رأيت من آثار العجلات أن دبابة جاءت ودمرت شاحنة وناقلة وقود هنا".[179] أكدت فادية رواية عبد ربه بأن جيش الدفاع الإسرائيلي قصف المنطقة بالفسفور الأبيض، قائلة إن بعض القطع المحترقة سقطت على فناءها وأنها غطتها بالرمال.

حمدان حمادة، الشريك في الطاحون البالغ من العمر 52 عامأً، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه غادر المنطقة في 4 يناير/كانون الثاني، لكنه أظهر للباحثين الدمار وكمية الشظايا الكبيرة وملحوظة مكتوبة يدوياً ورد فيها أن فريق نزع الألغام قد نزع فتيل قنبلة جوية لم تكن قد انفجرت، والأغلب أن مترجم الفريق هو الذي كتب الورقة. فريق الأمم المتحدة لنزع الألغام في مدينة غزة أكد فيما بعد لـ هيومن رايتس ووتش أنه تم العثور على الجزء الأمامي من قنبلة إم كيه 82 زنة 500 رطل في الطابق العلوي في ممر ضيق بين الماكينة المحترقة والجدار الخارجي للطاحون، في 25 يناير/كانون الثاني، وأنه تم نزع الفتيل في 11 فبراير/شباط 2009.[180] فيما بعد أمدت عائلة حمادة هيومن رايتس ووتش بمقطع فيديو يُظهر القنبلة وكذلك الضرر اللاحق بالطاحون.[181] كما أظهر حمادة لـ هيومن رايتس ووتش الكثير من الهياكل الخارجية لقذائف عيار 40 ملم مكتوب عليها (HEDP) بمعنى (عالية التفجير مزدوجة الغرض) وقال إنه عثر عليها في المصنع.[182] وقال إن بعد تلقيه مكالمة عن الهجمات ومعرفت هأن المصنع مشتعل: "اتصلنا بالدفاع المدني، وحاولوا الاتصال باللجنة الدولية للصليب الأحمر كي تتصل بالجيش الإسرائيلي كي يأتي ويطفئ الحريق، لكنهم لم يتمكنوا من الوصول حتى الساعة 10 صباحاً".[183]

بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نزاع غزة فحصت الطاحون وانتهت إلى أن الطاحون "أصيب في غارة جوية" في الثالثة أو الرابعة صباح 9 يناير/كانون الثاني، وبعدها أصيب الطاحون أيضاً "عدة مرات" بقذائف أطلقتها مروحية.[184]

وأفاد جيش الدفاع الإسرائيلي بأنه أجرى تحقيقاً عملياتياً في الحادث ورفض نتيجة بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق حول أن الطاحون قد قُصف من الجو.[185] وزعم جيش الدفاع الإسرائيلي أنه رغم أن الطاحون كان "نقطة مرتفعة وإستراتيجية" في المنطقة، بسبب ارتفاعه وخط الرؤية الواضح منه لما حوله، فإن الجيش "قرر عدم مهاجمته وقائياً، من أجل تفادي إلحاق الضرر بالبنى التحتية المدنية قدر الإمكان"[186] لكن أثناء عملية برية في 9 يناير/كانون الثاني، تعرضت قوات "جيش الدفاع الإسرائيلي لنيران كثيفة من مواقع متعددة لحماس إلى جوار الطاحون. ردت القوات الإسرائيلية على مصادر النيران ومواقع التهديد. ومع رد الجيش للنيران، أصيب الطابق الأعلى من الطاحون بقذائف دبابات".[187] تحقيق جيش الدفاع الإسرائيلي استند جزئياً إلى "الصور الجوية للطاحون إثر الحادث"، والتي قال إنها "لا تُظهر أن الضرر اللاحق بالبنايات يتسق مع كونه جراء غارة جوية".

وفي 1 فبراير/شباط، أفادت صحيفة الغارديان إن الأمم المتحدة قد سبق لها أن عثرت على قنبلة جوية ونزعت فتيلها، وهذا بالطاحون.[188] وفي اجتماع بتاريخ 4 فبراير/شباط 2010، قال محامون من مكتب المحامي العام العسكري لـ هيومن رايتس ووتش إنهم كانوا يعلمون بوجود تقارير عن إصابة قنبلة جوية للطاحون أثناء الهجوم، وقالوا من المحتمل أن التحقيق العملياتي قد يُعاد فتحه لأخذ هذا الدليل الجديد في الاعتبار.[189]

ودعم جيش الدفاع الإسرائيلي نتائجه بأن الهجوم على الطاحون مُبرر بقوله: "على مسافة 200 متر جنوبي الطاحون كانت فرقة من الجيش الإسرائيلي قد تعرضت لكمين من خمسة من عناصر حماس في أحد المنازل، على مسافة 500 متر شرقي الطاحون اشتبكت قوة أخرى مع قوات العدو في منزل كان يُستخدم أيضاً لتخزين الأسلحة، وإلى جوار الطاحون، انفجر منزلان مفخخان بالمتفجرات". وتواجد عناصر من حماس على مسافة 500 إلى 200 متر من الطاحون، أو وجود أفخاخ في المنازل المجاورة، لا يعني في حد ذاته تبرير هجمات تستهدف الطاحون. ولم تعثر هيومن رايتس ووتش على أية منازل "منفجرة" إلى جوار الطاحون أثناء زيارة للمنطقة، لكنها شاهدت آثار ضرر جسيم في عمارة سكنية ومنزل إلى جوار الطاحون. البناية السكنية تضررت، جراء قذائف الدبابات في الأغلب، والمنزل هُدم جزئياً بواسطة عربة مصفحة.

ولم تعثر هيومن رايتس ووتش على أدلة على أن الجماعات المسلحة الفلسطينية كانت حاضرة في أو بالقرب من الطاحون. وطبقاً لأحد الشهود، فإن عضوين من حماس قُتلا جراء قذائف إسرائيلية أو صواريخ في المنطقة الواقعة نحو 250 إلى 300 متر شرقي الطاحون في هجمات بتاريخ 4 و7 يناير/كانون الثاني. هاشم العسلي، 23 عاماً، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن هجوماً بطائرة استطلاع (زنانة) أسفر عن مقتل شقيقه، سهيل، 23 عاماً، حوالي السابعة والثلث صباح 4 يناير/كانون الثاني.[190] وقال هاشم إنه عاد إلى المنطقة مع مجموعة من نحو 15 آخرين من السكان في 7 يناير/كانون الثاني، بعد إعلان إسرائيل وقف القتال لمدة 3 ساعات، عندما أصابت قذيفة شقيقه الآخر جهاد العسلي، 22 عاماً، وقتلته، وهو بدوره عضو في حماس.

كان الطاحون هو ثاني أكبر طاحون من خمسة طواحين في غزة، على حد قول حمادة، ويمكنه تحويل 200 طن من القمح إلى طحين يومياً. وأسفرت هجمات جيش الدفاع الإسرائيلي عن تدمير آلة طحين سيمولينا قام بتركيبها فريق مهندسين تركي، وكذلك آلة أخرى، أدى لعطل الطاحون بالكامل. وقال: "نحتاج لمهندسين. أهم شيء الآن هو الضوء الأخضر من إسرائيل لإحضار خبراء إلى هنا". وأعطى حمادة هيومن رايتس ووتش نسخة من تقديرات الضرر ورد فيها أن الخسائر في المعدات تصل إلى 1,495,000 دولار.

منازل عائلة جمعة

إلى الشرق أكثر على امتداد طريق سودانية، على مسافة أبعد من طاحون البدر، يقيم أفراد من عائلة جمعة في تسع بنايات سكنية في بلوك واحد يواجه درباً صغيراً يؤدي إلى الشمال.[191] من البنايات السكنية التسعة في بلوك عائلة جمعة، يستضيف كل بيت نحو أربع عائلات كحد أقصى، وتم تدمير سبعة بنايات بالكامل ولحق الضرر الجزئي بمنزلين آخرين، على يد القوات الإسرائيلية في يناير/كانون الثاني، مما خلف ما لا يقل عن 71 شخصاً بلا منازل.[192] وكان بين بعض المنازل كرمة زيتون صغيرة سوتها الجرافات الإسرائيلية بالأرض. وقال السكان إن بعض الأشجار كان عمرها 40 عاماً.[193]

السكان في البلوك والمناطق المجاورة قالوا إن التدمير وقع بين 14 و18 يناير/كانون الثاني، بعد أن سيطر جيش الدفاع الإسرائيلي على المنطقة. وعندما عاد أعضاء من أسرة جمعة الممتدة في 18 يناير/كانون الثاني، وجدوا أن أغلب منازلهم قد دُمرت تماماً.

وعندما زارت هيومن رايتس ووتش البلوك في أبريل/نيسان، تم العثور على علامات على الأرض تشير لمرور جرافات، وأكوام من الرمال والحطام عليها آثار تحيط بالعديد من المنازل المُدمرة في البلوك. ولم تلحظ هيومن رايتس ووتش أية ألغام مضادة للدبابات أو آثار انفجار لها، لكن طبقاً للساكن علاء جمعة "ترك جيش الدفاع الإسرائيلي ثلاثة ألغام مضادة للدبابات على الطابقين العلويين من المنزل الكبير [كان يسكنه في السابق محمد وأسامة وهاني وناصر جمعة وعائلاتهم]. وكنت هنا في اليوم الأول بعد الحرب وانفجر لغم في العاشرة مساءً ذلك اليوم، وآخر في الحادية عشرة والنصف مساءً، والثالث في الثانية صباحاً".

وطبقاً لحسن أحمد جمعة، فإن بعض الدمار اللاحق بالأراضي الزراعية، كان جراء قصف جيش الدفاع الإسرائيلي للمكان بالفسفور الأبيض. "هذا هو ما أحرق جميع الأشجار في ذلك البلوك السكني، لقد استخدموا الكثير والكثير من من الفسفور الأبيض هنا".[194] وشاهدت هيومن رايتس ووتش آثار لحرائق في بنايات لكن السكان قالوا إن سلطات حماس كانت قد جمعت بالفعل القذائف والشظايا من المنطقة، في محاولة لجمع وإعادة استخدام المتفجرات والمواد الأخرى في أسلحة حماس، على ما يبدو.

محمود العجرمي، الأمين المساعد السابق للشؤون الخارجية لدى السلطة الفلسطينية، والمقيم في بيت من ثلاثة طوابق على مسافة نحو 450 كيلومتراً من بلوك عائلة جمعة. تجربته أثناء الحرب أدت به إلى المرور إلى جوار بلوك آل جمعة في 13 يناير/كانون الثاني وهو يفر من المنطقة.

قال العجرمي إن بيته تعرض لنيران الأسلحة الصغيرة من القوات الإسرائيلية إلى الشمال الشرقي، ومن مدافع المروحيات الإسرائيلية التي راحت تهاجم المكان في 6 و7 يناير/كانون الثاني. وكثف الجيش الإسرائيلي من هجماته على المنطقة القريبة من منزل العجرمي مطلع صباح 8 يناير/كانون الثاني، على حد قوله، وأصيب هو وزوجته وابنتهما بشظايا في 9 و10 يناير/كانون الثاني. وقال العجرمي: "كانت هناك دبابات إلى الشمال الشرقي، والشمال، والشمال الغربي، وعلى امتداد الساحل إلى الغرب". وغادرت ابنته إلى الجنوب بعد أن أصيبت، لكنه مكث حيث هو ومعه زوجته.

وفي 11 يناير/كانون الثاني، حوالي الساعة 1 صباحاً، على حد قول العجرمي، فجرت قوات إسرائيلية ترتدي خوذات عليها أضواء كشافة، بوابة على الجدار المحيط بالمكان وداهموا منزله. وقال العجرمي إن الجنود وضعوا أصفاد بلاستيكية على يديه وغموا عينيه، ونقلوه إلى الخارج، ونقلوه إلى الطابق الثاني من منزل جاره، وأمروه بالسير، حتي سقط من شرفة جاره. مما تسبب في كسر عدة أضلاع جراء السقوط. ثم أجبرته القوات الإسرائيلية وجاره على السير إلى منطقة قريبة من مستوطنة دوبيت الإسرائيلية السابقة، نحو 1.5 كيلومتر إلى الشمال. ولم يُسمح لزوجته بمرافقتهما. وقال العجرمي: "أبقوني بالخارج في موقع عسكري وراء جدران مصنوعة من تراب الأرض باستخدام الجرافات. كنت أرى الكثير من الدبابات من تحت غطاء عيني". وتم استجوابه ثلاث مرات، ثم أُفرج عنه في 13 و14 يناير/كانون الثاني، وأمروه بالسير جنوباً.

سرت لمدة ساعة ونصف، ببطء شديد، حتى عدت إلى منزلي. تعثرت في جنود إسرائيليين مرتين على الطريق. كانوا مندهشين للغاية لرؤيتي. لم يكن هناك أحد غير الجنود. عدت ورأيت سيارتي [شاحنة صغيرة] وقد سُويت بالأرض، والبوابات محطمة. قتلوا كلبي. ورحلت زوجتي، لكنها قالت لي فيما بعد إنهم هاجموا المنزل حوالي الساعة 8:30 أو 9 صباحاً يوم 11 يناير/كانون الثاني، بعد أن هدموا منزل أبناء عمي مباشرة بالجرافات [ويقع على الجانب الآخر من الطريق].

وفحصت هيومن رايتس ووتش بيت العجرمي، وهو من ثلاثة طوابق، والذي قال إنه شغله مدة سبع سنوات. تبين أن البناية لحق بها الضرر الجسيم جراء نيران الأسلجة الصغيرة وقذائف الدبابات. وأظهر العجرمي للباحثين عدة طلقات مدفع عيار 20 ملم عليها حروف “HEDP”  (عالية التفجير مزدوجة الاستخدام)، ويُرجح أنها تم إطلاقها من مروحيات هجومية، وأظهر أيضاً أذيال قذائف هاون عيار 120 ملم، وغيرها من الذخائر التي جمعها من داخل البيت.[195] كما عثر العجرمي على ورقتين صغيرتين مكتوب عليها بخط اليد بالعبرية، موجهتان إلى "الوحدة 202" وكان الجنود الإسرائيليون قد تركوها خلفهم. يبدو أن الأوراق كانت مرفقة بأطعمة أو هدايا أخرى أرسلها الإسرائيليون إلى القوات في غزة.[196]

وفي عصر اليوم الذي تم الإفراج عنه فيه، 13 أو 14 يناير/كانون الثاني، سار العجرمي إلى الجنوب الشرقي نحو حي كمال عدوان. وفي طريقه مر ببلوك من تسعة منازل يملكها أعضاء من عائلة جمعة (انظر أدناه) وكانت ما زالت قائمة في ذلك التوقيت. المنطقة بالكامل كانت خالية من السكان في ذلك الوقت، على حد قول العجرمي. ومع انتهاء الحرب، بعد أربعة إلى خمسة أيام، كانت منازل آل جمعة قد دُمرت تماماً.

وقال العجرمي إنه لم ير ما يكفي من أدلة على أن المقاتلين الفلسطينيين كانوا حاضرين بالقرب من منزله قبل إجباره على إخلاءه أو في أي من المناطق التي مر بها أثناء الفرار من المنطقة.

لم يكن هناك قتال [من قبل الفلسطينيين] هناك. قبل الحرب، اعتادت المقاومة إطلاق الصواريخ [على إسرائيل] من المناطق المجاورة للبحر، وفي المناطق المفتوحة إلى الشمال الغربي، لكن أثناء الحرب كانت المقاومة على مسافة 250 متراً تقريباً إلى الشرق، على امتداد الطريق [الشمالي الجنوبي]. وشهدت إطلاق النار إلى الشرق، وليس هنا. لكن الجيش الإٍرائيلي كان في الأغلب يستخدم طائرات إف 16 في هذه المنطقة. ولم تدخل المشاة تلك المنطقة وكانت العربات المصفحة الحاملة للجنود أقرب إليّ. حقاً لم تدخل [القوات البرية] الإسرائيلية المناطق [المفتوحة] حيث كان مستحيلاً [على الجماعات الفلسطينية المسلحة] القتال.

ولم تعثر هيومن رايتس ووتش على أدلة (مثل ثقوب الرصاصات في البنايات المجاورة) تتعارض مع زعمه بغياب المقاتلين الفلسطينيين من منزله ومن المنطقة المحيطة به.

وأكد عدد من السكان من بلوك آل جمعة السكني رواية العجرمي بأن الجماعات الفلسطينية المسلحة كانت ناشطة إلى الشرق، لكن ليس في المنطقة المجاورة مباشرة أو إلى الغرب أثناء الحرب. علاء جمعة، 34 عاماً، قال لـ هيومن رايتس ووتش: "المقاومة كانت تطلق إلى الشمال الشرقي وجاء الجيش الإسرائيلي من الأمام من الشمال الغربي. تراجعت المقاومة كلما تقدم الجيش الإسرائيلي".[197] وطبقاً لحسن أحمد جمعة، 60 عاماً، الإمام بالمسجد الذي غادر المنطقة في 4 يناير/كانون الثاني: "كان المقاتلين في الشرق من هنا، على الجانب الآخر من المسجد"، نحو 400 متر إلى الشرق.[198]

وطبقاً لعماد العبيد جمعة، الذي دُمر منزله، فإن بعض أعضاء عائلة جمعة حاربوا الجماعات المسلحة. خالد إبراهيم جمعة، المقاتل، قُتل في القتال ضد جيش الدفاع الإسرائيلي عام 2000. الشقة في الطابق الثاني من بيت من ثلاثة طوابق التي دُمرت – أكبر منزل في البلوك – كانت تخص أسامة جمعة، 30 عاماً وعضو بكتائب القسام التابعة لحماس، وكان يقيم فيها مع زوجته وخمسة أطفال. قال عماد جمعة لـ هيومن رايتس ووتش:

قُتل أسامة صباح 10 يناير/كانون الثاني، بالقرب من المسجد، في هجوم بطائرة زنانة. ودفناه وقت الظهيرة. ثم سقط شهيدان آخران، هما أحمد وعمر [جمعة]، وقُتلا في العصر، حوالي 100 متر شرق المسجد، أثناء انسحابهما، بطائرات الزنانة أيضاً. كان أحمد جمعة يقيم مع أبويه في الطابق الثاني من بيت على مسافة بيوت قليلة من بيت أسامة.[199]

وورد على الموقع الإلكتروني لكتائب القسام أن أحمد إبراهيم جمعة، 24 عاماً، قُتل في 10 يناير/كانون الثاني.[200] ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الوصول لأسماء أسامة وعمر جمعة على موقع كتائب القسام أو على مواقع الجماعات المسلحة الأخرى. وطبقاً لبتسيلم، فإن "أسامة محمد أحمد جمعة"، 32 عاماً، كان مقاتلاً وعضواً بحماس وقُتل في 10 يناير/كانون الثاني في منطقة بيت لاهيا.

ساكن آخر، هو يحيى زكريا زميلات، 18 عاماً، كان في المنطقة حتى نحو 14 يناير/كانون الثاني، بعد يوم من مغادرة العجرمي. وأثناء النزاع، كان زميلات يحتمي ببيت عمه، على مسافة نحو 75 متراً إلى جنوب بيت العجرمي. وطبقاً لزميلات، فحتى 3 يناير/كانون الثاني، كانت الدبابات الإسرائيلية متمركزة "حول نادي الخيول، على مسافة 200 متر إلى شمال شرق هذه النقطة". وفيما بعد توغلت الدبابات إلى الجنوب لكنها عادت إلى منطقة تمركزها.

سمعنا أصوات قذائف وبنادق آلية. أحياناً كنت أصعد للطابق العلوي من منزل عمي ويطلق القناصون علينا النار. الدبابات والجرافات كانت تمر إلى الجنوب، ثم تعود شمالاً. وفعلوا نفس الشيء كل يوم. سوت الجرافات المنازل بالأرض إلى الجنوب، ودمرت أيضاً بساتين إلى الشمال الغربي. في وقت مبكر من الصباح، حوالي الثالثة صباحاً، كانوا يذهبون جنوباً، وبحلول الثامنة صباحاً يكونوا قد عادوا. ثم يهدأ الوضع إلا إذا شاهدوا شيئاً، فيطلقون عليه النار. وبعد الخامسة مساءً تمر فترة من إطلاق النار المكثفة. مكثوا هناك 10 أيام.[201]

وقال زميلات إنه لم يكن هناك مقاتلين في منطقته وأنه لم يشهد أي تبادل لإطلاق النار، رغم أنه لم يكن قادراً على رؤية المناطق إلى الجنوب حيث تذهب الدبابات قبل عودتها.

وقال إنه في 14 يناير/كانون هدمت جرافة جزءاً من الجدار الشمالي لمنزل عمه. "ربما دمروه لأنهم أرادوا إلقاء نظرة على الداخل"، حسب تخمينه.

أطللنا من النافذة ورأيناهم، ثم غادروا. ثم غادرنا نحن. أنا وأبوي وجدي وأشقائي الأصغر، سرنا إلى بيت صديقتي في منطقة الناصر [بمدينة غزة]. وراحت [مروحية] أباتشي تطلق وراءنا النيران ونحن نسير. وكان الطريق مدمراً فسرنا إلى جوار الطريق. وعندما غادرنا، رأيت بيوت عائلة جمعة. كانت ما زالت سليمة. كان هناك سقيفة إلى جوار مسجد تم دفعها إلى وسط الشارع، من أجل وقف مسار الشارع.

زميلات قال إن المنطقة كان قد غادرها سكانها في ذلك التوقيت وأن النشاط العسكري الوحيد القائم في تلك الفترة الذي شهده، كان نشاط جيش الدفاع الإسرائيلي. وقال: "لم يكن هنالك قتال. أول مرة نرى الناس [سكان غزة] كان في حي الكرامة، على مسافة كيلومترين جنوبي هذه النقطة". وقال زميلات إن شقيقه، محمد، 12 عاماً، وشقيقته، هديل، 15 عاماً، عادا إلى المنطقة في اليوم التالي أثناء وقف إطلاق النار لمدة 3 ساعات، للإتيان بموقد الكيروسين الخاص بالأسرة. وفي 15 يناير/كانون الثاني تقريباً، قبل ثلاثة أيام من انتهاء الحرب، قال إنهم قالوا له إن منازل آل جمعة كانت ما زالت قائمة لم تُحطم.

عبد الكريم أبو ناهم، 40 عاماً، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه مكث مع أمه وشقيقه في بيتهم حتى 17 يناير/كانون الثاني، قبل يوم من انتهاء الحرب. أبو ناهم، العاطل عن العمل، يقيم في الطابق الأرضي من بناية مبنية بالخرسانة متعددة الطوابق قبالة الطريق الواصل من الشرق إلى الغرب الذي يُشكل الحد الشمالي لبلوك عائلة جمعة.

في اليومين الأخيرين من الحرب، الجمعة والسبت، كان جيش الدفاع الإسرائيلي قد بلغ شارع سودانية [الطريق الرئيسية الواصلة من الشرق للغرب في المنطقة، بلوك واحد جنوبي منزله]، وكانت الدبابات متواجدة والقوات أيضاً مترجلة، تقتحم البيوت. راحوا يطلقون النار على هذا المبنى. جيراننا في الطابق الأعلى قالوا لنا إن الإسرائيليين أطلقوا النار على نافذتهم لأنهم شاهدوا شيئاً يتحرك. فرفعت أمي راية بيضاء وخرجت لكنهم أطلقوا النار عليها وأصيبت في يدها. كان هذا يوم السبت تمام الساعة 11 صباحاً، في اليوم الأخير. في الرابعة عصراً، اقتحموا منزلي. كان هناك الكثير من الجنود. واحتجزوني أنا وأخي.[202]

وقال أبو ناهم إنه لم يكن هناك أي قتال في منطقته، وأن أغلب الدمار وقع أثناء الأسبوع الأخير من الحرب. "بلغوني هنا حوالي الأسبوع الثاني من الحرب البرية، ومكثوا هنا أثناء الأسبوع الثالث. لم نتمكن من النظر إلى الخارج، لكننا كنا نسمع الجرافات". وبعد الاحتجاز، على حد قول أبو ناهم، نقله الجنود وشقيقه إلى سجن في إسرائيل، حيث تم استجوابهما. وخلال أسبوع، حوالي 24 يناير/كانون الثاني، على حد قوله، تم الإفراج عنهما وعادا عبر معبر إيريز إلى غزة وإلى منطقة سيافة.

شارع العمودي

على مسافة بلوكين سكنيين إلى شرق بلوك آل جمعة السكني، يوجد التقاطع بين طريق سودانية والطريق الشمالي الجنوبي المفضي إلى العتاترة، وهو طريق العمودي. في البلوك الثاني إلى شمال التقاطع، أشار سكان المنطقة لـ هيومن رايتس ووتش إلى 15 منزلاً تم تدميرها على امتداد الجانب الشرقي من الطريق. في البلوك الثاني إلى الشمال، قال السكان إن ثلاثة منازل قد دُمرت، وعلى البلوك الثالث، تم تدمير منزلين آخرين على الجانب الشرقي من طريق العمودي، وكذلك متجر لسبّاك، ومتجر لقطع غيار سيارات الـ بي إم دبليو، ومنزل على الجانب الغربي.[203]

وأكدت المقابلات مع عدد من السكان أن المقاتلين الفلسطينيين كانوا حاضرين في المنطقة أثناء النزاع. رائد عبد الرحمن، 33 عاماً، أظهر لـ هيومن رايتس ووتش الضرر اللاحق بالجدران الداخلية لمنزله، الذي خمن أن سببها استخدام المقاتلين للمطارق لإخلاء مجال للهرب من جانب المنزل. وقال: "لم يتمكنوا من الخروج فمضوا إلى الحجرة المجاورة وخلعوا منها الباب".[204] أسامة زياد السلطان، 33 عاماً، وفوزية محمد السلطان، 51 عاماً، يقيمان في منزل من طابقين تم تدميره.[205] وقال أسامة إنه عرف من أفراد المجموعات المسلحة أن جيش الدفاع الإسرائيلي احتل الحي بالكامل بحلول 15 يناير/كانون الثاني، وأنه في ذلك التوقيت كان بيت آل سلطان ما زال قائماً. تجربته يبدو أنها تؤكد أن البيت دُمر في وقت متأخر من الحرب، بما أن "البيت كان ما زال مشتعلاً" عندما عاد إليه في 19 يناير/كانون الثاني، على حد قوله.

وربما قامت عربات مصفحة للجيش الإسرائيلي بتدمير بعض البيوت المصنوعة على عجلة إلى جوار شارع العمودي عندما دخلت المنطقة لأول مرة بأن مرقت إلى جوار الشارع وليس على طريقه، في محاولة لتفادي الألغام المضادة للدبابات والقنابل التي ربما تُزرع على الطريق. تواجد المقاتلين في المنطقة ربما كان بدوره مسؤولاً عن شيء من الدمار الحادث. لكن هذه الاعتبارات لا يبدو أنها السبب الرئيسي وراء تدمير جيش الدفاع الإسرائيلي بشكل كامل لـ 23 بيتاً ومتجرين على جانبي الطريق على امتداد ثلاثة بلوكات من البنايات، وتدمير العديد من بساتين الحمضيات والزيتون في المنطقة، لا سيما في الحالات التي وقع فيها الدمار بعد احتلال قوات الجيش الإسرائيلي المدرعة والمشاة للمنطقة بالفعل.

وكانت جارة آل سلطان السابقة هي لطيفة عطا خليل الأنقى، حوالي 65 عاماً. طبقاً للأنقى، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي دمر بناية من ثلاثة طوابق حيث كانت تعيش مع زوجها وابن غير متزوج وابنة، وابن آخر وأسرته. كما دمرت جرافات إسرائيلية ثلاثة من صوبات الأسرة الزراعية الستة، وربع فدان من أشجار الفواكه. وتتذكر أنه يوم الأربعاء، 7 أو 14 يناير/كانون الثاني، اقتحم الجنود الإسرائيليون بالقوة منزلها وأمروها بإخلاء المكان. "قلت لهم أن يتركوني لشأني في بيتي، فقال: ليس لديك بيت. فخرجت إلى زقاق إلى الشرق. وكان بيتي وبستاني ما زال سليمين عندما غادرت. وكانت منازل آل سلطان ما زالت سليمة بدورها".[206] وقالت الأنقى إنه لم يكن هنالك مقاتلين فلسطينيين في المنطقة في ذلك التوقيت. ابنها، بسام الأنقى، 30 عاماً، أظهر لـ هيومن رايتس ووتش شظايا قال إنه عثر عليها في البيت. وقال إن ثلاث قذائف دبابات ضربت الطابق الثاني.

وإلى الشمال قليلاً من التقاطع مع شارع سودانية، يعيش عطا الله ريحان، كاتب يبلغ من العمر 67 عاماً، قال إن الجرافات دمرت الجزء الخارجي من البناية وفيه مكتبه ومكتبته وكذلك نحو 0.3 هكتار من أشجار الحمضيات إلى جنوب بيته. طبقاً لريحان: "كانت المقاومة ناشطة هنا فقط في اليومين الأولين من القصف الجوي [27 و28 ديسمبر/كانون الأول]. لكن، على حد قول ريحان: "كان القصف مستمراً من المدفعية والبحرية. وكانت الفوضى رهيبة. ربما كانت الدبابات على مسافة 500 متر إلى الشمال الغربي". ورغم أن الجيش الإسرائيلي كان قد سبق وأسقط منشورات من الجو يذكر فيها أن المنطقة أصبحت منطقة عسكرية مغلقة، "واخترق إرسال الإذاعات قائلاً إن على الجميع شمالي طريق سودانية المغادرة". على حد قول ريحان مكث  إلى أن بدأ القصف المدفعي الكثيف في 11 يناير/كانون الثاني أو نحوه، والذي جعله يخشى على حياته. وحسب – وإن لم يكن على يقين – أن قوات جيش الدفاع الإسرائيلي البرية قد بلغت منطقته قبل يومين من تلك النقطة. "عندما غادرنا، كانت أشجار [الزيتون والحمضيات] ما زالت هنا جميعاً. لم يكن هنالك أي دمار موسع بعد، لا في الشارع أو إلى الشرق، حيث سرنا. عندما عدنا كانت أشجار الزيتون الخاصة بآل سلطان وأشجاري قد دُمرت تماماً".[207]

خديجة حسن صقر، 55 عاماً، كانت تملك بناية من ثلاث طوابق إلى شمال بيت ريحان. قبل الحرب، على حد قولها، كان يعيش في البناية 15 شخصاً، وهي منهم وزوجها، وكذلك ابنيها وعائلة كل منهما. عندما زارت هيومن رايتس ووتش المنطقة، كانت أعمدة البناية وعدة جدران في بناية صقر ما زالت قائمة، لكنها أصيبت بضرر جسيم في كافة الطوابق، مما جعل المبنى قابل للسكنى جزئياً. وقالت: "أمضينا الأيام الثلاثة الأولى من التوغل البري هنا، ثم ضربوا المنزل بقذيفة دبابة من الشمال".[208] ويبدو أن المبنى أصيب عدة مرات بقذائف دخلت من جوانب البناية من الشمال ومن الشرق والجنوب، تتفق في مظهرها مع كونها قذائف دبابات أطلقت بزاوية منخفضة، لكن الأسرة تخلصت من الدمار بالحد الذي يحول دون معرفة ما نوع الذخائر المستخدمة. وقالت خديجة: "بعد الناس قالوا لي إنه حتى الأيام الثلاثة الأخيرة من الحرب كان المنزل لم يُدمر بعد. قالت امرأة كانت تبحث عن شخص مفقود ذلك اليوم إن أبواب بيتي كانت مفتوحة ودخلت لتلقي نظرة. في تلك اللحظة لم يكن قد أصاب المبنى غير قذيفة دبابة واحدة". وأشارت خديجة إلى مساحة 3 دونمات (نحو 0.3 هكتار) من الأرض الزراعية إلى الجانب الشرقي من البيت، لا يُرى فيها غير أكوام من التراب وبعض الآثار للعجلات على الأرض، وقالت إن هذا المكان كان بستان أشجار ليمون.

الكثير من السكان السابقين بالبنايات السكنية المُدمرة يقيمون حالياً في مخيم من الخيام أنشأته سلطات حماس في ساحة انتظار فارغة قريبة. سعيد رميلات، يبلغ من العمر 34 عاماً وعاطل عن العمل، كان يعيش في المخيم، وقال إنه لا توجد به مياه جارية ولا كهرباء وليس به إلا الطعام المعلب. وأظهر رميلات لـ هيومن رايتس ووتش كومة من الحطب وحديد خردة إلى جوار شارع العمودي، قال إن هذا الشيء كان بيته الذي كان يعيش فيه هو وزوجته وأربعة أطفال. وفي 6 يناير/كانون الثاني أو نحوه، شاهد أشخاص قادمون من الجنوب على امتداد الطريق من العتاترة يرفعون الرايات البيضاء. وقال: "كانوا مترجلين، ولا توجد عربات لأن طائرات الإف 16 قصفت الطريق وقطعته. قالوا: لماذا أنتم هنا؟ الناس تُقتل في هذه المنطقة".[209] وغادر رميلات وأسرته في ذلك اليوم، وكان بيته ما زال سليماً. وقال: "عندما عدنا، كان بيتي قد نُقل إلى وسط الشارع. وداخل بيتي وجدنا ماسورة معدنية فيها أكثر من قطع على أحد أجنابها، جراء مرور الجرافة فوقها".

 

خزاعة والشوكة والفخاري

دخلت القوات الإسرائيلية عدة مناطق بالقرب من معبر صوفا جنوب شرق غزة في أو بعد 11 يناير/كانون الثاني، على حد قول السكان. وزارت هيومن رايتس ووتش قرية خزاعة، الواقعة على مقربة من خط هدنة 1949، والمناطق الزراعية في الشوكة والفخاري، إلى الجنوب الغربي. المناطق المذكورة يقسمها طريق يؤدي إلى الشمال من معبر صوفا، إذ تقع الفخاري إلى الجانب الغربي من الطريق. وفي حالة خزاعة، شهد السكان تدمير الجرافات للبنايات السكنية في 11 و13 يناير/كانون الثاني. وفي الشوكة والفخاري، قال السكان إنهم فروا من منازلهم أثناء الهجمات التي بدأت في 14 يناير/كانون الثاني، وعادوا بعد 18 يناير/كانون الثاني ليجدوا منازلهم وقد دمرتها الجرافات. وبينما في الشوكة والفخاري تم تدمير الكثير من البنايات أثناء الفترة التي غادر فيها السكان المنطقة وقبل أن يعودوا، فإن نوع ومجال التدمير لا يتفق مع كون الهجمات ضد أهداف عسكرية محددة، أو مع فكرة أن الدمار قد لحق بالبنايات أثناء القتال.

حققت هيومن رايتس ووتش في المنازل التي تم هدمها على الجانب الشرقي من خزاعة، وتقع على مسافة نحو 500 متر من خط هدنة 1949. ولا تعرف هيومن رايتس ووتش بأية أدلة أو مزاعم إسرائيلية بأن المنازل في الحي قد استخدمت كغطاء للأنفاق أو غيرها من الأغراض العسكرية، كما أنكر سكان المنطقة في خزاعة هذا الأمر. ولا يبدو من المرجح أن جيش الدفاع الإسرائيلي قد يدمر هذه البنايات في محاولة لمنع بناء الأنفاق من داخل المنازل الواقعة على الحدود، لأن أغلب خزاعة تقع على مقربة من الحدود مما يعني إمكانية بناء الأنفاق من منازلها. ولم يوفر جيش الدفاع الإسرائيلي أية معلومات لتوضيح سبب تدميره لهذه المنازل.

صور القمر الصناعي (انظر خزاعة أدناه) تُظهر أيضاً أن جيش الدفاع الإسرائيلي دمر الصوبات الزراعية، ومناطق من الأراضي الزراعية، وغيرها من البنايات على الجانب الآخر من القرية قبالة المنازل المدمرة التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش. وكان من الصعب حفر الأنفاق نحو الحدود الإسرائيلية من هذه المناطق المدمرة بدورها، فتدميرها قد يشير إلى أن جيش الدفاع الإسرائيلي استهدف مناطق تفرض خطراً أقل على قواته التي تنفذ عمليات الهدم، بما أنه لم تتم أية عمليات هدم من قبل قوات برية في أو بالقرب من مركز القرية، بل على مشارفها، وفي مناطق مفتوحة قريبة منها. مناطق شوكة والفخاري التي وثقت هيومن رايتس ووتش فيها التدمير تقع على مسافة أبعد من 2.8 كيلومتر من الحدود.

وقد اشتبك عناصر من الجماعات الفلسطينية المسلحة مع قوات إسرائيلية في خزاعة، لكن سكان خزاعة والشوكة والفخاري قالوا إنه لم تكن هنالك عناصر مسلحة في هذه المناطق وقت مهاجمة القوات الإسرائيلية.

وبالإضافة إلى تدمير 53 منزلاً خاصاً، وأراض زراعية، وصوبات زراعية ومصنعين للإسمنت في هذه المناطق، فقد فجرت القوات الإسرائيلية أيضاً خزان مياه كبير يبلغ ارتفاعه 30 متراً، كان يخدم منطقة الشوكة والفخاري والناصر.[210] عترة عبد المجيد العمور، 90 عاماً، المقيم إلى جوار الخزان، لم يشهد تدميره، لكنه قال لـ هيومن رايتس ووتش إن منزلاً قريباً هُدم بدوره في الانفجار (لم تفحص هيومن رايتس ووتش ذلك البيت).[211] وعثر باحثو هيومن رايتس ووتش على كميات كبيرة من الأسلاك الكهربية من إنتاج تيلدور، وهي شركة إسرائيلية تمد الجيش الإسرائيلية بالمعدات ومنها الأسلاك والكابلات، والتي ربما تم استخدامها لإطلاق المتفجرات حول برج المياه.[212] وخزان المياه الذي تستخدمه ثلاثة مجتمعات مدنية زراعية يشكل غرضاً لا غنى عنه لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة ولا يُسمح إطلاقاً بتدميره.[213]

خزاعة

تقع قرية خزاعة شرقي خان يونس، على مسافة 500 متر تقريباً من خط هدنة 1949 مع إسرائيل، وهي إحدى القرى السكنية الفلسطينية الأقرب إلى إسرائيل. ويمكن للسكان رؤية أبراج مراقبة جيش الدفاع الإسرائيلي على خط الهدنة، والتي يفصل بينه وبين القرية حقول مفتوحة.

ومن الممكن أن جيش الدفاع الإسرائيلي دمر المنازل في خزاعة من أجل خلق منطقة عازلة ممتدة غرباً من الحدود الفعلية مع إسرائيل. ولا تسمح قوانين الحرب لطرف في النزاع بهدم جميع البنى المدنية في منطقة محددة على أساس أن هذا خليق بجعلها منطقة عازلة في النزاعات المسلحة المحتملة في المستقبل (انظر "الالتزامات القانونية").

ومن 11 إلى 13 يناير/كانون الثاني، طبقاً للسكان، دمرت الجرافات الإسرائيلية العسكرية عدداً من المنازل إلى الشمال الشرقي من خزاعة، وكانت هي الأقرب في القرية إلى خط الهدنة. جميع المنازل، على الجانب الشمالي الشرقي من شارع عظاتا، كانت تخص عائلة النجار. تأكدت هيومن رايتس ووتش من تدمير 14 منزلاً على مشارف القرية في 13 يناير/كانون الثاني.[214] وقال سكان منطقة النجار إنه لم يكن هنالك قتال في المنطقة، وأن القوات الإسرائيلية كانت قد سيطرت على المنطقة والمناطق المجاورة داخل القرية في الوقت الذي دُمرت فيه منازلهم.

تحليل الأمم المتحدة لصور القمر الصناعي يؤكد أن الأغلبية العظمى من المواقع المتضررة في خزاعة – 109 من 118 موقعاً – تم ضربها في الفترة من 11 إلى 18 يناير/كانون الثاني، وأن "تقريباً جميع الدمار اللاحق كان على الجانب الشرقي من خزاعة، بالقرب من الحدود مع إسرائيل".[215]

وقال السكان لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يتم توجيه نيران إلى الجرافات من هذه المنازل، ولم تكن حماس تحتل المنازل أو تخزن فيها الأسلحة أو وضعت فيها كمائن، قبل تدميرها.[216] تتفق هذه التصريحات مع تصريحات عدة سكان آخرين فروا من منازلهم في اللحظة الأخيرة أثناء هجمات الجرافات.

وقال السكان ونشطاء حقوق الإنسان المحليون لـ هيومن رايتس ووتش إن المقاتلين الفلسطينيين كانوا ناشطين في المنطقة، وقال قائد للجهاد الإسلامي للإعلام إن نحو 12 مقاتلاً اشتبكوا مع جيش الدفاع الإسرائيلي في خزاعة.[217] وأوردت نفس الروايات أن القتال كان خفيفاً، مع تراجع المقاتلين في أثناء تقدم القوات الإسرائيلية. وفي سلسلة من التوغلات البرية بين 11 و13 يناير/كانون الثاني، اشتبكت القوات الإسرائيلية مع مقاتلين فلسطينيين، وأفاد مسؤولون محليون بوقوع العديد من الخسائر في صفوف المدنيين.[218] وطبقاً لمنظمة بتسيلم فقد قتلت القوات الإسرائيلية خمسة مسلحين فلسطينيين في القرية يومي 11 و13 يناير/كانون الثاني.[219]

بدأ عدوان الجيش الإسرائيلي على خزاعة حوالي الساعة 9:30 مساء يوم 10 يناير/كانون الثاني، بهجوم مدفعي ثقيل على المنطقة.[220] واستخدم جيش الدفاع الإسرائيلي بكثرة الفسفور الأبيض المُطلق بقذائف المدفعية المتفجر جواً، والذي أسفر عن مقتل سيدة وإصابة العشرات.[221]

في اليوم التالي، 11 يناير/كانون الثاني، تقدمت القوات البرية الإسرائيلية إلى حي النجار بخزاعة للمرة الأولى. ومن الخامسة صباحاً إلى الحادية عشرة مساء تقريباً، مكثوا على أطراف القرية، على حد قول السكان، ودمرت الجرافات عدة منازل. وعاد الجيش الإسرائيلي حوالي الثالثة صباح 12 يناير/كانون الثاني ودمر بعض المنازل الأخرى، ثم انسحب مجدداً في فترة الظهيرة.

الاعتداء التالي وقع حوالي منتصف ليل 13 يناير/كانون الثاني. بعد قصف ثقيل طوال الليل، سيطر جيش الدفاع الإسرائيلي تماماً على محيط المنطقة بجرافات مدرعة ودبابات. وبحلول الصباح الباكر، كان نحو 100 من سكان الحي قد تجمعوا في حديقة صغيرة. وبلغت الدبابات والجرافات أطراف القرية واستخدم الجنود الإسرائيليون مكبرات الصوت في أمر السكان بالتوجه لمركز القرية. وطبقاً لثلاثة شهود عيان، فعندما بدأ السكان في التحرك، تقدم الجنود إلى الحي وراحوا يطلقون النار تجاههم وأجبروهم على الالتفاف.[222]

وقال الشهود إن القوات الإسرائيلية احتلت منزلين داخل الحي وفي صباح 13 يناير/كانون الثاني، راحوا يطلقون النار على السكان المدنيين الذين يحاولون الفرار أثناء رفع الرايات البيضاء. وأطلق قناص إسرائيلي النار على روحية النجار وقتلها، من موقعه عند مدخل باب أو أمام باب أحد المنازل، مما يوحي بأنه لم يكن خائفاً من التعرض لنيران العدو.[223]

المنازل المهدمة في منطقة النجار تقع على طرف القرية حيث كانت الدبابات والجرافات تسيطر على الوضع.[224] وبعد القتال، بسبب إطلاق حرس الحدود الإسرائيليين النار بشكل متكرر على الفلسطينيين الذين يتقدمون من خط الهدنة، لم يكن ممكناً لـ هيومن رايتس ووتش مراقبة جميع المنازل في المنطقة التي قال السكان إنها دُمرت.[225] وتأكدت هيومن رايتس ووتش من تدمير 14 بناية في هذه المنطقة الصغيرة وتدمير بنايتين آخريين جزئياً. [226] وقد خلفت أعمال الهدم التي وثقناها 119 شخصاً على الأقل مشردين.

نبيل النجار قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه في تمام السادسة والنصف صباح 13 يناير/كانون الثاني، اقتربت ثلاثة جرافات عسكرية من منزله، نحو الجزء الجنوبي الشرقي من المنطقة، بعد أن دمرت بالفعل منازل تخص أقاربه، أشرف وفؤاد، في الوقت الذي راحت فيه جرافة أو اثنتين في العمل على هدم منزل فتحي النجار القريب من منزله. قال: "رأيتهم يقتربون ورحت أصيح فيهم بالعبرية قائلاً يوجد ناس هنا، توجد عائلة هنا".[227] ولم يكن واثقاً مما إذا كان سائقو الجرافات قادرون على سماعه أو رؤيته:

أول جرافتان جائتا من أجل البيت، لكن بيتي على تل صغير وهناك سلم من تسع درجات تؤدي إليه، ولم تكن إزالته بالمهمة السريعة. كوموا الرمال في أكوام وبدأوا في تدمير الشرفات، ثم ضربوا الأعمدة. وفي البيت نحو 20 عموداً. الجرافة الثالثة راحت تزيل الفناء. عندما لم أتمكن من حملهم على التوقف أخرجت أسرتي. جرينا إلى الشارع إلى بيت أحد الأقارب.

بحلول ظهر ذلك اليوم، كان الكثير من أفراد عائلة النجار قد تمكنوا من مغادرة المنطقة.[228]

وهناك عدة عوامل، منها حقيقة أن القوات الإسرائيلية كانت تسيطر على محيط البلدة وقت أعمال الهدم، وروايات السكان بعدم وجود مسلحين، أو أسلحة أو كمائن في تلك المباني، وحقيقة أن المنطقة هي الأقرب من الأراضي الإسرائيلية – هي عوامل تشير إلى أن جيش الدفاع الإسرائيلي هدم تلك البنايات من أجل زيادة المنطقة العازلة بين الأراضي الإسرائيلية والمناطق غير المأهولة في قطاع غزة. تصريحات الجنود الإسرائيليين، والتوغل العسكري الإسرائيلي في المنطقة العازلة بحيث أصبحت 300 متر، ثم ممارسات الجيش الإسرائيلي في الماضي الخاصة بإخلاء المنطقة العازلة في مناطق أخرى من غزة مثل رفح، تدعم هذه النتيجة. فحتى إذا كان هدم الأعيان المدنية يخدم غرضاً عسكرياً، فإن مجال الدمار يثير بواعث قلق جدية بخرق قوانين الحرب، بأن الخسارة في الأعيان المدنية تفوق بالمقارنة المكسب العسكري المتوقع. كما بدا أثناء بحث هيومن رايتس ووتش في المنطقة أن القوات الإسرائيلية المتمركزة على الحدود مارست سيطرة موسعة على المنطقة بين طرف قرية خزاعة والحدود، مع حذر السكان من الخروج إلى المنطقة جراء تجارب سابقة أطلقت فيها القوات الإسرائيلية النار عليهم. تدمير المنازل على حدود قرية خزاعة من شأنه أن يزيد من مجال قدرة القوات الإسرائيلية على إطلاق النار ببضعة عشرات من الأمتار لا أكثر. وتدمير هذه المنازل وكما سبق الذكر، لا يمد إسرائيل بميزة أمنية جدية، عبر منع حفر الأنفاق من هذه المنازل نحو الحدود، بما أن الأنفاق يمكن بسهولة حفرها من صف المنازل الواقع وراء الصف المهدوم، أو من أي جزء آخر من خزاعة.

الشوكة

إلى الجنوب الشرقي من خزاعة، يجري طريق من معبر صوفا نحو طريق صلاح الدين، الطريق الرئيسي لغزة الممتد من الشمال إلى الجنوب. على الجانب الشمالي من طريق صوفا تقع منطقة الشوكة الزراعية، وهي مسطحة ومفتوحة من الحدود وحتى منطقة مرتفعة قريبة من طريق صلاح الدين. السكان في منطقة الشوكة الأقرب إلى معبر صوفا، قالوا إن القوات البرية الإسرائيلية دخلت المنطقة في عربات مصفحة بعد غروب شمس 14 يناير/كانون الثاني.

زايد أحمد ثابت، 53 عاماً، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه غادر المنطقة تلك الليلة عندما بلغت الدبابات منطقة مرتفعة على طريق صلاح الدين، إلى الغرب، وبدأت في إطلاق النار على المنطقة رداً على نيران المقاتلين. قال ثابت إنه في اليوم التالي، حاول العودة للمنطقة للمساعدة في إخلاء أسرة الجار، عندما شاهد أربع جرافات على طريق صلاح الدين. وقال إنه لم تكن هناك أنشطة عسكرية فلسطينية في المنطقة، وأن جميع البنايات التي دُمرت فيما بعد (في أغلب الحالات بفعل الجرافات كما هو واضح) كانت ما زالت قائمة عندما فر أغلب السكان الآخرين في 15 يناير/كانون الثاني. ولم يرجح احتمال أن المقاتلين قد استخدموا الحقول المفتوحة. وقال: "لا يوجد شيء باق ليُدمر في المكان. لم تعد هنالك أشجار في الحقول بالقرب من الحدود، وهذا منذ فترة طويلة"، بسبب توغلات إسرائيلية في الماضي. وقال، إنه مع غياب الغطاء، يصبح المقاتلين مكشوفين للقوات البرية الإسرائيلية من على مسافة بعيدة، وعرضة للهجمات الجوية.[229]

عائلة عطايا

عائلة عطايا تقيم في تجمعين منفصلين من المنازل في الشوكة. أحد فروع العائلة يقيم في 12 منزلاً قريبة من بعضها بالقرب من تقاطع على مسافة 300 متر إلى جنوب غرب طريق صوفا. أغلب المنازل بنيت من الخرسانة والحديد المسلح، تم بناء منزلين من طابقين بالخرسانة المسلحة. تدمير هذه البنايات خلّف 40 شخصاً مشردين.[230] عندما زارت هيومن رايتس ووتش المنطقة، كان بعض السكان قد عادوا إليها ونصبوا الخيام في حطام منازلهم المدمرة.

مالك أحد البنايتين من طابقين، طلال سليمان عطايا، 37 عاماً، وزوجته زينب سالم عطايا، قالا لـ هيومن رايتس ووتش إن الأسرة بالكامل أخلت المنطقة في 14 يناير/كانون الثاني، عندما خضعت المنطقة للقصف المتواصل مع بداية الغزو البري.[231] ناهد عطايا، 35 عاماً، وتمت مقابلته على انفراد، قال بدوره إن مجموعته غادرت المنطقة متجهة إلى خان يونس في اليوم الأول من الغزو البري، بعد أن خضعت المنطقة لنيران الدبابات من الشرق أثناء فترة ما بعد الظهر. وقال: "لم يكن هناك أي مقاتلين، لا شيء هنا غير القمح. استأجرنا مساحة ستة دونمات من الأراضي الزراعية لنزرع عليها القمح والخضراوات. مُزقت شر ممزق الآن. أثناء التوغل الأخير دمروا الأشجار".[232]

وقال طلال عطايا لـ هيومن رايتس ووتش: "أمضينا أسبوعاً بعيداً [بعد أن هربنا]. وعندما عدنا كان كل شيء قد تحطم. لم يكن المنزل قد أصيب إطلاقاً عندما غادرنا. وعندما عدنا رأينا بعض المناطق المتفحمة في السقف، وآثار عجلات الجرافات".[233]

وأضافت زينب عطايا إن القوات الإسرائيلية أتمت خلال التوغل الأخير تدمير مساحة الخمسة دونام التي كان يملكها (نصف هكتار)، من أشجار الزيتون، وكانت قد دُمرت جزئياً أثناء توغل في العام السابق.[234]

ناهد عطايا قالت إن القوات الإسرائيلية دمرت أيضاً تسع صوبات زراعية، مستخدمة لزراعة الخيار، على الجانب الآخر من الطريق الذي يشكل الحد الغربي لمنطقة العائلة السكنية.[235] وتأكدت هيومن رايتس ووتش أن بعض الصوبات دُمرت لكن لم تتمكن من تحديد عددها، بما أن المنطقة التي كانت فيها الصوبات أخليت فيما بعد من آثار الحطام.

وفي تجمع آخر من البيوت بالقرب يعيش فرع آخر من عائلة عطايا. عطية أحمد عطايا، 69 عاماً، أظهر لـ هيومن رايتس ووتش آثار المنازل المدمرة في مجمعين سكنيين متجاورين. وفحص الباحثون بقايا 12 منزلاً مدمراً، قال السكان إنها كان يسكنها 66 شخصاً.[236] وقال السكان إنهم عثروا على آثار عجلات جرافات في المنطقة.

وقال عطية عطايا لـ هيومن رايتس ووتش إن الهجمات الجوية الإسرائيلية أصابت الطرقات والمناطق المفتوحة قبل الغزو البري. وفي مساء 14 يناير/كانون الثاني: "شاهدنا الدبابات والجرافات، وكانت ما زالت على مسافة نصف ميل إلى الشرق، لكن الدبابات والجرافات الأخرى ذهبت شمالاً وعادت إلى هنا. وسمعنا طائرات الزنانة". وقبل الغروب بقليل، كان هو ومن في المنطقة من سكان قد غادروا، في اتجاه الغرب، بسبب القصف. أحمد عطايا، 20 عاماً، قال إن قذيفة ربما كانت من دبابة، أصابت مطبخ منزله، مما جعل الأسرة تغادر المنطقة بعد عشر دقائق. "ذهبنا إلى الغرب إلى المستشفى الأوروبي، على مسافة ميل ونصف، وأمضينا ستة أيام هناك".[237]

وعادت العائلة خلال اليوم أو اليومين التاليين على انتهاء الحرب، لتجد منازلها والحقول القريبة قد دُمرت تماماً، والظاهر أن ما دمرها هي الجرافات. وقال عطايا: "لم يخبرني أحد بما حدث. فلم تكن هناك مقاومة في أي من البيوت هنا. ولا أعرف لماذا هدموا البيوت".

وقال عطية إن بيته كان قائماً منذ 25 عاماً، وأحدث بناء في المنطقة بُني عام 2000 وهو بيت ابنه. فقدت الأسرة 22 دونماً (خمسة فدانين ونصف) من أشجار الزيتون البالغ عمرها 50 عاماً.

مصنع الامتياز لخلط الإسمنت

على حد علم هيومن رايتس ووتش، دمرت القوات الإسرائيلية كل مصنع إسمنت في مناطق الشوكة والفخاري أثناء الغزو. ولاحظت هيومن رايتس ووتش بنايات مهدومة في مصنع الامتياز، منها بناية من طابقين يعمل فيها العمال والإدارة، وجدار خرساني حول المصنع، وثلاثة خزانات معدنية لتخزين الإسمنت، وحزام ناقل، وخزان للرمال والحصى، وآلتين للوزن. قال محمد صبري أبو دقة، 20 عاماً، ابن المالك صبري أبو دقة، إن مصنع الامتياز قد أزيل جزئياً بالجرافات أثناء توغل سابق في مايو/أيار 2008.

وطبقاً لـ أبو دقة، وعلى حد علمه، فلم يشهد أحد التدمير الكامل للأجزاء الثابتة من المصنع. وقال: "كان لدينا حارس، لكنه تم اعتقاله في توغل سابق العام الماضي. وكان من المستحيل الوصول إلى هنا أثناء الحرب".[238] وقال أحد سكان منطقة الفخاري القريبة إنه شاهد دبابات بالقرب من موقع مصنع الامتياز مساء 14 يناير/كانون الثاني.[239]

وتم هدم المصنع بمزيج من الجرافات والشحنات المتفجرة، على حد قول أبو دقة: "رأينا ألغاماً وأسلاكاً في شتى أنحاء المكان" عندما عاد إلى المصنع بعد وقف إطلاق النار، على حد قوله. وأزال عناصر لنزع المتفجرات من حماس فيما بعد شظايا وحطام من المكان. ولم تتأكد هيومن رايتس ووتش من طبيعة الذخائر المتفجرة المستخدمة، لكن شاهدت آثار عجلات الجرافات.

وبكامل إنتاجية المصنع، يمكنه إنتاج 100 متر مكعب من الإسمنت كل ساعة، ويوظف 20 عاملاً. وقال أبو دقة لـ هيومن رايتس ووتش إن المصنع كان قادراً على العمل إلى حد ما أثناء وقف إطلاق النار من يونيو/حزيران إلى 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2008: "كلما سمحت إسرائيل بدخول الإسمنت، كانت حماس تعطينا نصيباً منه".

وعلى النقيض من أغلب المصانع الأخرى، فإن عربات مصنع الامتياز لم تُدمر، فقد أبعد الملاك جميع المنقولات ومنها عربات الخلط والضخ باهظة الثمن، إلى منطقة قريبة من خان يونس، حيث بدأت الحملة الجوية الإسرائيلية، على حد قول أبو دقة لـ هيومن رايتس ووتش.

منطقة الفخاري

تقع الفخاري إلى الجنوب الشرقي من طريق صوفا، على الجانب الآخر من الشوكة. وزارت هيومن رايتس ووتش المنازل المحطمة التي تخص أفراد من عائلة العمور، على مقربة من الطريق الذي يقسم المنطقتين.[240]

منازل العمور

مثل عائلة عطايا في الشوكة، قالت عائلة العمور إنها فرت من المنطقة في 14 يناير/كانون الثاني جراء القصف المكثف. وقالوا إن المسلحين لم يكونوا حاضرين في المنطقة ولم يستخدموا منازلهم فيما سبق. وطبقاً لسليمان العمور، سائق شاحنة إسمنت يبلغ من العمر 35 عاماً: "هربنا مع الغروب تقريباً عندما أصابت قذيفة دبابة المنازل. لم يكن لدينا وقت حتى لآخذ معي بطاقة هويتي. كانت الدبابات لدى مصنع الامتياز تقريباً".[241] وقال العمور إن أسرته أمضت أربعة أيام في مدرسة الفارابي الابتدائية التابعة للأونروا، قبل أن تعود أدراجها لتجد المنازل قد دُمرت تماماً.

وبناء على معلومات من عدة سكان، فأثناء الغزو دمرت القوات الإسرائيلية 10 منازل يقيم فيها 67 شخصاً.[242] أغلب المنازل كان أقدم من 10 أعوام. عطوة العمور، 30 عاماً، قال إن العائلة كانت تملك 30 دونام من شجر الزيتون تمت تسويتها بالأرض بالجرافات.[243]

مصنع أبو ستة لخلط الإسمنت ومنازل العمور والعرجان

عبر الحقول المفتوحة إلى الشرق من منازل آل عطايا، يقع مصنع أبو ستة للإسمنت على الطريق المتقاطع مع طريق صوفا على مسافة نصف ميل إلى الشمال.[244] مالك المصنع، سمير عبد القادر أبو ستة، 52 عاماً، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه لم يشهد الهدم بنفسه، لكن السكان في المنطقة قالوا له إن المصنع دُمر في 16 يناير/كانون الثاني.

وشاهدت هيومن رايتس ووتش ثلاث شاحنات لضخ الإسمنت، وأربع شاحنات لخلط الإسمنت، وشاحنتان للقمامة، وجرافتان صغيرتان وسيارتان خاصتان في ساحة المصنع، وقد دُمرت. وكانت الساحة مغطاة بآثار عجلات جرافات تتسق مع آثار عجلات الجرافات العسكرية، ونوع الضرر اللاحق بعربات المصنع، التي تم قلبها على جانبها أو رأساً على عقب وقد حُطمت تماماً أو جزئياً، يوحي أيضاً بأن جرافات عسكرية كبيرة هي التي دمرتها. مبنى المصنع الرئيسي، والخزان المعدني المستخدم لتخزين الإسمنت، لحق بهما أيضاً الضرر بنيران المدفع الرشاش الثقيلة.

وقبل منع إسرائيل نقل الإسمنت إلى غزة في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2008، على حد قول سمير أبو ستة، كان المصنع يوظف 26 عاملاً ويمكنه إنتاج 120 متراً مكعباً من الخرسانة كل ساعة.

وعلى الجانب الشرقي من الساحة، وراء منطقة المصنع، كانت هناك آثار منزلين من الخرسانة، وكل منهما ارتفاعه ثلاثة طوابق. خلف تدميرها تسع عائلات مشردة.[245]

وإلى شرق عقار عائلة أبو ستة، ثلاثة منازل أخرى هُدمت. تحدثت هيومن رايتس ووتش مع عيد سليمان العرجان، 70 عاماً وابنائه، سليمان عيد، 42 عاماً، وأحمد عيد، 39 عاماً، وسالم عيد، 29 عاماً. وأثناء مقابلة جماعية، قال أعضاء عائلة العرجان إن 18 شخصاً كانوا يقيمون في البنايات، جميعهم غادروا المنطقة بعد غروب يوم الأربعاء 14 يناير/كانون الثاني، بسبب القصف من الشرق. وقال سليمان: "استهدفوا المنازل الكبيرة أولاً بالدبابات. ثم كان هناك الكثير من الغارات الجوية على المناطق المفتوحة".[246] وفرت الأسرة إلى مدرسة للأونروا تقع إلى الغرب، تاركة منازلها ومصنع الإسمنت دون أن يكون قد لحق بها ضرر يُذكر.

وقال أحمد العرجان إن الأسرة عادت بعد وقف إطلاق النار لتجد عنزاتها ماتت، ربما بسبب الفسفور الأبيض. وقال: "كانت عيونها وأنوفها مغطاة بالسائل عندما عدنا"، وهو ما يعتقد أن سببه هو استنشاقها كيماويات سامة. كما شاهد بقايا متفحمة لشظايا محترقة تتفق مع وصف الفسفور الأبيض الذي تم العثور عليه في المنطقة.

وأضاف سليمان العرجان إن أغلب مساحة أرض العائلة وهي 20 دونام (2 هكتار) وكانت مزروعة بالقمح، دمرتها عربات جيش الدفاع الإسرائيلي.

 

الالتزامات القانونية الدولية وتدمير الممتلكات

 

القانون الإنساني الدولي – قوانين الحرب – يحكم القتال بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة، وهو النزاع الذي يرقى لمستوى النزاع المسلح، ويشمل ذلك عملية الرصاص المصبوب. هذا القانون يُلزم جميع الأطراف في النزاعات المسلحة – من الدول أو الجماعات المسلحة من غير الدول.

ومنذ عملية الرصاص المصبوب، سعت الحكومة الإسرائيلية لتبرير تدمير الممتلكات في غزة على عدة أسس. إذ قيل إن البنايات المُدمرة كانت مستخدمة من قبل حماس، وأنها كانت كمائن أو تخبئ مداخل للأنفاق، أو ربما تُستخدم في هجمات مستقبلية كونها قريبة من خط الهدنة مع إسرائيل. صحة بعض هذه المزاعم مفتوحة للنقاش أعلاه، لكنها أيضاً تثير أسئلة هامة في المجال القانوني. فبينما القوات الإسرائيلية دمرت بعض الممتلكات لأغراض عسكرية مشروعة، فقد تبينت هيومن رايتس ووتش وجود تدمير موسع للممتلكات في الحالات المعروضة في النقاش في هذا التقرير، وتنتهك الالتزامات القانونية الدولية لإسرائيل.

ولا يتناول القانون الإنساني الدولي مشروعية قرار الدول أو الأطراف المسلحة من غير الدول باللجوء إلى النزاع المسلح. بل يركز على مشروعية مسلك الأطراف أثناء النزاع الذي يرقى لكونه نزاعاً مسلحاً. قوانين الحرب الحاكمة لأساليب وطرائق القتال توجد بالأساس في اتفاقيات لاهاي لعام 1907 والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 لاتفاقيات جنيف (البروتوكول الأول).[247] ورغم أن أي من الاتفاقيتين لا تنطبقان على النزاع المسلح في غزة،[248] فإن أغلب أحكام الميثاقين مرتبطة بالقانون العرفي.[249] كما تنطبق أيضاً المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 (المادة المشتركة رقم 3)، والخاصة بمعاملة المدنيين والمقاتلين الذين كفوا عن المشاركة في القتال، وأحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بالأراضي المحتلة بشكل عام.[250]

ومما يعتبر شديد الارتباط بالقوانين المنظمة لمسلك الأطراف أثناء النزاعات وأعمال القتال، هو مبدأ التمييز، الذي يطالب الأطراف في النزاعات بالتمييز في كافة الأوقات بين المقاتلين والمدنيين. ويمكن توجيه العمليات ضد المقاتلين فقط والأهداف العسكرية دون غيرها، مع عدم استهداف المدنيين والأعيان المدنية بالهجمات.[251]

وتم تعريف الأهداف المعدنية على أنها الأهداف التي لا تعتبر أغراضاً عسكرية.[252] والأهداف العسكرية هي الأهداف التي "بطبيعتها وموقعها والغرض من استخدامها، تسهم إسهاماً فعالاً في العمل العسكري، والتي يؤدي تدميرها كلياً أو جزئياً، أو السيطرة عليها أو تحييدها، في الظروف السائدة في التوقيت الراهن، إلى منح ميزة عسكرية أكيدة".[253] وفي حالة الشك يُفترض أن الأهداف المقصودة من الأعيان المدنية  - سواء منازل أو غيرها من المنشآت السكنية أو مدارس أو دور عبادة أو مستشفيات – ولا يمكن مهاجمتها.[254] وتبقى الأعيان المدنية خاضعة للحماية من الهجوم، ما لم تم استخدامها لأغراض عسكرية وطيلة استخدامها لأغراض عسكرية فقط. وما إن يعود الهدف المدني من كونه خاضعاً للاستخدام العسكري – مثل استخدام منزل كمقر عسكري – إلى الاستخدام المدني، يجب ألا يتعرض للهجوم.[255]

الهجمات العمدية أو العشوائية أو غير المتناسبة ضد المدنيين أو الأعيان المدنية، هي هجمات محظورة. والهجمات تعتبر عشوائية إذا لم توجه إلى هدف عسكري محدد أو تم استخدام طريقة أو أسلوب للحرب لا يمكن معه توجيه الضربة للهدف العسكري بشكل محدد، أو إذا كانت آثار الهجوم لا تقتصر على الهدف العسكري.[256] والهجوم غير المتناسب هو الهجوم المتوقع أن يؤدي إلى خسارة عرضية في حياة المدنيين أو يُلحق الضرر بالأعيان المدنية بشكل غير متناسب مع الميزة العسكرية المباشرة المتوقعة.[257]

وفي أثناء العمليات العسكرية، على أطراف النزاع اتخاذ الحيطة الدائمة من أجل تجنيب السكان المدنيين والأعيان المدنية آثار القتال.[258] ومطلوب من الأطراف اتخاذ الاحتياطات المستطاعة بغرض تجنيب المدنيين الخسارة العرضية في الأرواح أو إصابة المدنيين أو الإضرار بالأغراض المدنية، أو على الأقل محاولة تقليص هذه الإصابات.[259]

وقبل شن هجوم، على أطراف النزاع فعل كل المستطاع للتأكد من أن الأشخاص أو الأعيان التي ستُهاجم هي أغراض عسكرية  وليست مدنيين أو أعيان مدنية.[260] وفي تعليق اللجنة الدولية للصليب الأحمر على البروتوكول الأول، أوضحت أن مطلب اتخاذ جميع الاحتياطات "المستطاعة"، يعني من بين أشياء أخرى، أن من يشنون الهجوم مطلوب إليهم اتخاذ الخطوات المطلوبة للتعرف على الهدف كونه هدفاً عسكرياً "في الوقت المناسب لتجنيب السكان الضرر قدر الإمكان".[261] وكتيب الإرشادات العسكرية الخاص ببريطانيا يوضح القاعدة بضرب المثال التالي: "إذا على سبيل المثال، كانت هناك مدرسة مشتبهة بأنها تُستخدم كموقع قيادة تكتيكية للخصم، كأن تكون نقطة مراقبة أو مكان لتمركز الأسلحة، فهذا الاشتباه، دون دليل، ليس كافياً لتبرير مهاجمة المدرسة".[262]

وتحظر أنظمة لاهاي التدمير غير اللازم أثناء القتال لممتلكات العدو.[263] وتحظر اتفاقيات جنيف "التدمير الموسع للممتلكات، دون مبرر عسكري أو بشكل غير قانوني أو متعسف" وتعتبره خرقاً جسيماً.[264] وبالمثل، فأثناء الاحتلال، المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر تدمير الممتلكات من قبل قوة محتلة "ما لم يكن تدميرها ضرورياً بشكل مطلق للعمليات العسكرية".[265] الحظر على "التدمير المتعسف" قاعدة قائمة منذ زمن طويل في القانون الدولي العرفي، ويعود تاريخها لقانون ليبر الأميركي لعام 1863، وهو أول تقنين حديث لقوانين الحرب.[266]

قاعدة الضرورة العسكرية عرفها قانون ليبر، وفيما بعد تبنتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر فإن "هذه الإجراءات ضرورية ولا غنى عنها لتأمين انتهاء الحرب، وهي قانونية طبقاً للقانون الحديث ولأغراض الحرب".[267] بمعنى آخر، فإن الضرورة العسكرية لا يمكن أن تُستخدم كعذر لخرق أحكام القانون الإنساني الدولي الصريحة، لأن مطالب الضرورة العسكرية قد أُدخلت بالفعل إلى قواعد القانون الإنساني الدولي.[268] وتشمل الضرورة العسكرية الالتزام القانوني الأساسي بتفادي الضرر بالممتلكات المدنية عبر تمييز الأغراض العسكرية عن الأعيان المدنية، وعدم السماح إلا بالهجمات على الأغراض العسكرية، وحظر التدمير إذا كان الضرر بالمدنيين مُتوقع أن يكون غير متناسب مع الميزة العسكرية المباشرة المتوقعة.

مفهوم الضرورة العسكرية من ثم يشتمل على وجود معايير تُرى على أنها سبل لتبرير الهجوم غير القانوني، ولا تقتصر على هزيمة العدو أو تخرق قوانين الحرب بالإضرار بشكل متعدي بالأعيان المدنية بالتناسب مع الميزة العسكرية المباشرة والأكيدة المتوقعة من الهجوم. وفيما يمنح مبدأ الضرورة العسكرية للمخطط العسكري الحرية الواسعة في اختيار الأساليب الملائمة لتنفيذ العملية العسكرية، فهذه الحرية تبقى خاضعة لقوانين الحرب وأحكامها العرفية.[269]

وقد أكدت الحكومة الإسرائيلية على أن القواعد التي تطبقها قواتها فيما يخص تدمير الممتلكات أثناء عملية الرصاص المصبوب، كانت متفقة مع القانون الدولي. تقرير وزارة الخارجية الصادر في 29 يوليو/تموز 2009 أشار إلى أن "الأمر العملياتي الخاص بعملية غزة ورد فيه تحديداً أن: جميع أنشطة جيش الدفاع الإسرائيلي تخضع لمبادئ وقواعد القانون الدولي" ومنها مبدأ "الضرورة العسكرية والتمييز والتناسب والإنسانية". كما نص الأمر على أن "تدمير الممتلكات يجب ألا يُسمح به إلا لضرورة عملياتية واضحة على أن يكون الضرر اللاحق بالعقار متناسباً مع الميزة العسكرية المكتسبة من تدميره. وتدمير الممتلكات لأغراض الردع أمر محظور".[270] وعرّفت الضرورة العسكرية على أنه المبدأ القائل – مع مراعاة المبادئ والقواعد الأخرى – بـ "مسموح بالهجوم طالما هو ضروري لتحقيق الغرض العسكري في مسار الحملة العسكرية".[271]

وورد في تحقيق لجيش الدفاع الإسرائيلي عن تدمير الممتلكات في قطاع غزة – نُشر في 22 أبريل/نيسان 2009 – أن جيش الدفاع الإسرائيلي برئ من أي تدمير غير قانوني للممتلكات، وانتهى إلى أن الأوامر الموجهة للقوات الإسرائيلية بشأن هدم الممتلكات كانت أوامر قانونية. وورد فيه أن "الأوامر والتوجيهات الممنوحة فيما يخص الإضرار بالممتلكات أثناء العملية، على كافة المستويات، ركزت على أن عمليات الهدم يجب أن تُنفذ بشكل يقلص بأقصى حد ممكن من الضرر اللاحق بالممتلكات التي لا تستخدمها حماس وغيرها من المنظمات الإرهابية في القتال". الخطأ الوحيد الذي توصل إليه التقرير هو أن هذه القضية [هدم الممتلكات] لم يتم التركيز عليها بالشكل الكافي في الخطط المكتوبة الخاصة بالعملية".[272]

تقرير وزارة الخارجية وتحقيق جيش الدفاع الإسرائيلي انتهيا إلى أن تدمير المنازل وغيرها من الأعيان المدنية استوفى مطالب الضرورة العسكرية كما ورد في قوانين الحرب. وتم التوصل إلى هذه النتيجة بناء على أن الأعيان المدمرة كانت تستخدم لأغراض عسكرية وأن تدميرها كان متناسباً مع الغرض العسكري.

وانتهت هيومن رايتس ووتش فيما يخص الحوادث التي تم التحقيق فيها في هذا التقرير، إلى أن الأعيان المدنية المدمرة لم تكن أغراضاً عسكرية وقت استهدافها، وهو الأمر الذي كان مفهوماً بشكل جيد. من ثم، فحتى رغم تأكيد جيش الدفاع الإسرائيلي على المنطق العسكري وراء تدمير الممتلكات، فإن الأهداف ما تزال لم تستوف المطالب الخاصة باعتبار الغرض هدفاً عسكرياً، ومن ثم يُسمح بمهاجمته أو تدميره.

وتميز هيومن رايتس ووتش هذه الحالات عن حالات أخرى كانت فيها الأعيان المدنية أهدافاً عسكرية، مثل الممتلكات التي استخدمتها الجماعات الفلسطينية المسلحة في نشر المقاتلين، وفي تخزين الذخائر والمواد الأخرى، وفي وضع الكمائن، ومن ثم يمكن استهدافها.

وكما سبق الذكر، فإن العين المدنية تصبح عرضة للهجوم كهدف عسكري عندما تسهم إسهاماً فعالاً في العمل العسكري، وتدميرها في الظروف الحاكمة للحظة توفر ميزة عسكرية أكيدة. هذه المعايير ضرورية لتحديد ما إذا كان تدمير الغرض قانونياً أم لا. ومن ثم، فطبقاً للكتيب العسكري الأميركي الحاكم لتدمير الممتلكات أثناء النزاعات، فمن الواجب أن تكون هنالك "صلة وثيقة بين تدمير العين والتغلب على جيش العدو".[273]

وقد توصلت هيومن رايتس ووتش إلى وجود حالات – كالمذكورة أعلاه – حيث ظهر تدمير الممتلكات لاستخدامها في الماضي لأغراض عسكرية – أي لأسباب يُحتمل أن تكون عقابية – وبسبب التنبؤ باستخدامها في المستقبل كغرض عسكري – لأسباب تكهنية. القانون الإنساني الدولي يحظر التدمير العقابي للممتلكات ويضع حدوداً صارمة على ما يعتبر استخداماً عسكرياً في المستقبل للمنشآت.

وتدمير الممتلكات لأنها كانت تُستخدم في الماضي كأغراض عسكرية، هو أمر غير مسموح به. وفيما يخص المناطق التي تتم السيطرة عليها، أورد دليل الجيش البريطاني ما يلي:

ما إن تستسلم المنطقة المحاصرة أو يتم أسرها، فلا يُسمح بالمزيد من التدمير فيها إلا في حالة وجود ضرورة حربية، على سبيل المثال، إزالة التحصينات وهدم البنى العسكرية، وتدمير المخازن العسكرية وفرض إجراءات للدفاع عن المنطقة. وليس مسموحاً بتدمير بناية عامة أو منزلاً خاصاً لأنه كان فيما سبق نقطة مقاومة.[274]

وسبق أن قام معلق أكاديمي يحظى باحترام واسع بانتقاد تدمير جيش الدفاع الإسرائيلي للمنازل لأسباب عقابية، متبنياً وجهة نظر القانون الدولي:

تدمير المنازل كعنصر (مشروع) لا يتجزأ من العمليات العسكرية يجب أن يتم التمييز بينه وبين أعمال هدم البنايات السكنية في الفترة التالية على القتال، كإجراء عقابي. وقد لجأت إسرائيل إلى مثل هذه الإجراءات في قتالها للإرهاب في الأراضي المحتلة. ودعماً للسياسة الإسرائيلي تم التأكيد على أنه إذا تم إلقاء قنبلة يدوية من منزل (أو إذا استخدم الإرهابيون المكان لتحضير الهجوم)، يصبح المنزل قاعدة عسكرية، من ثم لا يوجد تمييز بين رد الفعل العسكري الفوري على تدميره والهدم فيما بعد كإجراء عقابي. لكن، من الخطأ الاعتقاد بذلك، فهو يعني أنه ما إن يُستخدم المنزل لأهداف قتالية، يصبح الهدف المدني (كالبناية السكنية) موصوماً للأبد بأنه غرض عسكري. وطالما القتال سجال، فإن تدمير الممتلكات – حتى في الأراضي المحتلة – مسموح به، إذا كان ضرورياً للعمليات العسكرية. لكن، بعد توقف العمليات العسكرية، لا يصبح تدمير الممتلكات مسموحاً به بموجب القانون الدولي الحديث للنزاعات المسلحة.[275]

ويمكن أن يصبح الغرض المدني هدفاً عسكرياً إذا كانت هناك ميزة ملموسة متوقعة من تدميره وقت تدميره. أي، أنه يمكن للوحدة العسكرية تدمير منزل إذا كان يحجب مجال إطلاق النار أثناء هجوم متوقع للعدو. لكن، افتراض أن الغرض المدني ليس عسكرياً يبقى قائماً. من ثم، فإن التحرك على أساس نوايا محتملة للعدو هو سند غير كافي لمهاجمة غرض مدني. المعلق المقتبس منه أعلاه كتب أن "المعلومات الاستخباراتية تكشف أن العدو يعتزم استخدام مدرسة معينة كمخزن ذخيرة لا تكفي لمهاجمة المدرسة طالما الذخائر لم يتم نقلها إلى داخل المدرسة". وأشار إلى أن: "الغرض من الاستخدام يتم التنبؤ به على أساس نوايا معروف أنها تحرك الخصم، وليس على أساس ما يفترض من خطط بناء على "السيناريو الأسوأ المحتمل".[276]

وكما ورد في التعليق الآمر للجنة الدولية للصليب الأحمر على البروتوكول الأول: "ليس مشروعاً شن هجمة لا توفر إلا ميزة محتملة أو غير محددة".[277] وبالمثل، فإن من وضعوا "قواعد جديدة لضحايا النزاعات المسلحة" ألمحوا إلى أن الميزة العسكرية يجب أن تكون "ملموسة ومتوقعة" وليست "افتراضية وتقوم على التخمين".[278] 

وفي تعليق لجنة مزاعم أثيوبيا وإريتريا، على تدمير الممتلكات المدنية على يد القوات الأثيوبية أثناء انسحابها من الأراضي المحتلة، ورد أن: "لا تتفق اللجنة على أن الحرمان من الاستخدام المستقبلي المحتمل للممتلكات، مثل هذه الحالة، والتي لا تستخدم بشكل مباشر في عمليات عسكرية، مثل الجسور وطرق السكة الحديد، يمكن أن يُبرر بموجب المادة 53" الخاصة بتدمير الممتلكات.[279]

طبقاً للمعلق أعلاه، "بعض الأغراض هي بطبيعتها مكرسة للأغراض العسكرية، وطالما هي تؤدي دورها الأساسي، فيجب ألا تُعامل كأهداف عسكرية.[280] والأعيان من قبيل المساكن المدنية والمدارس يمكن أن تعتبر أهدافاً عسكرية عندما "تسهم إسهاماً فعالاً في العمل العسكري... ويجب أن يولى الاعتبار بالأساس لـ "الظروف الحاكمة في اللحظة الراهنة"".[281]

وأوضح معلقون أكاديميون آخرون أن المعيار الخاص باعتبار الأعيان المدنية موفرة لميزة عسكرية واضحة في الظروف الراهنة هو معيار "ضروري":

دون هذا التحديد بالوضع في اللحظة الراهنة، يصبح مبدأ التمييز بلا معنى، بما أن كل غرض مهما كان يمكن نظرياً وبشكل مجرد وفي ظل تطورات مستقبلية، أن يصبح غرضاً عسكرياً. فمن الممكن أن تحتل قوات العدو في أي وقت في المستقبل البناية وتحولها لغرض عسكري.[282]

وبعض حوادث الهدم الموصوفة أعلاه تشير إلى أن جيش الدفاع الإسرائيلي يوسع من "المنطقة العازلة" بين إسرائيل وغزة. وبينما تسمح قوانين الاحتلال ببعض الإجراءات التأمينية – يمكن للقوة المحتلة أن تتخذ إجراءات وقائية لتحسين أمن قواتها، مثل عمل الدوريات والتحصينات ونقاط التفتيش والسيطرة على ممتلكات خاصة – لكن تبقى القواعد الحاكمة لتدمير الأعيان المدنية هي نفسها دون تغيير.[283] وكما تم التوضيح في تعليق اللجنة الدولية للصليب الأحمرعلى اتفاقية جنيف الرابعة: "الحظر على التدمير الوارد في [المادة 53 الخاصة بقانون الاحتلال] يمكن مقارنته بالحظر على النهب والانتقام".[284] ولا يوجد استثناء في اتفاقية جنيف الرابعة على المادة 53، التي تحد من تدمير الممتلكات على حالات الضرورة القصوى لـ "العمليات العسكرية".[285] نتائج هيومن رايتس ووتش الخاصة بتقريرها عام 2004 عن رفح، ما زالت قائمة:

يبدو أن قواعد جيش الدفاع الإسرائيلي تدمج بشكل غير ملائم العمليات العسكرية المتصلة بالقتال، بالإجراءات الأمنية المقصود بها تقليص الخطر العام الذي قد يلحق بالقوة المحتلة. يوسع هذا الأمر بطبيعته من تفسير العمليات العسكرية، مع زيادة هامش التدمير، وهو ما تم اللجوء إليه كذريعة للتوسع في المنطقة العازلة وكذلك التدمير الموسع أثناء التوغلات إلى المخيم.[286]

وأخيراً، مع السماح بالتدمير في حالة الضرورة العسكرية المطلقة، فمن الواجب أن يكون متناسباً. أي، كما سبق الذكر، لا يمكن أن يُتوقع أن يؤدي إلى ضرر بالأعيان المدنية يفوق المكسب العسكري المباشر والملموس المتوقع.[287] وكما ورد في التعليق على اتفاقية جنيف الرابعة: "كلما تبين أنه من الضروري اللجوء للتدمير، على القوة المحتلة أن تحاول الالتزام بالتناسب بالمقارنة بالميزة العسكرية المكتسبة من التدمير الحادث".[288] وفيما يخص المسؤولية الفردية، فإن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي المرتكبة بنية إجرامية تعتبر جرائم حرب. وجرائم الحرب تشمل "التدمير الموسع للممتلكات والاستيلاء عليها بشكل موسع، بدون مبرر من ضرورة عسكرية، مع القيام بهذه الأعمال بشكل غير قانوني أو متعسف"، وهي خروقات خطيرة لاتفاقية جنيف الرابعة.[289]

والنية الإجرامية مُعرفة على أنها الخروقات المرتكبة عن قصد أو عن إهمال.[290] كما يمكن تحميل الأفراد المسؤولية الجنائية جراء محاولة ارتكاب جريمة حرب، وكذلك المعاونة عليها أو تيسيرها أو المساعدة فيها أو التحريض عليها. ويمكن أن تقع المسؤولية على الأفراد الذين يخططون لارتكاب جريمة حرب أو يحرضون عليها.[291] ويمكن مقاضاة القادة والقيادات المدنية على جرائم الحرب من واقع مسؤولية القيادة، عندما يكونوا على دراية، أو المفترض أنهم يعرفون بارتكاب جرائم حرب، ثم لم يتخذوا ما يكفي من إجراءات لمنعها أو معاقبة من هم مسؤولون عنها.[292]

ويضم نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية التدمير التعسفي إلى قائمة جرائم الحرب.[293] وانتهت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة إلى أن عناصر جرائم الحرب الخاصة بالتدمير المتعسف تتحقق عندما (i) يكون تدمير الأعيان على نطاق موسع، (ii) لا مبرر له من واقع ضرورة عسكرية، (iii) يرتكب الفاعل العملية بقصد تدمير العين أو من واقع الإهمال دون مراعاة احتمال تحطم العين المقصودة.[294] وتقول محكمة يوغوسلافيا السابقة بأن "تدمير الممتلكات محظور ما لم يكن له مبرر من واقع ضرورة عسكرية. من ثم فكي يصبح هذا العمل مستحقاً للعقاب، يجب أن يكون التدمير قد تم عن قصد أو كان نتيجة متوقعة لأعمال الشخص المتهم".[295]

وبموجب القانون الإنساني الدولي، فعلى الدول التزام بالتحقيق في جرائم الحرب المزعوم ارتكابها من قبل أعضاء من قواتها المسلحة أو أفراد آخرين خاضعين لسيادتها. ومن تتبين مسؤوليته يجب أن يُقاضى أمام محاكم تفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، أو أن يُنقل إلى جهة أخرى كي تقاضيه بشكل عادل.[296]

كما تنص قوانين الحرب على أن على الدول أن تقوم بتوفير التعويضات الكاملة، ومن ذلك التعويض بشكل مباشر للأفراد، على الخسائر بسبب انتهاكات قوانين الحرب.[297]

حصار غزة والتزامات إسرائيل بموجب قوانين الاحتلال

مما هو على صلة وثيقة بالوضع الإنساني في غزة، قانون الأراضي المحتلة الوارد في اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وإسرائيل طرف فيه. اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بالاحتلال تنطبق على غزة لأنه رغم سحب إسرائيل قواتها العسكرية ومستوطنيها منها في عام 2005، فهي ما زالت تمارس السيطرة الفعلية على حدود غزة الجوية والبحرية والبرية، وكذلك تسيطر على الكهرباء والمياه والمجاري والاتصالات فيها، وكذلك سجل مواليد القطاع.[298]

على القوى المحتلة واجب ضمان أمن وسلامة السكان المدنيين الذين في المناطق الخاضعة لسيطرتها. المادة 55 من اتفاقية جنيف الرابعة تفرض واجبات على القوى المحتلة، بأن تضمن الغذاء والرعاية الطبية للسكان، وأن تسمح بتوفير المساعدات الإنسانية وتيسر توفيرها. هذه الالتزامات تنطبق أيضاص على القوات الإسرائيلية كلما مارست السيطرة الفعلية على قطاع غزة. وحصار إسرائيل المستمر لقطاع غزة، وهو الإجراء الذي يحرم السكان من الغذاء والوقود وغيرها من الضروريات، يعتبر من أشكال العقاب الجماعي، في خرق للمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة.[299]

القانون الدولي الإنساني العرفي يحظر الهجوم أو التدمير أو الإزالة أو تحييد الأغراض الضرورية لاستمرار السكان المدنيين على قيد الحياة.[300] وفي الوقت نفسه، فهو يطالب الأطراف في النزاعات بالسماح بالمرور السريع بلا عرقلة للمساعدات الإنسانية كي تصل إلى السكان. ومن المحظور استخدام التجويع للسكان المدنيين كأحد أساليب الحرب.[301] ويجب أن تسمح الأطراف المتقاتلة بالمرور الحر للمعونات الغذائية إلى المدنيين المعرضين للخطر.[302] ويجب أن توافق على السماح بالعمليات الإنسانية ولا يحق لها رفض منح الموافقة على أسس تعسفية. ويمكن لها أن تأخذ خطوات للسيطرة على محتوى المساعدات الإنسانية وطريقة تسليمها، مثلاً من أجل ضمان أنها لا تضم أسلحة.[303] والرفض المتعمد بالسماح بوصول هذه الإمدادات رداً على العمل العسكري قد يشكل أحد أشكال العقاب الجماعي أو عمل انتقامي غير مشروع ضد السكان المدنيين.[304]

 

شكر وتنويه

أجرى بحوث هذا التقرير وقام بكتابته بيل فان إسفلد، الباحث بقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وساعد في البحوث فارس أكرم، الاستشاري ومساعد الباحث في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. راجع التقرير جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط، وجيمس روس، مدير الشؤون القانونية والسياسات، وآيان غورفن، مدير البرامج في هيومن رايتس ووتش. قام لارس بروملي بإعداد الخرائط.

تتوجه هيومن رايتس ووتش بعميق الشكر لجميع الضحايا والشهود من غزة الذين قدموا معلومات لصالح إتمام هذا التقرير.

وشكر خاص لمنظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية التي مدت يد العون، على الأخص مركز الميزان لحقوق الإنسان، ومنظمة "كسر الصمت"، وبتسيلم، وغيشا، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

 

ملحق 1: رسالة هيومن رايتس ووتش إلى جيش الدفاع الإسرائيلي

Brig.-Gen. Avi Benayahu

IDF Spokesperson Unit

International Organization Desk

Phone: 03 569 1842

Fax: 03 569 8222

 

August 21, 2009

Dear Brigadier General Benayahu,

We would very much appreciate it if your office could provide us with responses to the questions listed below, which relate to allegations that the IDF engaged in the destruction of property during “Operation Cast Lead” in violation of the laws of war. We would appreciate it if you could provide us with a reply by September 6 in order that we can reflect your views in our forthcoming report.

I. General questions

  1. What is the IDF’s policy regarding the legal doctrine of military necessity as it applies to property destruction?
  2. What was the policy of the IDF with regard to the destruction of property during Operation Cast Lead?  In what cases or situations did the IDF consider it necessary to destroy property?
  3. Were IDF forces briefed about the IDF’s policy on property destruction immediately prior to their participation in Operation Cast Lead? At what level or rank?
  4. How many homes and factories did the IDF demolish in each of the following governorates: Rafah, Khan Younis, Middle Gaza, Gaza City, and Northern Gaza?      
  5. Has the IDF initiated any investigations into allegations of unlawful destruction of property during Operation Cast Lead, in addition to the investigation led by Col. Adam Zusman whose results were published on April 22? If so, which individuals or offices are conducting these investigations, and what are the terms of reference of the investigations? Will the investigations’ findings be made public?  

II. Incident questions

Should any of the below allegations of IDF responsibility for the destruction of property be inaccurate, please provide corrected information.

1.       Residents of the Izbt Abd Rabbo neighborhood of Jabalya said that IDF forces had taken control of the entire eastern and central parts of the neighborhood [31°31'10.66"N 34°29'56.34"E] by early morning on January 7, and that there were no sounds of fighting elsewhere in the western part of the neighborhood after that point. Residents also said that when IDF forces evicted them from their homes, in some cases as late as January 12 or 14, almost all of the buildings in the eastern part of the neighborhood remained standing.  Between January 14 and January 18, while the IDF apparently had full control over the area, scores of homes and a tile warehouse in the eastern part of Izbt Abd Rabbo were allegedly demolished with anti-tank mines and bulldozers.  Why did the IDF destroy the structures in the eastern part of Izbt Abd Rabbo, and on what date(s) did this destruction occur?

2.      On the Eastern Line road, in southern Jabalya, Israeli forces allegedly bulldozed an animal fodder mill [31°31'21.78"N  34°30'34.62"E], as well as food production establishments including the Wadiyya Sweet factory and the Gaza Juice Factory.  In the same area, the Abu Eida cement factory [31°30'59.77"N 34°30'17.39"E], the Al-Qonouz cement factory, the Abu Jubbah cement-packaging factory, and the Al-Tibi cinderblock and cement factory were all destroyed by a combination of explosives and bulldozers.  Every vehicle on factory grounds was destroyed.  Witnesses and residents said that IDF tanks and bulldozers continuously controlled the areas where these factories were located from January 4 onward, and were aware of no militant activity within hundreds of meters. For each of these factories, for what reason and on what date did the IDF destroy the facilities? Why did the IDF destroy all the vehicles on factory grounds? 

3.        To the northwest of Gaza City, in southeastern Beit Lahiya, the Badr Flour Mill [31°33'16.94"N 34°28'5.82"E] was severely damaged by alledged IDF 40 mm cannon, mortar fire, and other munitions, including an aerial bomb, on January 10; witnesses were unaware of any presence of militants in the factory or in the surrounding area at that time.  Why did the IDF attack the Badr Flour Mill?  If the IDF believed the Mill was a military objective, on what basis did it reach this conclusion? 

4.      Near the Zeytun area south of Gaza City, to the east of Salahaddin Street (which Israeli troops refer to as “the Tanja”), an electrical appliances factory [31°28'9.42"N  34°26'6.30"E] and all the vehicles of the Engineering Company for Concrete and Construction Materials [31°28'19.26"N  34°26'8.74"E] were allegedly destroyed by IDF bulldozers.  Israeli forces effectively controlled this area in Zeytun by the January 4, and residents who left on January 8 said that the factories were still standing at that point.  For each of these factories, for what reason and on what date did the IDF destroy the facilities?  Why did the IDF destroy all the vehicles on factory grounds? 

5.       In the southeastern Gaza Strip, to the northwest of the Sufa crossing point east of Khan Yunis, the Al-Imtiaz concrete mixing factory and Abu Sitta concrete mixing factory [31°16'57.54"N  34°18'54.48"E] were allegedly destroyed by the IDF with a combination of explosives and bulldozers.  Residents said they fled these areas on January 14 under heavy shelling from approaching tanks, and said that no militants were present.  In the cases of the cement factories, Israeli forces individually attacked and destroyed or rendered inoperable each vehicle on factory grounds.  For each of these factories, for what reason and on what date did the IDF destroy the facilities?  Why did the IDF find destroy each vehicle on factory grounds? 

6.      On January 13, around 7:30 a.m., Israeli D9 bulldozers allegedly began demolishing approximately 16 houses in the al-Najjar neighborhood of Khuza’a village, east of Khan Yunis.  The houses were on the periphery of the village approximately 100 meters west of the 1949 armistice line. Previously, bulldozers had demolished four homes in the area on January 11.  Witnesses said there had been fighting in the village prior to January 11, but none immediately prior to or at the time of the demolitions on January 13.  At least one of the homes was occupied by civilians at the time a bulldozer removed its support pillars [31°18'38.88"N  34°22'1.98"E].  Residents reported that no gunfire had ever been directed against IDF forces from their homes, and that no fighters were present in the area, which lies on the outskirts of the village.  Why did the IDF demolish these 16 houses?

7.       East of Khan Yunis, in the al-Shoka and al-Fokhari areas, which are separated from one another by the road leading from the Sufa crossing point, most residents said they fled under heavy shelling during an IDF ground incursion on the evening of January 14.  Residents living in clusters of homes [31°17'7.58"N  34°18'52.89"E] amidst agricultural land said that no militants were operating from this area.  When residents returned on January 18, their homes, agricultural land including olive and citrus groves, and greenhouses had allegedly been bulldozed by the IDF.  The IDF also allegedly destroyed a 30-meter-high water tower located near the Sufa road with mines [31°17'4.72"N  34°18'45.99"E].   Why did the IDF demolish houses, agricultural land and other structures at these locations? Why did the IDF destroy the water tower near Sufa Road?

8.      In the Sudaniyya and Siyafa areas northwest of Gaza City, to the north and east of the Badr Flour mill (discussed above), Israeli forces allegedly destroyed 23 homes – some concrete, some (along a road known as al-Amudi Street) made of corrugated metal.  Residents said that militants were present in a built-up area some 250 meters to the east, but not in the areas where IDF forces destroyed the affected houses with bulldozers and, in the case of the concrete-constructed homes, with mines. In the case of the concrete homes [31 33’09.03” N 34 28’15.79” E], residents said they were still largely intact on January 13 or 14 and that no militants were present in the area.  Why did the IDF bulldoze the 23 houses, including along al-Amudi street?

9.      In the Zeytun area south of Gaza City, Israeli forces allegedly demolished a large number of homes along two east-west roads (now known as 10th Road and al-Samuni Road) around 200 meters apart, including homes belonging to the extended al-Samuni [e.g., 31°28'37.44"N  34°26'5.04"E], Silmi [e.g., 31°28'56.16"N  34°26'19.50"E], Ayad [e.g. 31°28'38.54"N  34°25'59.73"E] and Ishteiwi [31°28'53.22"N  34°26'20.70"E] families, along with the agricultural lands appurtenant to these homes.  Residents said that IDF troops entered the area from the south on the night of January 3 and controlled the length of the southern road by the morning of January 5, occupying many houses.  Residents who left on January 5 said their homes and agricultural property were largely unscathed.  Residents of the northern road, who were unable to leave the area until January 13 or 14, said that as of the time they left the IDF had complete control of the area and no militants were present.  When residents returned on January 18, they found dozens of homes and hundreds of dunums of agricultural land had been destroyed. In what circumstances and on what date(s) did the IDF destroy homes and agricultural lands along these roads?

Thank you for your attention to this request. We would appreciate it very much if you could respond by September 6, 2009.

Sincerely,

Joe Stork

Deputy Director

Middle East and North Africa division

 

ملحق 2: رد جيش الدفاع الإسرائيلي

Israel Defense Forces

IDF Spokesperson Unit

International Organizations Desk

Phone: 972-3-5691842 Fax: 972-3-5693971

ז-א - 3913

6 September 2009                                    

Mr. Joe Stork           

Deputy Director, Middle East and North Africa Division        

Human Rights Watch

Via fax: 202-612-4333

Dear Joe Stork,

RE: Reply to your query dated 8/21/09

Please find below our response to your query dated 8/21/09:

  1. Answers to most of your questions, as well as information relating to other aspects of operation Cast Lead can be found in "THE OPERATION IN GAZA – FACTUAL AND LEGAL ASPECTS" report (available at: www.mag.idf.il); and, in the summary of the findings of the general investigation into "Damage to infrastructure and destruction of buildings by ground forces", which was published on April 22nd, 2009 (please find attached a copy of the relevant pages).
  2. With regard to the specific incidents referred to in your letter, should suspicion of wrongful conduct arise, and should it remain unaddressed by the findings of the aforementioned general investigation, they will be examined by the relevant IDF bodies, as it has been done in the past, regarding other queries received. In light of the available information, the Military Advocate General will then decide what additional steps, if any, should be taken.
  3. Needless to say, that the IDF will not hesitate to thoroughly investigate any incident or testimony (sufficiently founded), as it has done to date.

      Sincerely,

 

Lt. Col. Assaf Librati

Head of Public Affairs Branch

IDF Spokesperson Unit

Annex E:

Primary Conclusions:

Damage to infrastructure and destruction of buildings by ground forces

This investigation, carried out by Col. Adam Zusman, focused on issues relating to the infrastructure operations and the demolishing of structures by the IDF forces during the ground operations phase of Operation Cast Lead. During the investigation the commanders of the forces that participated in the operation were questioned in relation to the issues being investigated. In addition, the investigation gathering data from relevant institutions and examined the relevant military orders.

The investigation showed that Hamas based its main line of defense on civilian infrastructure in the Gaza Strip (i.e. buildings, infrastructure, agricultural lands etc.), and specifically on booby trapped structures (mostly residential), the digging of explosive tunnels and tunnels intended for the moving of people and weaponry. This created an above ground and underground deployment in the Gaza Strip's urban areas by Hamas. During the operation, IDF forces were forced not only to fight the gunmen themselves, but to also deal with the physical terrorist infrastructure prepared by the Hamas and other terrorist organizations in advance. As part of this challenge, the forces demolished structures that threatened the forces and had to be removed – houses which were used by the enemy; other structures used by the enemy for terrorist activity; structures that prevented the forces from moving from one area to another (given that many of the roads were booby trapped); structures that were used to protect Israeli soldiers; agricultural elements used as cover for enemy tunnels and infrastructure; and infrastructure next to the security fence used by Hamas for operations against IDF forces or for digging tunnels into Israeli territory.

IDF operations which were intended to demolish booby trapped or structures rigged with explosives(and other similar operations) successfullyprevented the enemy from detonating these structures while IDF forces were in them, despite the enormous efforts made by Hamas and other terrorist organizations, who rigged a substantial number of buildings to explode in the areas where the IDF operated.

The investigation shows that in all the areas of operation, the decision to authorize the demolishing of houses wasonly made by high ranking officers. In addition, the destruction of buildings was only initiated after it was determined by the forces that they were vacant. As a result, as far as the investigation was able to determine, no uninvolved civilians were harmed during the demolition of infrastructure and buildings by IDF forces.

 

The investigation showed that in many cases, the preparations made by Hamas and other terrorist organizations were responsible for the significant damage caused to houses. This was due to the secondary explosions caused by the detonation of explosive devices or weaponry placed by Hamas within the structures. This was illustrated by an incident which was investigated, in which a building in one of Gaza's northern neighborhoods was fired upon, resulting in the unexpected detonation of a chain of explosive devices planted by Hamas, damaging many other buildings in the neighborhood.

The investigation showed that the orders and directions given with regard to damage to property during the operation, at all levels, emphasized that all demolition operations should be carried out in a manner which would minimize to the greatest extent possible the damage caused to any property not used by Hamas and other terror organizations in the fighting. During the investigation it was apparent that that this issue was not stressed sufficiently in the written plans for the operation. However, the investigation clearly showed that the forces in the field understood in which circumstances structures or infrastructure could be demolished as well as the limitations relating to demolitions.

The investigations did not identify any instances of intentional harm done to civilian infrastructure and with the exception of a single incident (which was immediately halted by the relevant Brigade Commander, and was dealt with using disciplinary measures) it didn't find any incidents in which structures or property were damaged as "punishment" or without an operational justification. In all of the areas in which the IDF operated, the level of damage to the infrastructure was proportional, and did not deviate from that which was required to fulfill the operational requirements.

Overall, the extent of damage caused to buildings was a direct result of the extensive use by Hamas of those same buildings for terrorist purposes and targeting IDF forces.

The IDF Chief of the General Staff, Lt. Gen. Gabi Ashkenazi accepted the recommendation made by the head of the investigation to create clear regulations and orders with regard to the issue of demolition of infrastructure and structures as well as a clear combat doctrine. Lt. Gen. Ashkenazi also accepted the recommendation that the combat doctrine should include a definition of relevant "incidents and responses" to be distributed amongst all combat forces. Lt. Gen. Ashkenazi also accepted the recommendation to create a clear procedure of documentation and reporting for such operations. The conclusion that the extent of the demolished infrastructure and building was proportionate, in light of the operational requirements, was also approved by the IDF Chief of the General Staff.

THE OPERATION IN GAZA: FACTUAL AND LEGAL ASPECTS      

 

 (b) Destruction of Private Property

436. Some destruction of private property and infrastructure is an unfortunate but inescapable by-product of every armed conflict. While recognising this reality, the Law of Armed Conflict requires that the damage be justified by military necessity. For instance, Article 23(g) of the Hague Regulations of 1907 states that it is forbidden “to destroy or seize the enemy’s property unless such destruction or seizure be imperatively demanded by the necessities of war.”

437. The investigations thus far reveal that although IDF forces were instructed to operate carefully at all times and to minimise collateral damage to civilian property to the extent possible, extensive damage to civilian infrastructure and personal property did occur in the course of the Gaza Operation. Much of the damage was demanded by the necessities of war and was the outcome of Hamas’ mode of operating.

438. As explained in Section V.B above, Hamas based its main line of defence on civilian infrastructure in the Gaza Strip (i.e. buildings, infrastructure, agricultural lands etc.), and specifically on booby-trapped structures (mostly residential), the digging of explosive tunnels and tunnels intended for the moving of fighters and weaponry. This created an above-ground and underground deployment by Hamas in the Gaza Strip’s urban areas. During the Gaza Operation, IDF troops were forced not only to fight the terrorists themselves, but also to deal with the physical infrastructure prepared in advance by Hamas and other terrorist organisations.

439. As part of this challenge, IDF forces demolished structures that threatened their troops and had to be removed. These included (1) houses which were actually used by Hamas operatives for military purposes in the course of the fighting, (2) other structures used by Hamas operatives for terrorist activity, (3) structures whose total or partial destruction was imperatively required for military necessities, such as the movement of forces from one area to another (given that many of the roads were booby-trapped), (4) agricultural elements used as cover for terrorist tunnels and infrastructure, and (5) infrastructure next to the security fence between Gaza and Israel, used by Hamas for operations against IDF forces or for digging tunnels into Israeli territory.

440. Despite the enormous efforts made by Hamas and other terrorist organisations, who rigged a substantial number of buildings to explode in the areas where IDF forces were present, IDF actions to destroy such buildings in advance successfully prevented their detonation while IDF forces were in them

441. In the context of this complex battlefield, Israeli forces were instructed to operate carefully at all times, and to minimise collateral damage to the extent possible. For purposes of the Law of Armed Conflict, the extent of the damage to private property and infrastructure is not itself indicative of a violation. Rather, as already explained, in each case it must be considered whether a legitimate military purpose existed and if the damage to property was proportional to this aim. Furthermore, unanticipated damage and damage caused by Hamas cannot be blamed on Israeli forces.

442. In light of the multiple allegations raised against the IDF in connection with the destruction of residential and public buildings during the conflict, the IDF launched a full investigation into allegations of excessive damage to civilian objects during the Gaza Operation. The IDF investigation (which is now being examined by the Military Advocate General) confirmed that although relatively extensive damage was caused to private property, the IDF’s activities which caused this damage complied with the Law of Armed Conflict. The Law of Armed Conflict allows the destruction of private property where, as here, it is a matter of military necessity. With the exception of a single incident, which was immediately halted by the relevant Commander and was dealt with using disciplinary measures, the investigation did not find any incidents in which structures or property were damaged as “punishment” or without an operational justification.

443. The investigation showed that in all the areas of operation, the decision to authorise the demolition of houses was made only by high ranking officers. In addition, the destruction of buildings was only initiated after it was determined by the forces that they were vacant in order to minimise civilian casualties. Accordingly, as far as the investigation was able to determine, no civilians were harmed during the demolition of infrastructure and buildings by IDF forces.

444. The investigation showed that, in many cases, the preparations made by Hamas and other terrorist organisations were responsible for the significant damage caused to houses. As explained above, unanticipated damage to some buildings occurred due to the existence of subterranean tunnels that were unknown to IDF forces. In other cases, the damage was due to the secondary explosions caused by the detonation of explosive devices or weaponry placed by Hamas within the structures. This was illustrated by an incident in which a building in one of Gaza’s northern neighbourhoods was fired upon, resulting in the unexpected detonation of a chain of explosive devices planted by Hamas, damaging many other buildings in the neighbourhood.

445. It should be emphasised that IDF orders and directions, dealing with the destruction of private property and applicable in the Gaza Operation, stressed that all demolition operations should be carried out in a manner that would minimise to the greatest extent possible the damage caused to any property not used by Hamas and other terrorist organisations in the fighting. Nevertheless, due to the complex dilemmas commanders faced with regard to decisions on destruction of property in the course of fighting in Gaza, as a result of Hamas’ mode of operations, one of the lessons learned was that there should be a set of clear rules in this regard that will assist commanders in taking such decisions in the future. Accordingly, the Chief of the General Staff instructed the creation of such clear regulations and orders, as well as a clear combat doctrine, with regard to demolition of infrastructure and structures.

[1] ذكرت منظمة بتسيلم أن الهجمات الإسرائيلية قتلت 330 مقاتلاً. ولم تضم إلى قوائمها 36 مدنياً لم يتسن البت في وضعهم كمقاتلين أو مدنيين. كما لم تضم بتسيلم إلى قوائمها 248 رجل شرطة قُتلوا في مراكز الشرطة في 27 ديسمبر/كانون الأول 2008، والذين زعم الجيش الإسرائيلي أنهم من المقاتلين، لكنها ذكرت: "أخذاً في الاعتبار الافتراض بأن الأشخاص يُعتبرون مدنيين ما لم يثبت العكس، فإن بتسيلم لا يمكنها الجزم بأن ضباط الشرطة كانوا أهدافاً مشروعة أو أن الشرطة في غزة، كمؤسسة، كانت مشاركة في قوات حماس القتالية". (انظر: B’Tselem, “B’Tselem Publishes Complete Fatality Figures from Operation Cast Lead,” September 9, 2009, http://www.btselem.org/English/Press_Releases/20090909.asp تمت الزيارة في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2009). وطبقاً لجيش الدفاع الإسرائيلي، فإن 1166 فلسطينياً ماتوا في عملية الرصاص المصبوب. من بينهم فإن 709 أشخاص "من عملاء حماس الإرهابيين"، وكان 295 من غير المقاتلين، و162 رجلاً لم تُحدد حالتهم. ولم يصدر الجيش الإسرائيلي قائمة بالأسماء. (انظر: DF, “Vast Majority of Palestinians Killed in Operation Cast Lead Found to be Terror Operatives,” March 26, 2009, http://dover.idf.il/IDF/English/Press+Releases/09/03/2601.htm تمت الزيارة في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2009.

[2] يشمل هذا أربعة جنود إسرائيليين قُتلوا من قبل الجيش الإسرائيلي في "نيران صديقة". بتسيلم: “B’Tselem Publishes Complete Fatality Figures from Operation Cast Lead,” September 9, 2009

[3] انظر: UN Office for the Protection of Humanitarian Affairs (OCHA), Locked In: The Humanitarian Impact of Two Years of Blockade on the Gaza Strip, August 20, 2009, p. 3, http://www.ochaopt.org/documents/Ocha_opt_Gaza_impact_of_two_years_of_blockade_August_2009_english.pdfتمت الزيارة في 5 سبتمبر/أيلول 2009.

[4] أثناء الحرب، وطبقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، التمس 51 ألف شخص مشرد اللجوء في منشآت الأمم المتحدة، وبعد الحرب بقليل، انتهى تقييم أممي مبدئي أجري في يناير/كانون الثاني إلى أن 71657 شخصاً قد تشردوا وأقاموا مع أسر مضيفة. وفي مسح إحصائي لمنظمة كير الإنسانية، أجري في يناير/كانون الثاني تبين أن 56 في المائة من سكان غزة الذين تم الاتصال بهم قالوا إنهم يستضيفون أناس مشردين. UN OCHA, “The Humanitarian Monitor,” February 2009, page 10, http://www.ochaopt.org/documents/ocha_opt_humanitarian_monitor_2009_02_01_english.pdfتمت الزيارة في 1 سبتمبر/أيلول 2009، وانظر: OCHA, “UN Flash Appeal for Gaza,” February 2, 2009, http://www.ochaopt.org/gazacrisis/admin/output/files/ocha_opt_gaza_flash_appeal_2009_02_05_english.pdf  تمت الزيارة في 2 سبتمبر/أيلول 2009. ومقابلات هاتفية لمنظمة كير مع 525 شخصاً، أجريت في يناير/كانون الثاني، مذكورة في:OCHA, “Situation Report on the Humanitarian Situation in the Gaza Strip – No. 15,” 20-21 January 2009, http://www.unicef.org/malaysia/OCHA_full_report_-_2009.1.21.pdf.

[5] مقابلات هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش ورسائل بريد إلكتروني متبادلة مع ثلاث منظمات إنسانية غير حكومية، 21 و22 مارس/آذار 2010. العاملون بالمساعدات الإنسانية الدوليون لم يرغبوا في ذكرهم بالاسم، سواء بسبب السياسة الداخلية للمنظمات أو خوفاً على قدرتهم على الوصول إلى غزة وأنها قد تقتصر نتيجة للانتقادات.

[6] انظر: Portland Trust , “Palestinian Economic Bulletin, Issue 42,” March 2010, p. 1, citing “Gazan engineer Ali Abu Shalah,”توجد نسخة لدى هيومن رايتس ووتش.

[7] انظر: OCHA, A Protracted Crisis of Human Dignity, December 2009, http://www.ochaopt.org/documents/ocha_opt_cap_2010_overview_english.pdf

[8] Israel Ministry of Foreign Affairs, “Humanitarian aid to Gaza during IDF operation,” January 18, 2009

[9] انظر: Oxfam International, “Gaza Weekly Update: November 1- 7 2009,”توجد نسخة لدى هيومن رايتس ووتش.

[10] OCHA, “Protection of Civilians,” December 9-15, 2009, http://unispal.un.org/UNISPAL.NSF/0/926E1EE9AFEE12498525769B00572B1Fتمت الزيارة في 10 يناير/كانون الثاني 2010.

[11] UNRWA, Updated Quick Response Plan for Gaza: An Assessment of Needs Six Months After the War, August 2009, pp. 5, 9, http://www.un.org/unrwa/donors/docs/Updated_QRP_aug09.pdf تمت الزيارة في 5 سبتمبر/أيلول 2009.

[12] UNRWA, Updated Quick Response Plan for Gaza.

[13] Britain Palestine All Parliamentary Group, One year on from war: a report on the humanitarian and political situation in Gaza, p. 9, March 22, 2010, http://www.caabu.org/pdf/One%20year%20on%20from%20war.pdfتمت الزيارة في 23 مارس/آذار 2010.

[14] انظر: “Secretary-General's briefing to the Security Council on the situation in the Middle East, including the Question of Palestine,” March 24, 2010.

[15] Gisha, Red Lines Crossed: Destruction of Gaza’s Infrastructure, August 2009, pp. 18, 21, http://www.gisha.org/UserFiles/File/publications_/Infrastructures_Report_Aug09_Eng.pdfتمت الزيارة في 12 سبتمبر/أيلول 2009.

[16] Gisha, Red Lines Crossed, ibid.

[17] OCHA and Association of International Development Agencies, “The Gaza Blockade: Children and Education Fact Sheet,” July 28, 2009, http://www.ochaopt.org/documents/un_ngo_fact_sheet_blockade_figures_2009_07_28_english.pdf تمت الزيارة في 28 يوليو/تموز 2009. يخدم نظام التعليم في غزة نحو 450 ألف طفل ومراهق عبر 373 مدرسة حكومية، و221 مدرسة للأونروا، و36 مدرسة خاصة. انظر: مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “Rapid needs assessment report,، 30 يناير/كانون الثاني، ص 1.

[18] Private Sector Coordination Council (PSCC), Gaza Private Sector: Post-War Status and Needs, February 25, 2009, p. 3, http://www.met.gov.ps/MneModules/epapers/PostWarStatusNeed.pdf,تمت الزيارة في 25 يوليو/تموز 2009.

[19] Palestinian Federation of Industries (PFI) and Konrad Adenaur Stiftung, The Need for a Post-War Development Strategy in the Gaza Strip: Overview and Analysis of Industrial Damage and its Grave Consequences, March 2009, p. 13, http://www.pscc.ps/down/Gaza%20Industry%20Reconstruction%20and%20Development%20Report.pdfتمت الزيارة في 4 سبتمبر/أيلول 2009.

[20] PFI, The Need for a Post-War Development Strategy in the Gaza Strip, March 2009, p.8.

[21] Gaza Private Sector: Post-War Status and Needs, February 25, 2009, p. 5.النسبة مقاسة من حيث السعة "المحتملة" لأنه في أغلب الحالات، أدى الحصار الإسرائيلي على صادرات الإسمنت على غزة إلى توقف العمل في أغلب هذه المصانع حتى قبل بدء الحرب.

[22] OHCA, Agriculture Sector  Report: Impact of Gaza Crisis, March 2, 2009, http://www.ochaopt.org/cluster/admin/output/files/ocha_opt_agriculture_assessment_report_english-20090302-153410.pdf,تمت الزيارة في 1 يوليو/تموز 2009.

[23] OHCA, Agriculture Sector Report: Impact of Gaza Crisis, March 2, 2009.

[24] UN Food and Agriculture Organization (FAO), “The humanitarian situation in Gaza and FAO’s response,” January 23, 2009, http://www.fao.org/fileadmin/user_upload/newsroom/docs/FAO-brief23january.pdfتمت الزيارة في 15 يونيو/حزيران 2009.

[25] Kim Sengupta and Donald Macintyre, “Israeli cabinet divided over fresh Gaza surge,” The Independent, January 13, 2009, http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/israeli-cabinet-divided-over-fresh-gaza-surge-1332024.html

[26] Israel Channel 10 news, “Livni warns Hamas,” January 19, 2009; cited in PCATI, No Second Thoughts, p. 28.

[27] Raanan Ben-Zur, “Yishai: Destroy 100 houses for each rocket fired,” Ynet, February 2, 2009, http://www.ynetnews.com/articles/0,7340,L-3665517,00.htmlتمت الزيارة في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2009.

[28] Reuters, “Israel warns Hizbullah war would invite destruction,” Ynet, October 3, 2008, http://www.ynet.co.il/english/articles/0,7340,L-3604893,00.htmlتمت الزيارة في 10 يوليو/تموز 2009، Amos Harel, “IDF plans to use disproportionate force in next war,” Haaretz, October 5, 2008, http://www.haaretz.com/hasen/spages/1026539.htmlتمت الزيارة في 10 يوليو/تموز 2009.

[29] البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف لعام 1949، 1977، مادة 51 (5)(أ).

[30] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سرجنت أول، ل. القدس، 13 فبراير/شباط 2009. هذا السرجنت قدم معلومات لمنظمة كسر الصمت أيضاً.

[31] Breaking the Silence, Operation Cast Lead, Soldiers’ Testimonies from Operation Cast Lead, Gaza 2009, p. 9

[32] Breaking the Silence, Operation Cast Lead, pp. 64-65

[33] السابق.

[34] Breaking the Silence, Operation Cast Lead, p. 65.

[35] Breaking the Silence, Operation Cast Lead, p. 67.

[36] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سرجنت أول، ل. القدس، 13 فبراير/شباط 2009.

[37] Yaakov Katz, “Army creating ‘security zone’ in Gaza,” Jerusalem Post, January 11, 2009, http://www.jpost.com/servlet/Satellite?pagename=JPost%2FJPArticle%2FShowFull&cid=1231424914146تمت الزيارة في 30 يوليو/تموز 2009.

[38] Erin Cunningham, “UN: Israeli buffer zone eats up 30 percent of Gaza’s arable land,” Christian Science Monitor, June 1, 2009, http://www.csmonitor.com/World/Middle-East/2009/0601/p06s04-wome.htmlتمت الزيارة في 25 يناير/كانون الثاني 2010.

[39] الغرض المدني الذي كان في السابق يُستخدم عسكرياً (بسبب انتشار قوات العدو سابقاً هناك على سبيل المثال)، ليس هدفاً عسكرياً مشروعاً، وتدميره من أشكال التدمير العقابي غير القانوني.

[40] Breaking the Silence, Operation Cast Lead, p. 83.

[41] Breaking the Silence, Operation Cast Lead, p. 84.

[42] السابق.

[43] نص مقابلة لمنظمة كسر الصمت مع سائق جرافة دي – 9، القدس، 27 يناير/كانون الثاني 2009، توجد نسخة لدى هيومن رايتس ووتش. كسر الصمت نشرت أجزاء من المقابلة في Operation Cast Lead, July 15, 2009, available at www.shovrimshtika.org.

[44] نص مقابلة لمنظمة كسر الصمت مع سائق جرافة دي – 9، القدس، 27 يناير/كانون الثاني 2009، توجد نسخة لدى هيومن رايتس ووتش.

[45] Breaking the Silence, Operation Cast Lead, July 15, 2009, “Testimony 9 – Rules of Engagement and House Demolitions,” p. 23.

[46] انظر على سبيل المثال: Human Rights Watch, Razing Rafah: Mass Home Demolitions in the Gaza Strip, 2004, http://www.hrw.org/en/reports/2004/10/17/razing-rafah

[47] Anshel Pfeffer, “Gaza soldiers speak out,” The Jewish Chronicle, March 5, 2009, http://www.thejc.com/articles/gaza-soldiers-speak-out,تمت الزيارة في 24 يونيو/حزيران 2009.

[48] Amos Harel, “Shooting and crying,”Haaretz, April 28, 2009,http://haaretz.com/hasen/spages/1072475.htmlتمت الزيارة في 26 يونيو/حزيران 2009.

[49] Israel Ministry of Foreign Affairs (MFA), TheOperation in Gaza, December 27, 2008 – January 18, 2009: Factual and Legal Aspects, July 29, 2009, paragraph 438

[50] Israel MFA, TheOperation in Gaza, July 2009, paragraph 184

[51] Breaking the Silence, “Testimony 23: Rules of Engagement and Home Searches,” Operation Cast Lead, July 15, 2009, p. 52

[52] Breaking the Silence, “Testimony 20: Rules of Engagement,” Operation Cast Lead, July 15, 2009, p. 46.

[53] انظر على سبيل المثال، تسجيل فيديو للجيش الإسرائيلي بعنوان: “Weapons in Gaza mosque struck by Israel air force, January 1, 2009,”على موقع يوتيوب أنزله المستخدم idfnadesk، على: http://www.youtube.com/watch?v=jwP_LusgPAwتمت الزيارة في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2009.

[54] لا تعرف هيومن رايتس ووتش بأية حالات دمرت فيها جماعات فلسطينية مسلحة أو دمرت منازل أو أعيان مدنية أخرى في غزة، من صنوف العمليات غير القانونية التي يوثقها هذا التقرير.  سواء في هجمات متعمدة أو عن إهمال تعوز الضرورة العسكرية، أو غير متناسبة أو عشوائية.

[55] Israel MFA, The Operation In Gaza, July 2009, Paragraphs 438, 439

[56]  أنظر موقع المنظمة  http://www.mezan.org/en/details.php?id=9023&ddname=&id2=9&id_dept=31&p=center

[57]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع  مسلم الحداد  في عزبة عبد ربه بتاريخ 14 إبريل/نيسان 2009.

[58]  للإطلاع على  التفاصيل بشأن حالة كل من مجدي عبد ربه، وعارف سلمان العر, وأكرم عايش عبد ربه أنظر ما  يرد لاحقاً من مناقشة.

وتنص المادة 40 من إتفاقية جنيف الرابعة  (لا يجوز إرغام  الأشخاص  المحميين، إذا كانوا من جنسية الخصم, إلا على الأعمال اللازمة عادة  لتأمين تغذية البشر، وإيوائهم وملبسهم ونقلهم وصحتهم دون أن تكون لها علاقة مباشرة بسير العمليات الحربية).

[59]  ملخص الأمين العام لتقرير اللجنة التابعة لمقر الأمم المتحدة الرئيسي للتحقيق  في أحداث  محددة وقعت في قطاع غزة فيما بين 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 و18 يناير/كانون الثاني 2009, الصادر بتاريخ 5 مايو/أيار 2009"الحادث (e): إطلاق لنيران الأسلحة الصغيرة أصاب قافلة تابعة لوكالة UNRWA في منطقة عزبة عبد ربه يوم 8 يناير/كانون الثاني 2009 وما ارتبط بذلك من أضرار ألمت بمركبة تابعة للأمم المتحدة,"  . وعلى الرغم من أن الأمين العام لم يقم بنشرتقرير اللجنة, إلا أنه قدم ملخصاً له إلي مجلس الأمن.

[60]  المصدر السابق. وقد وجدت اللجنة  أنه نتيجة لإخفاق الاتصالات داخل جيش الدفاع الإسرائيلي  فقد أطلقت قواته دفعات من نيران الأسلحة الصغيرة صوب سيارة قيادة القافلة "على سبيل التحذير."

[61]   فيما بين يومي 10 و16 يناير/كانون الثاني تم تدمير أو إلحاق الضرر البالغ بخمسين مبنى، أضيف إليها 90 مبنى آخر فيما بين يومى 16 و19 يناير/كانون الثاني أي خلال فترة انسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي من غزة. فيما تسنى ليونوسات تمييز نمط مشابه فيما يتعلق  بأعداد  الحفر الناجمة عن القنابل التي كان واضحاً أن مصدرها قذائف المدفعية والقصف الجوي. وقد بدت مرئية في حقول  وطرق العزبة وذلك على مدار عملية  جيش الدفاع الإسرائيلي إذ بدت 11 حفرة فيما بين يومي 27 ديسمبر/كانون الأول  2008 و6 يناير/كانون الثاني  2009 فيما ظهرت 20 حفرة إضافية فيما بين 6 إلى 10 يناير/كانون الثاني ، ولم  تبد أية حفر جديدة بين يومي 10 و16 يناير  وظهرت ثلاث جدد فيما بين يومي 16 و19 يناير/كانون الثاني. أنظر : UN Institute for Training and Research, Operational Satellite Applications Program (UNOSAT), “Satellite image analysis in support to the United Nations Fact Finding Mission on the Gaza Conflict,” April 27, 2009, p. 14 (توجد نسخة لدى هيومن رايتس ووتش

[62]   من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع هاشم دحلان, في عزبة عبد ربه بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2009.

[63]   من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع مع محمود رجب عبد ربه، في عزبة عبد ربه بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2009. 

[64]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع مكتب المحامي العام العسكري في تل أبيب بتاريخ 4 فبراير/شباط 2010.

[65]  من تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن نزاع غزة، الصادر بتاريخ 15 سبتمبر/أيلول 2009، فقرة 776 ص.221 مستشهداً بقول المقدم إحتياط جوناثان داهوه هاليفي من مركز القدس للعلاقات العامة  Jerusalem Center for Public Affairs (JCPA)  "البعد المخفي للخسائر البشرية الفلسطينية في عملية الرصاص المصبوب هو نيران حماس المنطلقة من المناطق الفلسطينية" (بدون تاريخ). وعلى الرغم من المحادثات الهاتفية العديدة مع المقدم هاليفي وغيره من موظفي JCPA  فإنه لم يتسن لـ هيومن رايتس ووتش الحصول على نسخة من التقرير.  

[66]  أنظر  حاشية 509, ص. 273 من تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق:    Report of the UN Fact Finding Mission on the Gaza Conflict.

[67]  أشارت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق إلى أن مقال هاليفي قدم معلومات مفيدة، إلا أن "الواقعة الوحيدة  التي ذكرها تقرير البعثة الفرعية التي حققت فيها بنفسها  ، تصور كيف أن بعض المصادر التي يستند إليها (المقال) لا يعول عليها. ففي ذلك الحادث زعم المصدر أن ثلاثة مقاتلين فلسطينيين قد نصبوا كميناً في أحد منازل عزبة عبد ربه وقاموا برشق القوات المسلحة الإسرائيلية بالعبوات الناسفة، وتمكنوا من سحب جندي إسرائيلي جريح إلى داخل المنزل. إلا أنه بإمكان البعثة بناء على ما قامت بجمعه بنفسها من وقائع أن تستبعد نجاح المقاتلين الفاسطينيين في أسر جندي إسرائيلي في هذا الحادث.  ويوحي هذا المثال بأن بعض مواقع الجماعات الفلسطينية المسلحة على الإنترنت قد تضخم المدي الذي بلغه الفلسطنيين في مهاجمتهم للفوات الإسرئيلية بنجاح في المناطق الحضرية." أنظر تقرير البعثة فقرة 456 ص.139.

[68]  القائمة التالية تتضمن أسماء وأعمار وتواريخ  الوفاة  للمسلحين الذين أوردهم المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان باعتبارهم من قتلوا في عزبة عبد ربه وتليها في حالة اختلاف البيانات  تلك الواردة من بتسيلم . ولا تورد بتسيلم معلومات دقيقة بشأن المكان إلا أنها تذكر أن ثلاثة من الضحايا على قائمة المركز الفلسطيني قد قتلوا في  مخيم جباليا لللاجئين، وهي منطقة غير ذات صلة بعزبة عبد ربه، كما تذكر أن شخصاً آخر كان قد قتل في تاريخ سابق :

محمد ناهد علي عبد ربه، 22، 3 يناير/كانون الثاني؛ حسن هشام السقا, 21، 14 يناير/كانون الثاني [بتسيلم: قتل في مخيم جباليا لللاجئين]؛ عبدالله مالك الدين الحاج علي، 22، 17 يناير/كانون الثاني [بتسيلم: قتل يوم 12 يناير/كانون الثاني]؛ فايز أحمد محمد أبو وردة، 30، 18 يناير/كانون الثاني [بتسيلم: جرح يوم 12 يناير/كانون الثاني في مخيم جباليا لللاجئين، وتوفي يوم 18 يناير/كانون الثاني]؛ إياد خميس عابد البنا، 21، 18 يناير/كانون الثاني [بتسيلم: جرح يوم 12 يناير/كانون الثاني في مخيم جباليا لللاجئين، وتوفي يوم 18 يناير/كانون الثاني]؛ إبراهيم أحمد عبد الله علوان، 32، 18 يناير/كانون الثاني؛ إبراهيم صابر ربيع جنيد، 21، 18 يناير/كانون الثاني.

[69]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع هاشم دحلان ، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2009.

[70]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع صالح علي صالح صوالحة ، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2009. 

[71]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع هاشم دحلان ، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2009.

[72]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع غزالة سلامة أبو فريح ، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2009.

[73]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع هاشم دحلان ، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2009.

[74]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع محمود رجب عبد ربه ، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2009.

[75]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع مجدي عبد ربه ، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 25 يناير/كانون الثاني 2009. وانظر تقرير هيومن رايتس ووتش بتاريخ 13 أغسطس/آب 2009  ‘White Flag Deaths: Killings of Palestinian civilians during Operation CastLead,     http://www.hrw.org/en/node/85004/section/5 ;   وانظر أيضاً تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن نزاع غزة ص ص 281 – 287    Report of the UN Fact Finding Mission on the Gaza Conflict, “The Case of Majdi Abd Rabbo,”

[76] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع جمعة مبارك سلام، عزبة عبد ربه، أبريل/نيسان 2009.

[77]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع كل من كاسترو عبد ربه ، ومجدي عبد ربه، وأكرم عايش عبد ربه، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 25 يناير/كانون الثاني 2009.

[78]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع مجدي عبد ربه ، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 25 يناير/كانون الثاني 2009.

[79]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع عارف سلمان العر ، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 14 إبريل/نيسان 2009.

[80]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع صابر أبو فريح، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2009.

[81]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع أكرم عايش عبد ربه ، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 25 يناير/كانون الثاني 2009.

[82]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع سعاد محمد عبد ربه، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 14 إبريل/نيسان 2009. وكانت هيومن رايتس ووتش قد قابلت سعاد محمد عبد ربه من قبل وذلك يوم 2 فبراير/شباط 2009 أنظر تقرير هيومن رايتس ووتش في 13 أغسطس/آب 2009 ص. 13 :                                   "" White Flag Deaths: Killings of Palestinian Civilians During Operation Cast Lead

[83]  طبقاً لتقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن نزاع غزة، فإن نجل سعاد  ويدعى خالد عبد ربه قد "لفت نظر البعثة إلى ما بدا وكأنه لغم مضاد للدبابات  أمكن رؤيته أسفل أنقاض منزل جيرانه، وهو ما كان قد تم الإبلاغ عن استخدام القوات المسلحة الإسرائيلية له  بغرض إجراء التفجير الموجه الذي أدى لهدم المنزل [...] إن الشكل الذي إنطبقت به المنازل يلمح بقوة إلى أن كلا من منزل خالد عبد ربه ومنزل جاره قد تم هدمهما عمداً بمعرفة خبراء في المفرقعات، وليس لكونهما قد أضيرا أثناء القتال." أنظر تقرير البعثة فقرة 993 ص. 271.

[84]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع أسمهان أبو راشد وناريمان أبو راشد، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 14 إبريل/نيسان 2009.

[85]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع عايد ضاهر، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2009.

[86]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع سامح الشيخ، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2009.

[87]  بناء على مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع أحد خبراء الذخائر غير المنفجرة (تم حجب الإسم والمؤسسة التابع لها)، في مدينة غزة، بتاريخ17 إبريل/نيسان 2009 فقد قام رافعوا الألغام التابعين لحماس في أعقاب الحرب بإزالة العبوات غير المنفجرة  وفي بعض الحالات الشظايا وبقايا ذخائر المدفعية والألغام المضادة للدبابات  المنفجرة وذلك في مواقع على امتداد قطاع غزة. وقد خمن خبراء الذخائر غير المنفجرة في غزة وكذا التقارير الصحفية أن  حماس كانت تقوم بجمع المواد المتفجرة لأغراضها الحربية الخاصة إضافة لخفض التهديد الناجم عن امكانية تعرض المدنيين للأذى بفعل الذخائر غير المنفجرة.

[88]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع محمد رجب عبد ربه، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2009.

[89]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع مسلم الحداد، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 14 إبريل/نيسان 2009.

[90]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع ماجد العتامنة، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 14 إبريل/نيسان 2009.

[91]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع هاشم دحلان، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2009.

[92]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع غزالة سلامة أبو فريح، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2009.

[93]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع هاشم دحلان، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 15 إبريل/نيسان 2009.

[94]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع سعاد عبد ربه، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 14 إبريل/نيسان 2009.

[95]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع ماجد العتامنة، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 14 إبريل/نيسان 2009.

[96]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع غريب محمد نبهار، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 14 إبريل/نيسان 2009.

[97]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع طبيب (تم حجب الإسم)، في الشجاعية، بتاريخ 11 إبريل/نيسان 2009. وكان منزل الطبيب قد أصيب بأضرار في وقت سابق على الحرب وذلك يوم 4 مارس/أذار بفعل صاروخ محلي الصنع أطلقه المسلحون و أخفق في إصابة هدفه المنشود داخل إسرائيل. أنظر ص. 19 من تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في أغسطس/آب: "Rockets from Gaza: Harm to Civilians from Palestinian Armed Groups’ Rocket Attacks".

[98]  امتلكت العائلة ذلك المصنع تكراراً على مدى 55 عاماً، وتستخدم فيه ما قد يصل إلى 170 شخصاً. أنظر مجلة تايم بتاريخ 28 يناير/كانون الثاني 2009Tim McGirk, “The Devastation of Gaza: From Factories to Ice Cream,”http://www.time.com/time/world/article/0,8599,1874539,00.html(تمت الزيارة في 4 سبتمبر/أيلول 2009) أنظر كذلك تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق فقرة 1015 ص.278 Report of the UN Fact Finding Mission on the Gaza Conflict, September 15, 2009,

[99]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع نعمان الخضري، بتاريخ 11 إبريل/نيسان 2009.

[100]  من محادثة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع الودية، في مدينة غزة، بتاريخ 11 إبريل/نيسان 2009. ولم يتسن للودية أن يقدم في الحال أرقام بحجم الخسائر التي تكبدها لكل مصنع على حدة، كما وأن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من التحقق بشكل مستقل من قيمة الأضرار.

[101]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع حسام حسنين، في التفاح، بتاريخ 11 إبريل/نيسان 2009.

[102]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع عماد حوسو، في التفاح، بتاريخ 12 إبريل/نيسان 2009.

[103]  طبقاً لما ذكره جندي إسرائيلي حجبت هويته، فإن سريته فوجئت بتلقي الأوامر بالانسحاب من غزة في منتصف ليل 17 يناير/كانون الثاني، وقد شرعوا في الرحيل في الثانية من صباح 18 يناير/كانون الثاني. أنظر:"Breaking the Silence, Operation Cast Lead," Testimony #52, p. 106.وانظر أيضاً تقرير الخارجية الإسرائيلية، فقرة 86     ""Israel Ministry of Foreign Affairs, The Operation in Gaza

 [104] تضمنت الأسلحة الأخرى قنابل تفجير الوقود إسرائيلية الصنع، وتطلق من الأرض في مسارات منخفضة وتستخدم في تطهير الطرق من الألغام الأرضية المحتمل وجودها.

[105]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع إبراهيم السويتي، في التفاح، بتاريخ 12 إبريل/نيسان 2009.

[106]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع سعيد الغولة، في التفاح، بتاريخ 12 إبريل/نيسان 2009.

[107]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع بسام الغولة، في التفاح، بتاريخ 12 إبريل/نيسان 2009.

[108]  أنظر تقرير شركة فلسطين للصناعات الغذائية (بدون تاريخ) Palestine Food Industries Co., Damage Assessment Report on Palestine Food Industries Resulted from the Israeli War on Gaza, December 27, 2008 to January 18, 2009

والتقرير متاح على العنوان http://www.pfico.ps/damages.html  (تمت الزيارة في 30 يوليو/تموز 2009).

[109]  أنظر تقرير:  PalTrade, Gaza Private Sector: Post-War Status and Needs, February 23, 2009, Section 3.2, p. 5.

[110]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع عبد ربه أبو عيدة، في منطقة عزبة عبد ربه، بتاريخ 12 إبريل/نيسان 2009.

[111]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع يوسف أبو عيدة، في منطقة عزبة عبد ربه، بتاريخ 12 إبريل/نيسان 2009.

[112]  طبقاً لمكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة OCHA، فإن عائلة أبو عيدة الممتدة تضم 83 شخص ممن كانوا يقيمون قبيل 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 فيما جملته 11 منزل بالمنطقة الصناعية شرقي مدينة غزة. وقد دمرت 10 من تلك المنازل خلال الهجوم . وقد أورد تقرير للأمم المتحدة أن العائلة كانت تمتلك إضافة لمصنعي الخرسانة مصنعاً لتعبئة الفاكهة الحمضية، و28 مركبة تجارية وخاصة، ومزرعتين، وعدد وافر من أشجار الفاكهة ورؤوس الثروة الحيوانية. وطبقاً لما ذكرته الأمم المتحدة فإن "كافة رؤوس الثروة الحيوانية تم قتلها، كما اقتلع أشجار الحمضيات والزيتون ونخيل التمر، وكذلك وقعت أضرار شديدة بمصنع تعبئة الحمضيات." أنظر ص. 8 من تقرير المكتب بتاريخ 20أغسطس/آب 2009: OCHA, Locked In: The Humanitarian Impact of Two Years of Blockade on the Gaza Strip.

 [113] من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع عبد ربه أبو عيدة، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 12 إبريل/نيسان 2009.

[114]  لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الاطلاع على ما يؤكد صحة هذا التقدير بصفة مستقلة.

[115]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع جمال أبو عيدة، في عزبة عبد ربه، بتاريخ 12 إبريل/نيسان 2009،أوضح خلالها أنه كان لإسرائيل وقت بناء المصنع سلطة منح شهادة تفيد بأن المصنع يوافق المعايير التي وضعتها المنظمة الدولية للمعايير ISO.

[116]  أنظر Donald MacIntyre, “Israeli strikes leave Blair project with major repairs,” The Independent, January 28,

2009, http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/israeli-strikes-leave-blair-project-with-163140m-repairs-1517855.html(تمت الزيارة في 15 أغسطس/آب 2009). 

[117]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع راشد الدلون، في التفاح، بتاريخ 12 إبريل/نيسان 2009. وعندما قامت هيومن رايتس ووتش بزيارتها في إبريل/نيسان كانت إحدى الصومعتين قد أعيد نصبها.

[118]  طبقاً لتقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن نزاع غزة فإن: "القوات المسلحة الإسرائيلية شرعت في قصف المصنع من الجو، مما أضر به ضرراً ملحوظاً، ثم تقدمت القوات البرية لاحقاً مدعومة بالجرافات والدبابات، واستخدمت الألغام والمتفجرات لتدمير الصومعة التي كانت تختزن اعتيادياً 4000 طن من الأسمنت، فيما أطلقت المروحيات صواريخها لتدمير خط الإنتاج الرئيسي كما أحدثت فتحات في حاويات الأسمنت. أما الجرافات فقد استخدمت في تدمير جدران المصنع. وعلى مدى يزيد على الأربعة أيام  كان يتم تدمير المصنع على نحو نظامي." أنظر التقرير فقرة 1008 ص. 277.                     "Report of the UN Fact Finding Mission on the Gaza Conflict"

[119]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع إبراهيم أبو حنا، في جباليا الشرقية، بتاريخ 12 إبريل/نيسان 2009. 

[120]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع معين حسنين، في جباليا الشرقية، بتاريخ 12 إبريل/نيسان 2009.

[121]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع سالم دحروج أبو محمد، في جباليا الشرقية، بتاريخ 12 إبريل/نيسان 2009.

[122]  حدود منطقة الزيتون ليست معينة بدقة، غير أن إحداثياتها التقريبية (مع التحوط) هي كالتالي:

الركن الشمالي الغربي: "40.38 ' 29 °31 شمال \ "58.42 ' 25 ° 34 شرق

الركن الشمالي الشرقي: "18.18 ' 29 °31 شمال \ "51.74 ' 27 ° 34 شرق

الركن الجنوبي الغربي: "10.11 ' 29 °31 شمال \ "6.99 ' 25 ° 34 شرق

الركن الجنوبي الشرقي: "1.31 ' 28 °31 شمال \ "6.49 ' 26 ° 34 شرق

[123]  أنظر: وكالة أسوشيتدبرس بتاريخ 4 يناير/كانون الثاني “Israeli forces bisect Gaza and surround biggest city,”    http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/israeli-forces-bisect-gaza-and-surround-biggest-city-1224897.html  (تمت الزيارة في 15 يونيو/حزيران 2009). 

[124] أنظر: UNOSAT, “Satellite image analysis in support to the United Nations Fact Finding Mission on the Gaza

Conflict,” April 27, 2009, p. 17(نسخة ضمن ملف لدى هيومن رايتس ووتش).

[125]  القائمة التالية تستعرض أسماء وأعمار وتواريخ مقتل من يزعم كونهم من المسلحين داخل منطقة الزيتون، وذلك طبقاً للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وتتبعها البيانات الصادرة عن بتسيلم  في حالة تعارض البيانات. ولا تحدد قائمة بتسيلم أية خسائر بشرية وقعت في الزيتون بل تدرج كافة تلك الخسائر باعتبارأنها قد وقعت في مدينة غزة. وقد أدرجت قائمة المركز أحد الضحايا كان طبقاً لبتسيلم من المدنيين.

هشام محمد شحادة صيام، 27 [بتسيلم: 26]، 27 ديسمبر/كانون الأول 2008؛ بهاء ناهض فوزي سكيك، 28، 27 ديسمبر/كانون الأول، صلاح نعيم أحمد شلدان، 22، 3يناير/كانون الثاني 2009[بتسيلم: مدني/الحالة القتالية:'غير معروفة']؛ حمزة عوني محمد الشغنوبي، 22 [بتسيلم: 21]، 3 يناير/كانون الثاني [بتسيلم: 4 يناير/كانون الثاني]؛ مصطفى زهدي مصطفى إرحيم، 22، 4 يناير/كانون الثاني؛ محمد فؤاد محمود الحلو،26، 4 يناير/كانون الثاني؛ محمد بسام محمد عنان، 25، 4 يناير/كانون الثاني؛ حسن عصام حسن الجمسي، 20، 4 يناير/كانون الثاني؛ محمد محمد نبيه الغزالي، 27 [بتسيلم: 20]، 5 يناير/كانون الثاني؛ رشاد حلمي محمد السموني، 36 [41]، 5 يناير/كانون الثاني [مدني]؛ معينى أكرم أحمد سلمي، 34، 7 يناير/كانون الثاني؛ أحمد فوزي حسن لباد، 17، 7 يناير/كانون الثاني؛ عزمي محمد إبراهيم دياب، 22 [25]، 7 يناير/كانون الثاني؛ أحمد صلاح علي حواس، 19، 7 يناير/كانون الثاني؛ أسعد محمد أسعد الجملة، 24 [31]، 8 يناير/كانون الثاني؛ أحمد طلال دادر، 20، 8 يناير/كانون الثاني؛ أشرف حسن سلمان كالي، 18، 8 يناير/كانون الثاني؛ بهاء الدين زكي عنتر إسليم، 24 [23]، 9 يناير/كانون الثاني؛ إبراهيم مصطفى سعيد،17, 9 يناير/كانون الثاني [3 يناير/كانون الثاني]؛ حسن نعيم حسن أبو حصيرة، 37 [36]، 11 يناير/كانون الثاني؛ أسامة أيوب يوسف الصيفي، 24 [19]، 12 يناير/كانون الثاني؛ أيمن فرج حبيب شلدان، 35، 12 يناير/كانون الثاني؛ شعبان عبد المولى شعبان الغرة، 29، 12 يناير/كانون الثاني؛ محمد حبيب دياب أبو لباد، 20، 12 يناير/كانون الثاني؛ إحسان فوزي نظمي النديم،33، 12 يناير/كانون الثاني؛ علاء الدين منذر عبد الرؤوف الشافعي، 27، 12 يناير/كانون الثاني؛ راجي رشدي محمد دلول، 21 [19]، 12 يناير/كانون الثاني؛ محمد أحمد فارس جحا، 16، 12 يناير/كانون الثاني؛ تامر عمر إسماعيل اللوح، 17، 12 يناير/كانون الثاني [توفي متأثراً بجراحه في 20 يناير/كانون الثاني]؛ إبراهيم رفيق صابر أبو الخير، 27، 13 يناير/كانون الثاني [جرح في 12 وتوفي في 13 يناير/كانون الثاني]؛ حاتم موسى ديب أبو دف، 24، 13 يناير/كانون الثاني [12 يناير/كانون الثاني]؛ محمد ماهر محمد حرز الله، 23، 13 يناير/كانون الثاني [12 يناير/كانون الثاني]؛ رياض محمد علي محمود الراعي، 27 [26]، 14 يناير/كانون الثاني؛ مازن سعد سالم الضاش، 31 [38]، 14 يناير/كانون الثاني؛ ممد بكر محمد الزعبوط، 20 [19]، 14 يناير/كانون الثاني.

[126]  يرد في تقارير كل من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان و منظمة بتسيلم أن 13 من المقاتلين الفلسطينيين قد لقوا مصرعهم في منطقة الزيتون حتى يوم 7 يناير/كانون الثاني أو خلاله، فيما لقي 21 مقاتل آخرون مصرعهم بين يومي 8 و14 يناير/كانون الثاني.

[127]  من محادثة هاتفية لـ هيومن رايتس ووتش مع باحثي المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بمدينة غزة، بتاريخ 14 أكتوبر/تشرين أول 2009.

[128]  رأت هيومن رايتس ووتش خلال شهر إبريل/نيسان أشخاص يرتدون زياً أسود اللون، بدا أنهم أعضاء في كتائب القسام التابعة لحماس، حيث كانوا يتمرنون باستخدام البنادق،  وذلك غرب منطقة الزيتون، في منطقة زراعية مكشوفةعلى الطريق المؤدي إلى تل الهوا.

[129]  أنظر على سبيل المثال إقتباساً عن صلاح السموني في صحيفة الغارديان بتاريخ 20 يناير/كانون الثاني 2009: “Amid dust and death, a family’s story speaks for the terror of war,” The Guardianوأنظر كذلك شهادة فهد السموني، 19 سنة، هاتفياً لمنظمة بتسيلم بتاريخ 13 يناير/كانون الثاني 2009 في: B’Tselem, “Israeli soldiers kill ‘Atiyyah al-Samuni at home, before his family, Gaza City, Jan. '09,”http://www.btselem.org/english/Testimonies/20090104_Soldiers_kill_Atiyyah_a_Samuni_witness_Fahed_a_Sa  muni.asp  (تمت الزيارة في 30يونيو/حزيران 2009).                                                                                                    

[130] أنظر "طريق السموني الغربي" فيما يليه.

[131] أنظر تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن نزاع غزة بتاريخ 15 سبتمبر/أيلول. فقرة 722 ص. 205. "Report of the UN Fact Finding Mission on the Gaza Conflict"

[132]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع حلمي السموني، في الزيتون، بتاريخ 18 إبريل/نيسان 2009. 

[133]  جاء في تقرير للغارديان "إن كافة الشهود مصممون على أن أولئك الذين تجمعوا بمنزل وائل السموني كانوا جميعاً مدنيين ومن أبناء العائلة الممتدة ذاتها." أنظر صحيفة الغارديان بتاريخ 20 يناير/كانون الثاني 2009: Rory McCarthy, “Amid dust and death, a family’s story speaks for the terror of war.”  

[134]  على سبيل المثال فقد ذكر أن الجنود الإسرائيليين حضروا إلى مسكن موسى السموني، 19 سنة، في السابع والنصف من صباح يوم 4 يناير/كانون الثاني تحت غطاء من إطلاق نار كثيف. أنظر صحيفة ذي إندبندنت بتاريخ 20 يناير/كانون الثاني 2009: Don Macintyre, “Gazans return to mourn their dead and salvage their lives.”http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/gazans-return-to-mourn-their-dead-and-salvage-their-lives-1451409.html(تمت الزيارة في 12 يونيو/حزيران 2009). وبالمثل فإن مايسة السموني، 19 سنة، أخبرت بتسيلم أن جنوداً إسرائيليين "مطلية وجوههم بطلاء أسود ويحملون أسلحة آلية" قد أمروها إضافة إلى 13 فرد من عائلتها في الساعة التاسعة صباحاً بمغادرة منزل حميها راشد السموني ،إلى منزل شقيق حميها ويدعى طلال حلمي السموني، 50 سنة. وفي الحادية عشرة صباحاً "عاد الجنود وأمرونا بأن نذهب معهم" مرة أخرى إلى مستودع وائل السموني، 40 سنة. أنظر تقرير بتسيلم (نقلته مايسة السموني هاتفياً لإياد حداد بتاريخ 7 يناير/كانون الثاني 2009): B’Tselem, “Testimony: Soldiers Killed and injured dozens of persons from a-Samuni family in a-Zeitun neighborhood, Gaza, Jan. '09,”  http://www.btselem.org/english/Testimonies/20090108_Soldiers_kill_and_wound_members_of_a_Samuni_family.asp (تمت الزيارة في 25 يونيو/حزيران 2009)                                                                                                      

[135]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع محمد السموني، في الزيتون، بتاريخ 18 إبريل/نيسان 2009.

[136] أنظر على سبيل المثال صحيفة ذي إندبندنت بتاريخ 10 يناير/كانون الثاني 2009: Donald Macintyre, Said Ghazali, and Fares Akram, “Massacre of a family seeking sanctuary.”http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/massacre-of-a-family-seeking-sanctuary-1297577.html  (تمت الزيارة في 1 يوليو/تموز 2009) أنظر كذلك     Report of the UN Fact Finding Mission on the Gaza Conflict, September 15, 2009, para. 712 p. 202.

[137]  أنظر صحيفة هاآرتس بتاريخ 11 مارس/أذار 2009: Amira Hass, “Gaza family that lost 29 members drops lawsuit against Israel,” http://www.haaretz.com/hasen/spages/1070054.html (تمت الزيارة في 1 يوليو/تموز 2009).                                   

[138]  أنظر تقرير بتسيلم بتاريخ 7 يناير/كانون الثاني 2009    B’Tselem, “Testimony of Maysaa as-Samuni,”

[139]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع نافذ السموني، في الزيتون، بتاريخ 18 إبريل/نيسان 2009.

[140]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع صالح السموني، في الزيتون، بتاريخ 18 إبريل/نيسان 2009.

[141]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع حلمي السموني، في الزيتون، بتاريخ 18 إبريل/نيسان 2009.

[142] قامت أربع سيارات إسعاف تابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني مصحوبة بمركبة تابعة لللجنة الدولية للصليب الأحمر بإخلاء المدنيين، الكثيرون منهم من الأطفال. كما عثرت الأطقم الطبية على 15 جثة تمكنت من إخلاء إثنتين منهم فقط. أنظر تقرير اللجنة: ICRC, “Gaza: ICRC demands urgent access to wounded as Israeli army fails to assist wounded Palestinians,” January 8, 2009, http://www.icrc.org/web/eng/siteeng0.nsf/html/palestine-news-080109.(تمت الزيارة في 10 يونيو/حزيران 2009).

[143]  طبقاً لرواية جندي احتياط تحت أمرة لواء المدرعات الذي حل محل لواء جيفاتي للمشاة في منطقة الزيتون، كان الإجراء المتبع من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي خلال الحرب "السيطرة على المنطقة وإحكام قبضتنا عليها" قبل المضي قدماً. أنظر: Breaking the Silence, Operation Cast Lead, July15, 2009,p. 7. 

[144]  قام الناجون في ذلك اليوم وفي يوم 19 يناير/كانون الثاني باستخراج 22 جثة متحللة من تحت الأنقاض. أنظر تقرير منظمة العفو: .  Amnesty International, “Operation ‘Cast Lead’: 22 days of death and destruction,” July 2009, p. 45.

[145] السكان من الشرق إلي الغرب وبطول الجانب الشمالي لشارع السموني أخبروا هيومن رايتس ووتش أن المنازل المتضررة أو المدمرة كانت تعود لأعضاء العائلة التاليين: 1) رشاد السموني، 42 سنة، الذي قتل وزوجته رباب  وولديهما توفيق ووليد، عندما دمر منزلهم جزئياً، وهدمت مزرعة الدواجن الخاصة بهم. 2) عطية السموني ، في أواخر الثلاثينات من عمره، والذي قتل وولده أحمد ذو الأربعة أعوام، عندما دمر المنزل ذو الطابق الواحد الذي كانوا يسكنونه بلإضافة لزوجة عطية وتدعى زينات وأبنائهم السبعة الآخرين. والمبنى الثالث 3) كان مبنى سكنياً من ثلاثة طوابق، ضربت الطابق الثالث منه قذيفة فوسفور أبيض، واضيرت الطابقين الآخرين بشدة بفعل نيران الدبابات : أ) في الطابق الأول كان يقيم طلال السموني، 51 سنة، الذي قتل، وولده الأعزب وابنتين، إضافة لولده المتزوج وزوجة ولده؛ ب) في الطابق الثاني المطل على الشارع كان يقيم إياد طلال السموني، 28 سنة، وزوجته صفاء التي قتلت، وأطفالهم الثلاثة؛ ج) في الشقة المقابلة للشمال كان يقيم صلاح السموني، 30 سنة، وزوجته وأطفاله الستة الذين قتلت من بينهم طفلة اسمها عزة؛ د) في الطابق الثالث في مقابل الشرق، حلمي السموني وزوجته مها ورضيعها ذو الأشهر الستة وقد قتلا كلاهما؛ هـ) في مقابل الغرب شقيقه أحمد، 25 سنة، وزوجته. 4) خلف هذا المبنى باتجاه الشمال، مبنى مدمر من طابقين كان مسكناً لإبراهيم السموني، 45 سنة، وزوجته وأطفاله الثمانية وكانوا يقيمون بالطابق الأول، بينما كان يقيم بالطابق الثاني ولده محمد الذي قتل وواحد من أطفاله الثلاثة وزوجة محمد. 5) المنزل التالي، ويطل على الشارع، وكان مدمراً، كان يعود لنافذ السموني، 45 سنة، وزوجته وأطفاله الثمانية، أحدهم ويدعى أحمد كان قد جرح وهو الآن ببلجيكا. 6) مسكن صالح السموني، وقد دمر، وكان يقيم فيه مع زوجته غالية حمدي، 44 سنة، وأبناءه وبناته الخمسة. 7) إلى الخلف منه وباتجاه الشمال، دمرت القوات الإسرائيلية المسكن الذي كان يشغله نائل السموني، وزوجته حنان، 32 سنة (قتلت)، كما كانت هناك بناته الثلاث هدى، 17 سنة (قتلت)، وهيتام وشيرين إضافة لأولادهما محمود ومحمد وأحمد. و المسكنان الأخيران في الشارع يعودان لكل من 8) زياد السموني، 32 سنة، وزوجته وأطفاله الستة. و 9) جهاد السموني، 36 سنة، وزوجته وأطفاله الستة. وكلا المسكنين قد دمرا. وإلى الوراء منهما باتجاه الشمال تقع مساكن حامد علي السموني، 47 سنة, وطارق السموني، وأبو طارق السموني، وكلها مازالت قائمة ، غير أنه على مسافة أبعد خلفهم تم تدمير مسكنين يعودان لكل من 10) عماد عزت السموني، 37 سنة، وزوجته، وأطفاله العشرة. ثم 11) شقيقه إياد، 32 سنة (قتل)، وزوجته وأطفالة الستة. وفي الإتجاه من الغرب إلى الشرق وبطول الجانب الجنوبي للشارع، تم تدمير مسجد يقع مقابلاً لمسكن عطية السموني. يليه 12) مسكن مدمر يعود لفارس السموني، وزوجته رزقة (قتلت)، وابنتهما وولدهما غير المتزوجين، إضافة لولدهما المتزوج وزوجته وطفلهما. 13) خلف مسكن فارس وباتجاه الجنوب دمرت مزرعة تربية الدواجن وتعود لماهر وماجد السموني. 14)  يلي مسكن فارس مسكن وائل السموني، الذي يقيم فيه مع زوجته ابتسام وأولاده الأربعة وبناته السبع، وقد قتل اثنان من أطفالهما. 15) التالي مسكن مدمر كان مرتداً إلى الوراء من مستوى الشارع، ويعود لرفيق السموني وزوجته سماكر وولديهما وبناتهما الثلاث. 16) على بعد أكبر باتجاه الجنوب وإلى الشرق كان منزل من المعدن المموج تم تجريفه ويعود لعرفات السموني، وزوجتيه وولده وأمه. 17) أخيراً، وبالقرب من طريق صلاح الدين، تم تدمير مسكن نضال السموني حيث كان يقيم مع زوجته، وولديه وابنته، وقد قتل نضال.

[146]  أنظر Don Macintyre, “Gazans return to mourn their dead and salvage their lives,” The Independent, January  20, 2009.

[147]  المصدر السابق.

[148]  كان منزل سلمي يقع على الإحداثيات "40.58 ' 28 °31 شمال \ "2.56 ' 26 ° 34 شرق. وهناك شخص آخر يدعى أيضاً عبد الله محمد سلمي كان يقيم في مسكن على الجانب الشمالي من طريق 10، وقد تحققت هيومن رايتس ووتش عياناً من أقوال الشاهد بأن مسكنه قد هدم، غير أنها لم تقابل عبد الله سلمي الآخر.

[149]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع عبد الله سلمي، في الزيتون، بتاريخ 17 إبريل/نيسان 2009.

[150]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع فريح سلمي، في الزيتون، بتاريخ 18 إبريل/نيسان 2009.

[151]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع عبد الله سلمي، في الزيتون، بتاريخ 17 إبريل/نيسان 2009.

[152]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع عبد الكريم رزاق عياد، في الزيتون، بتاريخ 17 إبريل/نيسان 2009.

[153]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع مباكر أمين محمود عياد، في الزيتون، بتاريخ 17 إبريل/نيسان 2009.

[154]  لاحظت هيومن رايتس ووتش الصاروخ وكانت عليه علامات، باللغة الإنجليزية كما يلي: “Guided Missile, Surface Attack AGM-114 mfg: 0XYD8 SERNO 3050 18876 ASSY 13007345.”

[155]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع مدحت خليل عياد، في الزيتون، بتاريخ 17 إبريل/نيسان 2009. 

[156]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع جواد عياد، في الزيتون، بتاريخ 17 إبريل/نيسان 2009.

[157]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع مدحت أبو غرانيمة، في الزيتون، بتاريخ 17 إبريل/نيسان 2009.

[158]  كانت عائلة أبو غرانيمة تقيم في مجمع سكني يقع عند الإحداثيات "43.81 ' 28 °31 شمال \ "57.22 ' 25 ° 34 شرق. وقد لاحظت هيومن رايتس ووتش أن لأملاك العائلة خطاً للرؤية تجاه مسكن أبو جمعة عياد.

[159]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع جواد عياد، في الزيتون، بتاريخ 17 إبريل/نيسان 2009.

[160]  دمرت القوات الإسرائيلية، من الغرب إلى الشرق على امتداد الجانب الجنوبي لطريق السموني، مساكن كل من: مدحت عياد وزوجته وأطفاله الخمسة؛ أسامة عياد وزوجته وأطفاله الستة؛ رياض عياد، 28 سنة، وكان يقيم بمنزل من المعدن المموج مع زوجته وأطفاله الخمسة؛ وجواد عياد، 35 سنة، وزوجته وأطفاله الستة. وإلى الجنوب من تلك المنازل مسكن خرساني كبير تملكه سهام ماجد عياد ولم يكن أحد يشغله قبل الحرب وهولا يزال قائما، وقد استخدمه جنود جيش الدفاع الإسرائيلي كمركز للقيادة بالمنطقة، على حد قول السكان. كما دمرت القوات الإسرائيلية إلى الجنوب مساكن مساكن تعود إلى بسام رزق عياد، 31 سنة، وزوجته؛ عبد الكريم رزاق عياد، 23 سنة، وزوجته؛ محمود لولو،40 سنة، وزوجته عفاف لولو؛ إياد فراج عاشور، 30 سنة، الذي يقيم بمفرده. كما دمرت ثلاثة منازل أخرى بالمناطق المكشوفة إلى الجنوب الغربي وتخص كل من سليمة عياد، 75 سنة، وزوجته وابنتهما؛ عبد جمعة عياد ، 85 سنة، وزوجته مديحة سليمة عياد، 80 سنة، وقد قتل كلاهما في المنطقة خلال الحرب؛ محمد سهيور، 30 سنة، وزوجته، وبناتهما الثلاث وولدهما.

[161]  إحداثيات المنطقة هي بالتقريب "55.24 ' 28 °31 شمال \ "22.70 ' 26 ° 34 شرق.

[162]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع رجب عابد إشتيوي، في الزيتون، بتاريخ 17 إبريل/نيسان 2009.

[163]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع رجب عابد إشتيوي، في الزيتون، بتاريخ 17 إبريل/نيسان 2009. 

[164]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع سفيان محمد سلمي، في الزيتون، بتاريخ 17 إبريل/نيسان 2009.

[165]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع طلعت أحمد سلمي، في الزيتون، بتاريخ 17 إبريل/نيسان 2009.

[166]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع رجب إشتيوي، في الزيتون، بتاريخ 17 إبريل/نيسان 2009.

[167]  المنازل المدمرة تعود لناصر عياد؛ عبد الله سلمي؛ جابر عابد إشتيوي، 52 سنة، وزوجته وأطفالهم الأحد عشر؛ جبريل عابد إشتيوي،33 سنة، وزوجته وشقيقته وأطفاله الستة؛ محمد علي صالح إشتيوي، 50 سنة، وزوجته ,اطفاله الثمانية؛ يونس إشتيوي، 47 سنة، وأسرته؛ حسام محمد إشتيوي، 45 سنة، وزوجته وأطفاله الثلاثة. كذلك مسكن يوسف عابد إشتيوي ["53.22 ' 28 °31 شمال \ "20.70 ' 26 ° 34 شرق]، 58 سنة، ويشاركه فيه زوجته وأطفاله الثمانية، وقد دمر جزئياً.

[168]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع طلعت سلمي، في الزيتون، بتاريخ 17 إبريل/نيسان 2009.

[169]  يقع المصنع عند "19.26 ' 28 °31 شمال \ "8.74 ' 26 ° 34 شرق.

[170]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع حمدان أبو عريبان، في الزيتون، بتاريخ 17 إبريل/نيسان 2009.

[171]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع حافظ كشكو، في الزيتون، بتاريخ 18 إبريل/نيسان 2009.

[172]  يقع مصنع المستلزمات الكهربائية عند "9.42 ' 28 °31 شمال \ "6.30 ' 26 ° 34 شرق.

[173]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع نور الطرابين، في الزيتون، بتاريخ 18 إبريل/نيسان 2009.

[174]  من مقابلة لـ هيومن رايتس ووتش مع حسن الطرابين، في جحر الديك، بتاريخ 18 إبريل/نيسان 2009.

[175] أعلن المسؤولون الإسرائيليون أن الغزو البري لغزة بدأ في الثانية صباح يوم 3 يناير/كانون الثاني 2009. لكن الساكن محمود العجرمي قال إن في 29 ديسمبر/كانون الأول شاهد دبابات على منطقة مرتفعة تقع نحو 200 متر شمال منزله. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمود العجرمي، غرب بيت لاهيا، 9 أبريل/نيسان 2009. هذه المقابلة أجريت بالإنجليزية، دون مترجم فوري.

[176] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هاني زاغوت، 48 عاماً، مهندس مساعد ومشرف عمال عام، مدير مخيم للخيام، غرب بيت لاهيا، أبريل/نيسان 2009.

[177] يقع طاحون البدر في موقع: 31°33'16.94"N/ 34°28'5.82"E.

[178] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد حسن عبد ربه، غرب بيت لاهيا، 8 أبريل/نيسان 2009.

[179] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع فادية الرميلات، غرب بيت لاهيا، 9 أبريل/نيسان 2009.

[180] بريد إلكتروني مع فريق الأمم المتحدة لنزع الألغام، إلى هيومن رايتس ووتش، 1 فبراير/شباط 2010.

[181] المقطع متوفر على موقع هيومن رايتس ووتش في: “Gaza: Al Bader Flour Mill,” http://www.hrw.org/en/video/2010/02/05.

[182] على سبيل المثال، كان على أحد العبوات: "40 ملم، HEDP M43041"، فريق الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نزاع غزة تعرف فيما بعد في هذه القذائف على قذائف 40 ملم تُطلق من مدفع آلي، وخلص إلى أنها اُطلقت على طاحون البدر أثناء احتلاله من قبل القوات الإسرائيلية. الهجوم على طاحون البدر يُناقش بقدر أكبر من التفصيل في تقرير الأمم المتحدة لتقصي الحقائق، الفصل 8 أ، صفحات 253 – 260.

[183] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حمدان حمادة، غرب بيت لاهيا، 9 أبريل/نيسان 2009.

[184] بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نزاع غزة، 15 سبتمبر/أيلول 2009، فقرة 915.

[185] Israel Ministry of Foreign Affairs, Gaza Operation Investigations: An Update, January 2010, paragraph 170.

[186] Israel Ministry of Foreign Affairs, Gaza Operation Investigations: An Update, January 2010, paragraph 166.

[187] Israel Ministry of Foreign Affairs, Gaza Operation Investigations: An Update, January 2010, paragraph 167

[188] Rory McCarthy, “UN find challenges IDF version of attack on civilian building in Gaza war,” February 1, 2010, http://www.guardian.co.uk/world/2010/feb/01/gaza-war-report-accuses-israelتمت الزيارة في 5 فبراير/شباط 2010.

[189] اجتماع العاملين بمكتب المحامي العام العسكري مع هيومن رايتس ووتش، تل أبيب، 4 فبراير/شباط 2010.

[190] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع هاشم العسلي، غرب بيت لاهيا، 9 أبريل/نيسان 2009. وطبقاً لبتسيلم فإن سهيل أحمد راشد العسلي، 24 عاماً، كان مقاتلاً توفي في بيت لاهيا في 14 يناير/كانون الثاني. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد من تاريخ وفاة سهيل العسلي.

[191] تقع كتلة عائلة جمعة السكنية في: 31°33'9.00"N/ 34°28'15.77"E

[192] المنازل المدمرة على امتداد شارع العمودي، من الجنوب للشمال هي كالتالي: 1) منزل على الركن الجنوبي الغربي من البلوك وقوامه 3 طوابق. الطابق الأول يحتله محمد جمعة المقيم مع زوجته وطفليه. الطابق الثاني لأسامة جمعة، العضو بكتائب القسام وقُتل في هجوم بطائرة زنانة في مكان آخر. الطابق الثالث فيه أسرتين، أحدهما كبيرها هاني جمعة وزوجته و4 أطفال، والثانية لناصر جمعة وزوجته و4 أطفال. 2) إلى الشمال على امتداد شارع العمودي، البيت الثاني من طابقين. الطابق الأول يحتله العبيد جعة، وزوجته وثلاثة أطفال. الطابق الثاني لمحمد العبيد أحمد جمعة وزوجته وطفلين. 3) ثالث منزل من طابقين، الأول يحتله حسن أحمد جمعة وزوجته وطفلين، والثاني لابن حسن، عبد الباسط حسن جمعة وزوجته وخمسة أطفال. 4) الطابق الأول من المنزل الرابع كان يحتله إبراهيم أحمد جمعة وزوجته وثلاثة أطفال، الطابق الثاني من المنزل الرابع لأحمد جمعة الذي قُتل في هجوم بالزنانة في مكان آخر، ولأبويه. 5) المنزل الخامس، الواقع في الركن الشمالي الغربي من البلوك، كان يحتله سهام إبراهيم جمعة وأطفالها الأربعة. وهناك زقاق على الحدود الشمالية للبلوك، من الشرق على امتداد الزقاق من منزل سهام جمعة، يوجد منزل سادس من طابقين، يخص ماجد إبراهيم جمعة، وقد لحق به ضرر جسيم. بعض سكانه التسعة مستمرون في احتلال جزء من الطابق الأول عندما زارتهم هيومن رايتس ووتش في أبريل/نيسان. المنزل التالي إلى الشرق كان يحتله محمد إبراهيم جمعة وزوجته وأطفاله الستة، ويُعتقد أنه هُدم بالجرافات. المنزل المدمر الثامن يخص علاء جمعة، وهو عامل عاطل، كان يعيش مع زوجته وأربعة أطفال. أخر منزل إلأى الركن الشمالي الشرقي من البلوك، لحق به ضرر جسيم وما زال لا يمكن سكناه، وكان يخص عماد العبيد جمعة وأسرته. مقابلات هيومن رايتس ووتش مع أربعة من السكان السابقين، بلوك آل جمعة، سلاطين، غزة، 9 و13 أبريل/نيسان 2009.

[193] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علاء جمعة، غرب بيت لاهيا، 9 أبريل/نيسان 2009.

[194] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسن أحمد جمعة، غربي بيت لاهيا، أبريل/نيسان 2009.

[195] اشتكى العجرمي من أنه بالإضافة إلى الإضرار الجسيم بالبناية، فإن الجيش الإسرائيلي دمر أيضاً أربع وحدات تلفاز مسطحة الشاشة، وثلاجتين، وخمس أرائك. ويقول إنه يعتقد أن الجنود الإسرائيليين سرقوا جهازي لاب توب، و10 إلى 12 زجاجة عطر، وكاميرا فيديو، وجهازي هاتف نقال، و25 ألف دولار نقداً وذهباً.

[196] الكتيبة 202 من جيش الدفاع الإسرائيلي هي كتيبة مظلات.

[197] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع علاء جمعة، غرب بيت لاهيا، 9 أبريل/نيسان 2009.

[198] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع حسن أحمد جمعة، غرب بيت لاهيا، أبريل/نيسان 2009.

[199] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عماد جمعة، غرب بيت لاهيا، 13 أبريل/نيسان 2009.

[200] أحمد إبراهيم جمعة، ولد 27 ديسمبر/كانون الأول 1984، مذكور كشهيد على موقع كتائب القسام، وأورد الموقع أنه قُتل في 10 يناير/كانون الثاني 2009، جراء صاروخ إسرائيلي، انظر:http://www.alqassam.ps/arabic/sohdaa5.php?id=1333تمت الزيارة في 23 يونيو/حزيران 2009.

[201] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع يحيى زكريا زميلات، غرب بيت لاهيا، 9 أبريل/نيسان 2009.

[202] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عبد الكريم أبو ناهم، غربي بيت لاهيا، 13 أبريل/نيسان 2009.

[203] أصدر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تقريراً موجزاً عن متجر قطع غيار السيارات، على: http://www.pchrgaza.org/files/campaigns/english/aftermath/6.htmlتمت الزيارة في 30 يونيو/حزيران 2009.

[204] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع رائد عبد الرحمن، غربي بيت لاهيا، 13 أبريل/نيسان 2009. كما تعرفت هيومن رايتس ووتش على

[205] هذه البناية مؤلفة من أربع شقق، تستضيف 21 شخصاً، منهم أسامة وزوجته وخمسة أطفال، وأمه، وثلاثة أشقاء وأسرهم. مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أسامة وفوزية السلطان، غربي بيت لاهيا، 13 أبريل/نيسان 2009.

[206] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع لطيفة الأنقى، غرب بيت لاهيا، 13 أبريل/نيسان 2009.

[207] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عطا الله ريحان، غرب بيت لاهيا، 13 أبريل/نيسان 2009.

[208] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع خديجة حسن صقر، غرب بيت لاهيا، 13 أبريل/نيسان 2009.

[209] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سعيد رميلات، غرب بيت لاهيا، 13 أبريل/نيسان 2009.

[210] موقع خزان المياه هو: 31°17'4.72"N / 34°18'45.99"E

[211] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عترة عبد المجيد العمور، الفخاري، 16 أبريل/نيسان 2009.

[212] على السلك معلومات الهوية التالية:TELDOR 9062128109 2X28 AWG OSS 0797600/48790.

[213] البروتوكول الإضافي الأول، مادة 54 (2)(3).

[214] على سبيل المثال، منزلان من المنازل المدمرة القريبة من خط الهدنة لعام 1949 يقعان عند إحداثيات: 31°18'38.34"N / 34°22'0.42"E (توفيق النجار) و31°18'38.88"N / 34°22'1.98"E (نبيل النجار).

[215] UNOSAT, “Satellite image analysis in support to the United Nations Fact Finding Mission on the Gaza Conflict,” April 27, 2009, p. 23توجد نسخة لدى هيومن رايتس ووتش.

[216] مقابلات هيومن رايتس ووتش مع نبيل، وتوفيق، وأسامة النجار، خزاعة، 19 أبريل/نيسان 2009، ومع إسماعيل خضر وإيمان النجار، خزاعة، 24 يناير/كانون الثاني 2009.

[217] Ashraf Khalil, “In Gaza Town, A Bitter Aftermath,” Los Angeles Times, February 15, 2009. http://articles.latimes.com/2009/feb/15/world/fg-gaza-reconstruct15(تمت الزيارة في 26 يونيو/حزيران 2009).

[218] Ashraf Khalil, “In Gaza Town, A Bitter Aftermath,” Los Angeles Times, February 15, 2009

[219] أدرجت بتسيلم الأسماء والأعمار والتواريخ التالية للوفيات المزعومة في صفوف المقاتلين في خزاعة: نور محمد نور الدين عميش، 24 عاماً، 11 يناير/كانون الثاني، نضال محمد حسن أبو ريدة، 18 عاماً، 13 يناير/كانون الثاني، سليمان جمعة عميش، 19 عاماً، 13 يناير/كانون الثاني، علاء أحمد أبو ريدة، 21 عاماً، 13 يناير/كانون الثاني، أحمد جمعة أحمد أبو جاموس، 27 عاماً، 13 يناير/كانون الثاني. كما أفادت منظمة أطباء لأجل حقوق الإنسان بأن نور عميش قُتل في خزاعة في 11 يناير/كانون الثاني. وقال سكان محليون إنه قُتل في هجوم بطائرة زنانة. انظر هيومن رايتس ووتش: أمطار النار، صفحة 53.

[220] في 10 يناير/كانون الثاني، أنكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الرائد غاي سبيغلمان، أن جيش الدفاع الإسرائيلي أجرى عمليات "في منطقة خزاعة" في ذلك اليوم. Adel Zaanoun, “Three Palestinians killed, dozens hurt in Gaza,” Agence France-Presse, January 10, 2009.

[221] حنان النجار، 47 عاماً، ماتت في العاشر من يناير/كانون الثاني، عندما سقطت قذيفة مدفعية عيار 155 ملم تحمل فسفوراً أبيض عبر سقف منزلها، فقتلتها وأصابت أطفالها الأربعة. انظر هيومن رايتس ووتش "أمطار النار".

[222] Human Rights Watch, White Flag Deaths: Killings of Palestinian Civilians during Operation Cast Lead, August 2009, p.17.

[223] أطلقت القوات الإسرائيلية النار على سيارة إسعاف جاءت لأخذ جثمانها، فأجبرتها على الالتفاف وأطلقت النار على محمود النجار وقتلته، وهو قريب لروحية النجار، عندما عاد إلى المنطقة لمحاولة أخذ جثمانها. السابق، ص 19.

[224] السابق، ص 18.

[225] ومنها منازل تقع بالقرب من الحدود إلى الشرق، وقال السكان إنها كانت ملك لخالد عبد العزيز النجار، وماجد فتحي النجار، ورمزي النجار. هذه المنازل دُمرت جميعاً حسب الزعم.

[226] من الغرب إلى الشرق، بمحاذاة شارع عزاتة، تم تدمير المباني التالية جزئياً أو كلياً: 1) أيمن محمد النجار، 38 عاماً، مقيم مع زوجته وخمسة أبناء في منزل هُدم جزئياً. 2) شوقي حمدان، 44 عاماً، يقيم مع زوجته وثمانية أطفال في منزل من طابق واحد دُمر بالكامل. 3) محمد مسيلم النجار، في أواخر العشرينات، يقيم في منزل مع زوجته وثلاثة أطفال وما زال قابل لسكنى لكن دُمر من الخلف. 4) شوقي مسيلم، 41 عاماً، يقيم في منزل من طابقين، دُمر الآن، مع زوجته وسبعة أبناء. 5) أسامة النجار، 39 عاماً، وزوجته وستة أبناء، في منزل من طابقين دُمر تماماً. 6) توفيق سليمان، 58 عاماً، يملك المبنى ولا يسكن فيه، ودُمر بالكامل، حيث كان يعيش محمود إبراهيم النجار، 25 عاماً، المتزوج حديثاً، يقيم مع زوجته في الطابق الثاني. 7) إلى جوار توفيق كان يعيش حازم النجار، حوالي 40 عاماً، وزوجته وابنتين، منزلهم دُمر تماماً. 8) في بناية أخرى من طابق واحد وقريبة، دُمرت تماماً، كان يعيش إبراهيم عبد العزيز النجار، 58 عاماً، وزوجته وسبعة أبناء. 9) شرق منزل إبراهيم النجار بناية من عدة طوابق تسكنها عدة عائلات قبل تسوية الجيش الإسرائيلي لها بالأرض. كان يسكن بالطابق الأرضي خالد النجار، 45 عاماً وزوجته وثمانية أبناء. في الطابق الثاني يوسف محمد النجار، في الخمسينات، وزوجته سعاد، وثلاثة أبناء وابنتين في شقتين، فادي ابن يوسف النجار، في أواسط العشرينيات، كان يعيش في الطابق الثالث مع زوجته وطفلين. 10) إلى جنوب يوسف بناية من طابق واحد يحتلها أشرف مرزوق النجار، 35 عامأً وزوجته وستة أبناء. 11) شرق هذه البنايات، منزل فواد مرزوق النجار، تم تدميره بدوره، وليس معروفاً عدد المقيمين فيه. 12) إلى جوار فؤاد كان يقيم فتحي النجار، 40 عاماً، وزوجته وسبعة أبناء. 13) إلى جوار فتحي كان يقيم طارق إبراهيم مرزوق النجار، 38 عاماً، مع زوجته وستة أبناء في شقة واحدة بمبنى من طابق واحد يشاركه فيه محمد النجار وزوجته وثلاثة أبناء. 14) إسماعيل مرزوق النجار، إلى جوار منزل طارق، دُمر تماماً بدوره. لا تعرف هيومن رايتس ووتش بعدد الأشخاص الذين كانوا يقيموا فيه. 15) بالقرب من الشارع، منزل نبيل إبراهيم محمد النجار، 41 عاماً، مقيم مع زوجته وخمسة أبناء، تتراوح الأعمار من ستة أشهر لتسعة أعوام، في منزل من الخرسانة. 16) إبراهيم إسماعيل النجار، 40 عاماً، وزوجته وستة أبناء كانوا يعيشون في الطابق الأرضي من بناية متعددة الطوابق. ياسر إسماعيل النجار، 35 عاماً، وزوجته وستة أبناء كانوا يقيمون في الطابق الثاني، ووائل إسماعيل، 23 عاماً وزوجته وطفلين في الطابق الثالث.

[227] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع نبيل النجار، خزاعة، 19 أبريل/نيسان 2009.

[228] هيومن رايتس ووتش، قتلى الأعلام البيضاء، ص 17.

[229] في أغلب الحالات التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش، دمرت القوات الإسرائيلية الممتلكات بالجرافات أو الألغام المضادة للدبابات. لكن في إحدى هذه الحالات، على مسافة نحو 100 متر من منزل ثابت، الذي تضرر بما قال إنه قذيفة دبابة، دمرت الهجمات الجوية الإسرائيلية منزلاً من خمسة طوابق يملكه إسماعيل عبد اللطيف جرغون. ولاحظت هيومن رايتس ووتش وجود ثقب في سقف المبنى المنهار، ومنه يمكن رؤية حفرة كبيرة في أرضية الطابق الأعلى، مما يشير إلى أن قنبلة جوية ربما سقطت مع تأخر اشتعال فتيلها كي تنفجر داخل المنزل. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من معرفة تاريخ الهجمات، التي قال السكان إنها وقعت قبل الغزو البري. حمادة جرغون، 40 عاماً، قال إنه كان يعمل في المبنى بالنيابة عن عمه، مالك العقار، الذي يعيش في الإمارات العربية المتحدة ولا يسكن بالبيت بعد. وقال: "بدأ البناء عام 2005، وتكلف 750 ألف دولار"، طبقاً لحمادة، يملك عمه بيتين، هذا ومنزل آخر في خان يونس. "الشبك [شين بيت الإسرائيلية] اتصلوا بمنزل عمي في المدينة وطلبوا منّا أن نخليه، لكننا لم نعرف أي منزل منهما يقصدون. فأخلينا ذلك. ثم ضربوا الآخر". وليس لدى هيومن رايتس ووتش معلومات كافية لتحديد ما إذا كانت الهجمات قانونية أم لا، مثل ما إذا كان المبنى المضروب قد لحقت به انفجارات أخرى سببها وجود أسلحة خزنها فيه المسلحون.

[230] مع التحرك شرقاً من التقاطع، تخص المنازل: 1) عائلة أبو عقيل (أربعة أشخاص)، 2) عائلة العمور (عدد السكان غير معروف)، 3) جهاد محمد سلام أبو عطية، 30 عاماً، وزوجته وطفل، 4) عماد سلام أبو عطية، وزوجته وطفلين، 5) محمد سليمان أبو عطية، وزوجته وأربعة أطفال، 6) ناهد أبو عطية، وزوجته وأربعة أطفال، 7) فايق عطية، 26 عاماً وزوجته، 8* سلامة عطية وزوجته، وابن يبلغ من العمر 28 عاماً مع حفيد يبلغ من العمر عامين، 9) مليحة عطية، 65 عامأً، أرملة، مع ابنين غير متزوجين، 24 و33 عاماً، وأربع بنات غير متزوجات، 10) منزل غير مسكون، يملكه شقيقان غير متزوجان، نظيف وبدر عطية، 12) منزل زينب أبو عطية، وزوجته وثمانية أبناء.

[231] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع طلال سالم عطية، الشوكة، 16 أبريل/نيسان 2009.

[232] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع ناهد عطية، الشوكة، 16 أبريل/نيسان 2009.

[233] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع طلال سالم عطية، الشوكة، 16 أبريل/نيسان 2009.

[234] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع زينب عطية، الشوكة، 16 أبريل/نيسان 2009.

[235] منزل ناهد عطية موقعه: 31°16'55.38"N / 34°18'44.40"E

[236] من ركن البلوك السكني، تخص المنازل المدمرة الأشخاص التاليين: 1) رامي عادل موسى العمور، 19 عاماً، يملك منزلاً من طابق واحد تسلم لتوه بعض الأثاث من أجل زفافه القريب. 2) عادل موسى عميرة العمور، 42 عاماً وزوجته وابن وبنتين، 3) سني أحمد عطية، 25 عاماً وزوجته، 4) سالم جمعة عطية، 40 عاماً وزوجته وثلاثة أبناء، 5) تمام عطية، أرمل يبلغ من العمر 70 عاماً وابنته البالغة. إلى الشرق من منزل تمام، منازل مدمرة أخرى في المجمع السكني تخص: 6) عيشة جمعة عطية، 30 أو 35 عاماً، أرملة. 7) رسمية حماد عطية، 48 عاماً، أرملة، وثمانية أبناء. 8) إيمان عطية عطية، 30 عاماً، أرملة وطفلين، 9) فؤاد أحمد عطية، 60 عاماً وزوجته، وتسعة أبناء، 10) بناية من طابقين تخص عليا عطية، 25 عاماً وأربعة أبناء في طابق، وطلال عطية وزوجته وخمسة أطفال في طابق آخر. ومن ركن المجمع حيث يسكن رامي عادل العمور، على امتداد الطريق شرقاً، منازل مدمرة أخرى تخص: 11) غادة محمد عمور، أرملة وطفل، 12) بناية كبيرة يملكها محمد موسى العمور، 52 عاماً. الأسر هناك هي: أ) أحمد عطية وأربعة شقيقات، وشقيقان وأم، ب) شقيق أحمد: عماد، 26 عاماً وزوجته وطفلين، ج) ماجد محمد، 24 عاماً، وزوجته.

[237] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع أحمد عطية، الشوكة، 16 أبريل/نيسان 2009.

[238] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع محمد أبو دقة، الشوكة، 16 أبريل/نيسان 2009.

[239] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سليمان سليمان العمور، الفخاري، 16 أبريل/نيسان 2009.

[240] على سبيل المثال، منزل هاني محمد العمور المهدوم، يقع في:  31°17'7.58"N / 34°18'52.89"E

[241] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سليمان سليمان العمور، الفخاري، 16 أبريل/نيسان 2009.

[242] طبقاً لسليمان محمد عطوة العمور، 35 عاماً، سائق خلاط الإسمنت في مصنع أبو طه للإسمنت، وأشرف محمد العمور، 30 عاماً، وأحمد عطوة العمور، فإن الأبنية المهدومة كانت ملكاً لأفراد العائلة التالي ذكرهم: 1) سليمان العمور، منزل من طابقين، حيث كان يعيش مع زوجته وخمسة أبناء. 2) ياسر العمور، وزوجته وخمسة أبناء. 3) أم سليمان، هاجر سليمان العمور، 60 عاماً، وابنتها الصغيرة. 4) منزل من طابقين يخص أشرف محمد العمور، 30 عاماً وزوجته وأربعة أطفال يعيشون في الطابق الأول، وزوجته الثانية وطفلين في الطابق الثاني. 5) عطوة أحمد العمور، 30 عاماً وزوجته وثلاثة أبناء. 6) أنور أحمد العمور، 33 عاماً، وزوجته وأربعة أطفال. 7) عبد الله عبد الماجد العمور، 33 عاماً، في منزل مع زوجته وستة أبناء. 8) أحمد عطوة العمور، 50 عاماً، وزوجته وثلاثة من الأقارب. 9) عبد الماجد عطوة العمور، 40 عاماً، وزوجته وثماني أبناء. 10) هاني محمد العمور، وزوجته وستة أبناء.

[243] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع عطوة العمور، الفخاري، 16 أبريل/نيسان 2009.

[244] موقع مصنع أبو ستة هو:31°16'57.54"N / 34°18'54.48"E.

[245] كان في البناية الأولى أربع أسر: إياد السيدي وزوجته وابنتين، إبراهيم السيدي وزوجته وطفل، إبراهيم السيدي، وزوجته وأطفال، حمودة السيدي وابنته. سعيد عقيل صافي وأربعة أبناء متزوجين، حاتم وعمر وأحمد وأيمن سيد صافي، يقيمون في المنزل الثاني.

[246] مقابلة هيومن رايتس ووتش مع سليمان عيد العرجاني، الفخاري، 16 أبريل/نيسان 2009.

[247] اتفاقية لاهاي الرابعة – قوانين وأحكام الحرب البرية: 18 أكتوبر/تشرين الأول 1907 (أنظمة لاهاي)، 36 Stat. 2277, 1 Bevans 631, 205 Consol. T.S. 277, 3 Martens Nouveau Recueil (ser. 3) 461دخلت حيز النفاذ في 26 يناير/كانون الثاني 1910. البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف 12 أغسطس/آب 1949، والخاص بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية (البروتوكول الأول) 8 يونيو/حزيران 1977، 1125 U.N.T.S. 3دخل حيز النفاذ في 7 ديسمبر/كانون الأول 1978. "أساليب" القتال تشير عادة إلى الأسلحة المستخدمة، بينما "طرائق" تشير إلى مسلك استخدام الأسلحة.

[248] إسرائيل ليست دولة طرف في البروتوكول الأول. بموجب المادة 96 من البروتوكول، فإن الفاعلين من غير الدول لهم أن يلتزمون بموجب شروط محددة، بتطبيق اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها إذا هي أعلنت جاهزيتها لهذا للحكومة السويسرية. لم تقم حماس أو السلطة الفلسطينية مطلقاً بإجراء هذا الإعلان بموجب المادة 96.

[249] انظر على سبيل المثال: Yoram Dinstein, The Conduct of Hostilities under the Law of International Armed Conflict (Cambridge: Cambridge University Press, 2004), p. 11("الكثير من أحكام البروتوكول يمكن أن تُرى على أنها قانون دولي عرفي، أو على الأقل لا خلاف حولها"). انظر بشكل عام اللجنة الدولية للصليب الأحمر: Customary International Humanitarian Law (Cambridge: Cambridge Univ. Press, 2005)

[250] انظر اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، ودخلت جميعاً حيز النفاذ في 21 أكتوبر/تشرين الأول 1950.

[251] البروتوكول الأول، مادة 48. طبقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر "القاعدة الأساسية الخاصة بالحماية والتمييز تؤكد عليها هذه المادة. وهي الأساس الذي تستند عليه جميع القوانين والأعراف الخاصة بالحرب". ص 598.

[252] البروتوكول الأول، مادة 51 (1).

[253] السابق، مادة 52 (2).

[254] السابق، مادة 52 (3).

[255] بموجب نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، فإنه من جرائم الحرب توجيه هجمات عمداً ضد أعيان مدنية، إلا في أثناء استخدامها لأغراض عسكرية. نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، مادة 8(2)(ب)(ii).

[256] البروتوكول الأول، مادة 51.

[257] السابق، مادة 51(5)، ومادة 57.

[258] السابق، مادة 57 (1).

[259] السابق، مادة 57 (2).

[260] السابق، مادة 57 (2)(أ).

[261] ICRC, Commentary on the Additional Protocols, pp. 681-82

[262] وزارة الدفاع البريطانية،The Manual of the Law of Armed Conflict (Oxford Univ. Press, Oxford: 2004), p. 55.

[263] أنظمة لاهاي، مادة 23 (ز).

[264] اتفاقية جنيف الأولى، مادة 50. اتفاقية جنيف الثانية، مادة 51، اتفاقية جنيف الرابعة، مادة 147.

[265] اتفاقية جنيف الرابعة، مادة 53. المادة 53 تنص على أن "الضرورة المطلقة للعمليات العسكرية" يجب "ألا تُرى بشكل أضيق أو أوسع" من الوارد في أنظمة لاهاي، المادة 23 (ح).

[266] الولايات المتحدة، أوامر عامة رقم 100 (قانون ليبر)، 24 أبريل/نيسان 1863، مادة 15 و16. ("الضرورة العسكرية لا تعني السماح بالتدمير المتعسف للمنطقة... بشكل عام، الضرورة العسكرية لا تشمل أي عمل عسكري يجعل العودة للسلم أمر صعب بلا ضرورة). انظر أيضاً: السابق، مادة 22 ("يقر المبدأ نفسه أكثر بأن المدني الأعزل يجب أن يُجنب بشخصه وممتلكاته وشرفه قدر الإمكان ما تُنزله الحرب من دمار"). المادة 38 ("الممتلكات الخاصة، ما لم تحترز على جرائم أو اعتداء من مالكها، لا يتم السيطرة عليها إلا في وجود ضرورة عسكرية").

[267] قانون ليبر، مادة 14. اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تعليقها تُعرف الضرورة العسكرية على أنها "وجود ضرورة لإجراءات لازمة لتحقيق أهداف الحرب، وتكون قانونية بموجب القوانين والأعراف الخاصة بالحرب". ICRC, Commentary on the Additional Protocols, p. 393."الأسس الأربع" للضرورة العسكرية، طبقاً للصليب الأحمر، تشمل "لزوم التحرك السريع والإجراءات المقتصرة على ما لا غنى عنه من أعمال، والسيطرة (في المكان والزمان) على القوة المستخدمة، والسبل التي لا تتعدى على الحظر غير المشروط"، السابق، فقرة 1396.

[268] انظر على سبيل المثال:US Army Field Manual 27-10: The Law of Land Warfare, p. 4.

[269] ICRC, Commentary on the Additional Protocols,, p. 396.

[270] وزارة الخارجية الإسرائيلية: عملية الرصاص المصبوب، يوليو/تموز 2009، فقرات 226 و223.

[271] السابق، فقرة 222.

[272] انظر: IDF, Conclusion of Investigations into Central Claims and Issues in Operation Cast Lead, “Annex E: Primary Conclusions: Damage to infrastructure and destruction of buildings by ground forces,” April 22, 2009, p. 20,على: http://dover.idf.il/IDF/English/opcast/postop/press/2201.htm,تمت الزيارة في 29 يوليو/تموز 2009.

[273] انظر: US Army, Field Manual 27-10: The Law of Land Warfare (Department of the Army, July 1956), pp. 23-24.

[274] UK Ministry of Defence, The Manual of the Law of the Law of Armed Conflict, p. 88

[275] Dinstein, The Conduct of Hostilities under the Law of International Armed Conflict, pp. 218-19

[276] السابق، ص 90.

[277] ICRC, Commentary to the Additional Protocols, para. 2024

[278] انظر: Bothe, Partsch and Solf, New Rules for Victims of Armed Conflicts, p. 326; see also Dinstein, The Conduct of Hostilities under the Law of International Armed Conflict, pp 87-92; and Michael N. Schmitt,Washington University Global Studies Law Review, “Effects-Based Operations and The Law Of Aerial Warfare,” vol. 5, no. 2, 2006, p. 278.

[279] انظر: Eritrea Ethiopia Claims Commission, Partial Award (Central Front), 43 ILM 1265 (2004), cited in Dinstein, The International Law of Belligerent Occupation, p. 198.

[280] Dinstein, The Conduct of Hostilities under the Law of International Armed Conflict, pp. 90-91.

[281] السابق، ص 91.

[282] Marco Sassoli and Lindsey Cameron, “The Protection of Civilian Objects – Current State of the Law and de lege ferenda,” in Natalino Ronzitti and Gabriella Venturini (eds), The Law of Air Warfare: Contemporary Issues (Utrecht: Eleven Int., 2006), p. 48.

[283] أنظمة لاهاي، مادة 23 (ح)، عن قواعد تدمير الممتلكات "في الأراضي المحتلة"، أيضاً: Yoram Dinstein, The International Law of Belligerent Occupation, p. 196.

[284] Commentary to the Fourth Geneva Convention, p. 301.

[285] اتفاقية جنيف الرابعة، مادة 53، أنظمة لاهاي، مادة 23 (ح).

[286] Human Rights Watch, Razing Rafah: Mass House Demolitions in the Gaza Strip, October 2004, http://www.hrw.org/en/reports/2004/10/17/razing-rafah; see also Dinstein, The International Law of Belligerent Occupation, p. 196("عند إجراء أعمال القتال في أراضي محتلة، لا يختلف الأمر عن القتال في أماكن أخرى").

[287] البروتوكول الأول، مادة 51 (5)(ب)، مادة 57.

[288] Commentary to the Fourth Geneva Convention, p. 302.

[289] اتفاقية جنيف الرابعة، مادة 147.

[290] ICRC, Customary International Humanitarian Law, p. 574اقتبس على سبيل المثال، قضية ديلاليش، المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، قضية رقم IT-96-21-T، حُكم، دائرة محاكمة رقم 2، 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1998.

[291] ICRC, Customary International Humanitarian Law, p. 554.

[292] السابق، صفحات 558 إلى 563.

[293] نظام المحكمة الجنائية الدولية، مادة 8(2)(أ)(iv)، و8(2)(هـ)(xii).

[294] انظر: المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، كورديتش وسيركيز (دائرة المحاكمة)، 26 فبراير/شباط 2001، فقرات 346 و347، يوجد ملخص على: http://www.hrw.org/reports/2004/ij/icty/3.htm

[295] محكمة يوغوسلافيا السابقة (دائرة المحاكمة)، 3 مارس/آذار 2000، فقرة 183، يوجد ملخص على: http://www.hrw.org/reports/2004/ij/icty/3.htm

[296] ICRC, Customary International Humanitarian Law, pp. 607-11,باقتباس من اتفاقيات جنيف ونظام المحكمة الجنائية الدولية.

[297] انظر: ICRC, Customary International Humanitarian Law, p. 551باقتباس من المواد الخاصة بمسؤولية الدولة، مادة 33. قانون الأخطاء المدنية الإسرائيلي (مسؤولية الدولة) 5712 – 1952، يحظر الشكوى ضد إسرائيل جراء الضرر الذي يتسبب فيه الجيش أثناء "عمليات عسكرية" (مادة 5)، وتعريفها هو "أعمال مكافحة الإرهاب أو الأعمال العدوانية أو قمع التمرد وكذلك الأعمال المقصود بها مكافحة الإرهاب والأعمال العدائية أو التمرد في حالات تعريض الحياة للخطر أو الإصابات" (مادة 1). توجد ترجمة إنجليزية رسمية للقانون بعد مراجعته عام 2005 على:http://www.adalah.org/features/compensation/lawe.pdf,تمت الزيارة في 24 مارس/آذار 2010. للحصول على التعويض، على الفلسطيني المتضرر تقديم شكوى للوزارة، التي تقرر ما إذا كانت لجنة تسوية ستراجع القضية (انظر المادة 5أ، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان  "Genuinely Unwilling,"فبراير/شباط 2010، على: http://www.pchrgaza.org/files/2010/israeli-inve.-%20english.pdfتمت الزيارة في 1 مارس/آذار 2010). وفي عام 2005 أصدر البرلمان الإسرائيلي تعديلات على القانون من شأنها أن تمنع المواطنين في أراضي العدو من إمكانية مقاضاة إسرائيل على الأضرار اللاحقة بهم أثناء النزاعات أو دون النزاعات، حتى لو كانت قد ارتكبت من واقع الخطأ. وفي 12 ديسمبر/كانون الأول 2006 حكمت المحكمة العليا الإسرائيلية بعدم صحة هذا الجزء من التعديلات، انظر: H.C. 8276/05, Adalah, et. al. v. The Minister of Defense, et. al.  Adalah, “Newsletter,”12 ديسمبر/كانون الأول 2006، على: http://www.adalah.org/newsletter/eng/dec06/1.phpتمت الزيارة في 10 سبتمبر/أيلول 2009.

[298] طبقاً لـ دينستين، كما كتب عام 2009، فإن الافتراض بأن احتلال إسرائيل لقطاع غزة قد انتهى "ليس هو الرأي السائد، ولا يقبله الكاتب". انظر: Dinstein, The Conduct of Hostilities under the Law of Belligerent Occupation, pp. 276-280

[299] اتفاقية جنيف الرابعة، مادة 33. الحظر على العقاب الجماعي، الذي يظهر ايضاً في القانون العرفي، لا ينطبق فقط على العقوبات المنزلة، بل أيضاً "العقوبات والمضايقات من أي نوع، سواء إدارية أو من عمل الشرطة أو غير ذلك". Commentary on the Additional Protocols, para. 3055, cited in ICRC, Customary International Humanitarian Law, rule 103.

[300] البروتوكول الأول، مادة 54 (2).

[301] السابق، مادة 54 (1).

[302] اتفاقية جنيف الرابعة، مادة 23.

[303] البروتوكول الأول، مادة 70(2).

[304] أعمال الانتقام من المدنيين محظورة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، مادة 33 ("محظور الانتقام من الأشخاص المحميين أو الانتقام من ممتلكاتهم").