Skip to main content

غزة: نتائج بشأن انفجار "المستشفى الأهلي" في 17 أكتوبر/تشرين الأول

تشير الأدلة إلى خلل في إطلاق صاروخ غير موجه لكن يجب إجراء تحقيق وافٍ

 لقطة جوية لأرضية "المستشفى الأهلي". تظهر الحفرة على المسار بين الحديقتين. تظهر أضرار الحريق على السيارات في موقف السيارات المجاور. مدينة غزة، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023. © 2023 شادي الطباطيبي/أ ف ب تي في

(القدس) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الانفجار الذي قتل وجرح العديد من المدنيين في "المستشفى الأهلي العربي المعمداني" (المستشفى الأهلي) في غزة، في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يفُترض أنه نجم عن محرك صاروخ غير موجه، مثل الصواريخ غير الموجهة التي تستخدمها عادةً الفصائل المسلحة الفلسطينية، أصاب باحة المستشفى. في حين تفشل عمليات إطلاق الصواريخ في أحيان كثيرة، ثمة حاجة إلى إجراء تحقيقات إضافية لتحديد مَن أطلق الذخيرة التي يُفتَرض أنها صاروخ غير موجه وما إذا كانت قوانين الحرب قد انتُهكت.

عند الساعة 6:59 مساء من ذاك اليوم، أصابت ذخيرة، لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد نوعها بشكل قاطع، منطقة معبّدة داخل مجمع المستشفى بين موقف السيارات وحديقة كان يحتمي فيها العديد من المدنيين من القصف الإسرائيلي. أعلنت وزارة الصحة في غزة عن مقتل 471 وإصابة 342. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد هذا العدد، وهو أعلى بكثير من تقديرات أخرى، ويعرض نسبة مرتفعة بشكل غير اعتيادي من القتلى إلى الجرحى، ويبدو غير متناسب مع الأضرار المرئية في الموقع.

قالت آيدا سويِر، مديرة الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: "تشير مراجعة الصور والفيديوهات من قبل هيومن رايتس ووتش أنه، في 17 أكتوبر/تشرين الأول، أصاب صاروخ غير موجه باحة المستشفى الأهلي. الضحايا وعائلات الذي قُتلوا أو جُرحوا عندما كانوا يحتمون في المستشفى يستحقون إجراء تحقيق شامل لتحديد ما حصل والجهة المسؤولة".

حمّلت وزارة الصحة في غزة إسرائيل مسؤولية الانفجار، في حين قال الجيش الإسرائيلي إن الانفجار ناجم عن عملية فاشلة لإطلاق صاروخ غير موجه نفذها "الجهاد الإسلامي". لكن تقاعس السلطات الإسرائيلية والفلسطينية على حد سواء على مدى عقود عن إجراء تحقيقات ذات مصداقية ومحايدة في الانتهاكات المزعومة للقانون الإنساني الدولي يسلط الضوء على ضرورة إجراء تحقيق مستقل في الحادث، يمكن أن تجريه "لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة"، وضرورة أن تتعاون جميع الأطراف معه بالكامل.

حققت هيومن رايتس ووتش في الانفجار عبر معاينة الصور والفيديوهات المتاحة، وتحليل صور الأقمار الصناعية، ومقابلة خمسة شهود على الحادث وآثاره، ومراجعة تحليلات نشرتها منظمات أخرى، واستشارة خبراء. قيّم التحليل عن بُعد الانفجار والأضرار في الموقع، بالإضافة إلى عدة مسارات محتملة للأجسام الظاهرة في الفيديوهات التي صُورت وقت الغارة، والتي تشمل بضع ثوانٍ قبل الانفجار وبعده في المستشفى.

قال صحفي وصل إلى المستشفى بعد الانفجار بساعة لـ هيومن رايتس ووتش: "لم يكن هناك مكان يمكن المشي فيه بسبب الأعضاء المتناثرة والمصابين والقتلى. معظم الناس في الموقع كانوا أطفالا وشيوخا ونساء".

لا تتوفر للعامة أي صور معروفة تظهر مخلفات الذخيرة، ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من زيارة الموقع، ما يمنع تحديد نوع الذخيرة بشكل قاطع.

إلا أنّ الصوت الذي سبق الانفجار، وكرة النار التي رافقته، وحجم الحفرة التي خلّفها، ونمط التناثر المجاور، ونوع ونمط التشظي الظاهر حول الحفرة جميعها تتفق مع أثر ارتطام صاروخ غير موجه.

الأدلة التي في متناول هيومن رايتس ووتش تجعل احتمال وجود قنبلة ملقاة من الجو، كتلك التي تستخدمها إسرائيل بكثرة في غزة، أمرا مُستبعَدا إلى حد كبير. ألقى الجيش الإسرائيلي آلاف القنابل من هذا النوع في جميع أنحاء غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

يُفترض أن سلطات غزة لديها مخلفات من شأنها أن تؤدي إلى تحديد نوع الذخيرة التي انفجرت في المستشفى الأهلي. يظهر في صورة التُقطت مساء يوم الانفجار موظفون من "وحدة هندسة المتفجرات"، وهي وحدة متخصصة تابعة لشرطة غزة، وهم يعملون على الحفرة. قال شاهد كان في المستشفى مساء يوم الانفجار لـ هيومن رايتس ووتش إن موظفي "وزارة الداخلية أخذوا كل الشظايا التي كانت في الموقع".

قال مسؤول في حماس إن المخلفات "ستعرض قريبا على العالم". لكن رغم انقضاء أكثر شهر، هذا لم يحدث. كما قال غازي حمد، وهو قيادي في حماس ووكيل وزارة في سلطات غزة التي تقودها حماس، لوسائل إعلام في 22 أكتوبر/تشرين الأول: "ذاب الصاروخ كالملح في الماء... تبخر، لم يبق منه شيء". لاحظت هيومن رايتس ووتش أنه عادةً ما تنجو أجزاء كبيرة من الذخائر من التفجير، حتى لو كانت أجزاء من الذخائر مصممة للتفكك وقد يتعذر التعرف عليها بسبب الضرر الحراري.

في 25 نوفمبر/تشرين الثاني، رد رئيس دائرة العلاقات السياسية والخارجية في حماس باسم نعيم على عدة أسئلة حول انفجار 17 أكتوبر/تشرين الأول كانت قد أرسلتها هيومن رايتس ووتش إلى وزارة الداخلية في غزة. وقال إن تحقيق الوزارة في الغارة بطيء بسبب الأعمال العدائية المستمرة، لكن "المعطيات الأولية التي لدينا تشير بشكل قاطع إلى مسؤولية إسرائيل". وقال إن السلطات الإسرائيلية حذرت المستشفى بإخلاء المستشفى قبل "ساعات" من الانفجار، وزعمت أنه "لا يمتلك أي فصيل فلسطيني مقاوم – حسب علمنا – ضمن أسلحته قذيفة أو صاروخ بقوة تدميرية يمكنها قتل العدد الكبير من البشر كما في القنبلة المستخدمة في حادثة استهداف المستشفى".

وجدت هيومن رايتس ووتش أن صاروخا غير موجه من النوع الأكبر حجما الذي تطلقه الجماعات الفلسطينية المسلحة يمكن أن يوقع عددا كبيرا من الضحايا إذا سقط مع بقاء بعض من وقوده في فناء مكتظ بالناس ومواد قابلة للاشتعال. وكانت جميع المستشفيات في شمال غزة، بما فيها المستشفى الأهلي، قد تلقت أوامر عامة بالإخلاء في 13 أكتوبر/تشرين الأول والأيام التي تلته.

ولم يردّ نعيم على عدة أسئلة محددة، منها ما يتعلق بمخلفات الذخائر والعمليات العسكرية التي قامت بها الفصائل الفلسطينية المسلحة مساء يوم الانفجار. لكنه قال إن حماس، بالتنسيق مع السلطات المعنية، ستقدم كافة الأدلة "في أقرب فرصة ممكنة"، وأن حماس ترحب بإجراء تحقيقات مستقلة في الحادث.

على سلطات غزة وإسرائيل نشر المعلومات التي بحوزتها بشأن الحادث، لا سيما الأدلة المتعلقة بمخلفات الذخيرة. بإمكان السجلات الطبية التي تُظهر أنواع إصابات الضحايا، التي تخضع لحماية الخصوصية والسرية، وأنواع أخرى من الأدلة مثل فيديوهات غير منشورة للانفجار، أن تسلط الضوء أيضا على سبب الانفجار.

نفذت القوات الإسرائيلية هجمات متكررة يفترض أنها غير قانونية على المرافق والكوادر ووسائل النقل الطبية أثناء الأعمال القتالية الحالية، وقد وثّقتها هيومن رايتس ووتش. أفادت "منظمة الصحة العالمية" حتى 24 نوفمبر/تشرين الثاني أنها وثّقت 187 "هجمةً على قطاع الصحة" في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أصابت بأضرار 24 مستشفى، بحسب بيانات تمت مشاركتها مع هيومن رايتس ووتش. وقالت المنظمة إنه، نتيجة الأعمال القتالية، خرجت معظم المستشفيات في غزة عن الخدمة.  

منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أطلقت الفصائل الفلسطينية المسلحة بشكل غير قانوني آلاف الصواريخ غير الموجهة على التجمعات السكانية الإسرائيلية، ما أوقع وفيات، وإصابات، وأضرارا في الممتلكات.

 إن "لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وإسرائيل"، التي أنشأها "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" في 2021، لديها تفويض "للتحقيق داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وداخل إسرائيل في جميع الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي الإنساني وجميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان التي سبقت 13 نيسان/أبريل 2021 ووقعت منذ هذا التاريخ". في 10 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت لجنة التحقيق أنها "تجمع وتحتفظ بأدلة على جرائم حرب، ارتكبها جميع الأطراف منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023".

يمنح القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، حماية خاصة للمستشفيات والمرافق الطبية الأخرى، والمصابين والمرضى، بالإضافة إلى الكوادر ووسائل النقل الطبية: يجب حمايتها واحترامها في جميع الظروف.

على الدول تعليق الدعم العسكري وبيع الأسلحة للفصائل المسلحة الفلسطينية، بما فيها حماس، طالما استمرت بارتكاب هجمات منهجية ترقى إلى جرائم حرب ضد المدنيين الإسرائيليين. على الحكومات تعليق الدعم العسكري وبيع الأسلحة لإسرائيل، طالما استمر جيشها بارتكاب انتهاكات واسعة وجسيمة ترقى إلى جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين بلا محاسبة.

قالت سويِر: "الانفجار في المستشفى الأهلي هو أحد الضربات الكثيرة التي ألحقت أضرارا بالمرافق الطبية في جميع أنحاء قطاع غزة، وقتلت مدنيين وموظفين طبيين، وحرمت العديد من الفلسطينيين من الرعاية الطبية التي هم بأمسّ الحاجة إليها. على السلطات في غزة وإسرائيل نشر ما بحوزتها من أدلة متعلقة بمخلفات الذخيرة ومعلومات أخرى بشأن انفجار المستشفى الأهلي للسماح بإجراء تحقيق شامل".

الأحداث المحيطة بالانفجار

يُظهر تحليل الفيديوهات أنّ رشقات صواريخ غير موجهة فلسطينية أُطلقت من موقع يبعد نحو 5 كيلومتر إلى الجنوب الغربي من المستشفى الأهلي في اتجاه الشمال الشرقي، قبل 43 ثانية من الانفجار في المستشفى. ليس بإمكان هيومن رايتس ووتش تأكيد إذا ما كانت رشقة الصواريخ غير الموجّهة الظاهرة في الفيديو، التي أطلقتها مجموعة فلسطينية مسلحة غير محدّدة، قد حلّقت فوق المستشفى أم لا: بالإمكان رؤية الصواريخ غير الموجهة لثوانٍ فقط بعد إطلاقها كنقاط مضيئة، ولا يمكن تحديد باقي مسارها في سماء الليل بدقة.

في غضون ذلك، كانت المناطق المحيطة بالمستشفى – لا سيما حي الشجاعية وحي الزيتون السكنيَّين –تشهد جولة قصف إسرائيلي كثيف عندما حدث انفجار المستشفى، بحسب شاهدَيْن. يمكن رؤية الانفجارات بالقرب من المستشفى في التغطية المباشرة لشبكة "الجزيرة" الإعلامية، في الدقائق السابقة لانفجار المستشفى واللاحقة له. يظهر في الفيديو انفجاران قريبان من المستشفى قبل الانفجار (كلاهما عند الساعة 6:55 مساء)، وأربعة انفجارات بعده (انفجار عند الساعة 7:03 مساء، وانفجار عند الساعة 7:04 مساء، وانفجاران عند الساعة 7:05 مساء). نظرا لظلام الليل وغياب أي فيديو من زاوية أخرى، لا يمكن تحديد موقع حدوث هذه الانفجارات بدقة. بالإمكان رؤية الدخان يتصاعد إلى شمال شرق المستشفى عند بداية التغطية المباشرة الساعة 6:53 مساء، ما يشير إلى أنه قد تكون حدثت انفجارات إضافية في الدقائق السابقة لانفجار المستشفى.

تظهر في الفيديوهات وحدة ذخيرة ترتفع وتنفجر في الجو بعد ثوانٍ من إطلاق رشقة الصواريخ غير الموجهة الفلسطينية وقبل انفجار المستشفى. خلص تحليلنا إلى أن هذا المقذوف كان على الأرجح صاروخا موجها اعتراضيا إسرائيليا، يبدو أنه أصاب صاروخا غير موجه في الجو فوق الأراضي الإسرائيلية، على مسافة بعيدة عن المستشفى بحيث لا يمكن للشظايا المتساقطة أن تكون قد سببت الانفجار في المستشفى.

تُظهر الفيديوهات التي حللتها هيومن رايتس ووتش، قبل ثوانٍ من الانفجار، ما يبدو أنه طائرة إسرائيلية فوق البحر غرب المستشفى، وهي تطلق على ما يبدو عدة أجسام مضيئة تتفق مع نشر ذخائر مضادة نارية، تسمى أيضا قنابل مضيئة أو خداعية. الغرض من هذه الذخائر المضادة هو حماية الطائرة من الذخائر التي تتتبّع الحرارة عبر إرباك الرأس الباحث الذي تحتويه. يمكن رؤية ثلاث مجموعات من الذخائر المضادة: اثنتان قبل 32 ثانية تقريبا من الانفجار، وأخرى في الثواني القليلة التي تسبق الانفجار وبعده. وبينما يؤكد ذلك أن الطائرات الإسرائيلية كانت قريبة وقت الضربة، لم تجد هيومن رايتس ووتش أي دليل يشير إلى مسؤوليتها عن إطلاق الذخيرة التي أصابت باحة المستشفى.

© خاص 2023

انفجار المستشفى

في أحد الفيديوهات، والذي تحققت منه هيومن رايتس ووتش وحددت موقعه الجغرافي وصُوِّر على بعد 160 متر في اللحظة السابقة للانفجار الأساسي وخلاله، يمكن سماع صوت يميّز بالعادة الذخيرة المدفوعة بمحرك، مثل الصواريخ غير الموجهة والصواريخ الموجهة. لا يتفق هذا الصوت مع القذائف المدفعية أو القنابل الملقاة من الجو. ويُظهر الفيديو كرة نارية كبيرة رافقت الانفجار، ما يتوافق مع اشتعال وقود الصواريخ غير الموجهة وربما احتراق وقود آخر.

تحليل الأضرار

تظهر حفرة في صور وفيديوهات التقطت في الموقع ونُشِرت على منصات التواصل الاجتماعي. استخدمت هيومن رايتس ووتش تقنية المسح التصويري لقياس الحفرة، ووجدت أنها تقريبا بطول 90 سنتيمتر، وعرض 60 سنتيمتر، وعمق أقصى بين 30 و40 سنتيمتر. لا يتوافق حجم الحفرة مع نقطة تفجير قنبلة كبيرة ملقاة من الجو ذات شحنة شديدة الانفجار.

تفتقر الحفرة لميزات – مثل الرذاذ الجانبي والأثلام التي تخلّفها فتائل التفجير –خاصة بقذائف المدفعية ذات الدوران المثبّت، والتي يتم إطلاقها بزاوية منخفضة (تحت 45 درجة). الضرر المحدود الناجم عن الانفجار حول الحفرة لا يتوافق مع تفجير ذخائر شديدة الانفجار، مثل تلك المصاحبة لاصطدام القنابل الكبيرة الملقاة من الجو أو الآثار المتوقعة للذخائر التي تطلقها أنظمة الأسلحة التي اعترف الجيش الإسرائيلي باستخدامها في غزة في هذه الجولة من النزاع.

الأضرار  الواسعة التي لحقت بالسيارات في موقف سيارات المستشفى يبدو أنها ناتجة عن احتراق الوقود الصاروخي الذي يُحتمل أنه امتد إلى الوقود أو بعض المواد الأخرى القابلة للاشتعال الموجودة في الموقع وأشعلها. المستشفى الأهلي، مدينة غزة، 18 أكتوبر 2023.  Ⓒ 2023 علي جاد الله/الأناضول عبر غيتي إيمجز

الضرر الواسع الناجم عن حريق اللاحق بالسيارات في موقف المستشفى لا يتوافق مع تفجير يقتصر على رأس حربي شديد الانفجار. يبدو أن النيران اندلعت بسبب احتراق وقود صاروخ غير موجّه، الذي قد يكون انتشر إلى – وأشعل – وقودا أو مواد مشتعلة أخرى موجودة في الموقع. تظهر في فيديو لموقف السيارات، صُوِّر في اليوم التالي للانفجار، قارورة غاز، كتلك التي تُستخدم للطهي، في إحدى السيارات. قال ممرض في "مستشفى الشفاء"، حيث أُخذ المصابون جراء الانفجار، إن معظم الإصابات كانت حروقا من الدرجة أو الثالثة.

يبدو نمط التشظي حول الحفرة – الضرر الذي ألحقته الأجزاء المتطايرة بالأسطح المحيطة خلال الانفجار – نمطا طبيعيا لتشظي وحدة الذخيرة. يفتقر نمط التشظي إلى الأنماط ذات الشكل الواحد التي تسببها صواريخ الدفاع الجوي أو الذخائر التي تحمل رؤوسا حربية مجهزة للانقسام إلى شظايا ذات أحجام وأشكال متماثلة، مثل بعض أنواع صواريخ "هيلفاير" (Hellfire) و"سبايك" (Spike) الموجهة، والتي غالبا ما يستخدمها الجيش الإسرائيلي.

لقطة للحفرة في "المستشفى الأهلي" تظهر نمط انفلاش الحفر الصغيرة الذي يميّز اصطدام المقذوفات من زاوية مرتفعة، المستشفى الأهلي، مدينة غزة، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023.           © 2023 شادي الطباطيبي/أ ف ب تي في

الضحايا

وصف خمسة أشخاص كانوا شهودا على آثار الانفجار الإصابات المروعة، مثل بتر الأعضاء، بسبب الشظايا. في حين قالت وزارة الصحة في غزة إن 471 شخصا قتلوا، قال محمد أبو سلمية، مدير عام مستشفى الشفاء، وهو المستشفى الذي استقبل الضحايا، لوسائل الإعلام إن عدد القتلى أقرب إلى 250. راجعت هيومن رايتس ووتش صورتين نشرتهما "أسوشيتد برس" قائلة إنهما لضحايا انفجار الأهلي الذين نُقلوا إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة. إحداهما صورة التُقطت خلال مؤتمر صحفي لممثل عن وزارة الصحة في غزة وأطباء من المستشفى حول الانفجار. تُظهر هاتان الصورتان بين 65 و75 كيس جثث، وسجادات ملفوفة، وجثثا. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش بشكل مستقل من التحقق مما إذا كانت جميع هذه الجثث لضحايا انفجار المستشفى الأهلي.

14 أكتوبر/تشرين الأول – قبل الانفجار بثلاثة أيام

في 14 أكتوبر/تشرين الأول، أي قبل الانفجار الرئيسي بثلاثة أيام، أصابت شظية من قذيفة مدفعية المركز التشخيصي لعلاج السرطان في المستشفى، مسببة ضرر في طابقين وإصابة أربعة موظفين طبيين، وذلك بحسب قسيس رئيس أساقفة "الكنيسة الأسقفية في القدس والشرق الأوسط"، التي تدير المستشفى. نشر القسيس فيديو على منصات التواصل الاجتماعي يظهر فيه الضرر اللاحق بالمركز التشخيصي، الذي يبدو ناتجا عن الحركة وليس عن انفجار، ومخلفات قنبلة مضيئة على أرض إحدى الغرف يغطيها الركام. المخلفات في الفيديو هي الجزء من الذخيرة الذي يقع على الأرض بعد قذفها فوق المنطقة المستهدفة. إسرائيل هي الطرف الوحيد في النزاع التي يُعرف أنه يمتلك ويستخدم المدفعية اللازمة لإطلاق هذا النوع من الذخيرة.  

قال رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية في القدس والشرق الأوسط خلال مؤتمر صحفي إن المستشفى الأهلي تلقى في 14 و15 و16 أكتوبر/تشرين الأول ثلاثة تحذيرات هاتفية على الأقل لإخلاء المكان، لكنه لم يُدلِ بأي تفاصيل عن مصدر هذه التحذيرات أو محتواها. مساء 17 أكتوبر/تشرين الأول، قال وكيل وزارة الصحة في غزة يوسف أبو الريش إن الجيش الإسرائيلي وجّه هذه التحذيرات إلى مدير المستشفى. يقول الجيش الإسرائيلي إنه يوجه إلى المدنيين عبر الهاتف تحذيرات إخلاء.  

خلل في إطلاق الصواريخ غير الموجهة

الصواريخ غير الموجهة التي تستخدمها بكثرة المجموعات الفلسطينية المسلحة، مثل حماس والجهاد الإسلامي، لديها أنظمة توجيه غير متطورة وهي عرضة للفشل في الإطلاق، ما يجعلها غير دقيقة إلى حد كبير، وبالتالي عشوائية بطبيعتها عندما تُوجّه نحو مناطق فيها مدنيون. جميع الصواريخ غير الموجّهة من هذا النوع التي تُطلق نحو المناطق المأهولة تنتهك الحظر الذي تفرضه قوانين الحرب على الهجمات المتعمدة أو العشوائية ضد المدنيين. وأولئك الذين يأمرون بمثل هذه الهجمات أو ينفذونها بقصد إجرامي – أي عمدا أو بتهور – مسؤولون عن جرائم حرب.

سبق أن نشرت هيومن رايتس ووتش تقارير عن صواريخ غير موجهة تعرضت لخلل أثناء إطلاقها وأصابت مناطق في غزة. يشير بحث يذكر بيانات نشرها الجيش الإسرائيلي أن 10% إلى 20% من الصواريخ غير الموجهة التي تُطلق من غزة يفشل إطلاقها. البيانات بشأن الأرقام الإجمالية المتعلقة بالمقذوفات (مثل الصواريخ غير الموجهة وقذائف الهاون) التي تُطلق، بالإضافة إلى معدلات نجاحها أو فشلها هي تقديرات وينبغي ألا تُعتَبر دقيقة.

وثّقت هيومن رايتس ووتش مقتل مدنيين في إسرائيل في هجمات بالصواريخ غير الموجهة من قبل مجموعات فلسطينية مسلحة، بالإضافة إلى مقتل سبعة مدنيين في جباليا في قطاع غزة في 10 مايو/أيار 2021 نتيجة إطلاق فاشل لصاروخ غير موجه. خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن حادث 2021 كان إطلاق فاشل لصواريخ غير موجهة وليس غارة إسرائيلية، وذلك بناءً على زيارات للموقع، وتحليل لفيديو الحادث ومخلفات الذخيرة المتوفرة.

يصعب توثيق الأضرار الناجمة عن فشل إطلاق الصواريخ غير الموجهة لأن السلطات في غزة تعرقل التحقيقات في مثل هذه الحوادث. على سبيل المثال، احتجزت السلطات في غزة صحفيَّين فلسطينيَّين بسبب تحقيقهما في فشل إطلاق صواريخ غير موجهة خلال تصعيد أغسطس/آب 2022.

الأعمال القتالية والحصار

بدأت العمليات العسكرية الإسرائيلية الحالية في غزة عقب هجوم شنته حماس على إسرائيل، قُتل فيه نحو 1,200 شخص، بينهم أطفال ومئات المدنيين الآخرين، واحتجز أكثر من 200 شخص كرهائن، بحسب السلطات الإسرائيلية. وحتى 23 نوفمبر/تشرين الثاني، كان قد قُتل أكثر من 14,800 فلسطيني في غزة، بينهم أكثر من 6 آلاف طفل، بحسب وزارة الصحة في غزة. قطعت إسرائيل الخدمات الأساسية عن غزة وتمنع دخول جميع المساعدات باستثناء قدر شحيح منها. في 22 نوفمبر/تشرين الثاني، وافقت السلطات الإسرائيلية وحماس على هدنة لعدة أيام، ودخول الوقود والمساعدات بكمية أكبر، وإطلاق سراح عشرات المدنيين المحتجزين كرهائن في غزة، مقابل إطلاق سراح عدد كبير من السجناء الفلسطينيين.

 
 

 

 

 
 

 

 

Correction

11/26/2023: 

تم تصحيح اسم المسؤول في "حركة حماس" د. باسم نعيم. 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد

الأكثر مشاهدة