Skip to main content

اليونان: 6 أشهر ولا عدالة في غرق السفينة قبالة بيلوس

على السلطات استخلاص الدروس لتجنب الوفيات في البحر في المستقبل

الناجي السوري محمد (18 عاما) الذي أُنقذ مع أشخاص آخرين بعد غرق قاربهم "أدريانا" قبالة الساحل اليوناني، يعانق شقيقه فادي، الذي جاء لمقابلته من هولندا، أثناء لم شملهما في ميناء كالاماتا، اليونان، 16 يونيو/حزيران 2023.   © 2023 ستيليوس ميسيناس/رويترز
  • لم تحرز التحقيقات الرسمية قبل ستة أشهر تقدما يُذكر في المزاعم ذات المصداقية بأن أفعال خفر السواحل اليوناني وتقصيراته ساهمت في غرق السفينة والخسائر في الأرواح قبالة بيلوس باليونان.
  • الكشف الكامل للأحداث بالغ الأهمية لضمان الحقيقة والعدالة للناجين وعائلات الضحايا وللمساعدة في تجنب الوفيات في المستقبل.
  • على السلطات ضمان إجراء تحقيق شامل في المزاعم ضد عناصر خفر السواحل وغيرهم من المسؤولين اليونانيين، ومقاضاة أي مسؤول توجد أدلة كافية على ارتكابه مخالفات.

(أثينا) – قالت "منظمة العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" اليوم إنَّ التحقيقات الرسمية في مزاعم ذات مصداقية بأن أفعال خفر السواحل اليوناني وتقصيراته ساهمت في الغرق الكارثي لسفينة وخسائر في الأرواح قبالة سواحل بيلوس باليونان قبل ستة أشهر لم تحرز تقدما ذا مغزى يُذكر.

فقد انقلبت "أدريانا"، وهي سفينة صيد كانت شديدة الاكتظاظ، في الصباح الباكر من يوم 14 يونيو/حزيران 2023، مما أدى إلى وفاة أكثر من 600 شخص. وكانت قد أبحرت من ليبيا قبل خمسة أيام مع ما يقدر بنحو 750 مهاجرا وطالب لجوء، بينهم أطفال، معظمهم من سوريا وباكستان ومصر. ونجا 104 فقط من الذين كانوا على متنه، وتم انتشال 82 جثة.

وقالت جوديث سندرلاند، المديرة المشاركة لقسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش: "يبدو أن غرق السفينة قبالة بيلوس مثال مأساوي آخر على تخلي السلطات اليونانية عن مسؤولية إنقاذ الأرواح في البحر. إن البيان الكامل لما حدث أمر بالغ الأهمية لضمان الحقيقة والعدالة للناجين وعائلات الضحايا والمساعدة في تجنب الوفيات في المستقبل".

وأجرت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش مقابلات مع 21 ناجيا، وخمسة من أقارب خمسة أشخاص ما زالوا مفقودين، وممثلين عن خفر السواحل اليوناني، والشرطة اليونانية، ومنظمات غير حكومية، والأمم المتحدة، والوكالات والمنظمات الدولية.

ووجدت المنظمتان أنه في الساعات الـ 15 بين تلقي السلطات اليونانية الإنذار الأول أن أدريانا كانت في منطقة البحث والإنقاذ التابعة لها، وعندما انقلبت بمن فيها، لم تعبّئ هذه السلطات الموارد المناسبة للإنقاذ. وكانت السلطات على دراية واضحة بمؤشرات الاستغاثة، مثل الاكتظاظ وعدم كفاية الطعام والماء، على متن أدريانا، وقال الناجون إنها كانت على علم بوجود جثث على متن السفينة وبطلبات الإنقاذ. كما تتحدى شهادات الناجين ادعاء السلطات بأن الأشخاص على متن أدريانا لم يرغبوا في إنقاذهم، وهو ما لم يكن ليعفي، على أي حال، خفر السواحل اليوناني من التزامه باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان السلامة في البحر. وقال الناجون بصورة متسقة إنهم توسلوا مرارا وتكرارا إنقاذهم، وأن نداءاتهم شملت خفر السواحل نفسه.

وقال ناجون إن قارب دورية تابع لخفر السواحل ربط حبلا بـ أدريانا وسحبه، ما تسبب في انقلابه. كما زعموا أنه بعد انقلاب السفينة، كان قارب خفر السواحل بطيئا في تفعيل عمليات الإنقاذ، ولم ينقذ أكبر عدد ممكن من الأشخاص، واتخذ تدابير خطرة.

وقد وثقت تحقيقات منفصلة أجرتها المجموعة المستقلة "سولومون"، ومنصة التحقيق متعددة التخصصات "فورنسيس"، و"نيويورك تايمز" و"دير شبيغل" و"إل بايييس" و"لايتهاوس ريبورتس"، و"واشنطن بوست"، من بين جهات أخرى، مزاعم مماثلة.

وقالت المنظمات إن طبيعة التحقيقات القضائية الجارية في اليونان تثير مخاوف بشأن إمكانيات المساءلة عن غرق السفينة. ويواجه تسعة ناجين، رهن الاعتقال حاليا، تُهما خطيرة أمام محكمة كالاماتا الجنائية في اليونان، تشمل التسبب في غرق سفينة. في موازاة ذلك، فتحت المحكمة البحرية تحقيقا في يونيو/حزيران في المسؤولية المحتملة لخفر السواحل، وفي سبتمبر/أيلول، قدم 40 ناجيا شكوى إلى نفس المحكمة زاعمين أن السلطات اليونانية مسؤولة عن غرق السفينة. ومن غير الواضح كيف يمكن أن تؤثر نتائج تتوصل إليها إحدى المحكمتين على الأخرى.

وتشير شهادات الناجين إلى أوجه قصور إجرائية خطيرة محتملة قد تؤثر على كلا التحقيقين، بما في ذلك مصادرة الهواتف المحمولة للناجين، التي قد يحتوي بعضها على أدلة رئيسية على الأحداث. ولم يطلب المدعي العام للمحكمة البحرية هواتف عناصر خفر السواحل اليونانيين، التي يمكن أن تحتوي أيضا على أدلة، إلا في أواخر سبتمبر/أيلول، وحتى أوائل ديسمبر/كانون الأول، تم استدعاء 13 ناجيا فقط للإدلاء بإفاداتهم.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، فتح أمين المظالم اليوناني تحقيقا في أفعال خفر السواحل، مشيرا إلى رفضه إجراء تحقيق تأديبي داخلي. وفتح أمين المظالم الأوروبي تحقيقا في دور "الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل" (فرونتكس)، التي شاهدت الطائرة التابعة لها السفينة في البداية، بينما يتابع مسؤول الحقوق الأساسية في الوكالة تحقيقه الخاص. وفي مساهمتين في تحقيق أمين المظالم الأوروبي، تؤكد منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش أنه كان على وكالة فرونتكس مواصلة مراقبتها لـ أدريانا وإصدار نداء استغاثة. وأخبرت فرونتكس المنظمتين أن مسؤولية تنسيق عمليات البحث والإنقاذ تقع على عاتق السلطات المحلية وأنها لم تصدر نداء استغاثة لأنها لم تقيّم وجود "خطر وشيك يهدد حياة الناس".

وردّت وزارة الشؤون البحرية والسياسة الجزرية اليونانية على رسائل المنظمتين، قائلة إن حماية الأرواح البشرية في البحر تشكل "أعلى التزام مهني وأخلاقي" وأن خفر السواحل و"مركز تنسيق الإنقاذ المشترك بيرايوس" يلتزمان بالأطر القانونية والتشغيلية المعمول بها في عمليات البحث والإنقاذ. ومع ذلك، رفض خفر السواحل، مستشهدا بالتحقيقات القضائية وغير القضائية الجارية، الإجابة على أسئلة المنظمتين أو الرد على النتائج التي توصلتا إليها.

وقالت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية إنَّ عدم التحقيق تاريخيا من قبل اليونان في حوادث غرق السفن التي تتعلّق بمهاجرين ولاجئين، والإفلات من العقاب على نطاق واسع على الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان على حدودها تثير بواعث قلق بشأن كفاية وكفاءة التحقيقات القضائية الجارية في مأساة بيلوس. في 2022، أدانت "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" اليونان بسبب أوجه القصور في جهود الإنقاذ التي قامت بها وفي تحقيقاتها اللاحقة فيما يخص حادثة غرق سفينة “فارماكونيسي” عام 2014 الذي قُتل فيه 11 شخصا.

وقالت أدريانا تيدونا، الباحثة المعنية بالهجرة في منظمة العفو الدولية: "بعد مرور ما يقرب من 10 سنوات على حادثة غرق سفينة "فارماكونيسي" القاتلة، فإن رد السلطات اليونانية على مأساة بيلوس هو اختبار حاسم لاستعدادها للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان ضد الأشخاص المصنفين عنصريا من المهاجرين واللاجئين على حدود البلاد".

"ويجب على اليونان أن تضمن تمكّن الناجين وعائلات المئات الذين فقدوا أرواحهم من المشاركة بأمان وفعالية في الإجراءات القانونية إلى أقصى درجة ممكنة، وتصمن إجراء التحقيقات بصورة سريعة، مع ضمان شمولية ونزاهة الأدلة التي سيتم قبولها".

لمزيد من التفاصيل، يرجى الاطلاع على التقرير الكامل بالإنغليزية.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة